اللاءات الثلاث . لا للحرب ولا للجيش ولا للجنجويد
حامد بشري
2 August, 2023
2 August, 2023
الحرب التي تدور رحاها اليوم في الخرطوم وأقليم دارفور ليست بحرب وطنية ولا حرب تحرير ولا حتي حرب دينية وأنما حرب بين فصيلين عسكريين أحدهما يتبع لقائد الجيش والآخر لنائبه . حرب علي كرسي الرئاسة . والدليل علي ذلك ، رغم النداءات المتكررة من الجيش (اللجنة الأمنية وكتائب الأسلاميين ) للشارع السوداني للأنضمام للقوات المسلحة بحجة الدفاع عن الوطن ، الأ أن النداء وُجه بالرفض التام لعلم المواطن السوداني بأن هذه الحرب لا تدخل في حساباته وفي نهاية الأمر سيعاني الأمرين مِن المنتصر العسكري في هذه الحرب .
من مساوئ الحرب الدائرة اليوم في السودان إضافة للقتل والتهجير والتدمير والإغتصاب والنهب والسعي الحثيث من قبل المتقاتلين وأعوانهم المحليين والأقليميين في محاولاتهم الجارية لأزالة الدولة السودانية ، تم أدخال عاملاً أضافياً لهذه المساوئ حيث نجحت هذه الكارثة أن تقسم السودانيين بين مؤيدٍ للجيش بكل مساوئه التي يعرفها الغاشي والداني وبين الغالبية الفاعلة في الحراك اليومي والنشاط العام التي ترفع شعار لا للحرب وبين من يقف مع جيش الجنجويد الذين تجمع أغلبهم العُصبة القبلية . الحجة الأساسية للمدافعين عن الجيش (القوات المسلحة سابقاً) برغم عزوفهم عن الأشتراك الفعلي في القتال أذا أستثنينا كتائب الأسلاميين الخفيه والعلنية التي التحقت أو تم الحاقها بالقوات النظامية يرون في القوات المسلحة مؤسسة (وطنية) و (قومية) عمرها أكثر من مائة عام حيث يجب دعمها والوقف خلفها أن كانت علي حق أو علي باطل بغض النظر من هم علي سدتها . هذه هي في نهاية المطاف (حارسنا وفارسنا) . والعامل الثاني المهم علي حسب رؤية من يدعمون هذا الأتجاه يرون في هذه الحرب اللعينة أن شعب السودان قادر علي هزيمة الجيش ( جن تعرفه أخير من جن ما بتعرفه) بدليل أنه بعد بطش وحكم أكثر من ثلاثين عاماً تحت مظلة الأسلام السياسي تمت هزيمته في ثورة ديسمبر المجيدة . كما وأن الفظائع المُرتكبه من قوات الجنجويد والتي لم يراها سكان العاصمة من قبل ساعدت في قبول ضرورة الوقوف مع الجيش رغم أنه لم يدافع أو يحمي مواطنيه مع التغافل التام عن جرائمه الكبري السابقة التي تقف علي رأسها جريمة فض الأعتصام التي أشتركا فيها معاً مع الجنجويد ، كذلك تم التناسي عن جريمة إطلاق سراح عناصر النظام البائد ورئيسه المطلوب للمحكمة الجنائية الدوليه والذي لا يُعرف مكان إقامته الحالية الآن ، والنشاط الحالي لأعضائه الفاعلين في ولاية كسلا والقضارف والنيل الأبيض وأبادة مواطني عاصمة البلاد بالطائرات . أما في الجانب الآخر فهناك من يري أن أنتصار الجيش علي قوات الجنجويد يعني عودة كاملة الدسم لحكم الأسلاميين المتذمتين وبالضرورة سيكون أسوء من حكمهم السابق حيث تعتصر صدورهم وقلوبهم آثار فقدانهم للسلطة (تجربة لجنة إزالة التمكين) مع روح الأنتقام لمن (إستشهد) منهم ولا حديث عن الحريات والديمقراطية بل الاسوأ أن المشانق تنتظر الكل حيث يتم التعامل بشعار بسيط (من ليس معنا فهو ضدنا) ، ولنا في إستشهاد المعلم محمد الخير أسوة حسنة .
