اللعنة المصرية التي لازمت السودان
شوقي بدري
27 January, 2023
27 January, 2023
لقد كتبت لعشرات السنين محاولا لفت نظر السودانيين للعنة المصرية التي لازمتنا لجزء كبير من تاريخنا . لقد آن الاوان ان نقف ككنداكات ورماة الحدق والفرسان لوضع حد للعبث المصري .
حالة السياسيه في مصـــر كانت تحدد سياسة السودان وتؤثر اليوم وسوف تؤثر في المستقبل . المصريون علي اقتناع كامل ب(السـودان ده بتاعنا) ويتصرفون علي اقتناع كامل من هذا المنطلق . محمود فخري سفير مصر في باريس وصهر الملك فاروق يقول للسـيد عبد الرحمن عند مقابلته (الســودان ده بتاعنا واحنا فتحناه بالسلاح و..مش حنسيبو.. والسودانيين كانو راضيين وسعيدين بتبعيتهم لمصر الي ان تدخل الانجليز وافسدوا السودانيين . يضيف ان السودانيين كانو راضيين بتبعيتهم عندما كان والده حاكما علي السودان في التركيه السـابقه ..
هذا المنطلق يعشعش في رؤوس المصريين الي الان , صلاح سالم صرف الملايين من الجنيهات لشراء السياسيين في السودان واضطر حتي لخلع ملابسه والرقص عاريا في رومبيك لكي يتقرب الي الجنوبين . واذكر ان العم عبدالله والد زميلنا دونقرين قد صحبه الي تلك النقاره وهو من زعماء الدينكا أقر . حسين صبري ذوالفقار شقيق علي صبري كان علي راس الجيش السوداني وله كتاب جميل اسمه سياده السودان كانت له محاولات جميله من موقف نبيل لطرح فكره الوحده . جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر كانت لهم نظرة دونيه نحو السودانين ولم يكن لهما اي علاقه مع السودانين طيلة سكنهم في جبل اولياء وفي قشلاق عباس في الخرطوم ،علي عكس محمد نجيب الذي درس المدرسه الابتدائيه في مدني ثم الخرطوم وكانت له علاقات اسريه مع اغلب السودانين وكذلك شقيقه علي الذي كان ياور الحاكم العام . ولهم اخت من والدة شايقية واسم اختهم سكينة . ووالدته امدرمانبة من اصول مصرية,
عندما لم ينفذ الازهري الاوامر المصريه باعلان الوحده رفض ناصر ان يحيهم في موتمر باندونق 1955لانه كان عن اقتناع بانه هو المسوول والوصي علي السودانيين ويجب ان لا ننسي هنا ان الازهري رجع من لندن واعلن الاستقلال من داخل البرلمان وهنالك وثيقه في جامعة دارام مرسلة من الخرطوم لوزارة الخارجيه البريطانيه للضغط علي الازهري بسبب قضية معينة .
موضوع السدالعالي ليس بجديد نوقش في العشرينات , وعندما استلم عبد الناصر السلطه احيي هذا الموضوع. وعندما لم يزعن مرغني حمزه بالشـروط المصريـه. مرغني حمزه لم يقبل بثلث مياه النيل وطالب 35 مليون جنيه سوداني لترحيل اهل حلفا. ونذكر هنا ان طلعت فريد قبل 18بليون متر مكعب التي هي اقل من الربع ـ ولان السودان لا يمتلك طاقه تخزينيه فنحن نستهلك اقل من12 بليون متر مكعب والباقي يذهب كدين علي المصريين ـ وثلاثه عشر مليون جنيه مصري لم تدفع وراحت كسور وبواقي منها برنامج زياره الطلبه السودانين لمصر.
حاولت المخابرات المصريه اول محاولة انقلاب عسكري في السودان وكان انقلاب كبيده 57 وكانت المخابرات المصريه قد نجحت في تشكيل تنظيم للظباط الاحرار في السودان بواسطة فواد شريف مدير الخطوط الجويه المصريه بالسودان والقنصل المصري في ذلك الزمان وكان معهم محمد عبدالحليم واحمد عبد الحليم الذين كانا يعملان في الجيش المصري وتحولوا الي السودان وسط مجموعه من الظباط والطلبه الحربيين وكان والدهم يعمل كجناينئ عند حيدر باشا رئيس الجيش المصري.و بسبب فساده وجشعه احد اسباب هزيمة العرب في سنة 1948لانه قد قام بشراء مخلفات الحرب العالمية ووضع الفلوس في جيبه وجيب الملك فاروق . محمد واحمد عبد الحليم طردا من الخدمه بعد محاوله كبيده . محمد صاريعمل في مكتب العمل واحمد في مصنع النسيج . وفي هذا الانقلاب ورد اسم نميري واوقف من الخدمة بنصف مرتب وعلي حسب قانون الخدمة العسكرية فان الايقاف لمدة سنتين يتبعه تسريح نهائي من الخدمه العسكريه.نميري ارجع للخدمه عندما استلم القوميين العرب السلطه بانقلاب شنان ومحي الدين احمد عبدالله في مارس 59 الذي كان بمباركه المصريين لتخلص من عدو مصر ورجل الانصار احمد عبد الوهاب.
