دعوة للحركات المسلحة، للإقرار بالأخطاء والوقوف مع الشعب في مسيرته نحو الدولة المدنية الديمقراطية
عبد القادر محمد أحمد المحامي
25 June, 2022
25 June, 2022
............................
أبو مريم الحنفي كان رجلاَ من أهل اليمامة، قبل دخوله الإسلام قتل شقيق سيدنا عمر بن الخطاب في معركة اليمامة، ثم أسلم، وكان كلما مر أمام سيدنا عمر قال له عمر: اصرف وجهك بعيدًا عني فإني لا أحبك، فسأله الحنفي إن كان هذا سيمنعه حقًا من حقوقه، فقال عمر : لا، فقال الرجل: إنما يبكي على الحب النساء.
هذه القصة تحكي حقيقة عدل بن الخطاب رضي الله عنه، فعلى الرغم من أنه كان يحمل في نفسه تجاه الحنفي بسبب قتله لأخيه، إلا أنه لم يمنعه حقاَ من حقوقه، بل عينه قاضياَ على البصرة .
قصدت القول بأن الأمور العامة يجب أن لا تقاس بالأحاسيس والعواطف والانفعالات الخاصة، حباََ أو كراهيةََ، بل بنظرة موضوعية عادلة تهدف لتحقيق مصلحة الجماعة، وشعبنا له في ذلك تجربة رائدة، مع الدكتور جون قرنق، فبالرغم من الحرب التي قادها ضد الحكومات المختلفة وما نجم عنها، إلا أنه وجد عند الشعب محبة وتأييداََ بلا حدود، عندما عاد رافعاََ راية السلام والوحدة والحقوق والديمقراطية.
يؤخذ على الحركات المسلحة، أنها أمسكت عن العودة للوطن عند سقوط البشير، إلى أن وقعت اتفاقية سلام مشبوهة، وعادت لتقف مع المكون العسكري في معركته ضد تطلعات الشعب المشروعة في الدولة المدنية الديمقراطية، وإنتهي بها الأمر إلى دعم وتأييد الإنقلاب المشؤوم، وحتى من تولى منهم مواقع قيادية سيادية أو تنفيذية، كان مخيباََ للمأمول فيه، ولم يعكس ما يجب أن يكون عليه رجل الدولة.
لكن وبالرغم من كل ذلك لا مجال لإعمال معادلة الحب والكراهية، فهم كمواطنين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ولا يتصور أن نتحدث عن وحدة وسلام وعدالة واستقرار ونستبعد الحركات المسلحة من الحوار، بل ولا يستطيع أحد أن يحرمهم من أن يكونوا جزءاََ من مشهد التحول المدني الديمقراطي، فهذه بعض حقوقهم كمواطنين، بغض النظر عن مدى تمثيلهم لمناطقهم.
فيبقى السؤال : طالما كان هناك إقرار بالخطأ، لماذا لا تحسب أخطاء الحركات المسلحة ضمن ذات الأخطاء التي ارتكبتها قوى الثورة الأخرى، ولم تكن مبرراََ لاستبعادهم من المشهد العام .؟!
وأياََ كان الحال، هل المطلوب منهم أن يعودوا للحرب وتحت ذات الشعار "عدم العدل والمساواة" ؟! هل ندعهم فريسة لمن يتربصون بالثورة من الداخل والخارج؟! أليس في عودتهم بأي شكل كان، ما يمهد للسلام الحقيقي؟! وما يجعلنا نلتقي بهم مباشرة ونواجههم بالقول بأن عليهم أن يقروا بخطأهم في دعم العسكر والانقلاب الذي يقف ضد تطلعات الشعب المشروعة، وأن هذا الإقرار يجب أن يكون صادقاََ ومصحوباََ بالعمل الدال عليه، بالتخلي عن السلاح والخضوع للترتيبات الأمنية، والاقتناع بأنه لا سبيل لأحد لتقلد المناصب العامة إلا بالتفويض الشعبي، في إطار العملية الديمقراطية التي تستوجب تحولهم من حركات مسلحة الي أحزاب سياسية .؟!!
