حنى لا تتكرر انتكاسة ثورة ديسمبر
تاج السر عثمان بابو
27 September, 2022
27 September, 2022
1
تواصل المقاومة للسلطة الانقلابية تصاعدها، كما في حراك الخارج ضد زيارة البرهان لبريطانيا وامريكا ، واتساع المليونيات من لجان المقاومة والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات في المدن والأرياف ،و اضرابات العاملين وحراكهم لانتزاع نقاباتهم كما في نقابة الصحفيين ، واغلاق التجار الأسواق احتجاجا علي الضرائب الباهظة التي فوق طاقتهم بزيادتها 1000% ، اتساع مواكب الأحياء وضد الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية و الخدمات وكوارث السيول والفيضانات ، واشتداد حدة الهجوم والافتراء كذبا علي الحزب الشيوعي وقياداته لرفضه للتسوية، ولنشره للوعي باسباب الأزمة ، وطرحه البديل للتسوية التى تعيد إنتاج الأزمة في التغيير الجذري الذي يضع حدا للانقلابات العسكرية واستدامة الديمقراطية ، والدولة المدنية الديمقراطية ، مع اتساع عمق شعار اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الانقلابي ولا تفاوض ولا شراكة ولا مساومة ، ورفض الاعلان الدستوري الذي يعيد الشراكة مع العسكر اتفاق جوبا ودمج الجنجويد في الجيش، ورفض الجماهير في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرها لاتفاق جوبا الذي تحول لجبايات باسم تلك المناطق ، دون أن تنعكس في وقف الحرب وتحسين اوضاعهم المعيشية والخدمية ، ووقف الابادة الجماعية لنهب الاراضي والثروات المعدنية،و تنمية تلك المناطق ، بل تحولت لجبايات وتهب لأموال الشعب السوداني، ومحاصصات وفساد.
كل ذلك مؤشرات لاستمرار التراكم النضالي الجماهيري حتى انفجار الثورة الشعبية الشاملة التى تطيح بالانقلاب ، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، مما يتطلب الاستفادة من انتكاسة الجولة الأولى من ثورة ديسمبر 2019 التى مازالت مستمرة ، وعدم تكرارها ، مع ضغوط المحاور الاقليمية والدولية لفرض التسوية والاعلان الدستوري الذي يعيد إنتاج تجربة وفشل الوثيقة الدستورية، واستمرار معاناة الشعب السوداني وتفتيت وحدته وتهب ثرواته!!
2
معلوم أن مخطط قطع الطريق أمام الثورة بدأ بانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019، في اطار سيناريو " الهبوط الناعم" الذي كان معلوما منذ تقرير المبعوث الأمريكي برينستون ليمان بعنوان " الطريق الي الحوار الوطني في السودان" بتاريخ 13 أغسطس 2013 ،الذي أشار فيه الي ضرورة طرح حوار واسع يشارك فيه حتى الإسلامويين بهدف تكوين حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، كان ذلك بعد نهوض الحركة الجماهيرية وترنح نظام الانقاذ وخوف أمريكا من قيام ثورة شعبية تؤدي لتغيير جذري في البلاد، وينتج عنها نظام ديمقراطي يهدد مصالحها وحلفاءها الدوليين والاقليميين في المنطقة ، وبهدف الاستمرار في نفس سياسة التبعية مع تغييرات شكلية في الحكام، بالفعل بدأ نظام البشير في ذلك بعد هبة سبتمبر 2013 ، بطرح حوار الوثبة الذي تحول لمحاصصات ومناصب في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وطرح الحزب الشيوعي مع قوى الاجماع الوطني اسقاط الانقلاب ، والبديل الديمقراطي. .
بعد أن قامت الثورة اختطفتها قوي "الهبوط الناعم" التي تحالفت مع انقلاب اللجنة الأمنية الذي استخدم المجلس العسكري بعده تكتيكات ومناورات وخداع ، وعنف وحشي أمام القيادة العامة ، كما حدث في أحداث 8 رمضان ومجزرة القيادة العامة في 29 رمضان التي كانت جريمة ضد الانسانية ، لا زالت المعركة تدور حول الاسراع في إعلان نتيجة التحقيق في المجزرة والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين ، فكيف كانت الخطوات التي جرت لاجهاض الثورة؟ .