مصر لم تنسي ان احمد عبدالوهاب قد قال لعبود امام الجميع ـ وكان عبود في طريقه للسودان وقد مر علي مصر ووصف عبد الناصر بانه ولد ابن ناس ـ عاوز ايه عمل ليك عزومه نعمل ليك عزومه هنا,عمل ليك مزيكه نعمل ليك مزيكه هنا. ومن المشاركيين في انقلاب كبيده عوض احمد خليفة الذي كان اول دفعه نميري والثاني كان مبارك عثمان رحمة ـ المقبولون في الدفعه خمسه عشر والمتخرجون ثلاثه عشر … ـ عوض احمد خليفه وضع في الاستيداع بعد انقلاب كبيده وعمل في التعاون وحاول التقرب من عبود. فواد شريف كان يدفع مرتبات شهريه للموقوفين واخرين واسماء وهميه.. والمولفة قلوبهم من بند المخابرات المصريه , كل الموقفين بما فيهم نميري كانو في هذه اللائحة. كان ولا يزال هناك تبرير بان كل ما يتعلق بالقوميه العربيه هو يعني النقاء والوطنيه والشرف وحتي كثير من الشيوعيين يخلطون بين الشيوعيه والقوميه العربيه , والغريب ان كثيرا من الذين يدعون للقوميه العربيه في السودان كانو من القبائل الغير ناطقه بالعربيه مثل محمود حسيب وهو من النوبه الميري ونميري من الدناقله واولاد الهاشماب (القاسمين) واخرين ولقد حاول بدرالدين مدثر ان يجند جون قرنق لحزب البعث العربيوهذا ما ذكره لنا جون قرنق في عدة محاضرات . .
. مادام النيل يجري من الجنوب الي الشمال ستكون هناك اطماع لمصر في السودان. يجب ان لا ننسي ان كل الارض المزروعة في مصر منذ زمن الفراعنة حتي الان لم تبلغ 6 مليون فدان بما في ذلك مشروع توشكي الذي لم يكتمل ودفع فيه الشيخ زايد مبلغ ثلاثمئه مليون دولار. كانت مرصودة لابناء مطار الخرطوم الا أن تقارب الصادق المهدي مع ايران اغضب الخلييين . ان مشروع الجزيرة وحده يمثل اكثر من اثنين مليون فدان وهو اكبر مزرعه في العالم تحت ادارة واحدة. والاراضي المصريه قد صارت اقل خصوبه خاصة بعد ان حجز السد العالي الطمي الذي ياتي من اثيوبيا وقد قال الشاعر احمد شوقي في وصف النيل حبشي اللون كجيرته من منبعه وبحيرته صبغ الشطين بسمرته لون كالمسك وكالعنبر.
محمد علي عندما حضر بجيوشه الي السودان في سنة 1820 كان بسبب الذهب والرجال والسبب الذي لم يهتم به احد هو مطاردته للمماليك بعد مذبحة القلعه وفرارهم للسودان.الاخوان المسلمون كونوا فرع في السودان لحماية ظهرهم لان السودان كان ومايزال العمق الاستراتيجي لمصر .واول تنظيم كان برئاسة ابراهيم المفتي الذي صار وزيرا في حكومة الازهري الاولي ونائب الرئيس بدوي مصطفي الذي صار وزيرا للمعارف في الديمقراطيه الثانية والذي ادخل مادة الدين الاسلامي كماده اساسيه في امتحان الشهادة السودانية وبسكرتارية علي طالب الله.