أما في المقابل الآخر ، فحدث ولا حرج من مغول الدعم السريع الذين رفعوا شعار دعمهم للحكم المدني الديمقراطي علي الرغم من أن الديمقراطية لا تأتي عبر فوهة البندقية ولم نشهد لهم أي ممارسات توحي بمصداقية تبنيهم لهذا الشعار وإنما شهد لهم العالم بالابادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي الذي يتم في دارفور وغربها في مدينة الجنينة حيث فاق عدد ضحاياها ، ضحايا فض الأعتصام . رسالتنا نوجهها الي قادة الدعم السريع ومستشاريه السياسيين والأعلاميين الذين ينكرون الأنتهاكات وخروقات حقوق الأنسان والحق في الحياة . شاهدنا كيف يتم تفريغ المدن علي أسنة رماحهم وأستباحة عاصمته وأغتصاب فتياته وأحتجاز مواطنية كرهائن . وصل بهم الأمر الي قرون مضت حيث تم أسترقاق النساء والفتيات مثلهم ومثل تنظيم الدولة الأسلامية (داعش) وكأنما أتتهم الفتوي من أبوبكر البغدادي أو أبو مصعب الزرقاوي . صحيح يجب ان لا ننسي أن الخطاب السياسي لمحاربي الدعم السريع (الجنجويد) شمل مظالم تاريخية للهامش السوداني ، وتطرق لقضايا محورية لها علاقة بالدولة السودانية بعد الأستقلال ، تشبه الي حد طرح الحركة الشعبية علي أيام القائد د. جون قرنق مع أختلاف أسلوب الحل . حرب الجنوب التي خاضها لتحقيق مطالبه تمت في الغابات أذا أستثنينا إحتلاله لمدينة الكرمك التي لم تدم طويلاً ، كما وأن الحرب التي تمت بقيادة الدكتور قرنق أتت في إعقاب أعلان حكومة الشمال أسلمة الجنوب المسيحي . أما حرب اليوم التي تدور في السودان فأن كلا المتحاربين يكبرون بأسم الله ، والأسلام منه براء . تذكرت في هذه الخاطرة ما جاء وجاد به الحاضر الغائب الدكتور منصور خالد في نعيه للفنان خوجلي عثمان (زرياب واهل الوسواس)
(فتحت رايات الإسلام تواتر الحزن، ثكْلا على ثكل . وتحت رايات الإسلام تكاثر الموت، قبراً وراء قبر. من الناس من دفع به المهووسون قهراً إلى آتون حرب لا يعود منها سالماً إلى آله وذويه، ومنهم من قضي عليهم غيلة في السراديب، ومنهم من حصدوا في المساجد دون أن يصيب أهلهم قوداً ولا وتراً . كل هذه الجانيات أُرتكبت – ماانفكت ترتكب – باسم دين كريم يدعوا الناس للرفق بالناس، ويُمني الباطشين بالمشقة . ففي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد حسن: "من رفق بأمتي رفق الله به، ومن شق على أمتي شق الله عليه". وإسلام أو لا إسلام، المشاق التي يعانيها أهل السودان على أيدي الرهط الذي يجسم على صدورنا اليوم لا تبيحها شرائع المجوس ناهيك عن شرع الإسلام . رهط شر أولئك القوم، بل هم الشر المحض ).
المجتمع المدني السوداني ذو التوجه الديمقراطي بمثقفيه ونقاباته وأحزابه المختلفة بدأت تسري في خلاياه حالة التشتت في تقييم الموقف من الحرب . هنالك في الأعلام بعض البيانات من أجسام نقابية تدعوا للوقوف ودعم القوات المسلحة ، كما نجد أن بعض الأعضاء الفاعلين في أحزاب يسارية بدأوا يتذمرون من أحزابهم لعدم أتخاذ موقف مساند للجيش ، وصل الامر بالبعض الي حد الأستقالة من الحزب الشيوعي لعدم تأييده للجيش البرهاني . هذا أضافة الي مثقفين محسوبين الي قوي اليسار بدأوا علانية في دعم الجيش . أتمني أن تزول هذه الغشاوة من أبصارهم . الحل الصائب لهذه المعضلة التي أصبحت خطئة هو أتخاذ موقف ضد الحرب وتكوين جبهة عريضة لمقاومة الطرفين المتحاربين بتجميع القوي النقابية ولجان المقاومة ونشطاء المجتمع المدني وقطاع النساء والشباب والطلاب والعمل وسط عضوية الأحزاب السياسيه التي تري في أستمرار هذه الحرب نهاية للدولة السودانية . عدم تبلور موقف سياسي موحد سيقود بالضرورة الي تدخل دولي وقد يكون عسكرياً لإيقاف الحرب حيث يصعب معه طرح علاج لإزمات السودان التاريخية وما خلفته الحرب من دمار علي مستوي القطر والأنسان والحيوان والبيئة .