من الدروس بعد مجزرة فض الاعتصام تدخلت محاور اقليمية ودولية للتوقيع علي "الوثيقة الدستورية : المعيبة التي هيمن فيها العسكر علي السلطة ، وبعدها انقلب العسكر علي "الوثيقة الدستورية" ، واختطفوا ملف السلام من مجلس الوزراء ، ووقعوا علي اتفاق جوبا الجزئي القائم علي المحاصصات والمسارات، والذي يهدد وحدة البلاد ، والذي كان انقلابا كاملا علي "الوثيقة الدستورية" ، وتعلو بنوده عليها .
أي كان من الأخطاء والدروس التوقيع علي الوثيقة الدستورية التي كرّست هيمنة العسكر علي السلطة، وقننت الجنجويد دستوريا ، بعد موكب 30 يونيو 2019 الذى قلب الموازين لصالح الثورة ، مما كان له الأثر الكبير في الانقلاب علي الثورة بمساعدة المحاور الاقليمية والعالمية، كل ذلك بهدف تكرار تجارب الانتقال الفاشلة كما في الديمقراطية الأولي والثانية والثالثة ، والحلقة الجهنمية بالانقلابات العسكرية ومصادرة الديمقراطية.
3
بعد التوقيع علي الوثيقة الدستورية المعيبة وتقاسم السلطة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري استمرت أساليب النظام البائد في الأكاذيب والمراوغة ونقض العهود والمواثيق ، والأقوال التي لا تتبعها أفعال ، كما اوضحنا سابقا ، في التراجع عن وثيقة " اعلان الحرية والتغيير" من قبل قوي " الهبوط الناعم في قوى الحرية والتغيير، كما فى التوقيع علي "الوثيقة الدستورية" المعيبة مع اللجنة الأمنية ، وحتى الوثيقة الدستورية لم يتم الالتزام بها ، وتم خرقها، وزاد الخرق اتساعا بالتوقيع علي اتفاق جوبا الجزئي الذي تحول لمحاصصات ومسارات مما يهدد وحدة البلاد كما هو حادث في الشرق حاليا وتعلو بنوده علي الوثيقة الدستورية ، كما أوضحنا بتفصيل سابق ذلك ، و استمرت الأكاذيب والمراوغة كما في الأمثلة التالية :
- بعد تسنمه رئاسة الوزارة في 21 أغسطس 2019 ، أعلن رئيس الوزراء حمدوك في مؤتمر صحفي أنه مع تحقيق شعار حرية – سلام – وعدالة ، ووقف الحرب وتحقيق السلام المستدام ، إصلاح مؤسسات الدولة ومعالجة الفقر ومجانية التعليم والصحة، وحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بناء اقتصاد قائم علي الإنتاج وليس علي الهبات، معالجة التضخم وتوفير السلع الأساسية ، إعادة هيكلة الجهاز المصرفي، بناء دولة القانون، المشروع الوطني لمعالجة كيف يحكم السودان ، وليس من يحكمه. الخ، طبيعي لا نتوقع حل تركة 30 عاما من الخراب في 9 شهور.
لكن حدث العكس، كما هو الحال في اقتصادنا القائم علي الهبات ، والخضوع لتوصيات الصندوق والبنك الدوليين في رفع الدعم عن الوقود والخبز والكهرباء والتعليم والصحة ، مما أدي لتزايد الفقر والتضخم والارتفاع الكبير في الاسعار، ولم يتم حتى وضع الأسس لمجتمع يقوم علي الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي ، بل تراجع حمدوك عن توصيات المؤتمر الاقتصادي ، واستبدلها بشروط الصندوق المدمرة لاقتصادنا، والتي جربناها لأكثر من 40 عاما ، وكانت الحصيلة الخراب والفقر، واضافة الي تدهورالأمن وغياب السلام المستدام ، وعدم اصلاح مؤسسات الدولة التي تدهورت بالمحاصصات، ولم يتم إعادة هيكلة النظام المصرفي، اضافة للتطبيع مع اسرائيل والخضوع للابتزاز بدفع التعويض عن العمل الارهابي بدفع مبلغ 335 مليون دولار عن جريمة ليس مسؤولا عنها شعب السودان . الخ ، وعدم قيام بورصة الذهب لمكافحة التهريب رغم مرور عامين علي حكومة الفترة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني...
