أسئلة ملحة (…)..لباقان أموم..!
6 February, 2009
ضياء الدين بلال
diaabilal@hotmail.com
من الصعب معرفة العنوان الذي درج السيد باقان أموم الامين العام للحركة الشعبية إرسال تلك الرسالة المكررة اليه (90% من سكان الجنوب انفصاليون)..!
النسبة المحددة في احاديث باقان «90%» لم يتضح بعد ان كانت نسبة تقديرية ام احصائية..؟!
ربما ان الرجل يريد ان يقرب للاذهان طبيعة الموقف في الجنوب واستعان بهذه النسبة الكبيرة ليوضح ما عليه الوضع .وبالتالي يتحدد حجم الجهد المطلوب من الجهة عنوان الرسالة..!
فمن غير الطبيعي ان تكون هذه النسبة نسبة احصائية دقيقة. طالما انها نسبة ساكنة. لم تتغيّر صعوداً أو هبوطاً، منذ ان ذكرها باقان اول مرة - قبل سنتين وأكثر الى الآن - ففي هذه الفترة مرت مياه كثيرة تحت الجسر ومن فوقه كذلك. كما ان باقان داخل الحركة يعتبر من الذهنيات الرياضية التي تعنى كثيراً بالارقام..!
الافتراض الاقرب ان رسالة «90%» معنونة الى الشريك الاكبر في السلطة المؤتمر الوطني. وربما انها موجهة الى عموم القوى الشعبية والسياسية في الشمال. وقد يكون باقان يريد من هذه النسبة تحفيز الاصوات الانفصالية بالجنوب والترويج لها.. ومن غير المستبعد ان تكون الرسالة عابرة الى الحدود.
المهم.. بصحة الافتراض الاول.. ان الرسالة معنونة للمؤتمر الوطني. اذا كان الغرض التأثير على سلوكه بتسريع خطاه نحو تقديم مزيد من التنازلات. او الضغط عليه لتقديم ما هو ممتنع عن منحه.. فان اغلب الظن ان رد فعله لن يكون كما يتوقع باقان أموم. بل من المرجح ان رد الفعل سيكون نقيض رغبة الرجل ومبتغاه.. فالنسبة المذكورة ستجعل المؤتمر الوطني يمسك عن بذل الجهد لجعل الوحدة جاذبة.. فالمنطق السياسي وحساب الزمن سينصحانه بأن يدخر جهده للترتيب لسيناريوهات ما بعد الانفصال.
واذا كان الامين العام للحركة يريد ان يكون عنوان الرسالة القوى الشعبية والسياسية في الشمال، لتضغط الشريك الاكبر المؤتمر الوطني، حتى يقدم ما تراه الحركة الشعبية مستحقات الوحدة. فان رد الفعل كذلك سيكون على النقيض.. فهذا الخطاب بدلاً من ان يؤدي دور التحفيز على فعل شئ ما، سيؤدي دور التزهيد في الوحدة كخيار والتجاوب مع التيارات المنادية بالانفصال. وبالتالي حتى اذا انخفضت نسبة الـ «90%» في الجنوب، فليس من المستبعد ان تنتقل ذات النسبة الى الشمال..!
فيصبح الوضع الجديد الذي ستؤسس له نسبة «90%» هو انطلاق ماراثون الزهد في الآخر. الجنوب والشمال كل طرف سيسارع لتأكيد رفضه للآخر.. ففي احد الايام خرجت صحيفة بالخرطوم بمقال تحت عنوان: (المشتهي الحنيطير يطير)..!
استبعد تماماً ان تكون رسالة باقان موجهة الى داخل الجنوب.. لسبب بسيط وهو ان المواطن في الجنوب استدار بصره تماماً من النظر بعيداً الى الشمال، الى النظر قريباً الى حاكميه الجدد بالجنوب. الذين يملكون أكثر من «90%» من ادارة امره.. لذا من المتوقع ان يكون موقفه من الوحدة او الانفصال سيحدد بحيثيات مستمدة من تجربة الحكم في جوبا لا بسلوك الحكومة المركزية في الخرطوم.
والمتوقع كذلك ان المجتمعين الدولي والاقليمي سيقفان بعين باصرة على تجربة الحركة في ادارة الاقليم، ليحدد بالتالي بمنطق القياس مقدرتها على ادارة الدولة حال الانفصال.
وبذا يصبح المطلوب من الامين العام للحركة الشعبية في مؤتمراته الصحفية القادمة لا ان يكرر نسبة الـ «90%»، بل ان يجيب على ثلاثة اسئلة اساسية:
الاول: ما هو الجهد المطلوب من حكومة الجنوب للاسهام في جعل الوحدة خياراً جاذباً..؟
الثاني: هل قيادة الحركة الشعبية ضمن نسبة الـ «90%» أم مع الـ «10%»؟
الثالث: مع من سيُصوِّت باقان أموم مع الاكثرية الانفصالية أم مع الاقلية الوحدوية..؟!
ربما يدرك السيد باقان أموم في يوم ما.. ان أكبر خطأ سياسي وقع فيه، انه استخدم ما هو استراتيجي دائم لتحقيق ما هو تكتيكي عابر