ونسبة لان الحدود كانت مفتوحة بين مصر والسودان فلقد انتقل كثير من الاخوان المسلمين المصريين اوضحهم كان (الكتبي) الذي كان يدير مكتبة بالقرب من نادي الخرجين في ام درمان .وكانت لهم محلات للمرطبات لتمويل نشاطهم . اولها كان خيرات في المحطة الوسطي . اداره الاساتذة مصطفي جبر والاستاذ جمال والاستاذ محمود . وكان الاستاذ يوسف القرضاوي يقدم محاضرات في نادي الاخوان المسلمين في الهجرة ، الذي يقابل منزل آل عمر الامام . يجب ان نلاحظ ان وجود الديمقراطية في السودان يسبب صداعا للمصريين لانه عادة ياتي بالسؤال (ماهو حتي البرابرة دول عندهم ديمقراطيه اشمعنا احنا
اذكر ان احد اهلنا الرباطاب قد ذكر في مأتم انه عندما كان ناظرا علي احد محطات السكه حديد في صحراء العتمور(قديما كان القطار ينطلق من ابوحمد متجنبا انحناء النيل متجها شمالا شاقا صحراء العتمور ولان هذه المنطقة غير ماهوله كانت المحطات تعرف بالنمر) الناظر يكتشف ان احد عربات البضاعة (30 طن)المتجهه الي حلفا فارغه ويفتح الباب لينزل منها (سيد قطب) ـ الذي كان علي راس تنظيم الاخوان المسلمين المصري و يمثل بعبعا للنظام الناصري ـ ليذهب الي دورة المياه ويصلي ويرجعه الحرس الي العربة التي كانت خالية الا من مرتبة علي الارض . واذكر انه عندما رفض المصريون تسليم نميري لان سياستهم لا تسمح بذلك قد ذكرت لبعض السياسيين السودانيين ان السودان قد سلم المصريين (سيد قطب) فلما لا يسلم المصريون النميري ويبدو ان هذه المعلومه غير معروفه للسودانين.
من مصلحة مصر الا تكون هناك شخصيات قوية تحكم السودان. عبود كان رجلا بسيطا وطيبا يخطئ كثيرا وعلى نياته .
عندما رفض (فوراوي) وكيل وزاره الاستعلامات والعمل في حكومة عبود ان يشترك السودان في موتمر منظمة العمل الدوليه حاول شيخنا واستاذنا محمد توفيق ـ وزير الخارجيه السابق في الحكومة الديمقراطيه الاخيرة وكاتب عمود جمرات لعشرات السنين, من اهالي حلفا, من انظف واعظم السودانيين ان لم يكن اعظمهم ـ ان يتفادي فوراوي في السنة التي تلت . فوراوي كان من احسن المتحدثين باللغة الانجليزية وكان مترجما بالجمعية التشريعية والبرلمان, كان المحجوب يمازحه بان ياتي بالشعر الصعب والايات القرانيه وكان فوراوي يترجمها ببراعة وبطريقه فوريه. (فوراوي) كان كلاسيكيا لم يؤيد العمال والتنظيمات النقابيه . فنظم استاذنا محمد توفيق لمندوب هيئة العمل الدوليه مقابله مع عبود وكان الخواجه يحس برهبه بانه سيقابل الدكتاتور..الفريق..الخ الا ان عبود كان بانتظارهم في المدخل ورحب بهم بشدة وجلس ببساطة واخرج من جيبه صندوق سجاير بنسون صغير وقدم سيجاره للخواجه ثم اخرج علبة كبريت ابوورده ،صناعة سودانيه رديئه وبعد عدة محاولات نجح في ان يشعل السيجارة. وكما حكي لي استاذي محمد توفيق سال عبود الخواجه عن المنظمه التي لم يكن لديه اي فكرة عنها بعد اقل من عشر دقائق وافق عبود بان يذهب وفد للموتمر القادم.
مامون بحيري كان محافظا لبنك السودان في زمن الديمقراطيه الاولي وامضاءه كان علي العمله السودانية الثانية. الاولي احرقت لان ازهري وضع امضاءه عليها وفي الديمقراطيه ليس لرئيس الوزراء هذه الصلاحيات وخرجت جماهير العاصمة تهتف حريق العملة حريق الشعب وهذا تضليل شارك فيه المصريون لان عبدالله خليل كان قد استلم السلطة كرئيس للوزراء وهو ليس من الرجال الذين يمكن السيطرة عليهم فحتي عندما ناداه السيد عبد الرحمن في 15 نوفمبر 1958 في اجتماع القبة (ياعبدالله…ياعبدالله) ادار ظهره وخرج بدون ان يرد عليه وهذا شئ غير مسبوق في السودان . في حكومة عبود الاولي كان عبد الماجد احمد وزيرا للمالية وبعد اعداد الميزانيه ذهب عبد الماجداحمد ومامون بحيري الي عبود في القصر والميزانيه حتي في ايام الجمعيه التشريعيه تناقش بواسطة الاعضاء ولقد افلح الدكتور علي بدري وزير الصحه الاول في ايام الاستعمار وعبد الرحمن علي طه وزير المعارف في نفس الزمان في جعل ميزانية التعليم والعلاج تساوي 25% من ميزانية الدوله وهذه النسبة الخرافيه لن نبلغها ابدا وعندما احتج وكيل المعارف البريطاني لبعض سياسات عبد الرحمن علي طه قام بطرده وطلب من علي بدري بطرد وكيله اذا لم يتعاون وكان عبد الله خليل وزيرا للزراعة. وحسب ماسمعت من مامون بحيري ان عبود قابلهم عند الباب قائلا (احمد..ومامون تعالوا خشو) ولم ياخذ الموضوع الا ساعتين وكانت الميزانيه قد اجيزت المصريون لم يكونوا سعداء باكتوبر لأنهم يفضلون دائما الدكتاتوريات العسكرية المعزولة حتى يسيطروا عليها . تعرضت صحفهم التي تسيطر عليها الدولة بالتجريح والاستهزاء بالسودان ولقد قرأت في احدي الصحف اللبنانية وبالمنشت العريض حتي السودان يرفض الحكم العسكري. وكانما السودان لا يسكنه بشر يفهمون .