4
استمرمخطط القوي المضادة للثورة (الفلول) للانقلاب عليها بدءا من انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها ، ومحاولة الانقلاب الثانية في مجزرة فض الاعتصام التي تم التصدي لها بموكب 30 يونيو 2019 ، بعدها تم التوقيع علي "الوثيقة الدستورية" التي جري فيها تقاسم السلطة بين اللجنة الأمنية وقوي "الهبوط الناعم " من قوي الحرية والتغييير ، والتي كرّست هيمنة المكون العسكري علي السلطة ، وحتى "الوثيقة الدستورية" "المعيبة" لم يتم الالتزام بها، بل تم الانقلاب عليها ، وجاء اتفاق جوبا ليكرس الانقلاب الكامل عليها ، بجعل بنوده تعلو عليها ، بهدف اجهاض وتصفية الثورة ، لكن استمرار المقاومة الجماهيرية ، ما زال يشكل حائط الصد لتلك المحاولات، فجذوة الثورة مازالت متقدة ، وجذورها عميقة.
اضافة للتهاون مع مخطط الفلول للانقلاب الكامل علي الثورة والردة لعودة النظام البائد الشمولي ، كما في تخريب الاقتصاد ، وخلق الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان ، ونسف الأمن في المدن ، وتحريك مواكب الزحف الأخضر التي تم فيها استخدام العنف وتخريب الممتلكات العامة، وقطع الطرق الرئيسية كما جري في طريق شندي – عطبرة ، وطريق بورتسودان .الخ ، باسم كيانات و تجمعات وإدارات أهلية لا وجود لها وسط الجعليين والبجا ،وأهدافها الواضحة في الانقلاب العسكري ، كما في دعوة محمد الأمين ترك لتسليم السلطة للمكون العسكري ، وحل لجنة التمكين. الخ، وحتى المحاولة الانقلابية والتي رفضتها جماهير الثورة كما في موكب الحكم المدني في 30 سبتمبر ، ومهزلة الانقلاب المدني في قاعة الصداقة ، وأحداث الارهاب في جبرة والشرق ، ومواكب الفلول في 16 أكتوبر واعتصام القصر"الموز" التي الهدف منها نسف الأمن والاتقلاب العسكري وإعلان حالة الطوارئ بتآمر خارجي ، حتى وقوع الانقلاب العسكري بقيادة البرهان في 25 أكتوبر بهدف تعطيل الوصول للحكم المدني الديمقراطي، والذى اعاد التمكين والأموال المنهوة للفاسدين ، والقمع الوحشي للمواكب السلمية مما أدي لاستشهاد (117) شهيدا، واصابة أكثر من (5 الف) ثائر ، واعتقال المئات والتعذيب الوحشي للمعتقلين وحالات الاغتصاب ، واشتداد الابادة الجماعية في دارفور وبقية المناطق بهدف نهب الأراضي وثروات المعادن ، وتدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية والخدمية والبيئية وغير ذلك من الأزمات التي نعيشها الآن.