معلوم أن الحوار وبتعقيداته يحتاج لترتيب وأولويات كانت تستوجب الجلوس أولاََ مع المكون العسكري منفذ الإنقلاب، ثم تأتي مرحلة الأطراف الأخرى ومنها الحركات المسلحة الموقعة وغير الموقعة، وهذا ما لم تتحسب له الآلية الثلاثية، وأدى لفشل الجلسة الأولى.
لكن يؤخذ على الحركات المسلحة أنها ذهبت للجلسة بطريقة تظاهرية تعكس ذات التحدي الذي سبق الإنقلاب، بما يؤكد إصرارهم على الوقوف مع العسكر ضد الشعب.!! ولا منطق للقول بأنها معركة مع (قحت) لأنها إرتكبت أخطاء، فالثورة ليست ملكاََ لأحد، والأخطاء تنسب لأصحابها فقط.
وبالمثل يؤخذ على بعض قوى الثورة، الإستجابة للتحدي بالرفض الكامل بأن تكون الحركات جزءاََ من المشهد العام، نكاية وكراهية، لكن يبقى المطلوب هو التصرف بذات الحكمة والعدالة التي لم تحرم أبو مريم الحنفي من حقوقه بل جعلتة قاضيا على البصرة، أما المحبة فهي موجودة اصلاََ بين كل أبناء الوطن، صنعتها علاقات الجيرة والدراسة والعمل والمصاهرة والمواطنة والتاريخ والمصير المشترك، وأنساب لا تحتاج لكثير تنقيب، علمها من علمها، وجهلها من جهلها.
أخيراً، رسالة للسادة الحلو وعبد الواحد: لا مبرر لعدم استجابتكم لنداء الثورة بالعودة للوطن !! وحتى بعد الإنقلاب فقد ظلت الثورة هي سيدة الموقف. !!
ورسالة لمن يدعمون تعنت الحلو وعبد الواحد : لن تنجح محاولات شيطنة الثورة، لحسم الخلافات الفكرية بالبندقية، هذه معركة سلمية مكانها الدولة المدنية وصناديق الانتخابات.
aabdoaadvo2019@gmail.com
///////////////////////////
أبو مريم الحنفي كان رجلاَ من أهل اليمامة، قبل دخوله الإسلام قتل شقيق سيدنا عمر بن الخطاب في معركة اليمامة، ثم أسلم، وكان كلما مر أمام سيدنا عمر قال له عمر: اصرف وجهك بعيدًا عني فإني لا أحبك، فسأله الحنفي إن كان هذا سيمنعه حقًا من حقوقه، فقال عمر : لا، فقال الرجل: إنما يبكي على الحب النساء.
هذه القصة تحكي حقيقة عدل بن الخطاب رضي الله عنه، فعلى الرغم من أنه كان يحمل في نفسه تجاه الحنفي بسبب قتله لأخيه، إلا أنه لم يمنعه حقاَ من حقوقه، بل عينه قاضياَ على البصرة .
قصدت القول بأن الأمور العامة يجب أن لا تقاس بالأحاسيس والعواطف والانفعالات الخاصة، حباََ أو كراهيةََ، بل بنظرة موضوعية عادلة تهدف لتحقيق مصلحة الجماعة، وشعبنا له في ذلك تجربة رائدة، مع الدكتور جون قرنق، فبالرغم من الحرب التي قادها ضد الحكومات المختلفة وما نجم عنها، إلا أنه وجد عند الشعب محبة وتأييداََ بلا حدود، عندما عاد رافعاََ راية السلام والوحدة والحقوق والديمقراطية.
يؤخذ على الحركات المسلحة، أنها أمسكت عن العودة للوطن عند سقوط البشير، إلى أن وقعت اتفاقية سلام مشبوهة، وعادت لتقف مع المكون العسكري في معركته ضد تطلعات الشعب المشروعة في الدولة المدنية الديمقراطية، وإنتهي بها الأمر إلى دعم وتأييد الإنقلاب المشؤوم، وحتى من تولى منهم مواقع قيادية سيادية أو تنفيذية، كان مخيباََ للمأمول فيه، ولم يعكس ما يجب أن يكون عليه رجل الدولة.