انطلقنا في سنة 1956 ونح اطفال في مظاهرات هادرة نحو السفارة المصريه لدعم اشقائنا بمناسبة حرب السويس . بعد اكتوبر مباشرة انطلقت الجماهير السودانيه نحو نفس السفارة لتحطيمها وتم تمزيق العلم المصري
اورد المحجوب في كتابه الديمقراطيه في الميزان ان السفير المصري قد اتصل به في محاولة( لوي ضراع) وبانه لن يرفع العلم المصري في السفاره حتي يشارك رئيس الوزراء السوداني ووزير الخارجيه وكان رد المحجوب مامعناه (العلم بتاع بلدك اذا عاوز ترفعه ارفعه واذا ما عاوز علي كيفك) هل ياتري كان من الممكن ان يتوجه السفير المصري بطلب مثل هذا الي الرئيس البريطاني او الامريكي؟؟؟
وكما اورد بطرس غالي ـ سكرتير الامم المتحده السابق ـ في كتابه الخلافات العربيه في جامعة الدول العربيه فان ناصر قد اختلق مشكلة حلايب حتي تتأجل الانتخابات السودانيه لان الحزب الوطني الاتحادي لم يكن مستعدا للانتخابات وكان سيخسر امام حزب الامه. ناصر كان قد تعب من مناطحة حزب الامه وفشل في الوصول الي اتفاقيه مياه النيل بالرغم من ان (أل فريد) يتمتعون بسمعه جيده في السودان وهم وطنيون. و(صديق فريد) كان اول كاتب مسرحي وممثل وشارك عبيد عبد النور وصالح عبدالقادر كاول مذيعين الا ان شهادات ميلادهم كان مكتوب عليها تركي عثماني لان كلمه سوداني لم تكن تكتب علي شهادات الميلاد, واللواء طلعت فريد هو الذي قبل باتفاقيه مياه النيل المجحفه في حق السودان. لقد تواجد طيلة الوقت اناس في السودان وهم مواطنيين اقحاح علي استعداد للموت من اجل مصر وسنعود اليهم. وعندما سؤل مولانا بابكر عوض الله ـ رئيس الوزراء في حكومة مايو التي وضع نميري على راسها بالصدفة مثل البشير ـ لماذا قبل بمنصب نائب رئيس الوزراء بعد أن كان رئيسا للوزراء . وطرده تم بسبب اوامر ناصر الذي كان لا يقبل بالتعامل مع المدنيين ، بالرغم أن مولانا بابكر عوض الله رئيس القضاء هو مهندس ومنفذ الانقلاب !!! تصور ...... رئيس القضاء لكل السودان قال ...... (من اجل مصر حتي لو عملوني قنصلا في الاسكندريه لوافقت .