كل ذلك يتطلب اوسع تحالف ثوري لقوى التغيير الجذري بهدف اسقاط الانقلاب لا التسوية معه وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، باعتبار ذلك من أهم الدروس والتي يجب أخذها في الاعتبار لضمان نجاح الثورة التي مازالت مستمرة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية، وعدم تكرار الجولة الأولى من انتكاسة ثورة ديسمبر.
alsirbabo@yahoo.co.uk
تواصل المقاومة للسلطة الانقلابية تصاعدها، كما في حراك الخارج ضد زيارة البرهان لبريطانيا وامريكا ، واتساع المليونيات من لجان المقاومة والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات في المدن والأرياف ،و اضرابات العاملين وحراكهم لانتزاع نقاباتهم كما في نقابة الصحفيين ، واغلاق التجار الأسواق احتجاجا علي الضرائب الباهظة التي فوق طاقتهم بزيادتها 1000% ، اتساع مواكب الأحياء وضد الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية و الخدمات وكوارث السيول والفيضانات ، واشتداد حدة الهجوم والافتراء كذبا علي الحزب الشيوعي وقياداته لرفضه للتسوية، ولنشره للوعي باسباب الأزمة ، وطرحه البديل للتسوية التى تعيد إنتاج الأزمة في التغيير الجذري الذي يضع حدا للانقلابات العسكرية واستدامة الديمقراطية ، والدولة المدنية الديمقراطية ، مع اتساع عمق شعار اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الانقلابي ولا تفاوض ولا شراكة ولا مساومة ، ورفض الاعلان الدستوري الذي يعيد الشراكة مع العسكر اتفاق جوبا ودمج الجنجويد في الجيش، ورفض الجماهير في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرها لاتفاق جوبا الذي تحول لجبايات باسم تلك المناطق ، دون أن تنعكس في وقف الحرب وتحسين اوضاعهم المعيشية والخدمية ، ووقف الابادة الجماعية لنهب الاراضي والثروات المعدنية،و تنمية تلك المناطق ، بل تحولت لجبايات وتهب لأموال الشعب السوداني، ومحاصصات وفساد.
كل ذلك مؤشرات لاستمرار التراكم النضالي الجماهيري حتى انفجار الثورة الشعبية الشاملة التى تطيح بالانقلاب ، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، مما يتطلب الاستفادة من انتكاسة الجولة الأولى من ثورة ديسمبر 2019 التى مازالت مستمرة ، وعدم تكرارها ، مع ضغوط المحاور الاقليمية والدولية لفرض التسوية والاعلان الدستوري الذي يعيد إنتاج تجربة وفشل الوثيقة الدستورية، واستمرار معاناة الشعب السوداني وتفتيت وحدته وتهب ثرواته!!
2
معلوم أن مخطط قطع الطريق أمام الثورة بدأ بانقلاب اللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019، في اطار سيناريو " الهبوط الناعم" الذي كان معلوما منذ تقرير المبعوث الأمريكي برينستون ليمان بعنوان " الطريق الي الحوار الوطني في السودان" بتاريخ 13 أغسطس 2013 ،الذي أشار فيه الي ضرورة طرح حوار واسع يشارك فيه حتى الإسلامويين بهدف تكوين حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، كان ذلك بعد نهوض الحركة الجماهيرية وترنح نظام الانقاذ وخوف أمريكا من قيام ثورة شعبية تؤدي لتغيير جذري في البلاد، وينتج عنها نظام ديمقراطي يهدد مصالحها وحلفاءها الدوليين والاقليميين في المنطقة ، وبهدف الاستمرار في نفس سياسة التبعية مع تغييرات شكلية في الحكام، بالفعل بدأ نظام البشير في ذلك بعد هبة سبتمبر 2013 ، بطرح حوار الوثبة الذي تحول لمحاصصات ومناصب في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وطرح الحزب الشيوعي مع قوى الاجماع الوطني اسقاط الانقلاب ، والبديل الديمقراطي. .
بعد أن قامت الثورة اختطفتها قوي "الهبوط الناعم" التي تحالفت مع انقلاب اللجنة الأمنية الذي استخدم المجلس العسكري بعده تكتيكات ومناورات وخداع ، وعنف وحشي أمام القيادة العامة ، كما حدث في أحداث 8 رمضان ومجزرة القيادة العامة في 29 رمضان التي كانت جريمة ضد الانسانية ، لا زالت المعركة تدور حول الاسراع في إعلان نتيجة التحقيق في المجزرة والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين ، فكيف كانت الخطوات التي جرت لاجهاض الثورة؟ .