لا للحرب ولا للجيش ولا للجنجويد
الثاني من أغسطس 2023
حامد بشري
hamedbushra6@gmail.com
من مساوئ الحرب الدائرة اليوم في السودان إضافة للقتل والتهجير والتدمير والإغتصاب والنهب والسعي الحثيث من قبل المتقاتلين وأعوانهم المحليين والأقليميين في محاولاتهم الجارية لأزالة الدولة السودانية ، تم أدخال عاملاً أضافياً لهذه المساوئ حيث نجحت هذه الكارثة أن تقسم السودانيين بين مؤيدٍ للجيش بكل مساوئه التي يعرفها الغاشي والداني وبين الغالبية الفاعلة في الحراك اليومي والنشاط العام التي ترفع شعار لا للحرب وبين من يقف مع جيش الجنجويد الذين تجمع أغلبهم العُصبة القبلية . الحجة الأساسية للمدافعين عن الجيش (القوات المسلحة سابقاً) برغم عزوفهم عن الأشتراك الفعلي في القتال أذا أستثنينا كتائب الأسلاميين الخفيه والعلنية التي التحقت أو تم الحاقها بالقوات النظامية يرون في القوات المسلحة مؤسسة (وطنية) و (قومية) عمرها أكثر من مائة عام حيث يجب دعمها والوقف خلفها أن كانت علي حق أو علي باطل بغض النظر من هم علي سدتها . هذه هي في نهاية المطاف (حارسنا وفارسنا) . والعامل الثاني المهم علي حسب رؤية من يدعمون هذا الأتجاه يرون في هذه الحرب اللعينة أن شعب السودان قادر علي هزيمة الجيش ( جن تعرفه أخير من جن ما بتعرفه) بدليل أنه بعد بطش وحكم أكثر من ثلاثين عاماً تحت مظلة الأسلام السياسي تمت هزيمته في ثورة ديسمبر المجيدة . كما وأن الفظائع المُرتكبه من قوات الجنجويد والتي لم يراها سكان العاصمة من قبل ساعدت في قبول ضرورة الوقوف مع الجيش رغم أنه لم يدافع أو يحمي مواطنيه مع التغافل التام عن جرائمه الكبري السابقة التي تقف علي رأسها جريمة فض الأعتصام التي أشتركا فيها معاً مع الجنجويد ، كذلك تم التناسي عن جريمة إطلاق سراح عناصر النظام البائد ورئيسه المطلوب للمحكمة الجنائية الدوليه والذي لا يُعرف مكان إقامته الحالية الآن ، والنشاط الحالي لأعضائه الفاعلين في ولاية كسلا والقضارف والنيل الأبيض وأبادة مواطني عاصمة البلاد بالطائرات . أما في الجانب الآخر فهناك من يري أن أنتصار الجيش علي قوات الجنجويد يعني عودة كاملة الدسم لحكم الأسلاميين المتذمتين وبالضرورة سيكون أسوء من حكمهم السابق حيث تعتصر صدورهم وقلوبهم آثار فقدانهم للسلطة (تجربة لجنة إزالة التمكين) مع روح الأنتقام لمن (إستشهد) منهم ولا حديث عن الحريات والديمقراطية بل الاسوأ أن المشانق تنتظر الكل حيث يتم التعامل بشعار بسيط (من ليس معنا فهو ضدنا) ، ولنا في إستشهاد المعلم محمد الخير أسوة حسنة .
