الخرطوم، باريس…حوار التفاهمات

 


 

 

يتجدد بفرنسا

 

تقرير: خالد البلوله ازيرق

 

dolib33@hotmail.com

 رحلة أخرى يستعد للقيام بها د.نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية ناحية العاصمة الفرنسية باريس، وهى الرحلة الثانية له منذ بدء العام الحالى، حيث انهى زيارة لفرنسا في أكتوبر الماضى على رأس وفد عال المستوى، فيما كان القاسم المشترك بين الرحلتين هو بحث موضوع المحكمة الجنائية الدولية مع القيادة الفرنسية التى تتشدد فيها ضرورة التعامل معها.فقد ورد أن وفدا رسمياً سودانياً بقيادة د.نافع على نافع مستشار الرئيس سيصل العاصمة الفرنسية في الحادى والعشرين من الشهر الجاري لإجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين بخصوص الوضع في دارفور، وقرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيش البشير. وسيلتقى الوفد بوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وبرونو جوبير المستشار الدبلوماسي المساعد للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.وتأتى زيارة الوفد السودانى لباريس بعد استمرار الموقف الفرنسي المتشدد اتجاه التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية من قبل الحكومة السودانية، وهو التشدد الذي عكسته التصريحات الشمتركة لرئيس الفرنسي ساركوزي والامريكي باراك أوباما الاسبوع الماضي التى استنكرا فيها قرار القمة العربية وموقفها الداعم للرئيس البشير بخصوص المحكمة الجنائية الدولية، فيما بلغ الموقف الفرنسي قمة تشدده عقب صدور مذكرة توقيف الرئيس البشير من قضاة المحكمة الجنائية الدولية بلاهالى حيث اعلن مسئول فرنسي عن استعداد بلاده لإعتراض طائرة البشير تنفيذ لقرار المحكمة الجنائية الدولية قبل ان تنفي باريس تلك التصريحات. وقال السفير سليمان محمد مصطفي سفير السودان بباريس لـ"الصحافه" ان الوفد برئاسة د.نافع سيناقش العلاقات الثنائية والمبادرة الفرنسية الخاصة بحل أزمة دارفور بجانب المحكمة الجنائية الدولية ومفاوضات الدوحه، مشيرا الى أن الوفد سيناقش عدد من القضايا مع الحكومة الفرنسية وتعتبر هذه مواصلة للحوار الدائر بين الجانبين إبان الزيارة الاولى التى كانت في اكتوبر الماضي، وقال ان هذه الزيارة هى الثانية وستتناول الجهود المبذوله لحل ازمة دارفور خاصة المبادرة القطرية والعلاقات بين دول الجوار خاصة العلاقات السودانية التشادية، وقال "ان الزيارة تهدف تحريك الملفات المشتركه بين البلدين مؤكدا ان موقف الحكومة ثابت من المحكمة الجنائية الدولية وأضاف "قضية المحكمة الجنائية مسألة لا جدال فيها وموقف الحكومة منها واضح".وأبدت الحكومة السودانية أكثر من مرة تبرمها من المواقف الفرنسية، خاصة استضافتها لزعيم حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور المقيم بباريس وتصف الخرطوم بأنه يشكل نوعاً من التماطل الفرنسي اتجاه عملية السلام لإن باستطاعتها دفع عبد الواحد للغلتحاق بمفاوضات السلام اذا شاءت باريس ذلك، ووصل التدهور في العلاقات في العلاقات الثنائية قمته، بعد التصريحات التي نسبت لمسؤول فرنسي عن تأييد فرنسا القيام بعمل عسكري ضد طائرة الرئيس السوداني في حال مشاركته في قمة الدوحة، وكان السفير الفرنسي بالخرطوم قد نفي في حديثه مع المسؤولين في الخارجية السودانية التصريحات المنسوبة للمسؤول الفرنسي وإتهم الصحيفة التي نشرت الحوار بتحريف حديث المسؤول الفرنسي. وكانت زيارة الدكتور نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية الاولى لباريس في اكتوبر الماضي قد حظيت بإهتمام كبير، بإعتبارها خطوة مهمة من شأنها احداث اختراقاً في ملف المحكمة الجنائية الدولية، ووصفها البعض ان الحكومة اردات ان تبدأ تحركاتها مع المجتمع الدولى من مكمن الخطر عليها، بعد أن لعبت فرنسا دوراً مباشراً في دفع المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية الى تقديم طلب التوقيف، مستندا على الدعم السياسي لكل من فرنسا وبريطانيا وباريس، فأرادت الحكومة ان تمارس اللعبه السياسيه بقواعدها كلها بدخول إليها من بوابه باريس، فنظر البعض للزيارة انها تأتى لإستكشاف الموقف الفرنسي الحقيقي من الازمة السودانية بتعقيداتها المتداخله، وكيفية احداث تفاهمات مشتركة بين البلدين تساعد في حلحلت تلك القضايا.وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد التقى الرئيس البشير في الدوحة في الثلاثين من نوفمبر الماضي إبان مشاركته في مؤتمر التنمية الدولية، حيث اجريا مباحثات مشتركه تناولت القضايا العالقة بين البلدين، وقال البشير عقب لقاءه مع ساركوزي "ان ساركوزي إلتزم بالضغط علي عبد الواحد محمد نور وعدم السماح بأي مراوغة في سلام دارفور وأضاف الحوار أحدث تطوراً إيجابياً في الموقف الفرنسي". إلا ان ما أدلى به الرئيس الفرنسي قبل ذلك باسبوع في خطابه بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ"60" لحقوق الانسان، والذي قال فيه "أننا نحتاج إلي الحكومة السودانية من أجل التوصل إلي السلام في دارفورولا أحد يعترض علي ذلك ولكن البشير يملك القليل من الوقت ليقرر وأضاف عليه قبول خيار السلام في دارفور  خلال أيام أو مواجهة إتهامات من قبل المحكمة الجنائية الدولية"، فقد عكست تلك التصريحات درجة التباعد بين رؤية البلدين، وكذلك الاصرار السودانى على رفض المقترحات والاشتراطات الفرنسية بشأن المحكمة الجنائية الدولية. ليتجدد الوصل السودانى الفرنسي مؤخرا في العاصمة السعودية الرياض من خلال اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير ونائب رئيس الجمهورية على عثمان محمد طه، بمبادرة سعودية في الثاني والعشرين من مارس الماضى عقب صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير. وكانت فرنسا قد أعلنت في يونيو الماضي انها ستقوم بكل ما بوسعها، للمساهمة مع دول أخرى، بتسهيل الحوار بين السودان وتشاد استنادا الى اتفاق داكار الموقع بين البلدين كأرضية لتفاوض، وذلك من خلال المفاوضات التى أجراها وزير الخارجية دينق ألور مع نظيره الفرنسي برنار كوشنير في قصر الأليزيه وقال ألور أنه طلب وساطة فرنسا بين بلاده وتشاد، ودعا لدور فرنسي أكبر لتسهيل الحوار بشأن حل أزمة إقليم دارفور، مؤكدا أن الخرطوم لن تعلن الحرب على تشاد.ومثل وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزى انقلابا كبيرا في مسيرة العلاقات السودانية الفرنسيه، التى شهدت أفضل مراحلها إبان رئاسة الرئيسي الفرنسي السابق جاك شيراك، لتشكل حقبه ساركوزى ذو التوجه المتوافق مع السياسات الأمريكيه حالة من التباعد في المواقف بين البلدين، بل ان فرنسا اسهمت بشكل كبير في كثير من القرارات التى صدرت من المجتمع الدولى ضد السودان. وبدأت العلاقات السودانية الفرنسية في التوتر المستمر منذ اندلاع العمل المسلح في دارفور 2003م والذي اثر بدوره على الاوضاع في الجاره تشاد، حيث طرحت فرنسا مبادرة لتحسين العلاقات بين البلدين والتى كثيرا ما تتوتر بفعل الحركات المسلحه بين البلدين، ليشكل أخير موضوع توقيف الرئيس البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية العقبة الاولى في العلاقات السودانية الفرنسية، حيث تدعو فرنسا الخرطوم للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وكانت باريس قد تقدمت بأربع مطالب لللخرطوم مقابل تجميد قرار الجنائية بإستخدام الماده "16" من ميثاق روما، وتمثلت المطالب في انهاء الحرب في دارفور، وتحقيق السلام في الاقليم، وعدم المساس بأمن تشاد، ومحاكمة احمد هارون وعلى كوشيب المتهمين لدى المحكمة الجنائية الدولية لذات التهم، وكانت وزيرة الدوله لحقوق الانسان الفرنسية رحمة ياد قال في تصريحات صحفية لـ"الشرق الاوسط" أنه "يتعين على الرئيس السوداني أن يتعاون مع المحكمة وأن لا خيار آخر مطروحاً اليوم"     

 

آراء