علي كرتي زعيم المافيا الجديد. . بقلم: الطيب الزين

 


 

 

بعد أن غيب الموت حسن عبدالله الترابي، المُنَظِر الأول لمافيا السلطة والمال والسلاح، التي سمت نفسها مؤخراً التيار الإسلامي العريض، كما سبق أن غيرت أسمها أكثر من مرة، في الماضي، منذ أن أعلنت عن وجودها في السودان، في أربعينيات القرن الماضي تحت لافتة الأخوان المسلمين، ومن ثم جبهة الميثاق الإسلامي، ثم الجبهة الإسلامية القومية، التي إنشطرت بعد المفاصلة إلى مؤتمر وطني، ومؤتمر شعبي، نتيجة صراعها على السلطة والثروة، الذي كشف طبيعتها الحقيقية المسكونة بحب المال والسلطة والجاه.!
عضو حزب المؤتمر اللا وطني المحلول، الذي كان متوارياً عن الأنظار خشية أن تطاله لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، نتيجة حيازته أموالاً طائلة وعقارات تقدر بالعشرات، في بلد 80% من شعبه تعاني الفقر المدقع.!

حاز عليها نتيجة مشاركته في نظام الإنقاذ المجرم الذي نصبته المافيا على السودانيين في ١٩٨٩م، وكما فعلت مجدداً عبر إنقلاب ٢٠٢١/١٠/٢٥م، المشؤوم الذي جعل هذا المجرم يشعر بالأمن الأمان ويخرج من مخبئه وصمته ليفرغ ما في صدره من غليل وصديد وسموم أثبتت أن مافيات الجريمة المنظمة لا تعيش إلا في الظلام.
زعيم المافيا الجديد ما صدق نفسه بعد أن أعاد الإنقلابيون السودان إلى المربع الأول .. فأفرغ كل ما في جوفه من حقد وكراهية للثورة في لقاءاته البائسة التي أجراها معه الطاهر التوم .!
إذ أعلن صراحة دعم ومساندة المافيا التي تمثل رأس الرمح في المنظمومة الطفيلية الفاسدة للإنقلابيين عملاء الصهاينة، الذين عطلوا مسار التحول الديمقراطي المنتظر أن يعيد للدولة السودانية عافيتها وحريتها وحقها الطبيعي في الحياة الذي صادرته المافيا ونشرت الخراب وأسالت بحوراً من الدماء.!
دشنته بأعدامها في ٢٨ رمضان ١٩٩٠م، خيرة ضباط قوات الشعب المسلحة بقيادة خالد الزين ورفاقه الميامين.
وأججت الحرب في الجنوب ووظفت معسكرات التجنيد لغسيل أدمغة الشباب والبسطاء الذين جلبتهم للحرب تحت قانون الخدمة الوطنية
لكنها في الواقع كانت خدمة لأجندة المافيا المعادية للوحدة الوطنية، والدليل أن الحرب إنتهت بتقسيم الوطن، الذي خسر أبناءه وموارده وضيع فرص عظيمة في حرب عبثية لا طائل من ورائها.!
هذه المافيا تتوارى وراء شعارات الدين وعينها دوماً على السلطة والثروة.
لذلك ضيقت على السياسيين والمثقفين المستنيرين من كُتاب وفنانين وشعراء يوظفون ملكاتهم وإبداعاتهم من أجل توسيع دائرة الضوء وترسيخ ثقافة بناء دولة القانون والمؤسسات.
وهنا لا يفوتني ذكر تغييب هذه المافيا للشاعر الفذ أبي ذر الغفاري.. كاتب قصيدة: (في عيونك ضجة الشوق والهواجس)
مافيا تعادي كل نبضة إبداع وومضة ضوء في هذا الوطن المقاوم للظلم والظلام.
تجلى حقدها وعداءها حينما بسطت سيطرتها بقوة السلاح في عام ١٩٨٩م، إذ شردت ملايين الشرفاء من أبناء وبنات الشعب السوداني البطل من الخدمة المدنية والعسكرية بلا وجه حق.
ومنعت الناس من حقهم في الحرية والتعبير والتظاهر والإضراب.
ومن تجرأ وعبر عن رأيه ومارس حقه في الإضراب غرست في رأسه مسماراً مسموماً كما حدث مع الدكتور علي فضل الذي لاقى ربه تحت العذيب.!
وحدث مع آخرين من الشرفاء الذين ساروا في ذات الدرب الرافض المقاوم لحكم مافيا المال والفساد بأسم الدين.
التي إرتكبت جرائم الإبادة الجماعية في دارفور.!

علي كرتي الهارب من العدالة، ظهر في جوف الظلم والظلام والإستبداد الذي إستباح أرواح الثوار في طرقات الخرطوم وهم يهتفون للحرية المشتهاة، المعّول عليها فتح أبواب المستقبل والحياة.
تحدث بلغة ميتة تشبه موته وهو حي قائلاً: بكل وقاحة وهو يتمرغ في وحل الهزيمة والإنكسار، أن الإنقلاب قد تأخر .!!

تحدث بلغة لا تفهمها سوى السعادين العالقة في أشجار الفراغ وظلام الماضي الكئيب التي لا تستطيع العيش في حاضر يقوده ويشكل معالمه شباب عصي على الترويض، شباب مشرئب للنور وفضاءات الحرية والديمقراطية والتعددية والحركة والتجدد الذي ينسجم مع الفطرة الطبيعية التي فطر الله بها الكون.

شباب رفض الظلم والظلام والتوحش والبربرية وإنتهاك حقوق الإنسان، بينما مافيا السلطة والمال الحرام، تعيش خارج التايخ، غارقة في أزمتها الفكرية والأخلاقية، وتشوهاتها النفسية التي جعلتها تنحاز دوماً للأحادية والأنظمة الشمولية التي تصادر الحريات وتستبيح الحقوق.!

إخيراً نقول: لعلي كرتي وبقية المافيا، الشعب السوداني، لا رغبة له في سماع لغة ميتة، لغة آسنة راكدة، فقدت الأحساس الإنساني، بمعاناة الشعب وتطلعاته السياسية لبناء دولة مدنية قائمة على ركائز معرفية معاصرة تتماشى مع سنن الكون وروح العصر ومعارفه والتطور الجاري فيه على كل الأصعدة العلمية والسياسية والأخلاقية والقانونية التي تحترم حرية الإنسان في إتخاذ قراراته دون إكراه حتى تتفجر طاقاته وإبداعاته التي تضمن تطور الدولة والمجتمع، في وطن سجل في تاريخ العالم المعاصر قصة ثورة فريدة ولدت من جوف الظلام وغبار السنين المُرة والآهات...!
ثورة عبرت عن توق وطن، لا يقبل بالهزيمة
وطن يحدق في الأعالى
راسماً خارطة للخلاص
تشيع النور
وتنثر الفرح
في دواخل الناس الغبش
والبيوتات والرواكيب
البتحلم
بزخات المطر والأمن والسلام.

عاشت الثورة.
لا مساومة، لا تفاوض، لا شراكة مع مافيا السلطة والمال والسلاح، أعداء الحرية.

Eltayeb_Hamdan@hotmail.com
//////////////////////////

 

آراء