هل تحتاج النخب السودانية لمساعدة للشب عن طوق عجزها؟
طاهر عمر
16 June, 2022
16 June, 2022
في لحظة مثل اللحظة الراهنة التي يمر بها السودان و قد بان عجز النخب السودانية في أن تنجز جسم معارض موحد لمجابهة إنقلاب البرهان الفاشل قطعا هناك أسباب كامنة في طريقة تفكير النخب السودانية و عجزها في الشب عن طوق مفكري المجتمعات التقليدية و هذا العجز الباين موروث عبر أجيال السودان حتى منذ أيام الاستعمار و للأسف منذ أيام مؤتمر الخريجين و أتباعه نجدهم يحددون الهدف مثلا الاستقلال إلا أنهم يتخذون وسائل تسوق لوجهة معاكسة تماما لما يعنيه جهدهم.
مثلا نجدهم في سبيل مكافحة الاستعمار إنضموا لأحزاب طائفية بذرت بذرة الأبوية المستحدثة التي لا ترك سبيل للفرد لكي ينتصر للعقل و الحرية و عبر أجيال النخب السودانية لم تقدم أي نقد و لا فحص يخرجهم من حالة الخنوع للمرشد و الامام و مولانا و الاستاذ عند الشيوعيين ضحايا فهمهم الخاطي لإضطراد العقل و التاريخ و لهذا أصبحت الأحزاب السودانية مثل مكب النفايات لنخب عاجزة في أن تنجز جسم موحد معارض لأفشل إنقلاب و هو إنقلاب البرهان الفاشل.
و حالة عجز النخب في إستشراف المستقبل جعلها تكون أسيرة أحزاب تقليدية حبست النخب السودانية في دائرة ضيقة و قد أصبح المفكر السوداني لا يستطيع التفكير خارج دائرة وحل الفكر الديني و نسوا أن الانسانية التاريخية لم تفارق الجهل و الفقر و المرض إلا بعد أن تخلصت من الفكر الديني و هنا يحق لنا أن نتسأل لماذا لم يستطع المفكر السوداني إعمال عقله وفقا لتجربة الانسان و ضمير الوجود منتصر للعقلانية و إبداع العقل البشري؟ مثلا نجد النخب السودانية و هي أسيرة وحل الفكر الديني تقبل بالامام الصادق المهدي كرجل دين مفكر و هنا تظهر المفارقات العجيبة.
لهذا نجد أن أغلب النخب السودانية في حالة تماهي مع الخطاب الديني منذ محاولات عبد الخالق محجوب و بحثه لدور يلعبه الدين في السياسة السودانية و بعده قد سار على دربه محمد ابراهيم نقد في حوار حول الدولة المدنية و كله تماهي مع الخطاب الديني و الغريب نجده قد وجد استحسان من النخب السودانية و مدح لنقد و عبد الخالق في وقت نجد عالم الاجتماع هشام شرابي يرى أن مثل محاولات عبد الخالق محجوب و محمد ابراهيم نقد توضح مدى الخطوات الجبانة لأتباع اليسار الرث في تماهيهم مع الخطاب الديني بدلا من مواجهته بعقل نقدي سارت عليه مسيرة البشرية متكئة على سردياتها الكبرى. لهذا السبب نجد أن الشعب السوداني قد أنجز أعظم ثورة و هي ثورة ديسمبر و شعارها حرية سلام و عدالة إلا أن النخب ما زالت في وحل الفكر الديني بأحزاب الطائفية و يسار سوداني رث لا ينظر لماركس غير صاحب إنجيل مرقس و قد أصبحت مقصاد فهمهم للماركسية غائية لاهوتية دينية لا تخرجهم من مستوى الايمان التقليدي لمن يؤمن بانجيل مرقس.
لهذا السبب ينشط كثر و يظنون بأنهم و بعد سقوط الانقاذ يحق لهم أن يصبحوا بديلا دينيا بخطاب ديني يحل محل خطاب الانقاذ كثمرة مرة للحركة الاسلامية السودانية و نسوا أننا بعد ثورة ديسمبر لا نبحث عن خطاب ديني بديلا لخطاب الحركة الاسلامية بل نبحث عن عقلانية تجعل الدين شأن فردي و هو يضبط علاقة الفرد مع ربه بلا وساطة تجار الدين سواء كانوا كيزان أم أنصار أم ختمية أم شيوعية كدين بشري فاشل أما علاقة الانسان مع مجتمعه فلا ضابط لها غير معادلة الحرية و العدالة و لا تستقيم بغير ترسيخ فهم الشرط الانساني و لا يكون بغير إعمال القطيعة مع تراث النخب السودانية الفاشلة.