لكن وبالرغم من كل ذلك لا مجال لإعمال معادلة الحب والكراهية، فهم كمواطنين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ولا يتصور أن نتحدث عن وحدة وسلام وعدالة واستقرار ونستبعد الحركات المسلحة من الحوار، بل ولا يستطيع أحد أن يحرمهم من أن يكونوا جزءاََ من مشهد التحول المدني الديمقراطي، فهذه بعض حقوقهم كمواطنين، بغض النظر عن مدى تمثيلهم لمناطقهم.
فيبقى السؤال : طالما كان هناك إقرار بالخطأ، لماذا لا تحسب أخطاء الحركات المسلحة ضمن ذات الأخطاء التي ارتكبتها قوى الثورة الأخرى، ولم تكن مبرراََ لاستبعادهم من المشهد العام .؟!
وأياََ كان الحال، هل المطلوب منهم أن يعودوا للحرب وتحت ذات الشعار "عدم العدل والمساواة" ؟! هل ندعهم فريسة لمن يتربصون بالثورة من الداخل والخارج؟! أليس في عودتهم بأي شكل كان، ما يمهد للسلام الحقيقي؟! وما يجعلنا نلتقي بهم مباشرة ونواجههم بالقول بأن عليهم أن يقروا بخطأهم في دعم العسكر والانقلاب الذي يقف ضد تطلعات الشعب المشروعة، وأن هذا الإقرار يجب أن يكون صادقاََ ومصحوباََ بالعمل الدال عليه، بالتخلي عن السلاح والخضوع للترتيبات الأمنية، والاقتناع بأنه لا سبيل لأحد لتقلد المناصب العامة إلا بالتفويض الشعبي، في إطار العملية الديمقراطية التي تستوجب تحولهم من حركات مسلحة الي أحزاب سياسية .؟!!
معلوم أن الحوار وبتعقيداته يحتاج لترتيب وأولويات كانت تستوجب الجلوس أولاََ مع المكون العسكري منفذ الإنقلاب، ثم تأتي مرحلة الأطراف الأخرى ومنها الحركات المسلحة الموقعة وغير الموقعة، وهذا ما لم تتحسب له الآلية الثلاثية، وأدى لفشل الجلسة الأولى.
لكن يؤخذ على الحركات المسلحة أنها ذهبت للجلسة بطريقة تظاهرية تعكس ذات التحدي الذي سبق الإنقلاب، بما يؤكد إصرارهم على الوقوف مع العسكر ضد الشعب.!! ولا منطق للقول بأنها معركة مع (قحت) لأنها إرتكبت أخطاء، فالثورة ليست ملكاََ لأحد، والأخطاء تنسب لأصحابها فقط.
وبالمثل يؤخذ على بعض قوى الثورة، الإستجابة للتحدي بالرفض الكامل بأن تكون الحركات جزءاََ من المشهد العام، نكاية وكراهية، لكن يبقى المطلوب هو التصرف بذات الحكمة والعدالة التي لم تحرم أبو مريم الحنفي من حقوقه بل جعلتة قاضيا على البصرة، أما المحبة فهي موجودة اصلاََ بين كل أبناء الوطن، صنعتها علاقات الجيرة والدراسة والعمل والمصاهرة والمواطنة والتاريخ والمصير المشترك، وأنساب لا تحتاج لكثير تنقيب، علمها من علمها، وجهلها من جهلها.
أخيراً، رسالة للسادة الحلو وعبد الواحد: لا مبرر لعدم استجابتكم لنداء الثورة بالعودة للوطن !! وحتى بعد الإنقلاب فقد ظلت الثورة هي سيدة الموقف. !!
ورسالة لمن يدعمون تعنت الحلو وعبد الواحد : لن تنجح محاولات شيطنة الثورة، لحسم الخلافات الفكرية بالبندقية، هذه معركة سلمية مكانها الدولة المدنية وصناديق الانتخابات.
aabdoaadvo2019@gmail.com
///////////////////////////