ضربة معلم

 


 

فتحي شيلا
3 April, 2009

 


فتح الرحمن شيلا


حسم الرئيس عمر البشير الجدل الدائر في الأوساط السياسية بشأن حضوره قمة الدوحة العربية أو مقاطعتها باعتبار المخاطر التي يمكن أن تنجم من السفر في مناخ دولي منقسم تطغى عليه سياسة ازدواجية المعايير ولعل الفريقين كانا على حق كل من وجهة نظره فالدعوة لعدم الحضور نابعة من الحرص على حياة الرئيس بينما حسمت المؤسسات أمر المشاركة بعد إجراء تقييم كامل سياسي أمني وهو ما درج عليه حزب المؤتمر الوطني في إدارته للازمات مع عدم الركون إلى لليأس والاستسلام عملاً بالحكمة ما استولى اليأس على أمة إلا أخملها ولا خالط قلوب قوم إلا أضعفها . ما أشبه الليلة بالبارحة القمة العربية المنعقدة في الخرطوم 1967م عقب النكسة وما أفرزته من دفعة معنوية وسياسية للامة العربية استخدم فيها قادة الأمة العربية الحكمة العربية الموروثة وتجاوزت الخلافات بمسئولية حين انعقدت بالخرطوم تلك القمة المعروفة بقمة اللاءات الثلاث وبالأمس تلاحمت القيادات العربية بأسلوب غير تقليدي كان يعتمد فقط على الشجب والإدانة  واستعمالات اللغة إلى مواجهة التحدي باتخاذ التدابير العملية بدعم السودان وفلسطين والصومال والرفض الجريء لقرار مايسمى بمحكمة الجنايات الدولية مما يضعها في موقف لا تحسد عليها حيث لا بديل للمحافظة على ماء وجهها إلا بقرار يصدر من مجلس الأمن بالدبلوماسية الهادئة بعد أن أنجلى أمرها في التسرع المضر في إصدار قرار لا يستند إلى الواقع بدليل الرفض فيما يشبه الإجماع .
يقول صديقي الذي لا تعجبه سياسيات الحكومة والذي ينتهز كل فرصة للأزمات ليعلن أنها بداية النهاية لحكومة الوحدة الوطنية ويصر دائماً على تسميتها حكومة الإنقاذ رغم التغيير الكبير الذي طرأ على نهج الإنقاذ بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل بنيفاشا. يقول صديقي بعد انحسار أزمة الحكومة مع محكمة الجنايات الدولية (الحكومة دي ربنا معاها) يعني ملازمة العون الإلاهي لكل قراراتها وهي التي يقول فيها (القوم) أنها لا تلازم إلا إذا توافرت المصداقية.
قطر تلك الدولة القادمة بقوة لتكون لاعباً أساسياً في المنطقة وأفردت لقضاياها مساحة واسعة أو شكت أن تساهم في معالجة كثير من القضايا ومنها المصالحة العربية بعد لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بالقائد معمر القذافي إلا أن عليها أن تعيد قراءة خطاب الدكتور مفيد شهاب ممثل الرئيس المصري محمد حسنى مبارك والذي ركز على  أهمية معالجة أسباب الأزمة وجذورها دون قشورها ولعل تعابير وجهه ولهجته أثناء إلقاء خطابه كان أكثر وضوحاً من خطاب مصر وقد أشار بوضوح لدور الإعلام العربي في إثارة الخلافات  عوضاً عن معالجتها ولعلي لا احتاج للمزيد لأن المعني بذلك معروف ومفهوم بالضرورة لكل متابع لتداعيات الخلاف بين الدوحة والقاهرة وبرئاسة الأمير حمد بن خليفة أمير دولة قطر للدورة العربية لعام كامل يلقي عليهم مسئولية ابتدار الخطوات الشفافة لإعادة العلاقة وهي مسئولية طبيعية تجد تجاوباً وإستحساناً من جميع الأطراف . ولا شك أن لمصر دوراً أساسياً في القضايا ذات الصلة بالسودان مما يجعل مشاركتها في مساعي قطر ومبادرتها لحل النزاع في دارفور ولا أشك مطلقاً في ان سمو الأمير يجمع بين قوة الشباب وحكمة الشيوخ في القيادة العربية.
أضافت قمة الدوحة بعداً جديداً للقضية السودانية ويتزامن ذلك مع حرص الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة باراك أوباما الذي لم يجد حرجاً في الإعلان عن تصحيح سياسات أمريكا في الشرق الأوسط وإيران وأفغانستان والعراق واختيار مبعوث للسودان يؤكد ما ذهبنا إليه من قبل لدور جديد لأمريكا يحقق المصالح المشتركة وهو المقروء من حديث البرتو فرنانديز القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالخرطوم بالحاجة لإبداع دبلوماسي أمريكي سوداني لتجاوز  تعقيدات العلاقة وما يؤكد جهوز السودان للترحيب بوصول الجنرال جونسون اسكوت مبعوث الرئيس الامريكي في زيارة تمتد لأسبوع كامل يلتقي خلالها بالمسئولين وزيارة دارفور والوقوف على أحوالها على الطبيعة فليس من رأي كمن سمع ذلك الترحيب السوداني والدعوة لحوار جاد وشفاف للتوصل إلى حلول جذرية بروح بناءة ووفاء ومواصلة الحوار الذي انقطع في عهد الرئيس بوش حسب  ماورد على لسان مدير إدارة الخارجية للشئون الأمريكية بالسودان .
في مقال سابق ذكرت ان الرئيس البشير يشبه أهل السودان في منهجه القائم على البساطة والتواضع وتقدير الرجال والان يؤكد مرة أخرى انه رئيس يشبه أهل السودان لا بيخاف لا بيتر قدام العينيهم خضر. 

 

آراء