سيناريوهات الحل السياسي في السودان بعد طرد السيد/فولكر

 


 

 

أحد الخيارات هو أن تمارس البعثة عملها من الخارج كما حدث في حالة العراق ، وأستبعد أن تكون الدولة الراعية هي أثيوبيا لأن نظام البرهان أفتعل معها أزمة وتورط في حرب التيغراي مما يجعل دور أثيوبيا غير إيجابي ، كما استبعد إختيار دولة جنوب السودان والمتهمة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد مواطنيها ، كما أنها صدرت للسودان إتفاق جوبا المشؤوم والذي تسبب في إنهاء حكم الرئيس عبد الله حمدوك ، لذلك تصبح كينيا هي أفضل دولة لرعاية الملف السوداني خاصة أن هناك سابقة ناجحة تمثلت في إتفاقية نيفاشا والتي أنهت الحرب بين جنوب وشمال السودان ..
لكن نقل البعثة للخارج سوف يتسبب في بطء التواصل بينها وبين ما يجري في الشارع ، ومن المتوقع حدوث فراغ معلوماتي بحكم أن البعثة تملك كافة المعلومات من الحقل مباشرةً ، وهذا الفراغ المعلوماتي سوف تملأه الولايات المتحدة بحكم أنها لا زالت دولة مهابة في السودان ولا يتجرأ العسكر على فتح باب المواجهة معها ، ووجود البعثة الأممية في السودان يجعل النظام فيه مسحة من الشرعية المطلوبة ، كما أنه سهّل تواصل حلفاء المجلس العسكري مع رئيس البعثة لمحاولة معرفة الصفقة المقبلة وتدارك تأثيراتها على مصالحهم في السودان . لذلك قرار طرد البعثة الأممية فيه تاثيرات سالبة على الجميع لأنه سوف يجعل السودان معزولاً من كل النواحي ، ويقضى على آخر فرصة للحل السياسي .
أما السيناريو الآخر هو إجماع تام بين أعضاء المكون العسكري على طرد البعثة الأممية وعدم التعامل معها لا في الداخل ولا الخارج ، وهذا ما يريده حزب المؤتمر الوطني وذيول الحركة الإسلامية والتي ترى أن إستمرار عمل بعثة فولكر سوف يهدد سعيها لحكم السودان من جديد.
لكن هذا السيناريو سوف يجعل من السودان دولة (مارقة ) ومتحدية لقرارات مجلس الأمن ، كما أن السودان ليس في قامة كوريا الشمالية أو إسرائيل ، فهو دولة مفككة تعصف بها الأزمات بلا حلفاء يذهبون معه حتى خط النهاية ، سيناريو المواجهة مع الامم المتحدة سوف يسهل العقوبات الدولية على السودان سواء مطبقة على الأفراد أو المنظمات ويجرد نظام البرهان من التمثيل الدبلوماسي الخارجي ..
فإهتمام الأمم المتحدة بالأزمة السودانية ينبع من صلتها بالأمن والسلام الدوليين ، خاصة فيما يتعلق بأزمتي دارفور أو جنوب كردفان ، فالعقوبات ربما تطال قطاع تصدير الذهب والماشية وحظر سفر المليشيات للمشاركة في حرب اليمن ، وليس من المستبعد أن نكون امام حالة عراقية ثانية وهي الذهب مقابل الغذاء ، وليس بالضرورة ان تكون العقوبات المفروضة تحت مظلة الأمم المتحدة ، فالولايات المتحدة قد وضعت عدة سيناريوهات مسبقة لمواجهة تمرد المجلس العسكري على الشرعية الدولية، فقانون فرض عقوبات عقوبات على معرقلي التحول نحو الحكم المدني يُعد أحد هذه الأوراق ...
والعامل الحاسم في هذه الأزمة إن قرر البرهان طرد البعثة الأممية هو الوضع الإقتصادي ، فهذه البلاد لن تحتمل العقوبات مرة أخرى بسبب مغامرة طائشة وحرب صبيانية بدون أفق مع المجتمع الدولي ، والشارع الملتهب سوف ينهي ما فشلت فيه الأمم المتحدة والتي تعمل بنظرية حماية الغنم والذئب في وقت واحد ، وربما يكون هذا التساهل هو السبب الذي دفع المجلس العسكري لصنع حاضنة سياسية تنادي بطرد أو تعليق عمل بعثة السيد فولكر في السودان..

 

آراء