من وحي الكارثة …تداعيات انهيار سد اربعات الأسباب و الحلول (1)

 


 

 

يوسف عيسى عبدالكريم

يتابع الجميع هذه الأيام بحسرة و حزن كبيرين كارثة انهيار سد اربعات الذي تداعى تحت ضغط مياه السيول الناتجة عن هطول امطار غزيرة على الجبال و الوديان المغذية لخور اربعات و التي جرفت في طريقها كل القرى اسفل السد حسب التقارير الواردة وادت إلى وفاة العشرات وعزل الكثير من المواطنين وقطع الطريق العام بين بورتسودان و منطقة أربعات .
ولعله يمكن التأكيد على أن كل من عمل في مدينة بورتسودان في القطاع الهندسي أو كان لديه احتكاك مباشر بالعمل مع هيئة مياه المدن بولاية البحر الأحمر يعلم علم اليقين أن انهيار سد اربعات كان متوقعًا و ربما حتميًا و ان حدوث الكارثة لم يكن سوى مسألة زمن . و اغلب الظن ان العاملين في هيئة مياه المدن بالولاية وهم المنوط بهم إدارة السد كانوا غير متفاجئين بالانهيار يغض النظر عن حجم الكارثة وينطبق ذلك الظن على السيد والي ولاية البحر الأحمر الفريق مصطفى محمد نور و ذلك كونه قد عمل وزيرا للتخطيط العمراني ابان فترة حكم الدكتور محمد طاهر ايلا للولاية وكان مسؤولا مباشرًا عن مِلَفّ المياه و هو عارف ببواطن الأمور .
يقع سد أربعات على بعد 30 كيلو متر شمال غرب مدينة بورتسودان ويمثل المصدر الرئيسي لمياه المدينة. أنشئ السد في العام 2003 بسعة تخزينية 16 مليون متر مكعب .منذ افتتاح السد صاحبته جملة من المشكلات الفنية والتي نسبة للتغاضي عن وضع الحلول الجذرية لها تراكمت مع مرور السنوات وأصبحت عصية على الحل مما اضطر القائمين على السد للتعامل معها كمرض مزمن غير قابل للعلاج او الحل وقد تمثلت في غياب عمليات الصيانة والنظافة لبحيرة السد في الجزء العلوي والتي نتجت عنها بصورة مباشرة المشكلة الثانية وهي ازدياد نسب الأطماء وتراكم الرواسب في قاع السد سنويا و التي أدت إلى أغلاق البوابات التحتية للسد و التي كانت مصممه بمنظومات هيدروليكية و نسبة لطمرها كليا بالطمي أصبحت غير قابلة للعمل وتم التخلي عنها و الغاء استخدامها.
وقد أدى تراكم الطمي السنوي مع غياب الصيانة والنظافة الى ظهور المشكلة الثالثة وهي التناقص السنوي للسعة التخزينية للسد والتي بدأت بطاقة تخزينية 16 مليون متر مكعب عند الافتتاح وانتهت بطاقة تخزين تقل عن 5 مليون متر مكعب أي ان السد في السنوات الأخيرة كان يعمل بربع طاقته الكُلْيَة وبكفاءة اقل من 30% .
و مما سبق يمكن ان نخلص الى انه و بسبب توقف البوابات التحتية للسد عن العمل نتيجة للاطماء المتراكم و للأخطاء الفنية المصاحبة للتصميم في رواية أخرى فقد اصبح الماء المتزايد نتيجة للسيول و الفيضان محجوزًا في الجزء العلوي من السد ضاغطا على جسم السد و غير قابل للتصريف ومع توقع ان يكون جسم السد قد شهد تصدعات وتشققات مسبقة لم يتم الكشف عنها نسبة لغياب عمليات الفحص و التفتيش الدورية او معالجتها نسبة لغياب عمليات الصيانة و الترميم أدى كل ما سبق الى التسريع بانهيار جسم السد وحدوث الكارثة.

yousufeissa79@gmail.com

 

آراء