الإتفاق الإطاري بين الثورة والتدخل الخارجي
الطيب الزين
19 December, 2022
19 December, 2022
يبدو أن أذهان بعض الساسة والمثقفين والمحلليين السياسيين في بلادنا لم تفهم حقيقة المشكلة التي تواجه الثورة.
المشكلة ليست في الشيوعيين ولا في لجان المقاومة ولا في البعثيين الذين أعلنوا مفارقتهم لمن تبقى من قوى الحرية والتغيير مؤخراً.
المشكلة في الجنرالات الذين رهنوا أنفسهم وإرادتهم للخارج خوفاً من مواجهة دولة القانون بعد عقود من حكم الإستبداد والفساد وإنتهاك حقوق الإنسان لذلك أصبحوا عقبة أمام مسيرة التحول الديمقراطي.!
إعلان العسكر إنحيازهم للثورة في ٢٠١٩/٤/١١، كان إنحناء للعاصفة، إنتظاراً للتعليمات والتوجيهات من المتحكمين فيهم، وحينما وصلتهم التعليمات سارعوا إلى إرتكاب جريمة فض إعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش السوداني في ٢٠١٩/٦/٣، حيث كانت جريمة بشعة ووصمة عار في جبين من أدوا القسم على حماية الشعب والوطن براً وبحراً وجواً.!
ومن ثم تواصل مسلسل جرائم جنرالات الخيانة والعمالة بممارسة سياسة دس المحافير ضد الحكومة المدنية بقيادة د. عبدالله حمدوك، والإنفراد بالقرار الذي قادهم إلى توقيع إتفاق سلام جوبا مع الحركات المسلحة الأمر الذي أدى إلى تعميق الأزمة السياسية وتفخيخ الدولة والمجتمع.!
وإستمر مسلسل الخيانة والتآمر والعمالة بتنفيذ إنقلاب ٢٠٢١/١٠/٢٥ على حكومة حمدوك.!
وأخيراً حينما تدخلت الرباعية ممثلة في سفراء أميركا وبريطانيا والسعودية والأمارات، رضخ العسكر للضغط الخارجي وليس إستجابة للمصلحة الوطنية فجاء الإتفاق الإطاري.!
كل هذه الصفحات كشفت الدور غير الوطني الذي أضطلعت به اللجنة الأمنية التابعة للنظام السابق لصالح أجندة خارجية تسعى للتحكم في مسار الثورة ومخرجاتها لضمان بقاء عروش الإستبداد والفساد التي رعت المصالح الغربية في المنطقة ومن ثم إستمرار نهج الهيمنة والسيطرة لسرقة ثروات شعوب العالم الثالث لصالح أباطرة العولمة والنيوليبرالية.
لكن تجارب التاريخ وما شهدته المنطقة العربية من ثورات شعبية حركت مياه آسنة في دول عربية وإفريقية عديدة، وفاجأت النخب الحاكمة في أوروبا وأميركا.
لذلك سارعت أميركا وبريطانيا إلى التدخل في الشأن الوطني وطرح مبادرة بقيادة السفير الإميركي الذي دفعت به إدارة جو بايدن إلى السودان للإمساك بزمام الأمور، من أجل إحتواء الحراك الثوري، لتأمين مصالحهم والتحكم في مساراته ومخرجاته بعد أن فاجأتهم الثورة السودانية بوعيها وتنظيمها وإستمرارية نضالها السلمي، رغم القمع والتنكيل.
إغفال دور الشعوب الساعية للإنعتاق من عهود الطغيان في تقرير مصيرها وصياغة مستقبلها من قبل صناع القرار في الغرب سيقود العالم إلى مستقبل مظلم .. تسود فيه الحروب التي تؤدي إلى زيادة أعداد المهاجرين إلى الغرب الأمر الذي يعزز من فرص فوز الأحزاب اليمينة، التي وصل بعض منها إلى سدة الحكم في كلا من السويد وإيطاليا، نتيجة لحالة السخط العامة وسط الطبقات الفقيرة التي تأثرت بسياسات العولمة التي لم تترك أمامها من خيارات سوى خيار الإضراب عن العمل لزيادة الأجور من أجل حياة حرة كريمة.
