بسم الله الرحمن الرحيم زورق الحقيقة أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم abuza56@yahoo.com الشمس تسطع على فجر سوبا وفجر التاريخ، الأرض تبتسم وتكشح بعض الأتربة في الفضاء، الرايات والخيل والناس راكضون يرفرفون، لقد ظن البعض كما أستاذ نقد بأنه فتح الخرطوم الثاني بعد أن كان الأول قبل قرن وأكثر من الزمان، إنه حزب الأمة وإنها رايات المهدية تتجدد في عهد جديد وبطريقة جديدة، وفي إطار حزب أمة جديد وسودان متجدد يولد من رحم هذا الشعب ومن تاريخه، فهذه اللحظات تاريخ، كما كانت لحظات تحرير الخرطوم في السابق تاريخ، وما بين التاريخين كان مشوار النضال الطويل. لقد نفض المهدي الحفيد غبار التاريخ وأعاد لنا سيرة المهدي الكبير بطريقة مختلفة تراعي ظرف الزمان وبرغم أن المكان هو نفس المكان الذي تم تحريره قبلا، فللمكان عبق خاص وللتاريخ عبق أكثر خصوصية، فلقد ظن الناس إن الدنيا "مهدية"، فهي مهدية بنور الحق الديمقراطي واجماع الناس حول الأجندة الجديدة للسودان. لقد إنعقد مؤتمر حزب الأمة القومي السابع في ظل هذا التاريخ وهذا التراث وقد كان عملاً جماهيرياً رائعاً تلاقت فيه الأفكار وتلاحقت، وتجمع ممثلي الجماهير من كل فج عميق من باطن السودان ومن خارجه ليعزفوا سيمفونية الديمقراطية والمؤسسية ويناقشوا القضايا ويختاروا ممثليهم في الأجهزة وإنتخاب الرئيس والأمين العام وبقية أعضاء الأجهزة التنفيذية والتشريعية. لقد جاء أهل دارفور براياتهم، وأهل كردفان بخيلهم، وأهل بحر أبيض يحملون عصيهم، وترى اللحية البيضاء في وجوه بعضهم وهم يلبسون جبتهم فتظن إن أمراء المهدية قد جاءوا من فجر التاريخ ومع فجر التأريخ مرة أخرى، إنها إعادة جميلة لملامح بلدنا ولتاريخه وجغرافيته التاريخية المتجددة في ثوب السودان القادم. كانت المعركة الإنتخابية ليست سهلة فقد ربحت خيل البعض وخسرت أخرى السباق وهذا أمر طبيعي ودعوتنا بأن يتوحد الجميع خلف القيادة المنتخبة والأجهزة من أجل انجاز البرنامج والمساعدة في حل مشاكل أهل السودان، فالأمر يستدعي حركة دؤوبة من الجميع والتحرك بسرعة من أجل التأثير على قضايا البلد والمساهمة في حلها وهناك أمور مدلهمات في طريقها للبلد وسوف تؤثر على السودان بشكل كبير ولابد أن يكون للحزب دور في كل هذه الأمور. وصيتنا للأمين العام الجديد الفريق صديق بأن يختار القوي الأمين وأقترح عليه أن يختار الذين نافسوه في المواقع المتقدمة للجهاز التنفيذي وذلك لأنهم وجدوا تأييد وإن لم يحظوا بالفوز، وألا يسمح لأحد بالتدخل الكبير في عمله وعليه الإستفادة من كل الطاقات في الداخل والخارج من أجل تنفيذ البرنامج وعليه أن يبدأ من اليوم الأول بشكل قوي ويتناسى خلافات مرحلة الإنتخابات والإقتراع. لقد سمعنا من رئيس الحزب ما يسر وخاصة في عدم إصراره على الرئاسة وقوله إن الأمر سوف يتدرج ومتى ما كانت عندنا المؤسسات القوية ودار للحزب وأموال كافية تجمع بطريقة منتظمة سوف يحدث تغيير كبير، فقد بعث هذا في قلوبنا كثير من الطمأنينة