فشل النخب السودانية و قصورها و عجزها عن العبور بالفترة الانتقالية الى مستوى يوصلها الى التحول الاجتماعي و بالتالي التحول الديمقراطي سببه بأنهم دوما تحت نير سطوة الأبوية المستحدثة و بأنهم في حوجة لولي أمر لذلك عجزت النخب السودانية الباحثة عن ولي أمر يحل محل الأب أن تقدم شخصية تاريخية تضع حد لممارسات النخب التقليدية و محاولاتهم تأبيد ثقافة المجتمعات التقليدية.
مثلا أن يتحدث أحدهم من أتباع الامام أو مولانا و المرشد في السودان عن عقل الأنوار و الحداثة و هو قابع تحت سيطرة أمامه متناسيا إجابة من أجابوا على سؤال ما التنوير أي عمانويل كانط و أقصد الا يفكر بدلا عنك الامام أو المرشد او مولانا أو الاستاذ عند الشيوعيين للأسف نجد النخب السودانية في هذا المجال أي توفيقها الكاذب و تماهيها مع الخطاب الديني نجده عامر بكتابات تجيد التلفيق و التوفيق الكاذب و قد ضربنا مثلا على ذلك منذ ستسنيات القرن المنصرم بمحاولة عبد الخالق محجوب لبحث دور للدين في السياسة في السودان و على دربه نجد اليوم هترشات الشفيع خضر في مساومته التاريخية أو مهادنات الحاج وراق للطائفية و النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
مهادنة اليسار السوداني الرث منذ أيام عبد الخالق محجوب للخطاب الديني و على دربه قد سار محمد ابراهيم نقد و وصوله لعلمانية محابية للأديان كلها تدل على أن المثقف السوداني عبر أجياله منذ تهافت أتباع مؤتمر الخريجين بعد أنهياره و تسابقهم على أحزاب الطائفية مرورا بتلفيق اليسار الرث و مهادنته للخطاب الديني كما رأينا محاولات عبد الخالق محجوب كل هذا يدل على أن النخب السودانية لم يخطر على بالها دور الشخصية التاريخية التي تستطيع الخروج من مفاهيم الحضارة التقليدية السائدة عندنا في السودان و يجسدها الخطاب الديني عند الاسلاميين و أحزاب الطائفية و السلفيين و مواجهتهم بخطاب يحمل أفكار عقل الأنوار و أفكار الحداثة في تمجيدها للعقل الانساني و قد جسد إبداع العقل البشري.
غياب الشخصية التاريخية التي تضع حد لحضارة تقليدية كالسائدة عندنا في السودان و يجسدها الخطاب الديني الذي ترتكز عليه أحزابنا السودانية خلفه يكمن سر عجز النخب السودانية في أن تقود تحول اجتماعي يؤدي لتحول ديمقراطي و قبله عجز النخب في أن تخرج من بينها شخصية تاريخية تضع حد لتماهي النخب السودانية مع خطاب الأحزاب التقليدية في السودان و خاصة الكاسدة من أقصى يمينها الديني الى أقصى يسارها في تماهي مع الخطاب الديني كما رأيناه في تماهي عبد الخالق محجوب في محاولاته البحث عن دور للدين في السياسة السودانية و كذلك محاولات محمد ابراهيم نقد البائسة في حوار حول الدولة المدنية و قد أوصله لعلمانية محابية للأديان و بعد كل هذا هل تستغرب في صحبة عبد الله علي ابراهيم للاسلاميين و فرحه و هو يتغنى بالحبايبي الحلويني أهلا جوني و أنا ما قايل سايحيين زي ديل بزوروني؟
إذا عرف السبب بطل العجب و لكن النخب السودانية لا تريد أن تعرف السبب لذلك ما زالت تتعجب في حدوث الدائرة الشريرة كما يحلو لهم الحديث عن الدائرة الشريرة أي فترة ديمقراطية قصيرة و يعقبها إنقلاب عسكري و نسوا أن هذه الدائرة الخبيثة تدور في فلك دائرة خبيثة أكبر منها و هي مسألة غياب الشخصية التاريخية التي تضع حد لقيم حضارة تقليدية كحضارتنا الاسلامية العربية السائدة في قيم النخب السودانية الكاسدة التي ما زالت تأبد فكر المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ عند الشيوعيين و يرفضون أن يعترفوا بأنهم في محاولات بائسة و يائسة تأبد فكر حضارة تقليدية محرجة بقيم الحداثة التي نحاربها بمحاولات الإختباء تحت عباءة المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ و لا يمكننا الخروج من هذا النفق الضيق بغير إستيعابنا بأن منظمومة القيم السائدة عند النخب السودانية منظمومة قيم حضارة تقليدية و هي الحضارة العربية الاسلامية المحرجة بالحداثة شأنها شأن كل الحضارات التقليدية الأخرى كما تحدث عنها ماكس فيبر.
