كتابات تتحدى الحرب: ثورة 19 ديسمبر او اين ذهب الوطن
عثمان يوسف خليل
22 December, 2024
22 December, 2024
استدرجني احد المهتمين بما نكتب، والرجل يعرف كيف يحاورك، وامثاله قليلون في ايامنا هذه، وقل ان تجد مثله ذو همة وبصيرة، وكان حديثنا عن مقالٍ كتبته قبل فترة ضمن سلسلة "الكتابة في زمن الحرب". اما المقال المعني فقد كان يتحدث عن اسباب انهيار الدولة السودانية الاسباب والحلول..وكنت قد تناولتُ فيها ايضاً شي من أبعاد الازمة السودانية، وانتزاع احلام الشباب الذين ضحوا بارواحهم الغالية ثمناً للحرية وفداء للوطن المسلوب..
المقال قد يبدو مألوفًا لدى الكثيرين، لكنه أثار فضول صديقي الذي، على الرغم من علمه الواسع، طرح علي سؤالًا أشعل في نفسي نيران التفكير.
هذا الصديق ليس كأي صديق؛ فهو انسان مسكوناً بالفكر والإبداع. اما صاحبكم ففي حقيقة الامر اعترف انه أدهشني بتعليقه وسؤاله وأنا بطبيعتي لا أحب أن أُختبر (الامتحان)، لكن راي العلماء وأهل الفكر دائمًا يُلهمني ويُثري نقاشاتي. في خضم هذا الحوار الممتع، الذي كنت فيه كالتلميذ بين يدي أستاذه، فاجأني بسؤال مباشر:
"بالله يا فلان، دايرك توريني حالتك النفسية والذهنية كانت كيف لما كتبت مقالك عن أسباب فشل المجتمعات؟"
كان السؤال يحمل في طياته عمقًا فكريًا وتأمليًا واضحًا، وقد بني بأسلوب أدبي ثري يبرز براعة السائل في سرد الأفكار وربطها بالسياق. واعتقد ان ذلك السؤال لم يكن بالنسبة لي سؤالاً عابراً فقدّ أرقني وشغل فكري ومازال..وبت اساؤل نفسي هل كنت اكتب معبراً عن وجع شخصي؟ ام ياترى من ألمٍ عام يعيشه الوطن؟ وربما من شعور بالعجز امام الفشل الذي يبتلع المجتمعات؟.
اليوم، ونحن في الذكرى الخامسة لثورة الشباب، الثورة التي حملت آمالاً عريضة وأحلامًا كبيرة، أجد نفسي مستغرقًا في التفكير مرة أخرى. أين ذهب الحلم؟ كيف تبددت تلك الطاقات العظيمة في رياح الفوضى والتشتت؟ وكيف يمكن للكتابة أن تظل شاهدًا على تلك اللحظات المفصلية في تاريخ الشعوب؟..
اما ما كتبناه (الكتابة في زمن الحرب) فهي في واقع الأمر ليست مجرد فعل توثيق أو تعبير عن الألم؛ إنها محاولة لفهم المأساة ورصد أسبابها، وربما اقتراح الحلول. ولكن عندما تسألني عن حالتي النفسية أثناء الكتابة، فإن الإجابة ليست سهلة. كنت أكتب وأنا أحمل في داخلي كمية من الغضب مشوبًا بالأمل، وجرحًا مليئًا بالشوق إلى وطنٍ يرفض ونأبى أن يضيع.
ما زال ياسادتي السؤال عالقًا في ذهني، تمامًا كالسؤال الأكبر: كيف يُمكن أن نعيد البناء بعد أن توارت أركان الأحلام؟..وهنا لابد ان ندرك ما ذهب اليه ابن خلدون في قوله الشهير عن انهيار الدولة الذي عزاه لعدة عوامل اهمها الظلم والذي يشير فيه ابن خلدون الي انه يؤدي الي الخراب ومن ذلك فرض الضرايب التي تثقل كاهل الناس والعمد الي الترف والتلاعب بالمال العام وسلب حقوق الناس الشيء الذي ارجعه الي ضياع الاخلاق والقيم وانعدام ذلك نتيجته انهيار الحضارة..
