ما بين اليقين والهواجس بحملة نقاء الفضاء السياسي من الدعم الاستخباراتي

 


 

 

زهير عثمان
في هذا الأسبوع عاد السجال والجدال لقضية تمويل العمل العام وجهود المدنيين في الازمة السياسية كتبت مقالات الأول كتبه الأستاذ صديق الزيلعي والثاني سطرته الأستاذة النابه رشا عوض , لا أريد مناقشة موضوع تمويل تنسيقية تقدم من بعض المنظمات الدولية, هذا موضوع مهم وحساس، ويمكن أن يثير آراء مختلفة ومتناقضة, لقد قرأت المقالات بعناية، وأحترم وجهة نظرهما والمعلومات التي طرحت في متون ما كتبوا ولكني لا أستطيع أن أعطيكم راي محدد ، لأن قد يعتمد على موقفهما السياسي والأخلاقي والقانوني وما يمكنني فعله هو أن أقدم لك بعض النِّقَاط التي قد تساعدك في تقييم ما يمكن أن تكون عليه في أمر تمويل المنظمات السياسية ذات الصغبة المحايدة في هذا الصراع المسلح ، ويجب أن نفرق بين المنظمات الدولية المختلفة، وأن نعرف مصادر تمويلها وأهدافها ومبادئها وسجلها القيمي في التعامل مع قضايا الديمقراطية والعنف السياسي وليس كل المنظمات الدولية تعمل بنفس الطريقة أو تحمل نفس الرسالة , بعضها قد يكون محايدا ومهنيا وملتزما بالقيم الإنسانية والديمقراطية، وبعضها قد يكون متحيزًا أو متورطًا في أجندات سياسية أو اقتصادية أو أمنية, لذلك، يجب أن نتحقق من المصداقية وشفافية المنظمات التي تتعامل معها، وأن تراجع شروط ومسؤوليات التمويل الذي تقبله
ثانيَا، يجب أن تحدد ما هي الحاجات والأولويات التي تواجهها تنسيقية تقدم، وما هي الفوائد والمخاطر المرتبطة بالتمويل الدولي. هل تحتاج تنسيقية تقدم إلى المال فقط، أم أيضا إلى الخبرة والتدريب والشبكات والدعم الفني؟ هل يمكن لتنسيقية تقدم أن تجد مصادر تمويل محلية أو إقليمية أو بديلة؟ هل يمكن لتنسيقية تقدم أن تحافظ على استقلاليتها وهويتها ورؤيتها، وأن تتجنب أي تدخل أو تأثير سلبي من الممولين الدوليين؟ هل يمكن لتنسيقية تقدم أن تتحمل الانتقادات والشبهات والمساءلة التي قد تواجهها من جانب الرأي العام أو السلطات أو القوى السياسية الأخرى؟

