وراك والزمن طويل !

 


 

د. زهير السراج
16 September, 2022

 

manazzeer@yahoo.com

* لن اتوقف عن تناول القرار الغريب الذي صدر عن المحكمة العليا بتبرئة الضابط بقوات الدعم السريع ( يوسف محي الدين الفكي) الذي قَتل قبل ثلاثة اعوام الشهيد (حنفي عبد الشكور حنفي)، وتمت ادانته بواسطة محكمة جنايات ام درمان والحكم عليه بالاعدام، وتأييد الحكم بواسطة محكمة الإستئناف، وسأظل أقاوم القرار مع احرار بلادي مهما كانت المشاق والصعاب.

* لمن لم يطلع الواقعة من قبل اعيد القول، بأن الشهيد (حنفي عبد الشكور حنفي) كان يتولى مع بعض الشباب حراسة أحد المتاريس بمنطقة الدوحة بام درمان في منتصف نهار الثالث من يونيو، 2019، في نفس اليوم الذي وقعت فيه جريمة فض الاعتصام، وتعرضوا لدهس متعمد بواسطة عربة (دبل كاب) تتبع لقوات الدعم السريع عندما رفضوا فتح الطريق امام قائدها، فعاد بها الى الوراء ثم قادها الى الامام باقصى سرعة في اتجاه الشباب وقام بدهسهم، وكرر العملية مرة أخرى، مما ادى لمقتل الشهيد (حنفي) في التو نتيجة تهشم الجمجمة وحدوث نزيف حاد، الأمر الذي يؤكد الاصرار على ارتكاب جريمة القتل، وغرابة القرار الذي اصدرته المحكمة العليا بتبرئة القاتل.

* في محاولة لطمس الجريمة، قامت إحدى الجهات الرسمية بتسجيل الواقعة على انها حادث مروري، إلا أن نيابة ام درمان جنوب بقيادة مولانا (ممدوح عبدالله) أجرت تحقيقا دقيقا ومطولا عن الجريمة، واستجوبت العديد من الشهود وقامت باتخاذ كل الاجراءات بأدق المعايير القانوية المطلوبة ولم تترك أية ثغرة يمكن أن تتسرب منها ذرة من الشك في طبيعة الواقعة، وتوصلت الى انها جريمة قتل كاملة الاركان وقامت بفتح بلاغ تحت المادة (130 ) من القانون الجنائي (القتل العمد)، وتقدمت بطلب رسمي الى قيادة قوات الدعم السريع لتسليم الجاني والعربة (سلاح الجريمة) لاستكمال التحقيق، إلا أنها رفضت وظلت تماطل في عملية التسليم لبضعة شهور، وحاولت بكل السبل اغلاق الملف، ولكنها رضخت اخيرا وقامت بتسليم المتهم والعربة بسبب المثابرة التي ابداها وكيل النيابة واسرة الشهيد على تحقيق العدالة، ومن ثم استكملت النيابة تحقيقاتها وقامت بتحويل البلاغ الى محكمة جنايات ام درمان برئاسة قاضي المحكمة العليا مولانا ( صلاح محجوب) والتي أدانته وحكمت عليه بالاعدام في مايو 2021، وأيدت محكمة الإستئناف الحكم في سبتمبر من نفس العام، الى ان صدر القرار الغريب للمحكمة العليا بإلغاء الإدانة واطلاق سراح المتهم، وفاجأ الجميع وادى لارتفاع التساؤلات وعلامات الاستفهام الحائرة!

* عندما تقدمت أسرة الشهيد ومحاموها بطلب الى المحكمة العليا للاطلاع على حيثيات القرار، جاء الرد بأن القرار لم يطبع بعد، وكانت مفاجأة ثانية من العيار الثقيل فكيف يصدر قرار المحكمة ويُنشر في الصحف قبل طباعته والتوقيع عليه وعدم اعلان أطراف القضية به، وهو ما يثير المزيد من التساؤلات حول القضية والاجراءات المتبعة في المحكمة العليا، وهل يجوز الاعلان عن قراراتها قبل طباعتها والتوقيع عليها بواسطة الجهة المختصة، أم أن ما حدث يعود الى ان المتهم في القضية ضابط بقوات الدعم السريع، أم أنه إجراء روتيني يحدث في كل القضايا ؟!

* اسرة المتهم لم تسكت واصدرت بيانا يتحدث عن جريمة القتل والادانات السابقة، وصدمتها من قرار المحكمة العليا والافراج عن المتهم، وتحميلها المسؤولية للمحكمة وللهيئة القضائية في حالة فرار المتهم، والمطالبة بتسليمها نسخة من القرار حتى يتسنى لها متابعة الاجراءات القانونية وحقها في استئناف القرار لدى دائرة المراجعة، ودعوتها للجان المقاومة والشعب السوداني للوقوف خلف القضية وصولا لتحقيق العدالة، وتأكيدها على عدم التنازل عن القصاص لإبنها الشهيد، ومقاضاة كل من يثبت تورطه في عرقلة العدالة.

* ونحن أيضا على العهد .. لن نتهاون في الدماء الغالية التي سالت، ولن نتنازل عن القصاص للشهيد (حنفي) ولكل الشهداء، وسنظل نقاوم مهما كانت المشاق والصعاب والتضحيات، الى ان يتحقق النصر باذن الله ويشرق الصبح من جديد !

///////////////////////////////

 

آراء