بعد اكتوبر مباشرة وردا علي المحجوب والشارع السوداني بدأت تحركات الضباط الاحرار وعلي راسهم مامون عوض ابوزيد وخالد حسن عباس و(ابو القاسميين) وجعفر نميري والرشيد ابوشامه والرشيد نورالدين زين العابدين محمد احمد عبد القادر بابكر النور فاروق حمد الله هاشم العطا….واخرين كان بعضهم تحت سيطرة المخابرات المصرية .. وتحركت المخابرات العسكريه في السودان واعتقلت مجموعه منهم وعلي راسهم نميري بتهمه التعامل مع دوله اجنبية بدون ان يشيرو الي مصر . وفي ايام المعتقل انهار النميري وقام بتمزيق ملابسه بهستريا وكان يصرخ (حيعدمونا المره دي). جعفر نميري كان مشهودا له بالقوة الجسدية ولكن الشجاعه لم تكن ابدا احد صفاته …
ونواصل
شوقي بدري
shawgibadri@hotmail.com
حالة السياسيه في مصـــر كانت تحدد سياسة السودان وتؤثر اليوم وسوف تؤثر في المستقبل . المصريون علي اقتناع كامل ب(السـودان ده بتاعنا) ويتصرفون علي اقتناع كامل من هذا المنطلق . محمود فخري سفير مصر في باريس وصهر الملك فاروق يقول للسـيد عبد الرحمن عند مقابلته (الســودان ده بتاعنا واحنا فتحناه بالسلاح و..مش حنسيبو.. والسودانيين كانو راضيين وسعيدين بتبعيتهم لمصر الي ان تدخل الانجليز وافسدوا السودانيين . يضيف ان السودانيين كانو راضيين بتبعيتهم عندما كان والده حاكما علي السودان في التركيه السـابقه ..
هذا المنطلق يعشعش في رؤوس المصريين الي الان , صلاح سالم صرف الملايين من الجنيهات لشراء السياسيين في السودان واضطر حتي لخلع ملابسه والرقص عاريا في رومبيك لكي يتقرب الي الجنوبين . واذكر ان العم عبدالله والد زميلنا دونقرين قد صحبه الي تلك النقاره وهو من زعماء الدينكا أقر . حسين صبري ذوالفقار شقيق علي صبري كان علي راس الجيش السوداني وله كتاب جميل اسمه سياده السودان كانت له محاولات جميله من موقف نبيل لطرح فكره الوحده . جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر كانت لهم نظرة دونيه نحو السودانين ولم يكن لهما اي علاقه مع السودانين طيلة سكنهم في جبل اولياء وفي قشلاق عباس في الخرطوم ،علي عكس محمد نجيب الذي درس المدرسه الابتدائيه في مدني ثم الخرطوم وكانت له علاقات اسريه مع اغلب السودانين وكذلك شقيقه علي الذي كان ياور الحاكم العام . ولهم اخت من والدة شايقية واسم اختهم سكينة . ووالدته امدرمانبة من اصول مصرية,
عندما لم ينفذ الازهري الاوامر المصريه باعلان الوحده رفض ناصر ان يحيهم في موتمر باندونق 1955لانه كان عن اقتناع بانه هو المسوول والوصي علي السودانيين ويجب ان لا ننسي هنا ان الازهري رجع من لندن واعلن الاستقلال من داخل البرلمان وهنالك وثيقه في جامعة دارام مرسلة من الخرطوم لوزارة الخارجيه البريطانيه للضغط علي الازهري بسبب قضية معينة .
موضوع السدالعالي ليس بجديد نوقش في العشرينات , وعندما استلم عبد الناصر السلطه احيي هذا الموضوع. وعندما لم يزعن مرغني حمزه بالشـروط المصريـه. مرغني حمزه لم يقبل بثلث مياه النيل وطالب 35 مليون جنيه سوداني لترحيل اهل حلفا. ونذكر هنا ان طلعت فريد قبل 18بليون متر مكعب التي هي اقل من الربع ـ ولان السودان لا يمتلك طاقه تخزينيه فنحن نستهلك اقل من12 بليون متر مكعب والباقي يذهب كدين علي المصريين ـ وثلاثه عشر مليون جنيه مصري لم تدفع وراحت كسور وبواقي منها برنامج زياره الطلبه السودانين لمصر.
حاولت المخابرات المصريه اول محاولة انقلاب عسكري في السودان وكان انقلاب كبيده 57 وكانت المخابرات المصريه قد نجحت في تشكيل تنظيم للظباط الاحرار في السودان بواسطة فواد شريف مدير الخطوط الجويه المصريه بالسودان والقنصل المصري في ذلك الزمان وكان معهم محمد عبدالحليم واحمد عبد الحليم الذين كانا يعملان في الجيش المصري وتحولوا الي السودان وسط مجموعه من الظباط والطلبه الحربيين وكان والدهم يعمل كجناينئ عند حيدر باشا رئيس الجيش المصري.و بسبب فساده وجشعه احد اسباب هزيمة العرب في سنة 1948لانه قد قام بشراء مخلفات الحرب العالمية ووضع الفلوس في جيبه وجيب الملك فاروق . محمد واحمد عبد الحليم طردا من الخدمه بعد محاوله كبيده . محمد صاريعمل في مكتب العمل واحمد في مصنع النسيج . وفي هذا الانقلاب ورد اسم نميري واوقف من الخدمة بنصف مرتب وعلي حسب قانون الخدمة العسكرية فان الايقاف لمدة سنتين يتبعه تسريح نهائي من الخدمه العسكريه.نميري ارجع للخدمه عندما استلم القوميين العرب السلطه بانقلاب شنان ومحي الدين احمد عبدالله في مارس 59 الذي كان بمباركه المصريين لتخلص من عدو مصر ورجل الانصار احمد عبد الوهاب.