ثالثَا، يجب أن تراعي السياق الوطني والدولي التي تعمل فيه تنسيقية تقدم، وأن تتوخى الحكمة والحذر والتوازن, هل تعيش البلاد حالة من الاستقرار والانفتاح والتعاون، أم من الصراع والتوتر والعداء؟ هل توجد قواعد وقوانين ومؤسسات تنظم وتراقب علاقات المجتمع المدني بالمنظمات الدولية، أم توجد فجوة أو غموض أو تضارب؟ هل توجد توافقات وتحالفات وشراكات , أفهم أنا وانت وكثيرين نقد الذباب الإلكتروني الذي يهاجم تنسيقية تقدم ويتهمها بالخيانة الوطنية والتمويل الأجنبي , وأنت تدافع عن تقدم وتبرر قبولها للتمويل من منظمات غربية تدعم السلام والديمقراطية في السودان , وأنت تنتقد الكيزان والدعم السريع الذين يسعون للحفاظ على سلطتهم ويقاتلون القِوَى الديمقراطية بمعترك هوائي لا طائلة منه , ولكني أود أن أسألكم بعض الأسئلة لفهم وجهة نظركم أكثر, ما هي مصادر المعلومات التي استندت إليها فيمَا طرحتم؟ هل هي موثوقة ومحايدة؟هل تعتقد أن هناك مجالَا للحوار والتفاهم بين تقدم والكيزان والدعم السريع؟ أم أن الصراع السياسي والعسكري هو الحل الوحيد؟
هل تعتقد أن التمويل الأجنبي لا يؤثر على استقلالية ومواقف تقدم؟ هل تقبل أن تقدم تتعاون مع أي جهة أجنبية تدعم أهدافها؟ , هل تعتقد أن الذباب الإلكتروني هو ظاهرة جديدة أم أنها موجودة منذ زمن؟ هل تعتقد أنها تمثل رأي الشعب السوداني أم أنها تعكس مصالح جهات معينة؟ شكراً على سؤالك. يبدو أننا نتحدث عن المقالات التي تنتقد منظمات المجتمع المدني في السودان وتتهمها بالخيانة أو العمالة لجهات أجنبية , و هذه المقالات قد تؤثر سلباً على فضاء تمويل العمل الطوعي في السودان، لأنها تخلق جواً من الريبة والخوف والتشكيك في مصداقية ونزاهة المنظمات الطوعية والإنسانية , و كما قد تعرض هذه المنظمات للإغلاق أو الحرمان من الموارد أو الاضطهاد من قبل السلطات أو الجماعات المسلحة , بالتالي، فإن الفاعلين المدنيين قد يتخوفون من هذه المقالات وحملات التخوين، ويحاولون الدفاع عن أنفسهم وعن دورهم في خدمة المجتمع والتنمية وحقوق الإنسان , ولكن هذا لا يعني أنهم يستسلمون للضغوط أو يتنازلون عن مبادئهم وقيمهم. بل يجب عليهم أن يواصلوا عملهم بشجاعة وإصرار، وأن يطالبوا بحرية التعبير والتجمع والعمل الطوعي، وأن يتحالفوا مع الجهات الداعمة والمتعاطفة محلياً ودوليا , كما يجب عليهم أن يثبتوا جدوى وفعالية عملهم من خلال الشفافية والمساءلة والتقييم والتوثيق
لسودان هو بلد يمر بمرحلة انتقالية حساسة بعد عقود من الحكم الديكتاتوري والنزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية. في عام 2023، شهد السودان انقلابًا عسكريًا أطاح بالسلطة الانتقالية التي تشكلت بعد ثورة شعبية , والانقلاب أدى إلى تفاقم الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي في البلاد وتعرض الحريات والحقوق الأساسية للانتهاكات والقمع. في هذا السياق، نشأت حملة نقاء الفضاء العام في السودان كمبادرة مدنية لمواجهة أحد العوامل المساهمة في تدهور الوضع في السودان، وهو التمويل الاستخباراتي للأنشطة في الفضاء العام. تعتقد الحملة أن هناك جهات خارجية تستغل الفضاء العام في السودان لتمرير أجنداتها ومصالحها وتأثيرها على السياسة والمجتمع في السودان. تهدف الحملة إلى رفع مستوى الوعي حول هذه القضية والضغط على السلطات السودانية لاتخاذ إجراءات لمكافحة هذا التمويل وحماية السيادة والديمقراطية والسلم الاجتماعي في السودان , و تحت ذرائع وحجج التنمية والخروج من الفقر والجهل والمرض قبلت النخب الحاكمة البقاء على روابط قوية مع القوى التي احتلها، والأمثلة الأبرز هي دول أفريقيا من هذا المدخل أمكن لقوى المخابرات الغربية أن تعاود التسرب إلى مستعمراتها السابقة وغالبا باسم حجج كثيرة ، ولم يمر عقد على إعلانات الاستقلال حتى كانت هذا الدول خاضعة من جديد ولم يبق لها من السيادة إلا شكليات غير فعالة أفلحت قوى الهيمنة في ربط صلات أقوى بالدول الافريقية مما كان لها تحت الاحتلال المباشر؛ عبر فرض ثقافتها ونظمها التعليمية وجهات نظرها التحديثية، ثم احتكرت أسواق مستعمراتها لمنتجاتها الصناعية فصارت الدول أسواقا مفتوحة ملحقة باقتصاديات المحتل القديم، وكان يجب تكليف حراس على هذه الأسواق الغنيمة السهلة التي لا تكلف جنديا أو بندقية.

أن حملة نقاء الفضاء العام في السودان من التمويل الاستخباراتي هي حملة تهدف إلى محاربة التدخل الأجنبي في الفضاء العام السوداني، وخاصة من قبل القِوَى الاستخباراتية الأجنبية , بدأت الحملة في عام 2022، بعد أن تصاعدت المخاوف من أن التدخل الأجنبي يؤثر على العملية السياسية في السودان, وكانت تركز الحملة على الكشف عن مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات والأفراد النشطاء في الفضاء العام السوداني، ولا سيما تلك التي تروج لأفكار أو أجندات سياسية معين , كما تركز الحملة على توعية الجَمهور السوداني بالمخاطر التي ينطوي عليها التدخل الأجنبي في الفضاء العام ولقد حظيت الحملة بدعم من عدد من المنظمات السودانية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والجمعيات المهنية. كما تحظى الحملة بدعم من بعض الشخصيات السودانية البارزة، بما في ذلك السياسيون والأكاديميون وحققت الحملة بعض النجاحات في تحقيق أهدافها , فقد نجحت في الكشف عن مصادر التمويل الأجنبي لبعض المنظمات والأفراد النشطاء في الفضاء العام السوداني, كما نجحت الحملة في توعية شباب الثورة وكل قطاعات الشعب السوداني بالمخاطر التي ينطوي عليها التدخل الأجنبي في الفضاء العام ولاتزال تعمل بكم مقدر من الاعضاء المتطوعيين ولديها بنك معلومات ممتازة وبه كم مقدرة من الدراسات أكاديمية ذات القيمة ومع ذلك، ما تزال الحملة تواجه عددًا من التحديات فهناك صعوبة في الكشف عن جميع مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات والأفراد النشطاء في الفضاء العام السوداني , كما أن هناك صعوبة في إقناع الجَمهور السوداني بأهمية محاربة التدخل الأجنبي في الفضاء العام