و هنا تكمن مجافاة النخب السودانية للعقلانية التي ترشدنا للقرار و الاختيار الذي يؤسس للشرط الانساني و لا شرط انساني غير السياسة التي تنشد قيم الجمهورية التي تصبح مسألة حقوق الانسان فيها نقطة البداية و نقطة الوصول و لا سبيل لذلك غير إدراكنا بأننا نحاول يائسين تأبيد قيم حضارة تقليدية محرجة من قبل الحداثة نحاول تأبيدها بفكر أحزاب سودانية خارج النموذج.
من هنا دعوتنا للنخب السودانية أن تفارق قيمها التقليدية و تفارق مقاومة أفكار عقل الأنوار و تفارق كل فكر غير متجاوز لعقلنا التقليدي و تفارق كل فكر متفق و غير مختلف مع أفكار قيم حضارة تقليدية مسألة إحياءها جعلت كثير من المؤرخين السودانيين و دارسي علم الاجتماع في السودان يدورون حول حلقة مفرغة و محكمة الإغلاق.
جاء الوقت للشب عن طوقها أي الحضارة التقليدية بمفارقة بحوث و دراسات مؤرخين سودانيين أسسوا لإدراك يبحث عن تأبيد لقيم حضارة تقليدية محرجة من قبل أفكار الحداثة و عقل الأنوار و لهذا يظل إنتظار أفق السودانيين لظهور شخصية تاريخية قادرة على إعلان قدوم فكر حديث و هنا تتضح لحظات مفاصل الزمان و إنقلابه حيث لم تعد أفكار مؤرخين كيوسف فضل و أبوسليم و علي صالح كرار قادرة على التلفيق و التوفيق الكاذب لتأبيد قيم حضارة تقليدية محرجة بفكر الحداثة و عقل الأنوار.
لم تعد بحوث المؤرخين السودانيين المذكورين أعلاه تناسب زمننا و هي تتحدث عن فكرة الإحياء الديني و نحن في زمن قد زال فيه سحر العالم و لم يعد للايمان التقليدي أي دور لتقوية انسان يعيش في زمن منتصر فيه للعقل و الفرد و الحرية. نقول قولنا هذا و قد رأينا تماهي المؤرخين السودانيين مع الخطاب الديني و رأينا محمد ابراهيم أبوسليم يكرمه حزب الأمة لأنه خدم خط أن يقبل الصادق المهدي كرجل دين من بين المفكرين السودانيين و هنا يظهر التوفيق و التلفيق الكاذب الذي ينبغي على النخب السودانية مجابهته بشجاعة يسبقها الرأي و هذا ما ننتظره في مقبل الأيام.
و الغريب نلاحظ بأن المؤرخين السودانيين أمثال محمد ابراهيم أبوسليم و علي صالح كرار و يوسف فضل تدعم بحوثهم قيم النخب التقليدية السودانية و لهذا نجد تلاميذ الدكتور عبد الله الطيب في دفاعهم عن قيم الحضارة العربية الاسلامية التقليدية في السودان يمجدون كتابات يوسف فضل و علي صالح كرار و محمد ابراهيم ابوسليم لأنها لم تخرج من خط الدفاع عن قيم لحضارة عربية اسلامية تقليدية و لهذا أي بسبب غياب مؤرخيين ملمين بعلم الاجتماع قد عشنا في ديمومة أحزاب يسيطر عليها المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ و كلها أحزاب غائصة في وحل الفكر الديني الذي يمنعنا من الوصول لأفكار الحداثة و عقل الأنوار.
