إلى عَلِي المك: مرة أخرى، ننْعَى إِلَيْكَ أُمُّ دُرْمَانْ

 


 

 

د. أحمد جمعة صديق
أَنْعِمْ بِمَثْوَاك
فِي سَمَّاكَ... يَا عَلِي
لَكِنِّي أَنْعَى إِلَيْكَ أُمُّ دُرْمَانْ
المدينةُ التي أحبتتَها،
عشِقْتَها،،،
مدينتك!!
المدينة اَلْفَاضِلهْ!

مَدِينَة مِنْ تُرَابٍ!!
كانت تَنَاطُحُ اَلسَّحَابْ
لكنها غَدَتْ مَدِينَةْ مِنْ سَرَابْ
تَحْتَلُّهَا اَلذِّئَابُ
فِي عَرْصَاتِهَا تَحُومَ اَلْبُومُ وَالْغِرْبَانْ
حِينَمَا خَطَتْ عَلَى دُرُوبِهَا قَبَائِلُ اَلْعُرْبَان
تِنَادُو مِنْ تَمْبَكْتُو
مِنْ ودَايّ
وتنادوا مِنْ اَلسُّودَان
تِنَادُو إِلَى اَم دَّرْمَانْ

كانت مدينةُ الأمانْ
لَكِنَّهَا دَرَسَتْ - فَلِمَ يَعُدْ فيها الأَمَان
نَزَلَتْ سَاحَتَهَا اَلْعُرْبَانْ
فَأَرْعَبُوا اَلسُّكَّانَ ... يَا عَلِي
اِغْتَصَبُوا الْحَرَائِرَ،
واَلْحَدَائِقَ،،،
وَأَشْعَلُوا اَلنِّيرَانَ... يَا عَلِي

وَتِلْكَ اَلشَّوَارِع اَلَّتِي اَحبَبْتَهَا - يَا عَلِي
وَالْبُيُوتُ اَلَّتِي كَانَتْ تُطِلُّ عَلَيْكَ مِنْ عَلِ
كانت حِيشَانُها أَنِيقَةً بِالْفُلِّ وَالْقَرَنْفُلِ
غَدَتْ وَكَأَنَّهَا قَدْ حُصَدَتْ بِمِنْجَلِ

آبَ رُوفُ وَالْهَاشَمَابُ ... يَا عَلِي
كلُها تَئِنُّ كَانَهَا مَرِيضَةٌ بِالسُّلِّ والَكُلِي
و (ود دُرُو) لَوْ تَدْرِي بحالِها
سَطَا عَلَيْهَا لُصُوصُ اَلنَّيْجَرِ
فِي اَلْفَجْرِ ... يَا عَلِي
تَسَلَّقُوا أَسْوَارَ ( اَلْأَزْهَرِيَّ )
و(عَبْدُ اَللَّهْ خَلِيلْ) لَمْ يَنْجُوَ أيضاً يَا عَلِي
فِي مَقْتَلٍ اصُيبَ يا علي
بِالْعُرْبَانِ، اُبْتُلِيِ
في الشوارعِ...
يَمْرَحُونَ،
يَقْتُلُونَ،
وَيُنْهَبُونَ...

و(قُبَّةُ اَلْمَهْدِي) ... يَا عَلِي
واهٍ عَلَيْهَا يَا عَلِي
قَدْ لَامَسَتْ هَامَتُهَا تُرَابَ أُمِّ دُرْمَانْ
حَوْشُ اَلْخِيلْفَةِ يَرْثِي لِحَالِهَا
فَقَدْ شَاهَدَ اَلْأَحْدَاثَ فِي اَلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ
هو أَيْضًا يَنْعَى إِلَيْكَ أُمُّ دُرْمَانَ ... يَا عَلِي