فيمَا يلي بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز حملة نقاء الفضاء العام في السودان من التمويل الاستخباراتي زيادة الدعم المالي واللوجستي للحملة من قبل المنظمات السودانية والدولية.تعزيز التعاون بين الحملة والمنظمات السودانية الأخرى التي تعمل على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.تكثيف الجهود لتوعية الجَمهور السوداني بالمخاطر الذي ينطوي عليها التدخل الأجنبي في الفضاء العام من خلال اتخاذ هذه الخطوات، يمكن أن تصبح حملة نقاء الفضاء العام في السودان أكثر فعالية في تحقيق أهدافها.ملة نقاء الفضاء العام في السودان من التمويل الاستخباراتي هي حملة أطلقها مجموعة من النشطاء السودانيين في عام 2023 بهدف محاربة التمويل الاستخباراتي للأنشطة في الفضاء العام في السودان تعتقد المجموعة أن التمويل الاستخباراتي يساهم في نشر الخطاب الكراهيَة والتعصب والعنف في الفضاء العام السوداني. ,كما تعتقد أن هذا التمويل يهدف إلى تقويض العملية الديمقراطية في السودان , تهدف الحملة إلى رفع مستوى الوعي حول قضية التمويل الاستخباراتي للأنشطة في الفضاء العام السوداني. كما تهدف إلى الضغط على السلطات السودانية لاتخاذ إجراءات لمكافحة هذا التمويل. قامت الحملة بإطلاق عدة مبادرات في إطار جهودها لمكافحة التمويل الاستخباراتي للأنشطة في الفضاء العام السوداني. من هذه المبادرات إطلاق حملة توعية إعلامية حول قضية التمويل الاستخباراتي. إعداد تقارير ودراسات في تأثير التمويل الاستخباراتي على الفضاء العام السوداني. التواصل مع السلطات السودانية لحثها على اتخاذ إجراءات لمكافحة هذا التمويل. تلقت الحملة دعمًا من عدد من الجهات المحلية والدولية. كما أثارت الحملة اهتمامًا كبيرًا في الأوساط السودانية والدولية. فيما يلي بعض النتائج التي حققتها الحملة: أدى إطلاق الحملة إلى زيادة الوعي حول قضية التمويل الاستخباراتي للأنشطة في الفضاء العام السودان و دفعت الحملة السلطات السودانية إلى اتخاذ بعض الإجراءات لمكافحة هذا التمويل و أسهمت الحملة في خلق نقاش عام حول قضية التمويل الاستخباراتي و تسعى الحملة إلى مواصلة جهودها لمكافحة التمويل الاستخباراتي للأنشطة في الفضاء العام السوداني. وتعتقد أن هذه القضية تمثل تهديدًا شديد الْخَطَر للديمقراطية والسلم الاجتماعي في السودان فيمَا يلي بعض التوصيات التي قدمتها الحملة للسلطات السودانية وهي وضع تشريعات لمكافحة التمويل الاستخباراتي للأنشطة في الفضاء العام. إنشاء لجنة مستقلة للتحقيق في قضايا التمويل الاستخباراتي. تعزيز التعاون بين السلطات السودانية والدول الأخرى في مجال مكافحة التمويل الاستخباراتي.بالرغم من الظروف الحالية ولكن ليس هذا يقينا فقط بل نعرف الكثير من قيادات القوي المدنية بحق أقول أنهم أفقر من ضب بصحراء العراق وبالفعل نجحت حملة نقاء الفضاء العام في السودان من التمويل الاستخباراتي كحملة شعبية إلى حد ما. فقد حظيت الحملة بدعم من عدد من المنظمات السودانية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والجمعيات المهنية. كما حظيت الحملة بدعم من بعض الشخصيات السودانية البارزة، بما في ذلك السياسيون والأكاديميون
وقد ساهمت الحملة في زيادة الوعي السوداني بالمخاطر التي ينطوي عليها التدخل الأجنبي في الفضاء العام. كما ساهمت الحملة في الكشف عن مصادر التمويل الأجنبي لبعض المنظمات والأفراد النشطاء في الفضاء العام السوداني
ومع ذلك، لا تزل الحملة تواجه بعض التحديات. فهناك صعوبة في الكشف عن جميع مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات والأفراد النشطاء في الفضاء العام السوداني ثم أن هناك صعوبة في إقناع الجَمهور السوداني بأهمية محاربة التدخل الأجنبي في الفضاء العام , ويمكن القول أن حملة نقاء الفضاء العام في السودان من التمويل الاستخباراتي حققت بعض النجاحات بصفة كحملة شعبية، ولكنها لا تزل تواجه بعض التحديات وفي بعض الاحيان وتستغل في الصراع السياسي الدائر وتعمل علي تبيض جهات مشبوهة ولكن نظلن توخي الحذر والتمحيص العقلاني دون الركون للعاطفة او المِزَاج السائد .

zuhairosman9@gmail.com
/////////////////////

 

آراء