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////////
مثلا نجدهم في سبيل مكافحة الاستعمار إنضموا لأحزاب طائفية بذرت بذرة الأبوية المستحدثة التي لا ترك سبيل للفرد لكي ينتصر للعقل و الحرية و عبر أجيال النخب السودانية لم تقدم أي نقد و لا فحص يخرجهم من حالة الخنوع للمرشد و الامام و مولانا و الاستاذ عند الشيوعيين ضحايا فهمهم الخاطي لإضطراد العقل و التاريخ و لهذا أصبحت الأحزاب السودانية مثل مكب النفايات لنخب عاجزة في أن تنجز جسم موحد معارض لأفشل إنقلاب و هو إنقلاب البرهان الفاشل.
و حالة عجز النخب في إستشراف المستقبل جعلها تكون أسيرة أحزاب تقليدية حبست النخب السودانية في دائرة ضيقة و قد أصبح المفكر السوداني لا يستطيع التفكير خارج دائرة وحل الفكر الديني و نسوا أن الانسانية التاريخية لم تفارق الجهل و الفقر و المرض إلا بعد أن تخلصت من الفكر الديني و هنا يحق لنا أن نتسأل لماذا لم يستطع المفكر السوداني إعمال عقله وفقا لتجربة الانسان و ضمير الوجود منتصر للعقلانية و إبداع العقل البشري؟ مثلا نجد النخب السودانية و هي أسيرة وحل الفكر الديني تقبل بالامام الصادق المهدي كرجل دين مفكر و هنا تظهر المفارقات العجيبة.
لهذا نجد أن أغلب النخب السودانية في حالة تماهي مع الخطاب الديني منذ محاولات عبد الخالق محجوب و بحثه لدور يلعبه الدين في السياسة السودانية و بعده قد سار على دربه محمد ابراهيم نقد في حوار حول الدولة المدنية و كله تماهي مع الخطاب الديني و الغريب نجده قد وجد استحسان من النخب السودانية و مدح لنقد و عبد الخالق في وقت نجد عالم الاجتماع هشام شرابي يرى أن مثل محاولات عبد الخالق محجوب و محمد ابراهيم نقد توضح مدى الخطوات الجبانة لأتباع اليسار الرث في تماهيهم مع الخطاب الديني بدلا من مواجهته بعقل نقدي سارت عليه مسيرة البشرية متكئة على سردياتها الكبرى. لهذا السبب نجد أن الشعب السوداني قد أنجز أعظم ثورة و هي ثورة ديسمبر و شعارها حرية سلام و عدالة إلا أن النخب ما زالت في وحل الفكر الديني بأحزاب الطائفية و يسار سوداني رث لا ينظر لماركس غير صاحب إنجيل مرقس و قد أصبحت مقصاد فهمهم للماركسية غائية لاهوتية دينية لا تخرجهم من مستوى الايمان التقليدي لمن يؤمن بانجيل مرقس.
لهذا السبب ينشط كثر و يظنون بأنهم و بعد سقوط الانقاذ يحق لهم أن يصبحوا بديلا دينيا بخطاب ديني يحل محل خطاب الانقاذ كثمرة مرة للحركة الاسلامية السودانية و نسوا أننا بعد ثورة ديسمبر لا نبحث عن خطاب ديني بديلا لخطاب الحركة الاسلامية بل نبحث عن عقلانية تجعل الدين شأن فردي و هو يضبط علاقة الفرد مع ربه بلا وساطة تجار الدين سواء كانوا كيزان أم أنصار أم ختمية أم شيوعية كدين بشري فاشل أما علاقة الانسان مع مجتمعه فلا ضابط لها غير معادلة الحرية و العدالة و لا تستقيم بغير ترسيخ فهم الشرط الانساني و لا يكون بغير إعمال القطيعة مع تراث النخب السودانية الفاشلة.
