السودان والمنعطف الخطير

 


 

 

ربما لاتوجد عباره استهلكت ولاكتها السنه الساسه منذ فجر الاستقلال الى يومنا هذا حتى فقدت حساسيتها وقيمتها الدلاليه وما يستتبعها من ضروره رفع قرنا استشعار الخطر المحدق مثل عباره البلاد تمر بمنعطف خطير ولكن لهول ما عاشه السودانيين من مآسي وما مرت بهم من خيبات اصبحوا وكأنهم قد فقدوا الاحساس بالخطر او تعايشوا معه .
ولكن فى هذه الايام يكاد يجمع كل الفاعلين السياسيين والمراقبين وحتى عموم الناس وغمارهم واشقاءنا واصدقاءنا وكل من يهمه امرنا ان ما تمر به بلادنا الان يتجاوز كل ما ألفناه وتجاوزناه من مخاطر ومحن غض النظر عن ما تكبدناه من خسائر فى الارواح والاموال وما خلفت من جراح على جسد الوطن المثخن بالجراح فالامر الان لم يعد جزءا من البلاد يوشك ان ينفصل او تنشب فيه حرب اهليه لعجزنا عن اداره تنوعنا وصراعات قبليه عبثيه فى طرف من اطراف البلاد المنسيه اونظام عسكرى يخنق الحريات العامه والخاصه متذرعا بايدلوجيه اسلاميه اويساريه اوزنديه هكذا بقوه السلاح انقاذا للبلاد من ديمقراطيات العبث الطائفيه وشيوخ القبائل ذات التصويت الاعمى للامام او المرشد اوشيخ القبيله اومن ينوب عنهم طمعا فى الجنه او نصره للقبيله والتى يتفرغ نوابها لتبادل نكاتهم ومكاجراتهم تحت قبه مايسمى البرلمان حتى ينقض عليهم عسكرى متأمر حركته نوازع وشهوه السلطه اودفعته احد الجماعات التى ملت تقاسم الرقص على اشلاء الوطن مع الاخرين فاختارت ان تختصر الطريق لاحتكار المشهد العبثى عسى ولعل ان تضبط الموسيقى على ما الفتها واستهوتها من انغام ظنت وقررت انها الاصلح للبلاد والعباد الامر ليس هجرد ذلك ولاحتى نذر مجاعه تلوح الافق مما تعودنا عليها منذ المهديه لا تذكرنا بعجزنا عن استثمار الاراضى الشاسعه المياه الوافره لتوفير الغذاء لنا ولغيرنا فى ظل ازمه غذاء عالميه ولكن الامر هوكل ذلك وفوقه بكثير بل هو تحدى وجودى اصبح يهدد وجودنا كدوله بعد سنوات من الفشل من الاستمرار كامه .
فالنزاعات القبليه مستشريه حتى فى اقاليم وبين قبائل كان الكثير منا ولعهد قريب ينظر اليها على اساس انها مكون واحد ولايكاد يفرق بينها وكنا نتطلع ان تكون نواه نحواندمامجنا الكامل كشعب سودانى وماكانت الاجهزه النظاميه فى بلادنا بمثل هذا الضعف والتشرذم وذهاب الهيبه كماهى عليه الان حتى اصبح سماع خبر مثل مطارده لتسعه طويله (جماعات النهب)فى الخرطوم وليس فى طرف من اطراف السودان يدعو للانشراح والتفاؤل بان هنالك امل فى قدره الشرطه على التصدى لرفاق باكوبى وهى من ظنناها قد تخصصت فى مواكب الثوار وتركت الامن العام ولكن المهدد الاكبر والذى يكاد يعصف بالدوله هو وجود هذه القوات المسلحه المتعدده والمقننه والتى تتبع لاكثر من جهه سياسيه لديها قياداتها واجنداتها الخاصه ويمكن ان تنفجر فى اي لحظه لتطلق رصاصه الرحمه على جسد البلاد الممزق بالخلافات الساسيه والحروب القبليه.
لكل ذلك ان لم تحسن القوى الفاعله على مسرح السياسه السودانيه اليوم وهى العسكر ومن يقف معهم رجالات قبائل وفلول وحركات جوبا من جهه قحت المركزى ولجان المقاومه والشيوعى وحركات عبدالواحد والحلو ان لم يحسن هؤلاء جميعا التعامل مع هذا الخطر المحدق فلا احد بامكانه التكهن بما ستؤول اليه الامور وذلك بادراك العسكر ومن شايعهم بان سودان مابعد الاول من يناير 1956لم يعد قابلا للاستمرار بصيغته القديمه وان تكلفه الحفاظ عليه باهظه ان لم تكن مستحيله مما يفرض علينا جميعا التواضع والجلوس للاتفاق على