إذن نجاح الإنتقال الديمقراطي في السودان سيعزز فرص الأمن والإستقرار ويحد من أعداد المهاجرين إلى الغرب ، لأن السودان يتوفر على موارد هائلة إذا وظفت بشكل جيد ستعود بالفائدة على الشعب السوداني ومحيطه العربي والإفريقي، وتعزز فرص نشر الديمقراطية والحكم الرشيد في المنطقة.
من هنا تنبع الحاجة إلى إعادة النظر في المنطلقات النظرية والآليات والأهداف الغربية بالقدر الذي يضمن تحقيق مصالح الشعب السوداني الذي قدم التضحيات الجسام منذ عام ١٩٨٩م وحتى الوقت الراهن.
السؤال الذي يطرح نفسه كيف يتوحد الغرب من أجل دعم الديمقراطية في أوكرانيا بمليارات الدولارات ويخذلها في السودان ودول أخرى في المنطقة قامت بثورات شعبية ضد أنظمة الإستبداد والتسلط.؟
لذلك على الرباعية أن تفهم حقيقة المشكلة وتبذل جهد حقيقي يساهم في نجاح الثورة لضمان تحقيق الإستقرار السياسي والتنمية والرفاه الإجتماعي وإحياء آمال الملايين في بلد يعتبر من أغنى دول العالم بالموارد الطبيعية.
نقول ذلك إنطلاقاً من وعينا بأن بلادنا واعدة وشعبنا واعي وقادر على الإستفادة من أخطاء الماضي، لإستشراف آفاق المستقبل المشرق بمزيد من الوعي والمعرفة والحرية والجرأة الثورية لوضع حد لعبث الطغمة العسكرية والحركات المسلحة الإنتهازية التي قبلت أن تكون أدوات تعاون العسكر في خدمة التدخل الخارجي وتحقيق مصالحه على حساب شعبنا الذي سار طويلاً في مسيرة الآلام والدموع والآمال من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية.
Eltayeb_Hamdan@hotmail.com
///////////////////////
المشكلة ليست في الشيوعيين ولا في لجان المقاومة ولا في البعثيين الذين أعلنوا مفارقتهم لمن تبقى من قوى الحرية والتغيير مؤخراً.
المشكلة في الجنرالات الذين رهنوا أنفسهم وإرادتهم للخارج خوفاً من مواجهة دولة القانون بعد عقود من حكم الإستبداد والفساد وإنتهاك حقوق الإنسان لذلك أصبحوا عقبة أمام مسيرة التحول الديمقراطي.!
إعلان العسكر إنحيازهم للثورة في ٢٠١٩/٤/١١، كان إنحناء للعاصفة، إنتظاراً للتعليمات والتوجيهات من المتحكمين فيهم، وحينما وصلتهم التعليمات سارعوا إلى إرتكاب جريمة فض إعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش السوداني في ٢٠١٩/٦/٣، حيث كانت جريمة بشعة ووصمة عار في جبين من أدوا القسم على حماية الشعب والوطن براً وبحراً وجواً.!
ومن ثم تواصل مسلسل جرائم جنرالات الخيانة والعمالة بممارسة سياسة دس المحافير ضد الحكومة المدنية بقيادة د. عبدالله حمدوك، والإنفراد بالقرار الذي قادهم إلى توقيع إتفاق سلام جوبا مع الحركات المسلحة الأمر الذي أدى إلى تعميق الأزمة السياسية وتفخيخ الدولة والمجتمع.!
وإستمر مسلسل الخيانة والتآمر والعمالة بتنفيذ إنقلاب ٢٠٢١/١٠/٢٥ على حكومة حمدوك.!
وأخيراً حينما تدخلت الرباعية ممثلة في سفراء أميركا وبريطانيا والسعودية والأمارات، رضخ العسكر للضغط الخارجي وليس إستجابة للمصلحة الوطنية فجاء الإتفاق الإطاري.!
