الحل ليس هو البرهان
عبدالمنعم عبدالله
31 August, 2023
31 August, 2023
babdelmoneim@aol.com
كان يأمل الثوار، وقد انتصرت ثورتهم ضد أكثر الأنظمة فاشية وقمعية وتطرفا في تاريخ المنطقة، وبعد بذل التضحيات الغالية، بمسيرة ميمونة نحو الديمقراطية تتوج هذه التضحيات بالولوج الي دولة الرفاهية والتنمية لكل شعوب السودان. تجسد حلمهم في مدينة اعتصام القيادة الفاضلة. غير ان العراقيل والعقبات وضعت لإعاقة وعكس اتجاه هذه المسيرة. بالتأكيد لن تتوقف هذ المسيرة المباركة نحو التحول الديمقراطي وان اعاقتها العراقيل. سوف تصل الى مبتغاه وان تكالب العسكر وكيزان لتغير وجهتها. سيجد المتأمل لهذه المسيرة عامل مشترك كان دائما حاضر وفاعل بقوة لعرقلة هذه المسيرة. الا وهو البرهان.
وعد البرهان الشعب السوداني وهو يتسلم زمام قيادة الجيش الالتزام بالتحول الي المدنية والديمقراطية انحيازا لخيارات الشعب. ولكنه فاجأ الجميع بانقلابه الأول الذي كان في غاية الدموية والعنف والوحشية تجلى في فض اعتصام القيادة وإعلانه حالة الطوارئ. بالتأكيد كان ماضيا في خلق نظام شمولي تدويلا للنظام الإنقاذ الكيزاني. تصدى الشعب السوداني لمشروع البرهان التسلطي بحزم وعزم مستخدمين سلاح الشعب السوداني المجرب؛ الإضراب والعصيان المدني مع السلمية الرائعة. فشل الانقلاب، ولكن لم تيأس نفس البرهان الأمارة بالسوء.
طأطأ للريح الثورة العاتية، ولم يرعو. رضي بالوثيقة الدستورية وهو كاره، وضامر للشر. كانت كل تصرفاته وقراراته التالية استهانة بالوثيقة الدستورية وتطلعات الشعب السوداني، تمثلت في التغول على الكثير من السلطات، قراره الإلحادي بالتطبيع مع النظام الصهيوني، تعينه دقلو نائبا له، تشكيل مجلس الشركاء، إغلاق طريق بورتسودان، عرقلت انشاء المؤسسات الديمقراطية، رفضه إصلاح المؤسسة العسكرية وإنكاره تقلقل الكيزان داخلها ومؤسسات الدولة الأخرى، منع تطير القضاء، لجم مجهودات تفكيك التمكين، الاتفاقات المشبوه مع دول أجنبية، خلق سيولة أمنية وانتشار تسعة طويلة والعصابات الإجرامية المختلفة. هذا قمة جبل الجليد وما خفية أعظم.
في لحظة نشوى بالذات أعلن انقلابه الثاني متحالفا مع ذات الدلقو وجماعات دارفور المسلحة والكيزان خلف الكواليس. فمزق الوثيقة التي وقعها بالأمس القريب وقد أعطى القسم الغليظ بصونها وحفظها. وزج برفقائه في الحكومة في السجون. لم يخن الثوار ولم يتبدلوا، تصدوا بكل بسالة وشجاعة لمشروع البرهان التسلطي الكيزاني. واجه البرهان رفض الشعب السوداني الغاضب للديكتاتورية وعسكراتية السياسة بكل وحشية وتجبر، وقتل ما قتل وسجن ما سجن ونكل بما نكل وهو في تيه وعتل. عندما اتضح له فشل مشروعه وعجزه إدارة الدولة، وتحت زخم الرفض الشعبي العارم والإدانات والتهديدات الدولية التجأ الي حيلة جديدة أخرجها من جراب الكيزان الذي لا ينضب من التآمر والدسائس، الا وهي التوقيع على الاتفاق الإطاري على امل كسب الوقت لا إيمان بها.
ابتدر البرهان حقبة جديدة من الاعيبه وابتزازه للشعب السوداني بالترويج ان الجيش قد خرج من السياسة وراح الى السكنات، وأنه مع الاتفاق الإطاري وباصم عليه. شارك البرهان في كل خطوات تطور الاتفاق الإطاري، طبعاً تحت ضغط وتهديد المجتمع الدولي، حتى الوصول الى محطة الإصلاح العسكري. عندها أخرج للشعب السوداني لسانه، وكشر عن انيابه. وصرح أنه لن يمضي في الاتفاق الطاري الذي وقعه بنفسه ويعلم كل تفاصيله الا بدمج الدعم السريع. علما ان طوال أربع سنين كان فيها الاَمر الناهي في الشأن العسكري لم يطرح موضوع الدمج، بالعكس كان يمجد الدعم السريع وساهم في تمدده وتضخمه. علاقة البرهان بالدعم السريع علاقة متينة جدا ممتدة منذ حملات الكيزان العسكرية في دارفور.
البرهان جزء أصيل من المشكل السوداني القائم اليوم، بل هو من رتب وهيئ وأخرج هذا المشهد العبثي. فهل يا ترى يمكن ان يكون جزء من الحل. كذب البرهان وإن تحسبوه لا تحصوه، فكيف يؤتمن وهو لم يوف ولو لمرة واحدة ما وعد.
هناك حقيقة يجب التمعن فيها وسبر غورها هي أن المؤسسة العسكرية حكمت وبشكل مطلق ما يقارب الستون عام من سبع وستين عام من عمر السودان الوطني. كانت محصلة هذه السنين العجاف تمزيق الوطن، وحروب مستدامة، احتلال أجنبي لأراض عزيزة من تراب الوطن، التفريض في السيادة الوطنية، فشل تنموي رهيب، فقر وتشريد للمواطنين، معسكرات لللاجئين السودانيين داخل وخارج القطر، نهب مفضوح للموارد البلاد، اغتصاب للنساء والرجال وإزلالهم، بيع أراضي السودان في سوق النخاسة، تجريف المشاريع القومية، دفن النفايات المحرمة في صحاريه، تطهير عرقي، قتل على الهوية، تنامي القبلية و تفشي المحسوبية، فساد سرطاني، إغراق لأقدم حضارة على وجه البسيطة وتهجير أهلها واقتلاعهم من تراب عاشوا عليه الاف السنين خدمة للغير، استباحة المخابرات الأجنبية للبلاد، رئيس البلاد مطارد كمجرم حرب، توطين الهوس والإرهاب الديني أرض السماحة والتسامح، عزل البلاد عن المجتمع الدولي، انهيار التعليم واضمحلال المؤسسات التعليمة التي كان يشار لها بالبنان، إفساد الحياة السياسية، خنق الرأسمالية الوطنية لمصلحة الطفيليين، تردي العملة الوطنية الى ما دون الخضيض، تقزيم البلاد التي كانت موضع الاحترام والتقدير، التخلي عن الثوابت الوطنية والارتماء في احضان الصهيونية، الارتزاق بالجنود السودانيين، هذه قطرات في بحر من الفشل والإخفاقات والخطايا.
لابد من التوقف عن التذلل ومهادنة العسكر. يكفي سبعون عاما من التودد والتزلف والتملق للمؤسسة العسكرية وكأنها عجل مقدس. لسودان جديد يجب نقد المؤسسة العسكرية وكشف اخفاقاتها بك امانة وشجاعة منا وبكل تجرد ومسؤولية من قادة هذه المؤسسة، ومن ثم إصلاحها. وعلى قادة المؤسسة العسكرية التواضع والإقرار انهم ليسوا فوق البشر ولا أوصياء على البلاد أو العباد. بل إنهم أقل القطاعات في المجتمع أنتاج. يمكن للمجتمعات ان تحيا وتزدهر بدون جيوش، ولكن ليس بدون أطباء، او مهندسين، او معلمين، او مزارعين، أو رعاة، أو أي من بقية القطاعات المنتجة.
