قوي الحرية والتغيير والسذاجة السياسية
سمير محمد علي حمد
11 June, 2022
11 June, 2022
لقاء قوي الحرية والتغيير مع عصبة انقلاب 25 اكتوبر بتاريخ 9 يونيو 2022م، في راي كاتب هذا المقال خطوة غير مدروسة واقل ما يمكن ان يقال عنها انها غير مسئولة وتشي بكم السذاجة السياسية التي تتمتع بها قوى الحرية والتغيير، ذلك للاسباب التالية:
1. هذه الخطوة توفر للانقلاب نوع من الشرعية الدولية ظل يبحث عنها منذ اتفاق د. حمدوك في نوفمبر الماضي وخاصة انها تمت تحت رعاية دول إقليمية ودولية مؤثرة مما سينعكس إيجابا على الطغمة الانقلابية لدى الرأي العام العالمي. يريد قادة الانقلاب وضع انتقالي جديد يخرجهم عن عزلتهم الدولية والداخلية مع الاحتفاظ بسلطة دستورية تجعلهم بمنأى عن أي محاسبة محتملة.
2. فمجرد الجلوس مع هذه الطغمة الانقلابية يرفع عنها الضغط الواقع عليها بفعل الموقف المعارض الموحد لقوى الثورة ضدها خلال الثمانية شهور الماضية. فعدم الاعتراف بالانقلاب وعدم الحوار مع قادته من قبل قوى الثورة كانت بمثابة القيد الحديدي الذي كبل الانقلاب طوال الثمانية اشهر الماضية من الحركة داخليا وخارجيا وجعل منه مجرد سلطة بأمر السلاح بلا حكم حقيقي، ليس لها غير ممارسة القمع والارهاب على الشعب. فالموافقة على الجلوس مع الطغمة الانقلابية في أي مستوى من المستويات وتحت اي لافتة سياسية رسمية او غير ذلك، ما هو الا بداية انكسار القيد الحديدي وبداية الاعتراف بها ومنحها شرعية لا تستحقها. وهو للاسف نفس الخطأ إلذى وقعت فيه قوى الحرية والتغيير سابقاً عندما وافقت على مواصلة التفاوض مع نفس هذه الطغمة بعد جريمة فض اعتصام القيادة، ما منحها شرعية واعتراف داخلي وخارجي مكّنها فيما بعد من التحكم في مفاصل السلطة، بل والانقلاب حتى على الاتفاق الناتج عن ذلك التفاوض. والآن تكرر قوى الحرية والتغيير نفس الخطأ وفي ظل جرائم وانتهاكات جسيمة ترتكبها هذه الطغمة الانقلابية خلفت حتى الآن 101 شهيد وآلاف الجرحى ومئات المعتقلين والمفقودين.
3. لا ندري كيف يمكن أن تتفاوض أو تجلس قوى الحرية والتغيير مع هذه الطغمة الانقلابية بعد أن أصبحت الرؤية واضحة تماما وبعد تجارب مريرة معها، والتي وضح تماما ان كل ما تقوم به ينطلق من أجندة تخصها ولا تمت بصلة للمصلحة الوطنية السودانية، والدليل على ذلك قيامها بمؤامرة انقلاب 25 اكتوبر على حكومة الثورة والذي لا يخدم الا مصلحتها في البقاء على سدة السلطة، حتى لو ادى ذاك لقطع الطريق أمام النجاحات الاقتصادية التي بدأت حكومة الثورة في جني ثمارها، والتي ظهرت في استقرار الجنيه وإلغاء جانب مقدر من الديون الخارجية وتخفيف بعضها، اضافة الى توقف إجراءات منح ومساعدات بمليارات الدولارات كان السودان موعود بها، فضلا عن رفع القيود والعزلة الاقتصادية والسياسية الدولية التي كانت مفروضة على السودان. هذه المؤامرة الانقلابية غير محسوبة العواقب والتي اعادت السودان مرة اخري الى مربع العزلة الدولية وهدمت كل ما حققته حكومة الثورة من نجاحات، لم يكن لها اي مبرر، بل كانت ضد مشروع سودان الحرية والسلام والعدالة، مقابل أن يبقى الانقلابيون في سدة السلطة لأسباب تخصهم، بقوة السلاح وارهاب قوى الثورة بالقتل والاغتصاب والاعتقال والعنف.
4. هذا التنازل تم بدون أي مكاسب سياسية لقوي الحرية والتغيير فقد وافقت على هذا اللقاء دون ان يتوقف العنف القاتل والاعتقالات التعسفية تجاه المواطن السوداني، كما ظل منسوبو النظام البائد والذين اعاد تمكينهم الانقلاب يتحكمون في مفاصل الدولة، ولا زالت لجنة ازالة تمكين الـ 30 من يونيو مجمدة وتم التراجع عن كثير من قرارتها. فلماذا تقدم قوى الحرية والتغيير علي مثل هذا التنازل بالمجان دون تحقيق اى مكاسب على الاقل في هذه الملفات.
5. قرار الجلوس مع الانقلابيين لاى من قوى الثورة بصورة منفردة هو قرار قاصر وغير مسئول أقل ما فيه انه يؤدي إلى شق الصف الثوري وإضعاف قوى الثورة وتفرقها وفي المقابل يقوي من عضد الانقلابيين لانه من المستحيل أن تتفق كل قوى الثورة على خطوة كهذه. فالطغمة الانقلابية فاقدة للمصداقية الثوري ولا يمكن الوثوق بها ولا زالت تمارس القتل والعنف ضد شعبها فقط لانه يطالب بالحرية والعدالة والحكم المدني. فكيف لقوى الحرية والتغيير أن تقرر الجلوس منفردة معها وهي تعلم رأي بقية قوى الثورة المعارض ذلك، الم يدر بخلدها ان ذلك كفيل بشق الصف حتي ان كانت محقة في مسعاها؟ كان عليها دراسة هذا الأمر جيدا قبل الوقوع في فخ التفاوض والحوار مرة أخرى مع جهة لا تؤمن اصلا لا بتفاوض لا حوار، إلا لكانت قد اوفت بعهدها في الاتفاق الذي افضي الي الوثيقة الدستورية. فهذا الجلوس مع الطغمة الانقلابية خسارة لقوى الثورة بكل المقاييس للأسباب التالية:
أ. ما تم في جلسة الحوار وحسب بيان قوى الحرية والتغيير الصادر بعد الجلسة، لم يخرج عن إعادة قوى الحرية والتغيير تبيين مواقفها المعلنة مسبقا وبالتالي لم يكن هنالك اي حاجة لهذه الجلسة وكان بإمكانها تبيين مواقفها للجهات التي دعت للحوار دون الوقوع في مثل هذا الفخ، اللهم إلا أن تكون الموافقة على هذا الاجتماع مجاملة للقوى الإقليمية والدولية التي دعت لهذا الاجتماع او ان هنالك ضغوط ما مورست على قوي الحرية والتغيير من قبل هذه الجهات.
ب. تعتقد قوى الحرية والتغيير ان موافقتها على هذا الاجتماع سيضعف اجتماعات الحوار التي تقودها الآلية الثلاثية في حين أنها لم تكن تحتاج لمثل هذه السقطة لإثبات ما هو مثبت. ربما كان اجتماع حوار الثلاثية إضافة لضغوط مساعدة وزير الخارجية الأمريكية هو ما دفع الحرية والتغيير للوقوع في هذا الفخ. ولكن كان عليها أن تعلم أن المنظور الذي تنظر به الولايات المتحدة للاوضاع يختلف عن منظور وقناعات قوى الثورة السودانية، وعليه كان الاجدي الالتزام بما اجتمعت عليه قوى الثورة وعدم الانفراد باي قرارات أو تحركات كهذه مهما كانت الضغوط. لانها حتى لو افترضنا جدلا أنها صحيحة، ستشق صف قوى الثورة وبالتالي إضعافها لصالح الانقلابيين.