من الدروس بعد مجزرة فض الاعتصام تدخلت محاور اقليمية ودولية للتوقيع علي "الوثيقة الدستورية : المعيبة التي هيمن فيها العسكر علي السلطة ، وبعدها انقلب العسكر علي "الوثيقة الدستورية" ، واختطفوا ملف السلام من مجلس الوزراء ، ووقعوا علي اتفاق جوبا الجزئي القائم علي المحاصصات والمسارات، والذي يهدد وحدة البلاد ، والذي كان انقلابا كاملا علي "الوثيقة الدستورية" ، وتعلو بنوده عليها .
أي كان من الأخطاء والدروس التوقيع علي الوثيقة الدستورية التي كرّست هيمنة العسكر علي السلطة، وقننت الجنجويد دستوريا ، بعد موكب 30 يونيو 2019 الذى قلب الموازين لصالح الثورة ، مما كان له الأثر الكبير في الانقلاب علي الثورة بمساعدة المحاور الاقليمية والعالمية، كل ذلك بهدف تكرار تجارب الانتقال الفاشلة كما في الديمقراطية الأولي والثانية والثالثة ، والحلقة الجهنمية بالانقلابات العسكرية ومصادرة الديمقراطية.
3
بعد التوقيع علي الوثيقة الدستورية المعيبة وتقاسم السلطة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري استمرت أساليب النظام البائد في الأكاذيب والمراوغة ونقض العهود والمواثيق ، والأقوال التي لا تتبعها أفعال ، كما اوضحنا سابقا ، في التراجع عن وثيقة " اعلان الحرية والتغيير" من قبل قوي " الهبوط الناعم في قوى الحرية والتغيير، كما فى التوقيع علي "الوثيقة الدستورية" المعيبة مع اللجنة الأمنية ، وحتى الوثيقة الدستورية لم يتم الالتزام بها ، وتم خرقها، وزاد الخرق اتساعا بالتوقيع علي اتفاق جوبا الجزئي الذي تحول لمحاصصات ومسارات مما يهدد وحدة البلاد كما هو حادث في الشرق حاليا وتعلو بنوده علي الوثيقة الدستورية ، كما أوضحنا بتفصيل سابق ذلك ، و استمرت الأكاذيب والمراوغة كما في الأمثلة التالية :
- بعد تسنمه رئاسة الوزارة في 21 أغسطس 2019 ، أعلن رئيس الوزراء حمدوك في مؤتمر صحفي أنه مع تحقيق شعار حرية – سلام – وعدالة ، ووقف الحرب وتحقيق السلام المستدام ، إصلاح مؤسسات الدولة ومعالجة الفقر ومجانية التعليم والصحة، وحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بناء اقتصاد قائم علي الإنتاج وليس علي الهبات، معالجة التضخم وتوفير السلع الأساسية ، إعادة هيكلة الجهاز المصرفي، بناء دولة القانون، المشروع الوطني لمعالجة كيف يحكم السودان ، وليس من يحكمه. الخ، طبيعي لا نتوقع حل تركة 30 عاما من الخراب في 9 شهور.
لكن حدث العكس، كما هو الحال في اقتصادنا القائم علي الهبات ، والخضوع لتوصيات الصندوق والبنك الدوليين في رفع الدعم عن الوقود والخبز والكهرباء والتعليم والصحة ، مما أدي لتزايد الفقر والتضخم والارتفاع الكبير في الاسعار، ولم يتم حتى وضع الأسس لمجتمع يقوم علي الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي ، بل تراجع حمدوك عن توصيات المؤتمر الاقتصادي ، واستبدلها بشروط الصندوق المدمرة لاقتصادنا، والتي جربناها لأكثر من 40 عاما ، وكانت الحصيلة الخراب والفقر، واضافة الي تدهورالأمن وغياب السلام المستدام ، وعدم اصلاح مؤسسات الدولة التي تدهورت بالمحاصصات، ولم يتم إعادة هيكلة النظام المصرفي، اضافة للتطبيع مع اسرائيل والخضوع للابتزاز بدفع التعويض عن العمل الارهابي بدفع مبلغ 335 مليون دولار عن جريمة ليس مسؤولا عنها شعب السودان . الخ ، وعدم قيام بورصة الذهب لمكافحة التهريب رغم مرور عامين علي حكومة الفترة الانتقالية بمكونيها العسكري والمدني...
