معركة الديمقراطية لا تخاطب جذورها

 


 

 

معلوم أن أي بحث أو دراسة أو كتاب تكون له مقدمة ( Introduction) و هي تحتوى على موجز صغير يعرف محتوى المكتوب. و كذلك لأي مقال عنوان ( Title) يعكس محتوى المقال، و العنوان الذي يحمله هذا المقال كما يقول المثل الشائع للقضايا غير المترابطة مع بعضها البعض ( سمكت لبن تمرهندي) و المثل يعكس ما هو دائر في الساحة السياسية السودانية، كل يحاول أن يغرد بالطريقة التي يريدها دون أن تجد هذه التغريدات أي صدى في المجتمع، أو حتى عملية نقدية تحاول أن تبين مفهوم المصطلحات المستخدمة ما ترمي إليه، و هي لا تؤدي لوعي سياسي بل تغبيش سياسي. و يرجع ذلك لمخرجات ( الموجة الثانية للتمرد في جنوب السودان 1983م) و التي تمثلها الحركة الشعبية لتحرير السودان حيث جاءت بمصطلح ( مخاطبة جذور المشكلة) و أختطفتها الحركات التي جاءت بعدها باعتبارها تمثل مشروعها السياسي و حتى الآن لم تخرج واحدة لكي تعرفنا ما يهدف إليه المصطلح الذي فقد اهليته السياسية ( مخاطبة جذور المشكلة) و السؤال هل بعد اتفاق جوبا للسلام أصبح لا فائدة من المصطلح. بعد أن قبضت قيادات الحركات على مقابض الحقائب الدستورية، إذا كانت في مجلس الوزراء أو في مجلس السيادة، و أسقطت المصطلح حتى لا يعرض غنائمها التي حصلت عليها للضياع، لذلك عندما بدأت مشكلة الجنينه و كتم و زالنجي أعلنت الحركات موقف الحياد التام و اختفت من الساحة دون أن تدين المعتدي، فالإدانية و القتل قد شاهدتها في إغتيال خميس أبكر والي ولاية غرب دارفور، إلي جانب عمليات التهجير القسري التي تعرضت له القبائل التي تكسن الجنينة. قتل خميس خلق هلع مما أدى إلي سقوط المصطلح، و أصبحت لا ضرورة له، مادام لا ينزع الوظائف لكنه يكمم الأفواه و هم قد وطنوا انفسهم أن يدينو الفعل و ليس الفاعل. أنظروا لحديث مني أركو مناوي بعد ظهوره عقب عملية الاغتيال يلف و يدور دون أن يحدد الفعل و يدين فعه. الم أقول بعد توزيع الغنائم ليت هناك ضرورة لمصطلح مخاطبة جذور المشكلة، صوت البنادق اسقطته، و أبقت على المكاسب الشخصية.
في الجانب المدني: تجد أن الأحزاب السياسية جميعها إلي جانب منظمات المجتمع المدني تستخدم ذات المصطلح ( سمك لبن تمر هندي) كل مجموعة أو حزب له فهمه الخاص لعملية التحول الديمقراطي، و هذا الفهم يعتبر مشروع مقدس يجب عدم المساس به، و كل مجموعة تعتقد هي وحدها التي يجب أن يوكل لها عملية التحول الديمقراطي دون الآخرين، و كل يحاول أن يجد له قوة تسند ظهره، و يستخدمها كفزاعة على الآخرين، الكل يحاول ان يمارس النقد على الآخرين و يبرر لنفسه. كل هذا الدمار و القتل و الدولة تتعرض لأكبر مؤامرة من الخارج لتقسيمها، و القيادات السياسية تبحث عن مصالح الذات و المصالح الحزبية الضيقة التي قادت لهذه الحرب العينة. كان الاعتقاد: أن الؤامل أن الحرب تجعل الكل في حالة انتباه لكي يعيدوا النظر في تفكيرهم مرة و مرتين و ثلاث، و يصلوا إلي نتيجة أن طريقة التفكير التي قادت للحرب يجب أن تتغير. و أن حل الأزمة و نهضة البلاد و بنائها من جديد تحتاج إلي تفكير جماعي يتجاوز كل مسببات الفشل السابقة، لكن الكل مصر أن يذهب في ذات طريق الفشل. كما يقول المثل " من لا يتعلم من الماضي لن يرحمه المستقبل" و الأزمات دائما تبين نوعية القيادة السياسية إذا كانت قادرة بالفعل على إدارة العملية بصورة مغايرة في الممارسة و الخطاب لكي تكسب أكبر قطاع جماهيري تعبر به لشاطيء النجاح. أو أنها تصر على طريقة التفكير القديمة التي تورد البلاد موارد التقسيم و الضياع.
إذا كان الجمهور بكل مكوناته و القيادات السياسية في السودان قد وصلوا إلي قناعة أن أي عمل من قبل أي مجموعة منفردة لا يوصل للهدف ( التحول الديمقراطي) و سوف يحدث شرخا في المجتمع، يجب عليهم أن يفكروا خارج أسوار الإرث السياسي القديم، و يقبلوا بالحوار المفتوح لكل الذين لديهم الرغبة في عملية ( التحول الديمقراطي) للوصول ألي اتفاق جامع، يشكل الأرضية الاجتماعية الداعمة له. أما إذا كل قوى سياسية تريد أن تمثل دور الأستاذية على الأخرين و تعتبر قولها هو القول الفصل سوف تصبح هي العقبة أمام عملية التحول الديمقراطي. و يجب أن تكون هناك قناعة عند الكل؛ أن يكون في البلاد جيش واحد بعيدا عن السياسة. و أي حديث عن إصلاح الجيش و ما يتعلق به يترك لبعد الانتخابات و تتولاه قوى شرعية منتخبة من قبل الشعب، فالحديث عن الجيش و إصلاحه و عقيدته في المنتديات السياسية و المنابرالحزبية مسالة غير مقبولة. و حتى حكومة الفترة الانتقالية يجب أن تكون من كفاءات و خبرات مشهود لها في عملها. لكي تتفرغ الأحزاب لتنظيم نفسها و تستعد للإنتخابات. هذا يتأتى بعد وقف الحرب، و دمج مليشيا الدعم في الجيش. و إقناع قيادة المليشيا يقع عبئه على القيادات السياسية، و إذا تعتقد هذه القضية ليست بالأهمية الآن، عليها أن تنتظر من الذي سوف يحسم المعركة، و الذي ينتصر هو الذي سوف يشكل مستقبل البلاد السياسي، فلافضل أن تتحرك القيادات السياسية من الآن على مشروع سياسي واحد بعيدا عن شعارات الإقصاء و إثارة الكراهية. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء