تجارب النضال تؤكد الحل في الخرطوم
زين العابدين صالح عبد الرحمن
5 July, 2023
5 July, 2023
أن تعدد الانقلابات العسكرية في السودان و قصر الفترات الديمقراطية كان السبب الرئيس فيه تطلعات بعض القيادات السياسية للسلطة، و هؤلاء هم الذين أدخلوا المؤسسة العسكرية في اللعبة السياسية. نجد أن الأحزاب تدين النظم الديكتاتورية العسكرية و الانقلابات، و في ذات الوقت هي نفسها تخترق المؤسسة العسكرية و تكون خلايا حزبية داخلها بغرض الوصول للسلطة عبر الانقلابات العسكرية. و تجد شعاراتهم الرافضة للانقلابات لم يجف الحبر من عليها و تقوم هي بالانقلابات. فالشعارات لا تعبر عن المواقف المبدئية للأحزاب، و لا للنخب السياسية، الكل يحدد موقفه من أي قضية حسب مصالح الحزب و المصالح الشخصية، في كل المجادلات الغائب هو الوطن الذي يمثل المصلحة العامة للمواطنين. كل واحد يرى المشهد بعين واحدة، ثم يحدث الناس عن قضية التحول الديمقراطية، و يرفض أن يستمع لأي رأي الأخر، كل تعود أن يسمع فقط صدى صوته. و الكل يعشق منهج التبرير و لا يحب أن يسمع أي نقد. الديمقراطية لا تؤسسها فئة بعينها في المجتمع و لا تؤسس في غرف معزولة عن الجماهير
بعد انقلاب الحزب الشيوعي و مجموعة من القوميين في 25 مايو 1969م، خرجت الأحزاب التي كانت حاكمة قبل الانقلاب تتحدى الانقلاب في جبهة عريضة ( الجبهة الوطنية) تتكون من حزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة الشريف حسين الهندي، و حزب الأمة بقيادة الإمام الصادق المهدي، و الحركة الإسلامية بقيادة الدكتور حسن الترابي، انشأت الجبهة معسكرات تدريب عسكرية في أثيوبيا ثم نقلتها إلي ليبيا في عهد الرئيس معمر القذافي، الهدف كان الاستيلاء على السلطة عن طريق العمل المسلح، و بالفعل قد غزت الخرطوم في 1976م التي أطلق عليها ( غزو المرتزقة) و فشل الغزو؛ و استطاعت السلطة أن تخلق رأيا عاما مضادا له باستخدامها مصطلح ( غزو المرتزقة) رغم أن العمل الجماهيري في الداخل كان يمثل أكبر تحدي للسلطة، خاصة في عام 1973م عندما اقامت ثلاث نقابات عمالية ( النقل الميكانيكي و النقابة العامة للصناعات الغذائية و نقابة المخازن و المهمات ندوة جماهيرية في نادي العمال ببحري، ثم جاءت قوى من جهاز الأمن لتوقيف المتحدثين و نشب صراع مع الجماهير، ثم انتقل الهتاف و التحدي للسلطة داخل الجامعات، فكان العمل الداخلي أكثر أثرا من العمل الخارجي، و سقط نظام النميري في 6 إبريل 1985م بعمل التجمع النقابي داخل السودان، و كان قد سقط من قبله انظام إبراهيم عبود أيضا من عمل داخلي.
بعد انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989م أيضا خرجت بعض القيادات السياسية، و اتصلت بزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق في أديس أبابا حيث كونت حلفا ( التجمع الوطني الديمقراطي) و تحول التجمع من عمل سياسي إلي عمل عسكري حيث فتحت عدة جبهات رغم أن الدعوة للعمل العسكري لم تكون بالقدر المطلوب حيث كان مجرد تمثيل للأحزاب، فكانت الحركة الشعبية هي صاحبة القدح المعلى. ثم جاءت مفاوضات النظام الحاكم مع الحركة الشعبية، حيث توصل الحوار بين الجانبين إلي إتفاقية ( نيفاشا 2005م) فكان نصيب التحالف يعبر عن ( قسمة ضيزى) و استمرت الإنقاذ مسيطرة سيطرة كاملة على السلطة بعد انفصال الجنوب. و تكونت أحلاف يقوى عودها ثم يضعف حسب قدرة القيادات على إدارة الأزمة. و بدأ المواطنون يشكون من المعاناة الاقتصادية حتى تفجرت الثورة من الشارع، و استمرت الثورة في عمليات الكر و الفر مع القوات الأمنية، تصعد مرة و تهبط مرة أخرى، حتى اشتد عودها تماما بعد فبراير 2019م، و سقط النظام بإصرار المواطنين، و للأسف تم إبعادهم عن المشهد رغم كل ما تنزنق الأحزاب تنصرها الجماهير بعمليات الخروج المليونية.