ج. لا تؤمن الضغمة الانقلابية بالتفاوض او الحوار ولعل تجربة الوثيقة الدستورية تدلل على ذلك، وكل ما تبحث عنه هو الانفكاك من الحصار والعزلة المضروبة عليها باي طريقة. ولعل ما أجمعت عليه قوى الثورة في عدم التفاوض (واللاآت الثلاثة) معها كان أكثر ما يؤرق مضجعها. فكل ما تطمح إليه الآن هو كسر هذه اللاآت بغض النظر عن فحوى الحوار وما سيتمخض عنه. وبكل سذاجة سياسية تقوم قوى الحرية والتغيير بتخفيف الحصار عن الطغمة الانقلابية والبدء بتفكيك اول سلاسل القيد الذي يكبلهم، وهذا ما ظل يسعون إليه منذ اتفاقية د. حمدوك في نوفمبر الماضي لاستعادة شرعيتهم المفقودة داخليا وخارجيا بفعل الانقلاب. أثبتت قوى الحرية والتغيير بهذا الاجتماع أنها لا زالت في طور الطفولة السياسية ولا تقرأ الواقع ولا تستفيد من اخطاءها.
د. قوي الحرية والتغيير ربما تكون فصيلا مؤثرا في قوى الثورة ولكنها لا تمثل كل قوى الثورة المناهضة للانقلاب وبالتالي تحركها المنفرد والمخالف لقوي الثورة الاخرى لا مبرر له ويصب في مصلحة الانقلابيين بينما بخصم الكثير من قوى الثورة. فخلال فترة الانقلاب الغاشم إستطاع الانقلابيون رغم ضعفهم استخدام استراتيجية العنف المفرط إضافة على تقسيم قوي الثورة. وللاسف فإن قوى الثورة ساعدت في ذلك، بدا من د. حمدوك، حيث نجح الانقلابيون في دق آسفين بينه وبين قوى الثورة من خلال توريطه في اتفاق 21 نوفمبر والذي أخرجه من اللعبة السياسية السودانية مؤقتا، في انتصار بيِّن للانقلابيين. والآن يمارسون نفس اللعبة لعزل قوى الحرية والتغيير عن قوى الثورة والتى لسذاجتها بلعت الطعم بالموافقة على هذا اللقاء المفخخ. فالانقلابيون في كل الاحوال هم الكاسبون من مثل هذا اللقاء لانهم يعلمون أنه سيحقق لهم على الأقل كسر الموقف الرافض للحوار مع فصيل مهم من قوى الثورة وبالتالى شق صف قوى الثورة وهذا ما ظل يعملون عليه منذ وقت طويل. اما قوى الحرية والتغيير لا ندري ماذا ستستفيد من مثل هذا اللقاء، فموقفها المناهض للانقلاب معلوم ولم تكن في حاجة للجلوس مع الانقلابيين لتبيانه لهم مرة اخري.
يرى كاتب المقال ان ما قامت به قوى الحرية والتغيير لا يصب في مصلحة مسار الثورة السودانية بل يضعفها لصالح الضغمة الانقلابية. عليه يرى أن تصدر قوى الحرية والتغيير بيان توضح فيه أنها قد وقعت في خطأ فادح بتلبية الدعوة لهذا اللقاء. ومن ثم الشروع في الخروج تماما عن هذا المسار الزلق، والذي يشرعن لطغمة انقلاب 25 أكتوبر ممارساتها الإجرامية في حق الشعب السوداني. اذا كان امر الحوار يستقيم مع الطغم المستبدة مثل انقلابيو 25 أكتوبر كان الأولى بذلك سيدهم المخلوع قبيل سقوطه في أبريل 2019م. فما الذي يجعل قوى الثورة تتحاور مع هؤلاء وهي التي أسقطت سيدهم المخلوع عنوةً واقتداراً دون ان تفكر مطلقاً في الحوار معه وهو الأكثر عدة وعتادا ورجالا. كما ان عليها أن تضع في حسبانها أن كسب المجتمع الدولى الى جانب قوى الثورة لا يعني أن يملي هذا المجتمع الدولي على قوى الثورة مأ يتوجب عليها فعله.
فالمطلوب من قوى الحرية والتغيير الرجوع فورا عن هذا المسار الذي ثبت فشله من قبل، والاتفاق مع جميع قوى الثورة على موقف موحد لا يتضمن اى نوع من الحوار مع الطغمة الانقلابية مهما كانت الضغوط. فالمجتمع الدولي لا يمكن أن يجبر قوى الثورة على ما لا تريده أن كان موقف قوى الثورة موحد وصلب. فالموقف الموحد والثبات عليه تحت كل الظروف هو ما سيعجِّل بسقوط الانقلاب ويجبر المجتمع الدولى على احترام إرادة الشعب. اما هذه المواقف المنفردة والرخوة من قبل بعض قوى الثورة هي التى تزيد من أمد الانقلاب وتغري المجتمع الدولي بالتدخل وفرض رؤاه.
11 يونيو 2022م
sameirali@live.com
1. هذه الخطوة توفر للانقلاب نوع من الشرعية الدولية ظل يبحث عنها منذ اتفاق د. حمدوك في نوفمبر الماضي وخاصة انها تمت تحت رعاية دول إقليمية ودولية مؤثرة مما سينعكس إيجابا على الطغمة الانقلابية لدى الرأي العام العالمي. يريد قادة الانقلاب وضع انتقالي جديد يخرجهم عن عزلتهم الدولية والداخلية مع الاحتفاظ بسلطة دستورية تجعلهم بمنأى عن أي محاسبة محتملة.
2. فمجرد الجلوس مع هذه الطغمة الانقلابية يرفع عنها الضغط الواقع عليها بفعل الموقف المعارض الموحد لقوى الثورة ضدها خلال الثمانية شهور الماضية. فعدم الاعتراف بالانقلاب وعدم الحوار مع قادته من قبل قوى الثورة كانت بمثابة القيد الحديدي الذي كبل الانقلاب طوال الثمانية اشهر الماضية من الحركة داخليا وخارجيا وجعل منه مجرد سلطة بأمر السلاح بلا حكم حقيقي، ليس لها غير ممارسة القمع والارهاب على الشعب. فالموافقة على الجلوس مع الطغمة الانقلابية في أي مستوى من المستويات وتحت اي لافتة سياسية رسمية او غير ذلك، ما هو الا بداية انكسار القيد الحديدي وبداية الاعتراف بها ومنحها شرعية لا تستحقها. وهو للاسف نفس الخطأ إلذى وقعت فيه قوى الحرية والتغيير سابقاً عندما وافقت على مواصلة التفاوض مع نفس هذه الطغمة بعد جريمة فض اعتصام القيادة، ما منحها شرعية واعتراف داخلي وخارجي مكّنها فيما بعد من التحكم في مفاصل السلطة، بل والانقلاب حتى على الاتفاق الناتج عن ذلك التفاوض. والآن تكرر قوى الحرية والتغيير نفس الخطأ وفي ظل جرائم وانتهاكات جسيمة ترتكبها هذه الطغمة الانقلابية خلفت حتى الآن 101 شهيد وآلاف الجرحى ومئات المعتقلين والمفقودين.
3. لا ندري كيف يمكن أن تتفاوض أو تجلس قوى الحرية والتغيير مع هذه الطغمة الانقلابية بعد أن أصبحت الرؤية واضحة تماما وبعد تجارب مريرة معها، والتي وضح تماما ان كل ما تقوم به ينطلق من أجندة تخصها ولا تمت بصلة للمصلحة الوطنية السودانية، والدليل على ذلك قيامها بمؤامرة انقلاب 25 اكتوبر على حكومة الثورة والذي لا يخدم الا مصلحتها في البقاء على سدة السلطة، حتى لو ادى ذاك لقطع الطريق أمام النجاحات الاقتصادية التي بدأت حكومة الثورة في جني ثمارها، والتي ظهرت في استقرار الجنيه وإلغاء جانب مقدر من الديون الخارجية وتخفيف بعضها، اضافة الى توقف إجراءات منح ومساعدات بمليارات الدولارات كان السودان موعود بها، فضلا عن رفع القيود والعزلة الاقتصادية والسياسية الدولية التي كانت مفروضة على السودان. هذه المؤامرة الانقلابية غير محسوبة العواقب والتي اعادت السودان مرة اخري الى مربع العزلة الدولية وهدمت كل ما حققته حكومة الثورة من نجاحات، لم يكن لها اي مبرر، بل كانت ضد مشروع سودان الحرية والسلام والعدالة، مقابل أن يبقى الانقلابيون في سدة السلطة لأسباب تخصهم، بقوة السلاح وارهاب قوى الثورة بالقتل والاغتصاب والاعتقال والعنف.