كان يأمل الثوار، وقد انتصرت ثورتهم ضد أكثر الأنظمة فاشية وقمعية وتطرفا في تاريخ المنطقة، وبعد بذل التضحيات الغالية، بمسيرة ميمونة نحو الديمقراطية تتوج هذه التضحيات بالولوج الي دولة الرفاهية والتنمية لكل شعوب السودان. تجسد حلمهم في مدينة اعتصام القيادة الفاضلة. غير ان العراقيل والعقبات وضعت لإعاقة وعكس اتجاه هذه المسيرة. بالتأكيد لن تتوقف هذ المسيرة المباركة نحو التحول الديمقراطي وان اعاقتها العراقيل. سوف تصل الى مبتغاه وان تكالب العسكر وكيزان لتغير وجهتها. سيجد المتأمل لهذه المسيرة عامل مشترك كان دائما حاضر وفاعل بقوة لعرقلة هذه المسيرة. الا وهو البرهان.
وعد البرهان الشعب السوداني وهو يتسلم زمام قيادة الجيش الالتزام بالتحول الي المدنية والديمقراطية انحيازا لخيارات الشعب. ولكنه فاجأ الجميع بانقلابه الأول الذي كان في غاية الدموية والعنف والوحشية تجلى في فض اعتصام القيادة وإعلانه حالة الطوارئ. بالتأكيد كان ماضيا في خلق نظام شمولي تدويلا للنظام الإنقاذ الكيزاني. تصدى الشعب السوداني لمشروع البرهان التسلطي بحزم وعزم مستخدمين سلاح الشعب السوداني المجرب؛ الإضراب والعصيان المدني مع السلمية الرائعة. فشل الانقلاب، ولكن لم تيأس نفس البرهان الأمارة بالسوء.
طأطأ للريح الثورة العاتية، ولم يرعو. رضي بالوثيقة الدستورية وهو كاره، وضامر للشر. كانت كل تصرفاته وقراراته التالية استهانة بالوثيقة الدستورية وتطلعات الشعب السوداني، تمثلت في التغول على الكثير من السلطات، قراره الإلحادي بالتطبيع مع النظام الصهيوني، تعينه دقلو نائبا له، تشكيل مجلس الشركاء، إغلاق طريق بورتسودان، عرقلت انشاء المؤسسات الديمقراطية، رفضه إصلاح المؤسسة العسكرية وإنكاره تقلقل الكيزان داخلها ومؤسسات الدولة الأخرى، منع تطير القضاء، لجم مجهودات تفكيك التمكين، الاتفاقات المشبوه مع دول أجنبية، خلق سيولة أمنية وانتشار تسعة طويلة والعصابات الإجرامية المختلفة. هذا قمة جبل الجليد وما خفية أعظم.
في لحظة نشوى بالذات أعلن انقلابه الثاني متحالفا مع ذات الدلقو وجماعات دارفور المسلحة والكيزان خلف الكواليس. فمزق الوثيقة التي وقعها بالأمس القريب وقد أعطى القسم الغليظ بصونها وحفظها. وزج برفقائه في الحكومة في السجون. لم يخن الثوار ولم يتبدلوا، تصدوا بكل بسالة وشجاعة لمشروع البرهان التسلطي الكيزاني. واجه البرهان رفض الشعب السوداني الغاضب للديكتاتورية وعسكراتية السياسة بكل وحشية وتجبر، وقتل ما قتل وسجن ما سجن ونكل بما نكل وهو في تيه وعتل. عندما اتضح له فشل مشروعه وعجزه إدارة الدولة، وتحت زخم الرفض الشعبي العارم والإدانات والتهديدات الدولية التجأ الي حيلة جديدة أخرجها من جراب الكيزان الذي لا ينضب من التآمر والدسائس، الا وهي التوقيع على الاتفاق الإطاري على امل كسب الوقت لا إيمان بها.