4
استمرمخطط القوي المضادة للثورة (الفلول) للانقلاب عليها بدءا من انقلاب اللجنة الأمنية الذي قطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها ، ومحاولة الانقلاب الثانية في مجزرة فض الاعتصام التي تم التصدي لها بموكب 30 يونيو 2019 ، بعدها تم التوقيع علي "الوثيقة الدستورية" التي جري فيها تقاسم السلطة بين اللجنة الأمنية وقوي "الهبوط الناعم " من قوي الحرية والتغييير ، والتي كرّست هيمنة المكون العسكري علي السلطة ، وحتى "الوثيقة الدستورية" "المعيبة" لم يتم الالتزام بها، بل تم الانقلاب عليها ، وجاء اتفاق جوبا ليكرس الانقلاب الكامل عليها ، بجعل بنوده تعلو عليها ، بهدف اجهاض وتصفية الثورة ، لكن استمرار المقاومة الجماهيرية ، ما زال يشكل حائط الصد لتلك المحاولات، فجذوة الثورة مازالت متقدة ، وجذورها عميقة.
اضافة للتهاون مع مخطط الفلول للانقلاب الكامل علي الثورة والردة لعودة النظام البائد الشمولي ، كما في تخريب الاقتصاد ، وخلق الفتن القبلية في الشرق والغرب وجنوب وغرب كردفان ، ونسف الأمن في المدن ، وتحريك مواكب الزحف الأخضر التي تم فيها استخدام العنف وتخريب الممتلكات العامة، وقطع الطرق الرئيسية كما جري في طريق شندي – عطبرة ، وطريق بورتسودان .الخ ، باسم كيانات و تجمعات وإدارات أهلية لا وجود لها وسط الجعليين والبجا ،وأهدافها الواضحة في الانقلاب العسكري ، كما في دعوة محمد الأمين ترك لتسليم السلطة للمكون العسكري ، وحل لجنة التمكين. الخ، وحتى المحاولة الانقلابية والتي رفضتها جماهير الثورة كما في موكب الحكم المدني في 30 سبتمبر ، ومهزلة الانقلاب المدني في قاعة الصداقة ، وأحداث الارهاب في جبرة والشرق ، ومواكب الفلول في 16 أكتوبر واعتصام القصر"الموز" التي الهدف منها نسف الأمن والاتقلاب العسكري وإعلان حالة الطوارئ بتآمر خارجي ، حتى وقوع الانقلاب العسكري بقيادة البرهان في 25 أكتوبر بهدف تعطيل الوصول للحكم المدني الديمقراطي، والذى اعاد التمكين والأموال المنهوة للفاسدين ، والقمع الوحشي للمواكب السلمية مما أدي لاستشهاد (117) شهيدا، واصابة أكثر من (5 الف) ثائر ، واعتقال المئات والتعذيب الوحشي للمعتقلين وحالات الاغتصاب ، واشتداد الابادة الجماعية في دارفور وبقية المناطق بهدف نهب الأراضي وثروات المعادن ، وتدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية والخدمية والبيئية وغير ذلك من الأزمات التي نعيشها الآن.
كل ذلك يتطلب اوسع تحالف ثوري لقوى التغيير الجذري بهدف اسقاط الانقلاب لا التسوية معه وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي ، باعتبار ذلك من أهم الدروس والتي يجب أخذها في الاعتبار لضمان نجاح الثورة التي مازالت مستمرة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية، وعدم تكرار الجولة الأولى من انتكاسة ثورة ديسمبر.
alsirbabo@yahoo.co.uk