صيغه عيش مشترك قائمه على شعارات الثوره الثلاث حريه سلام وعداله الامر الذى يحتم حصر السلاح فى ايدى قوات نظاميه مهنيه موحده ذات قياده واحده وبعقيده قتاليه جديده تراعى الحفاظ على البلاد والدفاع عن مصالحها وامنها وحدودها وتبتعد عن التورط الصراعات السياسيه والقبليه وان الانقاذ كانت النسخه الاخيره والاسوأ للسودان القديم بكل ظلاماته وخيباته حيث ان الدوله السودانيه لمابعد الاستقلال قد وصلت لمرحله العجز الكامل واستنفدت كل فرص الاستمرار بشكلها القديم بعد سته وستين عاما حتى بعد ان تخلصت مما صوره البعض من المتطرفين انه من الحمولات الزائده وان البلاد ستصير اكثر نقاءا وتجانسا بعد ذلك فاذا بنا نرث دولتين مأزومتين شمالا وجنوبا دون ان يرد ذلك تلك الاصوات لوعيها اويصدها عن غيها فها هى تبشر سرا وعلانيه بدويله اكثر تجانسا تاره بالتخلص من دارفور ومره اخرى تحت مظله مايسمى بدوله البحر والنهر وكل ذلك هروبا من استحقاقات التغيير الجذرى التى اصبحت لامفرمنها ان اراد الجميع ان نعيش معاتحت ظل دوله واحده تسع الجميع والتغيير المنشود تغيير يمضى لتاسيس سلطه مدنيه كامله على اساس ديمقراطى وجيش موحد مهنى وجهاز دوله مهنى وتبنى نظام حكم قائم على المشاركه المتكافئه والعادله لكل اقاليم وابناء السودان واحترام تام لكل الاديان والثقافات بعيدا عن مزايدات البعض التى تنزع نحو فرض تصور للعلمانيه خاص بها كرد فعل غير طبيعى لتبنى الاخرين للدوله الدينيه حتى اشتط البعض ومضى يطالب باعتماد الاربعاء عطله بديلا للجمعه ومحاوله الاحتفاظ بالقوات حتى مابعد الانتقاليه وغير ذلك من انواع الشطط مثل مطالبات اقرار حق تقرير المصير لمايسمونها بالشعوب السودانيه على اساس اثنى ومحاوله البعض احتكار السلطه والقرار بحجه بذل التضحيات ومقاومه النظام المباد ورفض الجلوس للتفاوض غض النظر عن مخرجات هذا التفاوض وغير ذلك كثير من انواع الشطط والعنت الذى سيكلف البلاد الكثير اذا لم تمضى قوى الثوره المدنيه نحوالتوحد على برنامج الحد الادنى اليوم قبل الغد لتأسيس الكتله الثوريه الحرجه التى تكفل وضع حد للانقلاب وانقاذ البلاد واستئناف المسار الانتقالى المدنى الامر الذى لن يتم دون اعتراف واضح وصريح من قحت المركزى بارتكاب اخطاء كبيره ساهمت فيما وصلنا اليه الان وان كانت ليست السبب الرئيسى للانقلاب ولكن سهلت الامر لانقلابيين مثل محاوله بعض الاحزاب التكويش على السلطه وممارسه المحاصصه والبطء الغير مبرر فى تشكيل السلطه المدنيه بسبب التشاكس والتغافل احيانا وتسليم ملف مهم مثل ملف السلام للعسكر بدون اي اسباب واضحه ماانتج اتفاق جوبا الذى لازالت البلاد تدفع ثمنه غاليا وكل ذلك فضلا عن توقيع الوثيقه الدستوريه المعيبه التى اعطت العسكر سلطه اصلاح المنظومه الامنيه والسيطره عليها مماجعل حكومه حمدوك حكومه بلا انياب ومكن العسكر توظيف هذه المرسسه للانقضاض على الثوره ولكن رغم كل ذلك على قوى اعلان الحريه والتغيير المضى قدما نحواعاده المسار الديمقراطى مسترشده باخطائها السابقه ومستعينه بالمجتمع الدولى الذى ابدى مسانده لم تتوفر فى يوم من الايام لاي قوى مدنيه فى مجابهه انقلاب عسكرى بالاضافه لاستغلال المزاج العام الذى لم يعد يقبل بحكم العسكر وعدم الركون والخوف من الاصوات التى تجرم التفاوض طالما التزم الطرف المفاوض باهداف وشعارات الثوره السودانيه حريه سلام وعداله.
د.عبدالرحمن شعيب محمد بشير
طبيب سودانى

abdalrahmanshoib2@gmail.com
///////////////////////////

 

آراء