أما في المقابل الآخر ، فحدث ولا حرج من مغول الدعم السريع الذين رفعوا شعار دعمهم للحكم المدني الديمقراطي علي الرغم من أن الديمقراطية لا تأتي عبر فوهة البندقية ولم نشهد لهم أي ممارسات توحي بمصداقية تبنيهم لهذا الشعار وإنما شهد لهم العالم بالابادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي الذي يتم في دارفور وغربها في مدينة الجنينة حيث فاق عدد ضحاياها ، ضحايا فض الأعتصام . رسالتنا نوجهها الي قادة الدعم السريع ومستشاريه السياسيين والأعلاميين الذين ينكرون الأنتهاكات وخروقات حقوق الأنسان والحق في الحياة . شاهدنا كيف يتم تفريغ المدن علي أسنة رماحهم وأستباحة عاصمته وأغتصاب فتياته وأحتجاز مواطنية كرهائن . وصل بهم الأمر الي قرون مضت حيث تم أسترقاق النساء والفتيات مثلهم ومثل تنظيم الدولة الأسلامية (داعش) وكأنما أتتهم الفتوي من أبوبكر البغدادي أو أبو مصعب الزرقاوي . صحيح يجب ان لا ننسي أن الخطاب السياسي لمحاربي الدعم السريع (الجنجويد) شمل مظالم تاريخية للهامش السوداني ، وتطرق لقضايا محورية لها علاقة بالدولة السودانية بعد الأستقلال ، تشبه الي حد طرح الحركة الشعبية علي أيام القائد د. جون قرنق مع أختلاف أسلوب الحل . حرب الجنوب التي خاضها لتحقيق مطالبه تمت في الغابات أذا أستثنينا إحتلاله لمدينة الكرمك التي لم تدم طويلاً ، كما وأن الحرب التي تمت بقيادة الدكتور قرنق أتت في إعقاب أعلان حكومة الشمال أسلمة الجنوب المسيحي . أما حرب اليوم التي تدور في السودان فأن كلا المتحاربين يكبرون بأسم الله ، والأسلام منه براء . تذكرت في هذه الخاطرة ما جاء وجاد به الحاضر الغائب الدكتور منصور خالد في نعيه للفنان خوجلي عثمان (زرياب واهل الوسواس)
(فتحت رايات الإسلام تواتر الحزن، ثكْلا على ثكل . وتحت رايات الإسلام تكاثر الموت، قبراً وراء قبر. من الناس من دفع به المهووسون قهراً إلى آتون حرب لا يعود منها سالماً إلى آله وذويه، ومنهم من قضي عليهم غيلة في السراديب، ومنهم من حصدوا في المساجد دون أن يصيب أهلهم قوداً ولا وتراً . كل هذه الجانيات أُرتكبت – ماانفكت ترتكب – باسم دين كريم يدعوا الناس للرفق بالناس، ويُمني الباطشين بالمشقة . ففي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد حسن: "من رفق بأمتي رفق الله به، ومن شق على أمتي شق الله عليه". وإسلام أو لا إسلام، المشاق التي يعانيها أهل السودان على أيدي الرهط الذي يجسم على صدورنا اليوم لا تبيحها شرائع المجوس ناهيك عن شرع الإسلام . رهط شر أولئك القوم، بل هم الشر المحض ).
المجتمع المدني السوداني ذو التوجه الديمقراطي بمثقفيه ونقاباته وأحزابه المختلفة بدأت تسري في خلاياه حالة التشتت في تقييم الموقف من الحرب . هنالك في الأعلام بعض البيانات من أجسام نقابية تدعوا للوقوف ودعم القوات المسلحة ، كما نجد أن بعض الأعضاء الفاعلين في أحزاب يسارية بدأوا يتذمرون من أحزابهم لعدم أتخاذ موقف مساند للجيش ، وصل الامر بالبعض الي حد الأستقالة من الحزب الشيوعي لعدم تأييده للجيش البرهاني . هذا أضافة الي مثقفين محسوبين الي قوي اليسار بدأوا علانية في دعم الجيش . أتمني أن تزول هذه الغشاوة من أبصارهم . الحل الصائب لهذه المعضلة التي أصبحت خطئة هو أتخاذ موقف ضد الحرب وتكوين جبهة عريضة لمقاومة الطرفين المتحاربين بتجميع القوي النقابية ولجان المقاومة ونشطاء المجتمع المدني وقطاع النساء والشباب والطلاب والعمل وسط عضوية الأحزاب السياسيه التي تري في أستمرار هذه الحرب نهاية للدولة السودانية . عدم تبلور موقف سياسي موحد سيقود بالضرورة الي تدخل دولي وقد يكون عسكرياً لإيقاف الحرب حيث يصعب معه طرح علاج لإزمات السودان التاريخية وما خلفته الحرب من دمار علي مستوي القطر والأنسان والحيوان والبيئة .
لا للحرب ولا للجيش ولا للجنجويد
الثاني من أغسطس 2023
حامد بشري
hamedbushra6@gmail.com