مصر لم تنسي ان احمد عبدالوهاب قد قال لعبود امام الجميع ـ وكان عبود في طريقه للسودان وقد مر علي مصر ووصف عبد الناصر بانه ولد ابن ناس ـ عاوز ايه عمل ليك عزومه نعمل ليك عزومه هنا,عمل ليك مزيكه نعمل ليك مزيكه هنا. ومن المشاركيين في انقلاب كبيده عوض احمد خليفة الذي كان اول دفعه نميري والثاني كان مبارك عثمان رحمة ـ المقبولون في الدفعه خمسه عشر والمتخرجون ثلاثه عشر … ـ عوض احمد خليفه وضع في الاستيداع بعد انقلاب كبيده وعمل في التعاون وحاول التقرب من عبود. فواد شريف كان يدفع مرتبات شهريه للموقوفين واخرين واسماء وهميه.. والمولفة قلوبهم من بند المخابرات المصريه , كل الموقفين بما فيهم نميري كانو في هذه اللائحة. كان ولا يزال هناك تبرير بان كل ما يتعلق بالقوميه العربيه هو يعني النقاء والوطنيه والشرف وحتي كثير من الشيوعيين يخلطون بين الشيوعيه والقوميه العربيه , والغريب ان كثيرا من الذين يدعون للقوميه العربيه في السودان كانو من القبائل الغير ناطقه بالعربيه مثل محمود حسيب وهو من النوبه الميري ونميري من الدناقله واولاد الهاشماب (القاسمين) واخرين ولقد حاول بدرالدين مدثر ان يجند جون قرنق لحزب البعث العربيوهذا ما ذكره لنا جون قرنق في عدة محاضرات . .
. مادام النيل يجري من الجنوب الي الشمال ستكون هناك اطماع لمصر في السودان. يجب ان لا ننسي ان كل الارض المزروعة في مصر منذ زمن الفراعنة حتي الان لم تبلغ 6 مليون فدان بما في ذلك مشروع توشكي الذي لم يكتمل ودفع فيه الشيخ زايد مبلغ ثلاثمئه مليون دولار. كانت مرصودة لابناء مطار الخرطوم الا أن تقارب الصادق المهدي مع ايران اغضب الخلييين . ان مشروع الجزيرة وحده يمثل اكثر من اثنين مليون فدان وهو اكبر مزرعه في العالم تحت ادارة واحدة. والاراضي المصريه قد صارت اقل خصوبه خاصة بعد ان حجز السد العالي الطمي الذي ياتي من اثيوبيا وقد قال الشاعر احمد شوقي في وصف النيل حبشي اللون كجيرته من منبعه وبحيرته صبغ الشطين بسمرته لون كالمسك وكالعنبر.
محمد علي عندما حضر بجيوشه الي السودان في سنة 1820 كان بسبب الذهب والرجال والسبب الذي لم يهتم به احد هو مطاردته للمماليك بعد مذبحة القلعه وفرارهم للسودان.الاخوان المسلمون كونوا فرع في السودان لحماية ظهرهم لان السودان كان ومايزال العمق الاستراتيجي لمصر .واول تنظيم كان برئاسة ابراهيم المفتي الذي صار وزيرا في حكومة الازهري الاولي ونائب الرئيس بدوي مصطفي الذي صار وزيرا للمعارف في الديمقراطيه الثانية والذي ادخل مادة الدين الاسلامي كماده اساسيه في امتحان الشهادة السودانية وبسكرتارية علي طالب الله.