فشل النخب السودانية و قصورها و عجزها عن العبور بالفترة الانتقالية الى مستوى يوصلها الى التحول الاجتماعي و بالتالي التحول الديمقراطي سببه بأنهم دوما تحت نير سطوة الأبوية المستحدثة و بأنهم في حوجة لولي أمر لذلك عجزت النخب السودانية الباحثة عن ولي أمر يحل محل الأب أن تقدم شخصية تاريخية تضع حد لممارسات النخب التقليدية و محاولاتهم تأبيد ثقافة المجتمعات التقليدية.
مثلا أن يتحدث أحدهم من أتباع الامام أو مولانا و المرشد في السودان عن عقل الأنوار و الحداثة و هو قابع تحت سيطرة أمامه متناسيا إجابة من أجابوا على سؤال ما التنوير أي عمانويل كانط و أقصد الا يفكر بدلا عنك الامام أو المرشد او مولانا أو الاستاذ عند الشيوعيين للأسف نجد النخب السودانية في هذا المجال أي توفيقها الكاذب و تماهيها مع الخطاب الديني نجده عامر بكتابات تجيد التلفيق و التوفيق الكاذب و قد ضربنا مثلا على ذلك منذ ستسنيات القرن المنصرم بمحاولة عبد الخالق محجوب لبحث دور للدين في السياسة في السودان و على دربه نجد اليوم هترشات الشفيع خضر في مساومته التاريخية أو مهادنات الحاج وراق للطائفية و النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية.
مهادنة اليسار السوداني الرث منذ أيام عبد الخالق محجوب للخطاب الديني و على دربه قد سار محمد ابراهيم نقد و وصوله لعلمانية محابية للأديان كلها تدل على أن المثقف السوداني عبر أجياله منذ تهافت أتباع مؤتمر الخريجين بعد أنهياره و تسابقهم على أحزاب الطائفية مرورا بتلفيق اليسار الرث و مهادنته للخطاب الديني كما رأينا محاولات عبد الخالق محجوب كل هذا يدل على أن النخب السودانية لم يخطر على بالها دور الشخصية التاريخية التي تستطيع الخروج من مفاهيم الحضارة التقليدية السائدة عندنا في السودان و يجسدها الخطاب الديني عند الاسلاميين و أحزاب الطائفية و السلفيين و مواجهتهم بخطاب يحمل أفكار عقل الأنوار و أفكار الحداثة في تمجيدها للعقل الانساني و قد جسد إبداع العقل البشري.
غياب الشخصية التاريخية التي تضع حد لحضارة تقليدية كالسائدة عندنا في السودان و يجسدها الخطاب الديني الذي ترتكز عليه أحزابنا السودانية خلفه يكمن سر عجز النخب السودانية في أن تقود تحول اجتماعي يؤدي لتحول ديمقراطي و قبله عجز النخب في أن تخرج من بينها شخصية تاريخية تضع حد لتماهي النخب السودانية مع خطاب الأحزاب التقليدية في السودان و خاصة الكاسدة من أقصى يمينها الديني الى أقصى يسارها في تماهي مع الخطاب الديني كما رأيناه في تماهي عبد الخالق محجوب في محاولاته البحث عن دور للدين في السياسة السودانية و كذلك محاولات محمد ابراهيم نقد البائسة في حوار حول الدولة المدنية و قد أوصله لعلمانية محابية للأديان و بعد كل هذا هل تستغرب في صحبة عبد الله علي ابراهيم للاسلاميين و فرحه و هو يتغنى بالحبايبي الحلويني أهلا جوني و أنا ما قايل سايحيين زي ديل بزوروني؟
إذا عرف السبب بطل العجب و لكن النخب السودانية لا تريد أن تعرف السبب لذلك ما زالت تتعجب في حدوث الدائرة الشريرة كما يحلو لهم الحديث عن الدائرة الشريرة أي فترة ديمقراطية قصيرة و يعقبها إنقلاب عسكري و نسوا أن هذه الدائرة الخبيثة تدور في فلك دائرة خبيثة أكبر منها و هي مسألة غياب الشخصية التاريخية التي تضع حد لقيم حضارة تقليدية كحضارتنا الاسلامية العربية السائدة في قيم النخب السودانية الكاسدة التي ما زالت تأبد فكر المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ عند الشيوعيين و يرفضون أن يعترفوا بأنهم في محاولات بائسة و يائسة تأبد فكر حضارة تقليدية محرجة بقيم الحداثة التي نحاربها بمحاولات الإختباء تحت عباءة المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ و لا يمكننا الخروج من هذا النفق الضيق بغير إستيعابنا بأن منظمومة القيم السائدة عند النخب السودانية منظمومة قيم حضارة تقليدية و هي الحضارة العربية الاسلامية المحرجة بالحداثة شأنها شأن كل الحضارات التقليدية الأخرى كما تحدث عنها ماكس فيبر.