أن التجارب النضالية ضد النظم الشمولية؛ أكدت أن النظم الشمولية تسقط من خلال الالتحام الذي يتم بين الشارع و القوى السياسية، و أن أي عمل خارجي لن يكون فعالا و لا يخدم قضية التحول الديمقراطي. لآن الديمقراطية تحتاج إلي تعديل في ميزان القوى لمصلحة القوى التي تناضل من أجل التحول الديمقراطي. و أي عمل سياسي لا يستند على الشارع و مسنود بقطاع واسع من الجماهير لن يكتب له النجاح. أن أي قوى تعتقد أنها تريد أن تحدث تحولا ديمقراطيا بميزان المجتمع الدولي و دول الجوار التي ليس لها علاقة بالديمقراطية فهي تسير في الطريق الخطأ، فالذي يطالب التغيير يجب أن يتفاعل مع الجماهير و يجعل رهانه عليها وحدها. الخارج ربما يكون مشجعا و داعما، و لكنه لن يصنع هو الديمقراطية، و لا يقدر على حمايتها. فالذي يخاف من الجماهير و لا يريد التفاهم معها و تعبئتها لمشروعه، و يعمل على تغيبها، لا يحدثنا عن قضية التحول الديمقراطي. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
بعد انقلاب الحزب الشيوعي و مجموعة من القوميين في 25 مايو 1969م، خرجت الأحزاب التي كانت حاكمة قبل الانقلاب تتحدى الانقلاب في جبهة عريضة ( الجبهة الوطنية) تتكون من حزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة الشريف حسين الهندي، و حزب الأمة بقيادة الإمام الصادق المهدي، و الحركة الإسلامية بقيادة الدكتور حسن الترابي، انشأت الجبهة معسكرات تدريب عسكرية في أثيوبيا ثم نقلتها إلي ليبيا في عهد الرئيس معمر القذافي، الهدف كان الاستيلاء على السلطة عن طريق العمل المسلح، و بالفعل قد غزت الخرطوم في 1976م التي أطلق عليها ( غزو المرتزقة) و فشل الغزو؛ و استطاعت السلطة أن تخلق رأيا عاما مضادا له باستخدامها مصطلح ( غزو المرتزقة) رغم أن العمل الجماهيري في الداخل كان يمثل أكبر تحدي للسلطة، خاصة في عام 1973م عندما اقامت ثلاث نقابات عمالية ( النقل الميكانيكي و النقابة العامة للصناعات الغذائية و نقابة المخازن و المهمات ندوة جماهيرية في نادي العمال ببحري، ثم جاءت قوى من جهاز الأمن لتوقيف المتحدثين و نشب صراع مع الجماهير، ثم انتقل الهتاف و التحدي للسلطة داخل الجامعات، فكان العمل الداخلي أكثر أثرا من العمل الخارجي، و سقط نظام النميري في 6 إبريل 1985م بعمل التجمع النقابي داخل السودان، و كان قد سقط من قبله انظام إبراهيم عبود أيضا من عمل داخلي.
بعد انقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989م أيضا خرجت بعض القيادات السياسية، و اتصلت بزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق في أديس أبابا حيث كونت حلفا ( التجمع الوطني الديمقراطي) و تحول التجمع من عمل سياسي إلي عمل عسكري حيث فتحت عدة جبهات رغم أن الدعوة للعمل العسكري لم تكون بالقدر المطلوب حيث كان مجرد تمثيل للأحزاب، فكانت الحركة الشعبية هي صاحبة القدح المعلى. ثم جاءت مفاوضات النظام الحاكم مع الحركة الشعبية، حيث توصل الحوار بين الجانبين إلي إتفاقية ( نيفاشا 2005م) فكان نصيب التحالف يعبر عن ( قسمة ضيزى) و استمرت الإنقاذ مسيطرة سيطرة كاملة على السلطة بعد انفصال الجنوب. و تكونت أحلاف يقوى عودها ثم يضعف حسب قدرة القيادات على إدارة الأزمة. و بدأ المواطنون يشكون من المعاناة الاقتصادية حتى تفجرت الثورة من الشارع، و استمرت الثورة في عمليات الكر و الفر مع القوات الأمنية، تصعد مرة و تهبط مرة أخرى، حتى اشتد عودها تماما بعد فبراير 2019م، و سقط النظام بإصرار المواطنين، و للأسف تم إبعادهم عن المشهد رغم كل ما تنزنق الأحزاب تنصرها الجماهير بعمليات الخروج المليونية.
أن التجارب النضالية ضد النظم الشمولية؛ أكدت أن النظم الشمولية تسقط من خلال الالتحام الذي يتم بين الشارع و القوى السياسية، و أن أي عمل خارجي لن يكون فعالا و لا يخدم قضية التحول الديمقراطي. لآن الديمقراطية تحتاج إلي تعديل في ميزان القوى لمصلحة القوى التي تناضل من أجل التحول الديمقراطي. و أي عمل سياسي لا يستند على الشارع و مسنود بقطاع واسع من الجماهير لن يكتب له النجاح. أن أي قوى تعتقد أنها تريد أن تحدث تحولا ديمقراطيا بميزان المجتمع الدولي و دول الجوار التي ليس لها علاقة بالديمقراطية فهي تسير في الطريق الخطأ، فالذي يطالب التغيير يجب أن يتفاعل مع الجماهير و يجعل رهانه عليها وحدها. الخارج ربما يكون مشجعا و داعما، و لكنه لن يصنع هو الديمقراطية، و لا يقدر على حمايتها. فالذي يخاف من الجماهير و لا يريد التفاهم معها و تعبئتها لمشروعه، و يعمل على تغيبها، لا يحدثنا عن قضية التحول الديمقراطي. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com