4. هذا التنازل تم بدون أي مكاسب سياسية لقوي الحرية والتغيير فقد وافقت على هذا اللقاء دون ان يتوقف العنف القاتل والاعتقالات التعسفية تجاه المواطن السوداني، كما ظل منسوبو النظام البائد والذين اعاد تمكينهم الانقلاب يتحكمون في مفاصل الدولة، ولا زالت لجنة ازالة تمكين الـ 30 من يونيو مجمدة وتم التراجع عن كثير من قرارتها. فلماذا تقدم قوى الحرية والتغيير علي مثل هذا التنازل بالمجان دون تحقيق اى مكاسب على الاقل في هذه الملفات.
5. قرار الجلوس مع الانقلابيين لاى من قوى الثورة بصورة منفردة هو قرار قاصر وغير مسئول أقل ما فيه انه يؤدي إلى شق الصف الثوري وإضعاف قوى الثورة وتفرقها وفي المقابل يقوي من عضد الانقلابيين لانه من المستحيل أن تتفق كل قوى الثورة على خطوة كهذه. فالطغمة الانقلابية فاقدة للمصداقية الثوري ولا يمكن الوثوق بها ولا زالت تمارس القتل والعنف ضد شعبها فقط لانه يطالب بالحرية والعدالة والحكم المدني. فكيف لقوى الحرية والتغيير أن تقرر الجلوس منفردة معها وهي تعلم رأي بقية قوى الثورة المعارض ذلك، الم يدر بخلدها ان ذلك كفيل بشق الصف حتي ان كانت محقة في مسعاها؟ كان عليها دراسة هذا الأمر جيدا قبل الوقوع في فخ التفاوض والحوار مرة أخرى مع جهة لا تؤمن اصلا لا بتفاوض لا حوار، إلا لكانت قد اوفت بعهدها في الاتفاق الذي افضي الي الوثيقة الدستورية. فهذا الجلوس مع الطغمة الانقلابية خسارة لقوى الثورة بكل المقاييس للأسباب التالية:
أ. ما تم في جلسة الحوار وحسب بيان قوى الحرية والتغيير الصادر بعد الجلسة، لم يخرج عن إعادة قوى الحرية والتغيير تبيين مواقفها المعلنة مسبقا وبالتالي لم يكن هنالك اي حاجة لهذه الجلسة وكان بإمكانها تبيين مواقفها للجهات التي دعت للحوار دون الوقوع في مثل هذا الفخ، اللهم إلا أن تكون الموافقة على هذا الاجتماع مجاملة للقوى الإقليمية والدولية التي دعت لهذا الاجتماع او ان هنالك ضغوط ما مورست على قوي الحرية والتغيير من قبل هذه الجهات.
ب. تعتقد قوى الحرية والتغيير ان موافقتها على هذا الاجتماع سيضعف اجتماعات الحوار التي تقودها الآلية الثلاثية في حين أنها لم تكن تحتاج لمثل هذه السقطة لإثبات ما هو مثبت. ربما كان اجتماع حوار الثلاثية إضافة لضغوط مساعدة وزير الخارجية الأمريكية هو ما دفع الحرية والتغيير للوقوع في هذا الفخ. ولكن كان عليها أن تعلم أن المنظور الذي تنظر به الولايات المتحدة للاوضاع يختلف عن منظور وقناعات قوى الثورة السودانية، وعليه كان الاجدي الالتزام بما اجتمعت عليه قوى الثورة وعدم الانفراد باي قرارات أو تحركات كهذه مهما كانت الضغوط. لانها حتى لو افترضنا جدلا أنها صحيحة، ستشق صف قوى الثورة وبالتالي إضعافها لصالح الانقلابيين.
ج. لا تؤمن الضغمة الانقلابية بالتفاوض او الحوار ولعل تجربة الوثيقة الدستورية تدلل على ذلك، وكل ما تبحث عنه هو الانفكاك من الحصار والعزلة المضروبة عليها باي طريقة. ولعل ما أجمعت عليه قوى الثورة في عدم التفاوض (واللاآت الثلاثة) معها كان أكثر ما يؤرق مضجعها. فكل ما تطمح إليه الآن هو كسر هذه اللاآت بغض النظر عن فحوى الحوار وما سيتمخض عنه. وبكل سذاجة سياسية تقوم قوى الحرية والتغيير بتخفيف الحصار عن الطغمة الانقلابية والبدء بتفكيك اول سلاسل القيد الذي يكبلهم، وهذا ما ظل يسعون إليه منذ اتفاقية د. حمدوك في نوفمبر الماضي لاستعادة شرعيتهم المفقودة داخليا وخارجيا بفعل الانقلاب. أثبتت قوى الحرية والتغيير بهذا الاجتماع أنها لا زالت في طور الطفولة السياسية ولا تقرأ الواقع ولا تستفيد من اخطاءها.