ونسبة لان الحدود كانت مفتوحة بين مصر والسودان فلقد انتقل كثير من الاخوان المسلمين المصريين اوضحهم كان (الكتبي) الذي كان يدير مكتبة بالقرب من نادي الخرجين في ام درمان .وكانت لهم محلات للمرطبات لتمويل نشاطهم . اولها كان خيرات في المحطة الوسطي . اداره الاساتذة مصطفي جبر والاستاذ جمال والاستاذ محمود . وكان الاستاذ يوسف القرضاوي يقدم محاضرات في نادي الاخوان المسلمين في الهجرة ، الذي يقابل منزل آل عمر الامام . يجب ان نلاحظ ان وجود الديمقراطية في السودان يسبب صداعا للمصريين لانه عادة ياتي بالسؤال (ماهو حتي البرابرة دول عندهم ديمقراطيه اشمعنا احنا
اذكر ان احد اهلنا الرباطاب قد ذكر في مأتم انه عندما كان ناظرا علي احد محطات السكه حديد في صحراء العتمور(قديما كان القطار ينطلق من ابوحمد متجنبا انحناء النيل متجها شمالا شاقا صحراء العتمور ولان هذه المنطقة غير ماهوله كانت المحطات تعرف بالنمر) الناظر يكتشف ان احد عربات البضاعة (30 طن)المتجهه الي حلفا فارغه ويفتح الباب لينزل منها (سيد قطب) ـ الذي كان علي راس تنظيم الاخوان المسلمين المصري و يمثل بعبعا للنظام الناصري ـ ليذهب الي دورة المياه ويصلي ويرجعه الحرس الي العربة التي كانت خالية الا من مرتبة علي الارض . واذكر انه عندما رفض المصريون تسليم نميري لان سياستهم لا تسمح بذلك قد ذكرت لبعض السياسيين السودانيين ان السودان قد سلم المصريين (سيد قطب) فلما لا يسلم المصريون النميري ويبدو ان هذه المعلومه غير معروفه للسودانين.
من مصلحة مصر الا تكون هناك شخصيات قوية تحكم السودان. عبود كان رجلا بسيطا وطيبا يخطئ كثيرا وعلى نياته .
عندما رفض (فوراوي) وكيل وزاره الاستعلامات والعمل في حكومة عبود ان يشترك السودان في موتمر منظمة العمل الدوليه حاول شيخنا واستاذنا محمد توفيق ـ وزير الخارجيه السابق في الحكومة الديمقراطيه الاخيرة وكاتب عمود جمرات لعشرات السنين, من اهالي حلفا, من انظف واعظم السودانيين ان لم يكن اعظمهم ـ ان يتفادي فوراوي في السنة التي تلت . فوراوي كان من احسن المتحدثين باللغة الانجليزية وكان مترجما بالجمعية التشريعية والبرلمان, كان المحجوب يمازحه بان ياتي بالشعر الصعب والايات القرانيه وكان فوراوي يترجمها ببراعة وبطريقه فوريه. (فوراوي) كان كلاسيكيا لم يؤيد العمال والتنظيمات النقابيه . فنظم استاذنا محمد توفيق لمندوب هيئة العمل الدوليه مقابله مع عبود وكان الخواجه يحس برهبه بانه سيقابل الدكتاتور..الفريق..الخ الا ان عبود كان بانتظارهم في المدخل ورحب بهم بشدة وجلس ببساطة واخرج من جيبه صندوق سجاير بنسون صغير وقدم سيجاره للخواجه ثم اخرج علبة كبريت ابوورده ،صناعة سودانيه رديئه وبعد عدة محاولات نجح في ان يشعل السيجارة. وكما حكي لي استاذي محمد توفيق سال عبود الخواجه عن المنظمه التي لم يكن لديه اي فكرة عنها بعد اقل من عشر دقائق وافق عبود بان يذهب وفد للموتمر القادم.
مامون بحيري كان محافظا لبنك السودان في زمن الديمقراطيه الاولي وامضاءه كان علي العمله السودانية الثانية. الاولي احرقت لان ازهري وضع امضاءه عليها وفي الديمقراطيه ليس لرئيس الوزراء هذه الصلاحيات وخرجت جماهير العاصمة تهتف حريق العملة حريق الشعب وهذا تضليل شارك فيه المصريون لان عبدالله خليل كان قد استلم السلطة كرئيس للوزراء وهو ليس من الرجال الذين يمكن السيطرة عليهم فحتي عندما ناداه السيد عبد الرحمن في 15 نوفمبر 1958 في اجتماع القبة (ياعبدالله…ياعبدالله) ادار ظهره وخرج بدون ان يرد عليه وهذا شئ غير مسبوق في السودان . في حكومة عبود الاولي كان عبد الماجد احمد وزيرا للمالية وبعد اعداد الميزانيه ذهب عبد الماجداحمد ومامون بحيري الي عبود في القصر والميزانيه حتي في ايام الجمعيه التشريعيه تناقش بواسطة الاعضاء ولقد افلح الدكتور علي بدري وزير الصحه الاول في ايام الاستعمار وعبد الرحمن علي طه وزير المعارف في نفس الزمان في جعل ميزانية التعليم والعلاج تساوي 25% من ميزانية الدوله وهذه النسبة الخرافيه لن نبلغها ابدا وعندما احتج وكيل المعارف البريطاني لبعض سياسات عبد الرحمن علي طه قام بطرده وطلب من علي بدري بطرد وكيله اذا لم يتعاون وكان عبد الله خليل وزيرا للزراعة. وحسب ماسمعت من مامون بحيري ان عبود قابلهم عند الباب قائلا (احمد..ومامون تعالوا خشو) ولم ياخذ الموضوع الا ساعتين وكانت الميزانيه قد اجيزت المصريون لم يكونوا سعداء باكتوبر لأنهم يفضلون دائما الدكتاتوريات العسكرية المعزولة حتى يسيطروا عليها . تعرضت صحفهم التي تسيطر عليها الدولة بالتجريح والاستهزاء بالسودان ولقد قرأت في احدي الصحف اللبنانية وبالمنشت العريض حتي السودان يرفض الحكم العسكري. وكانما السودان لا يسكنه بشر يفهمون .