و هنا تكمن مجافاة النخب السودانية للعقلانية التي ترشدنا للقرار و الاختيار الذي يؤسس للشرط الانساني و لا شرط انساني غير السياسة التي تنشد قيم الجمهورية التي تصبح مسألة حقوق الانسان فيها نقطة البداية و نقطة الوصول و لا سبيل لذلك غير إدراكنا بأننا نحاول يائسين تأبيد قيم حضارة تقليدية محرجة من قبل الحداثة نحاول تأبيدها بفكر أحزاب سودانية خارج النموذج.
من هنا دعوتنا للنخب السودانية أن تفارق قيمها التقليدية و تفارق مقاومة أفكار عقل الأنوار و تفارق كل فكر غير متجاوز لعقلنا التقليدي و تفارق كل فكر متفق و غير مختلف مع أفكار قيم حضارة تقليدية مسألة إحياءها جعلت كثير من المؤرخين السودانيين و دارسي علم الاجتماع في السودان يدورون حول حلقة مفرغة و محكمة الإغلاق.
جاء الوقت للشب عن طوقها أي الحضارة التقليدية بمفارقة بحوث و دراسات مؤرخين سودانيين أسسوا لإدراك يبحث عن تأبيد لقيم حضارة تقليدية محرجة من قبل أفكار الحداثة و عقل الأنوار و لهذا يظل إنتظار أفق السودانيين لظهور شخصية تاريخية قادرة على إعلان قدوم فكر حديث و هنا تتضح لحظات مفاصل الزمان و إنقلابه حيث لم تعد أفكار مؤرخين كيوسف فضل و أبوسليم و علي صالح كرار قادرة على التلفيق و التوفيق الكاذب لتأبيد قيم حضارة تقليدية محرجة بفكر الحداثة و عقل الأنوار.
لم تعد بحوث المؤرخين السودانيين المذكورين أعلاه تناسب زمننا و هي تتحدث عن فكرة الإحياء الديني و نحن في زمن قد زال فيه سحر العالم و لم يعد للايمان التقليدي أي دور لتقوية انسان يعيش في زمن منتصر فيه للعقل و الفرد و الحرية. نقول قولنا هذا و قد رأينا تماهي المؤرخين السودانيين مع الخطاب الديني و رأينا محمد ابراهيم أبوسليم يكرمه حزب الأمة لأنه خدم خط أن يقبل الصادق المهدي كرجل دين من بين المفكرين السودانيين و هنا يظهر التوفيق و التلفيق الكاذب الذي ينبغي على النخب السودانية مجابهته بشجاعة يسبقها الرأي و هذا ما ننتظره في مقبل الأيام.
و الغريب نلاحظ بأن المؤرخين السودانيين أمثال محمد ابراهيم أبوسليم و علي صالح كرار و يوسف فضل تدعم بحوثهم قيم النخب التقليدية السودانية و لهذا نجد تلاميذ الدكتور عبد الله الطيب في دفاعهم عن قيم الحضارة العربية الاسلامية التقليدية في السودان يمجدون كتابات يوسف فضل و علي صالح كرار و محمد ابراهيم ابوسليم لأنها لم تخرج من خط الدفاع عن قيم لحضارة عربية اسلامية تقليدية و لهذا أي بسبب غياب مؤرخيين ملمين بعلم الاجتماع قد عشنا في ديمومة أحزاب يسيطر عليها المرشد و الامام و مولانا و الاستاذ و كلها أحزاب غائصة في وحل الفكر الديني الذي يمنعنا من الوصول لأفكار الحداثة و عقل الأنوار.
taheromer86@yahoo.com
////////////////////////////