ابتدر البرهان حقبة جديدة من الاعيبه وابتزازه للشعب السوداني بالترويج ان الجيش قد خرج من السياسة وراح الى السكنات، وأنه مع الاتفاق الإطاري وباصم عليه. شارك البرهان في كل خطوات تطور الاتفاق الإطاري، طبعاً تحت ضغط وتهديد المجتمع الدولي، حتى الوصول الى محطة الإصلاح العسكري. عندها أخرج للشعب السوداني لسانه، وكشر عن انيابه. وصرح أنه لن يمضي في الاتفاق الطاري الذي وقعه بنفسه ويعلم كل تفاصيله الا بدمج الدعم السريع. علما ان طوال أربع سنين كان فيها الاَمر الناهي في الشأن العسكري لم يطرح موضوع الدمج، بالعكس كان يمجد الدعم السريع وساهم في تمدده وتضخمه. علاقة البرهان بالدعم السريع علاقة متينة جدا ممتدة منذ حملات الكيزان العسكرية في دارفور.
البرهان جزء أصيل من المشكل السوداني القائم اليوم، بل هو من رتب وهيئ وأخرج هذا المشهد العبثي. فهل يا ترى يمكن ان يكون جزء من الحل. كذب البرهان وإن تحسبوه لا تحصوه، فكيف يؤتمن وهو لم يوف ولو لمرة واحدة ما وعد.
هناك حقيقة يجب التمعن فيها وسبر غورها هي أن المؤسسة العسكرية حكمت وبشكل مطلق ما يقارب الستون عام من سبع وستين عام من عمر السودان الوطني. كانت محصلة هذه السنين العجاف تمزيق الوطن، وحروب مستدامة، احتلال أجنبي لأراض عزيزة من تراب الوطن، التفريض في السيادة الوطنية، فشل تنموي رهيب، فقر وتشريد للمواطنين، معسكرات لللاجئين السودانيين داخل وخارج القطر، نهب مفضوح للموارد البلاد، اغتصاب للنساء والرجال وإزلالهم، بيع أراضي السودان في سوق النخاسة، تجريف المشاريع القومية، دفن النفايات المحرمة في صحاريه، تطهير عرقي، قتل على الهوية، تنامي القبلية و تفشي المحسوبية، فساد سرطاني، إغراق لأقدم حضارة على وجه البسيطة وتهجير أهلها واقتلاعهم من تراب عاشوا عليه الاف السنين خدمة للغير، استباحة المخابرات الأجنبية للبلاد، رئيس البلاد مطارد كمجرم حرب، توطين الهوس والإرهاب الديني أرض السماحة والتسامح، عزل البلاد عن المجتمع الدولي، انهيار التعليم واضمحلال المؤسسات التعليمة التي كان يشار لها بالبنان، إفساد الحياة السياسية، خنق الرأسمالية الوطنية لمصلحة الطفيليين، تردي العملة الوطنية الى ما دون الخضيض، تقزيم البلاد التي كانت موضع الاحترام والتقدير، التخلي عن الثوابت الوطنية والارتماء في احضان الصهيونية، الارتزاق بالجنود السودانيين، هذه قطرات في بحر من الفشل والإخفاقات والخطايا.
لابد من التوقف عن التذلل ومهادنة العسكر. يكفي سبعون عاما من التودد والتزلف والتملق للمؤسسة العسكرية وكأنها عجل مقدس. لسودان جديد يجب نقد المؤسسة العسكرية وكشف اخفاقاتها بك امانة وشجاعة منا وبكل تجرد ومسؤولية من قادة هذه المؤسسة، ومن ثم إصلاحها. وعلى قادة المؤسسة العسكرية التواضع والإقرار انهم ليسوا فوق البشر ولا أوصياء على البلاد أو العباد. بل إنهم أقل القطاعات في المجتمع أنتاج. يمكن للمجتمعات ان تحيا وتزدهر بدون جيوش، ولكن ليس بدون أطباء، او مهندسين، او معلمين، او مزارعين، أو رعاة، أو أي من بقية القطاعات المنتجة.