اما الاجابة على السؤال أعلاه فهي عند الشباب..فهم جيل الغد وعليهم تقع أعباء اعادة وطنهم ومن جديد ولن يحدث ذلك إلا بالعلم والعمل مع نبذ الخلافات العرقية والطائفية والقبلية التي قد تكون سبباً في فشل عملية الإصلاح والتنمية كما نوهنا سابقاً. المجد والخلود للشهداء ومن مات في سبيل ترابه ورفعة السودان..
osmanyousif1@icloud.com
المقال قد يبدو مألوفًا لدى الكثيرين، لكنه أثار فضول صديقي الذي، على الرغم من علمه الواسع، طرح علي سؤالًا أشعل في نفسي نيران التفكير.
هذا الصديق ليس كأي صديق؛ فهو انسان مسكوناً بالفكر والإبداع. اما صاحبكم ففي حقيقة الامر اعترف انه أدهشني بتعليقه وسؤاله وأنا بطبيعتي لا أحب أن أُختبر (الامتحان)، لكن راي العلماء وأهل الفكر دائمًا يُلهمني ويُثري نقاشاتي. في خضم هذا الحوار الممتع، الذي كنت فيه كالتلميذ بين يدي أستاذه، فاجأني بسؤال مباشر:
"بالله يا فلان، دايرك توريني حالتك النفسية والذهنية كانت كيف لما كتبت مقالك عن أسباب فشل المجتمعات؟"
كان السؤال يحمل في طياته عمقًا فكريًا وتأمليًا واضحًا، وقد بني بأسلوب أدبي ثري يبرز براعة السائل في سرد الأفكار وربطها بالسياق. واعتقد ان ذلك السؤال لم يكن بالنسبة لي سؤالاً عابراً فقدّ أرقني وشغل فكري ومازال..وبت اساؤل نفسي هل كنت اكتب معبراً عن وجع شخصي؟ ام ياترى من ألمٍ عام يعيشه الوطن؟ وربما من شعور بالعجز امام الفشل الذي يبتلع المجتمعات؟.
اليوم، ونحن في الذكرى الخامسة لثورة الشباب، الثورة التي حملت آمالاً عريضة وأحلامًا كبيرة، أجد نفسي مستغرقًا في التفكير مرة أخرى. أين ذهب الحلم؟ كيف تبددت تلك الطاقات العظيمة في رياح الفوضى والتشتت؟ وكيف يمكن للكتابة أن تظل شاهدًا على تلك اللحظات المفصلية في تاريخ الشعوب؟..
اما ما كتبناه (الكتابة في زمن الحرب) فهي في واقع الأمر ليست مجرد فعل توثيق أو تعبير عن الألم؛ إنها محاولة لفهم المأساة ورصد أسبابها، وربما اقتراح الحلول. ولكن عندما تسألني عن حالتي النفسية أثناء الكتابة، فإن الإجابة ليست سهلة. كنت أكتب وأنا أحمل في داخلي كمية من الغضب مشوبًا بالأمل، وجرحًا مليئًا بالشوق إلى وطنٍ يرفض ونأبى أن يضيع.
ما زال ياسادتي السؤال عالقًا في ذهني، تمامًا كالسؤال الأكبر: كيف يُمكن أن نعيد البناء بعد أن توارت أركان الأحلام؟..وهنا لابد ان ندرك ما ذهب اليه ابن خلدون في قوله الشهير عن انهيار الدولة الذي عزاه لعدة عوامل اهمها الظلم والذي يشير فيه ابن خلدون الي انه يؤدي الي الخراب ومن ذلك فرض الضرايب التي تثقل كاهل الناس والعمد الي الترف والتلاعب بالمال العام وسلب حقوق الناس الشيء الذي ارجعه الي ضياع الاخلاق والقيم وانعدام ذلك نتيجته انهيار الحضارة..
اما الاجابة على السؤال أعلاه فهي عند الشباب..فهم جيل الغد وعليهم تقع أعباء اعادة وطنهم ومن جديد ولن يحدث ذلك إلا بالعلم والعمل مع نبذ الخلافات العرقية والطائفية والقبلية التي قد تكون سبباً في فشل عملية الإصلاح والتنمية كما نوهنا سابقاً. المجد والخلود للشهداء ومن مات في سبيل ترابه ورفعة السودان..
osmanyousif1@icloud.com