د. قوي الحرية والتغيير ربما تكون فصيلا مؤثرا في قوى الثورة ولكنها لا تمثل كل قوى الثورة المناهضة للانقلاب وبالتالي تحركها المنفرد والمخالف لقوي الثورة الاخرى لا مبرر له ويصب في مصلحة الانقلابيين بينما بخصم الكثير من قوى الثورة. فخلال فترة الانقلاب الغاشم إستطاع الانقلابيون رغم ضعفهم استخدام استراتيجية العنف المفرط إضافة على تقسيم قوي الثورة. وللاسف فإن قوى الثورة ساعدت في ذلك، بدا من د. حمدوك، حيث نجح الانقلابيون في دق آسفين بينه وبين قوى الثورة من خلال توريطه في اتفاق 21 نوفمبر والذي أخرجه من اللعبة السياسية السودانية مؤقتا، في انتصار بيِّن للانقلابيين. والآن يمارسون نفس اللعبة لعزل قوى الحرية والتغيير عن قوى الثورة والتى لسذاجتها بلعت الطعم بالموافقة على هذا اللقاء المفخخ. فالانقلابيون في كل الاحوال هم الكاسبون من مثل هذا اللقاء لانهم يعلمون أنه سيحقق لهم على الأقل كسر الموقف الرافض للحوار مع فصيل مهم من قوى الثورة وبالتالى شق صف قوى الثورة وهذا ما ظل يعملون عليه منذ وقت طويل. اما قوى الحرية والتغيير لا ندري ماذا ستستفيد من مثل هذا اللقاء، فموقفها المناهض للانقلاب معلوم ولم تكن في حاجة للجلوس مع الانقلابيين لتبيانه لهم مرة اخري.
يرى كاتب المقال ان ما قامت به قوى الحرية والتغيير لا يصب في مصلحة مسار الثورة السودانية بل يضعفها لصالح الضغمة الانقلابية. عليه يرى أن تصدر قوى الحرية والتغيير بيان توضح فيه أنها قد وقعت في خطأ فادح بتلبية الدعوة لهذا اللقاء. ومن ثم الشروع في الخروج تماما عن هذا المسار الزلق، والذي يشرعن لطغمة انقلاب 25 أكتوبر ممارساتها الإجرامية في حق الشعب السوداني. اذا كان امر الحوار يستقيم مع الطغم المستبدة مثل انقلابيو 25 أكتوبر كان الأولى بذلك سيدهم المخلوع قبيل سقوطه في أبريل 2019م. فما الذي يجعل قوى الثورة تتحاور مع هؤلاء وهي التي أسقطت سيدهم المخلوع عنوةً واقتداراً دون ان تفكر مطلقاً في الحوار معه وهو الأكثر عدة وعتادا ورجالا. كما ان عليها أن تضع في حسبانها أن كسب المجتمع الدولى الى جانب قوى الثورة لا يعني أن يملي هذا المجتمع الدولي على قوى الثورة مأ يتوجب عليها فعله.
فالمطلوب من قوى الحرية والتغيير الرجوع فورا عن هذا المسار الذي ثبت فشله من قبل، والاتفاق مع جميع قوى الثورة على موقف موحد لا يتضمن اى نوع من الحوار مع الطغمة الانقلابية مهما كانت الضغوط. فالمجتمع الدولي لا يمكن أن يجبر قوى الثورة على ما لا تريده أن كان موقف قوى الثورة موحد وصلب. فالموقف الموحد والثبات عليه تحت كل الظروف هو ما سيعجِّل بسقوط الانقلاب ويجبر المجتمع الدولى على احترام إرادة الشعب. اما هذه المواقف المنفردة والرخوة من قبل بعض قوى الثورة هي التى تزيد من أمد الانقلاب وتغري المجتمع الدولي بالتدخل وفرض رؤاه.
11 يونيو 2022م
sameirali@live.com