على مستقبل الحزب لأن هناك تخوف من أن يتجه الأمر إتجاه غير مؤسسي وغير ديمقراطي. وأيضاً فيما يتعلق ببرنامج الحزب فقد قال إنه لم يتدخل وكان في السابق هو الذي يكتب البرنامج وفي المؤتمر قبل الأخير قد كتب الديباجة فقط. فقد كانت دعوتنا دائماً بأن تكتب الجماهير عبر ممثليها برنامج الحزب وحتى يأتي معبراً عن مشاكل وقضايا جماهيرنا وها هي الدعوة تتحقق وسوف يتواصل مشوار الإصلاح الحزبي وعبر المؤتمر العام وعبر المؤتمرات الفرعية فلا مجال لإصلاح خارج القنوات وخارج المؤتمر العام فقد كان هذا قولنا دائماً وسوف يظل. على الجهازالتنفيذي وضع خطة بملامح واضحة تعالج المشاكل المزمنة للحزب، مشاكل الإعلام والتنظيم والمال والإستفادة من جماهيرنا ومقدراتها في معالجة هذه المشاكل والأمر يتطلب معرفة بجماهيرنا وبطريقة إستنهاض هممهم وسوف يحصد قمح الجماهير سنلبه تنظيماً وإعلاماً ومالا. يمكن الإستفادة من التكنولوجيا في الربط التنظيمي والإعلامي ولابد من إيجاد عدد كاف من المتفرغين لإدارة الشئون الجماهيرية اليومية وإنشاء منظمات أقليمية قوية تقوم بالعمل السياسي والتنظيمي اليومي هناك وربط كل ذلك بالمركز في اطار لا مركزية تتماشى مع ظروف السودان. لا يجب على الجهاز التنفيذي الإعتماد على رئيس الحزب في كل شيء فيجب أن يترك له إدارة العلاقات الدولية للحزب وتمثيل الحزب في المحافل الدولية. عليهم القيام بعملهم بشكل مستقل وبالتشاور والإهتداء بقرارات الأجهزة التشريعية وتنفيذ توصيات وقرارات المؤتمر العام بالتفصيل. أيضا نتمنى أن يمد الأمين العام الجديد والأجهزة يدها لكل القيادات ولكل الكوادر من لزم منزله ومن لزم قبيلته ومن لزم فكرته السياسية، ومحاولة إقناع الجميع بالمشاركة والإشتراك فالحزب كبير ويمكن أن يسع ماعونه الجميع والذين مواعين عقولهم صغيرة يظنون أن الحزب صغير لا يسع إلا عدد محدد من الشلل والإصدقاء واهل الجهات. الإصلاح والتغيير يتم عبر المؤتمرات وهناك خطوات جادة وبمزيد من الممارسة سوف تتطور الممارسة الديمقراطية إلى أن نصل لمرحلة يرضى عنها الجميع وسوف تقوم المؤسسات بدورها بشكل حقيقي، يمكن الإستفادة من الدروس السابقة وألا نعطي السلطة والمواقع لمن يحب الموقع ولا يحب العمل، فالذين كانوا يتغيبون عن إجتماعات المكتب السياسي بإستمرار يجب حرمانهم من دخوله مرة أخرى وينبغي أن نضمن ذلك في دستور الحزب ولوائحه لأن المتقاعسين والذين يريدون المواقع ولا يريدون العمل هم من قتل حزبنا ويجب إبعادهم. على جميع الكوادر العمل مع الأجهزة الجديدة والرضى بقضاء الديمقراطية التي نتغنى بها ويجب أن نمارسها بشكل فعلي وحتى لو لم تعجنا النتيجة وتلك هي فلسفة الديمقراطية. علينا أن نقدم النقد للأجهزة وللحزب في اطار ديمقراطي من الشفافية، وعلى الأجهزة والقيادات عدم التضايق من العمل النقدي فهو اساس التطوير والتقدم وبدونه سوف لم و لن نتحرك للأمام. فإلى الأمام إيها الثائرون ويا من حملتم راية ظلت مرفوعة بتضحيات جماهيرنا عبر السنين وسوف تظل.