شَوَارِعُ اَلْمَدِينَةِ تَضِجُّ بِالْغُرَبَاءِ
مِنْ (اَلْوَادِي)،
إِلَى (اَلدُّومَة)،
و (مَكِّيْ وِدَّ عَرُوسَةَ)
حَزِينَةً كُلُّهُا اَلشَّوَارِعَ ... يَا عَلِي
وَكُلَّهَا مَحْرُوسَةٌ...
بَالْدُوشْكَا وَالْكَلَاشَنْكُوفْ
وَالسُّوخُويْ تُطِلَّ عَلَيْنَا؛ يَا عَلِي مِنْ عَلِ
وَتَهْبِطُ اَلدَّانَاتُ مِنْ اَلسَّمَاءِ
فِي اَلصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ

أُمِّ دُرْمَانْ... يَا عَلِي غَدَتْ مَدِينَةَ اَلْأَشْبَاحْ
مِنْ اَلثَّوْرَاتِ،
إِلَى اَلْحَارَاتِ،
إِلَى أُمبَدَاتِ
لبسِتْ أحزانَها وِشاح
مَغْصُوبَةُ اَلضَّفَائِرِ مِنْ قَبَائِلِ اَلْأَوْبَاشْ
اَلنِّيلُ يُطِلُّ مِنْ بَعِيدٍ مُتْرَعٌ بِالْحُزْنِ
وَتَغَافَلَتْ عَنَّا- حتى - قَبَائِلُ اَلْأَحْبَاشْ!!
(ضَرَبُوا اَلطَّنَّاشْ) يا علي؟
كَأَنَّنَا لَمْ نُكِنْ يوماً نعينهم
نَصُونُ قربَهم ووَدَهْم
نَرْعَى جِوارَهم وعهدهم!
أغلقوا في وجوهِنا الحدودْ
واْترعُوا السدودْ!! يا علي
وقد كنا نجودُ بالموجودْ
نتقاسم الحظوظَ من غيرِ منٍ أو أذى
بكرمٍ تجاوز الحدودْ
فشعبُنا – يا عليُ – لا يعرف الجحودْ
لكنّ آآآهٍـ وألفُ آآآآهٍـ... يا علي!!

مَقَابِرُنُا غدت مَهْجُورَةُ
(اَلْجَثَامِينُ) فِي اَلشَّوَارِعِ ... منشورة
تَنْهَشُهَا الكلاب وكلُها غدتْ مسعُورةْ
تَعَافَهَا اَلدِّيدَانُ
وَمَآذِنُ أُمِّ دُرْمَانْ...
لَفَّهَا اَلصَّمْتُ ...يَا عَلِي
فَمَنْ سَيَرْفَعُ اَلْآذَانَ؟
وَلِمَنْ سيَرْفَعُ اَلْآذَانُ؟

مِنْ يُصَلِّي اَلْفَجْرَ فِي سَاحَاتِهَا
ومَنْ يُصَلِّي اَلْعِيدَ في عرصاتِها؟
من سيرفعُ التهليلَ والتكبيرَ والتسبيحَا
هَجَرَهَا اَلطَّيْرُ وَالْإِنْسَانُ وَالْحَيَوَانُ
لَقَدْ هَاجَرَ اَلسُّكَّانُ ... يَا عَلِي

سَامِحْنِي ... يَا عَلِي
فَأَنَا مُثْقَلٌ بِالْحُزْنِ وَالْكَآبَةْ
من أخمص القدمين لشحمة الاذنين
تَغْلِبُنِي اَلْكِتَابَةْ
فَالْحُرُوف لَمْ تَعُدْ تَجْرِي عَلَى يَدِيَ يا علي
ولَمْ تَعُدْ تَرْتَاح في أَنَامِلِي

نَمْ فِي مَرْقَدِكَ اَلْوَثِيرِ
عَلَيْكَ سَلَامُ اَللَّهِ
وَصَلَاةُ نَبِيِّهِ عَلَيْكَ وَالصَّحَابَة
وَسَلَامٌ عَلَى اَم درْمَانُ فِي زَمَنِ اَلْكَآبَةْ
سَلَام عَلَيكِ يا أم درمانُ فِي زَمَنِ اَلْكَآبَة

مُونْتِرْيَالْ – كَنَدَا
7 يوليو2023



aahmedgumaa@yahoo.com

 

آراء