انطلقنا في سنة 1956 ونح اطفال في مظاهرات هادرة نحو السفارة المصريه لدعم اشقائنا بمناسبة حرب السويس . بعد اكتوبر مباشرة انطلقت الجماهير السودانيه نحو نفس السفارة لتحطيمها وتم تمزيق العلم المصري
اورد المحجوب في كتابه الديمقراطيه في الميزان ان السفير المصري قد اتصل به في محاولة( لوي ضراع) وبانه لن يرفع العلم المصري في السفاره حتي يشارك رئيس الوزراء السوداني ووزير الخارجيه وكان رد المحجوب مامعناه (العلم بتاع بلدك اذا عاوز ترفعه ارفعه واذا ما عاوز علي كيفك) هل ياتري كان من الممكن ان يتوجه السفير المصري بطلب مثل هذا الي الرئيس البريطاني او الامريكي؟؟؟
وكما اورد بطرس غالي ـ سكرتير الامم المتحده السابق ـ في كتابه الخلافات العربيه في جامعة الدول العربيه فان ناصر قد اختلق مشكلة حلايب حتي تتأجل الانتخابات السودانيه لان الحزب الوطني الاتحادي لم يكن مستعدا للانتخابات وكان سيخسر امام حزب الامه. ناصر كان قد تعب من مناطحة حزب الامه وفشل في الوصول الي اتفاقيه مياه النيل بالرغم من ان (أل فريد) يتمتعون بسمعه جيده في السودان وهم وطنيون. و(صديق فريد) كان اول كاتب مسرحي وممثل وشارك عبيد عبد النور وصالح عبدالقادر كاول مذيعين الا ان شهادات ميلادهم كان مكتوب عليها تركي عثماني لان كلمه سوداني لم تكن تكتب علي شهادات الميلاد, واللواء طلعت فريد هو الذي قبل باتفاقيه مياه النيل المجحفه في حق السودان. لقد تواجد طيلة الوقت اناس في السودان وهم مواطنيين اقحاح علي استعداد للموت من اجل مصر وسنعود اليهم. وعندما سؤل مولانا بابكر عوض الله ـ رئيس الوزراء في حكومة مايو التي وضع نميري على راسها بالصدفة مثل البشير ـ لماذا قبل بمنصب نائب رئيس الوزراء بعد أن كان رئيسا للوزراء . وطرده تم بسبب اوامر ناصر الذي كان لا يقبل بالتعامل مع المدنيين ، بالرغم أن مولانا بابكر عوض الله رئيس القضاء هو مهندس ومنفذ الانقلاب !!! تصور ...... رئيس القضاء لكل السودان قال ...... (من اجل مصر حتي لو عملوني قنصلا في الاسكندريه لوافقت .
بعد اكتوبر مباشرة وردا علي المحجوب والشارع السوداني بدأت تحركات الضباط الاحرار وعلي راسهم مامون عوض ابوزيد وخالد حسن عباس و(ابو القاسميين) وجعفر نميري والرشيد ابوشامه والرشيد نورالدين زين العابدين محمد احمد عبد القادر بابكر النور فاروق حمد الله هاشم العطا….واخرين كان بعضهم تحت سيطرة المخابرات المصرية .. وتحركت المخابرات العسكريه في السودان واعتقلت مجموعه منهم وعلي راسهم نميري بتهمه التعامل مع دوله اجنبية بدون ان يشيرو الي مصر . وفي ايام المعتقل انهار النميري وقام بتمزيق ملابسه بهستريا وكان يصرخ (حيعدمونا المره دي). جعفر نميري كان مشهودا له بالقوة الجسدية ولكن الشجاعه لم تكن ابدا احد صفاته …
ونواصل
شوقي بدري
shawgibadri@hotmail.com