كل هذه الصفحات كشفت الدور غير الوطني الذي أضطلعت به اللجنة الأمنية التابعة للنظام السابق لصالح أجندة خارجية تسعى للتحكم في مسار الثورة ومخرجاتها لضمان بقاء عروش الإستبداد والفساد التي رعت المصالح الغربية في المنطقة ومن ثم إستمرار نهج الهيمنة والسيطرة لسرقة ثروات شعوب العالم الثالث لصالح أباطرة العولمة والنيوليبرالية.
لكن تجارب التاريخ وما شهدته المنطقة العربية من ثورات شعبية حركت مياه آسنة في دول عربية وإفريقية عديدة، وفاجأت النخب الحاكمة في أوروبا وأميركا.
لذلك سارعت أميركا وبريطانيا إلى التدخل في الشأن الوطني وطرح مبادرة بقيادة السفير الإميركي الذي دفعت به إدارة جو بايدن إلى السودان للإمساك بزمام الأمور، من أجل إحتواء الحراك الثوري، لتأمين مصالحهم والتحكم في مساراته ومخرجاته بعد أن فاجأتهم الثورة السودانية بوعيها وتنظيمها وإستمرارية نضالها السلمي، رغم القمع والتنكيل.
إغفال دور الشعوب الساعية للإنعتاق من عهود الطغيان في تقرير مصيرها وصياغة مستقبلها من قبل صناع القرار في الغرب سيقود العالم إلى مستقبل مظلم .. تسود فيه الحروب التي تؤدي إلى زيادة أعداد المهاجرين إلى الغرب الأمر الذي يعزز من فرص فوز الأحزاب اليمينة، التي وصل بعض منها إلى سدة الحكم في كلا من السويد وإيطاليا، نتيجة لحالة السخط العامة وسط الطبقات الفقيرة التي تأثرت بسياسات العولمة التي لم تترك أمامها من خيارات سوى خيار الإضراب عن العمل لزيادة الأجور من أجل حياة حرة كريمة.
إذن نجاح الإنتقال الديمقراطي في السودان سيعزز فرص الأمن والإستقرار ويحد من أعداد المهاجرين إلى الغرب ، لأن السودان يتوفر على موارد هائلة إذا وظفت بشكل جيد ستعود بالفائدة على الشعب السوداني ومحيطه العربي والإفريقي، وتعزز فرص نشر الديمقراطية والحكم الرشيد في المنطقة.
من هنا تنبع الحاجة إلى إعادة النظر في المنطلقات النظرية والآليات والأهداف الغربية بالقدر الذي يضمن تحقيق مصالح الشعب السوداني الذي قدم التضحيات الجسام منذ عام ١٩٨٩م وحتى الوقت الراهن.
السؤال الذي يطرح نفسه كيف يتوحد الغرب من أجل دعم الديمقراطية في أوكرانيا بمليارات الدولارات ويخذلها في السودان ودول أخرى في المنطقة قامت بثورات شعبية ضد أنظمة الإستبداد والتسلط.؟
لذلك على الرباعية أن تفهم حقيقة المشكلة وتبذل جهد حقيقي يساهم في نجاح الثورة لضمان تحقيق الإستقرار السياسي والتنمية والرفاه الإجتماعي وإحياء آمال الملايين في بلد يعتبر من أغنى دول العالم بالموارد الطبيعية.
نقول ذلك إنطلاقاً من وعينا بأن بلادنا واعدة وشعبنا واعي وقادر على الإستفادة من أخطاء الماضي، لإستشراف آفاق المستقبل المشرق بمزيد من الوعي والمعرفة والحرية والجرأة الثورية لوضع حد لعبث الطغمة العسكرية والحركات المسلحة الإنتهازية التي قبلت أن تكون أدوات تعاون العسكر في خدمة التدخل الخارجي وتحقيق مصالحه على حساب شعبنا الذي سار طويلاً في مسيرة الآلام والدموع والآمال من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية.
Eltayeb_Hamdan@hotmail.com
///////////////////////