الحيطة العالية (١٨)

 


 

شهاب طه
23 May, 2022

 

سحقاً لأعداء الثورة، سحقاً لكل من أجرم وأفسد في حق هذا الشعب والوطن، والمجد والخلود لشهدائنا ولثورتنا والشفاء للجرحى والعودة للمفقودين .. أهم أسباب مشكلاتنا هي الجهل وأشد أنواعه نكاءةً هو الذي يتمثل في جماعات تعارض الإنفصال أو حتى الكنفدرالية وتعتبرهما دعوات عنصرية .. ننادي بإنفصال دارفور فقط من أجل إسترداد سيادتها التي سلبها المحتل البريطاني وحتى يتثنى لشعوبها التصالح وخلق السلام الدائم دون أي معوقات أو مؤثرات خارجية، ولا يجب أن يكون هناك عاقل فوق هذا الأرض يدين إسترداد السيادة طالما هو نفسه فشل، وبل سيزداد فشلاً، في إيجاد حلول لمشكلات دارفور دون إنفصالها وإنغلاقها على نفسها، ولن يجد أي حل لأن ذلك هو المستحيل بعينه طالما بقيت بقعة نائية لا تحكم إلا من الخرطوم .. فمالذي يجعل إنفصال دارفور دعوة عنصرية، ولماذا تُحكم من الخرطوم؟

المستحيل هو أن ينصلح حال دارفور في ظل هذه المنظومة الخرطومية المركزية الفاشلة، بل أن البعض يرى أن الإصلاح العاجل العادل يكمن في التعادل في الفشل أي بمعنى أن يُفسح المجال لأبناء الهامش لكي يحكموا لمدة ستة وستون عام، وبنفس المنظومة المركزية الفاشلة، نكاية في أهل الشمال وفي كل البلد وفي أهلهم الذين يتركونهم في غمار الحروب وهم في مأمن في العاصمة، أما الكارثة الكبرى هي تقزيم فكرة الكنفدرالية أو الإنفصال وحصرها في شخوص وأمنجية وكيزان وغيرهم، فهل يعقل أن نلغي الحل الأوحد لمشكلاتنا لأننا على خلاف مع من يتبنوه؟ العاطفيون الوحدويون لا يملكون غير التشبث بأحلام يعتقدون أمكانية تحقيقها وهي لن تتحق حتى لو أسند لهم الحكم

الواقع يؤكد أن أسباب مشكلات السودان هو حكم أبناء الشمال لسوداننا ما بعد خروج الإنجليز والأشد إحزاناً أن تلك هي الحقيقة وقد كان فشل أبناء الشمال كارثياً كونهم جعلوا من الميراث البريطاني حروب مستديمة طيلة ستة وستون عاماً من أجل الحفاظ على وحدة زائقة ظالمة جعلت من شعوبنا طبقات فيها طبقة الأحرار أولاد البلد وأسياد البلد وطبقات دنيا فيها شعوب الدرجة الثانية والثالثة وحتى الرابعة .. حروب قُتل فيها الملايين وشُــرّدت أضعافهم، شنتها حكومات غاشمة جاهلة من أهل الشمال، قد تنكر أنها أخفقت في حكم السودان ولكنها لن تستطيع أن تنكر أنها إستعبدت وسرقت ونهبت وضيعت كل البلد ولكن الظروف التي جعلت الحكم حصرياً لصالح أهل الشمال هي نفس الظروف التي أوجدت سودان الإنجليز، ذلك الوليد المعوق المشوه والذي كان، وظل، رقعة جغرافية جُمعت فيها كل التنافرات الحضارية والعرقية والثقافية والعقائدية، قسراً، فكانت المذلة والمهانة لشعوب كانت لها كينونتها وحضارتها وثقافاتها وخصوصيتها .. فقط الحيطة العالية هي التي تخلق الجار الممتاز

stmtaha@msn.com
٢٢ مايو ٢٠٢٢

 

آراء