السلوك القيادى بين الكبار والوضعاء … بقلم بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان
بروفيسسور محمد زين العابدين
19 April, 2009
19 April, 2009
بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة الزعيم الأزهرى
عندما قال الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ( أنا خيار من خيار من خيار ) لم يكن يقصد كما فهم كثير من العنصريين أن هذا الخيار هو خيار العنصر والعرق والدم ونسوا وتناسو تحت غشاوة العنصرية أنه هو القائل ( كلكم لآدم وآدم من تراب وأن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ولم يقل أن أفضلكم عند الله هو صاحب العنصر والدم العربى النقى. ولقد قصد الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخيار هو خيار القيم والمثل ومكارم الأخلاق التى لا يتمثلها الا الكبار ولا يكونوا كباراً فى قومهم الا بها ولم يتقدموا قومهم وصاروا على رأسهم قادة لهم الا بها ممثلة فى الكرم والشجاعة والمروءة والذكاء وسعة الأفق والحكمة والدهاء والغفو عند المقدرة وأنتفاء صفة الأنتقام والكره والحقد والتشفى ولذلك فقد ورث هؤلاء الكبار هذه القيم التى وطنوا أنفسهم عليها الى أبنائهم وكثير من أبناء قومهم خاصة الذين احتكوا بهم أو كانوا ملازمين لهم ملازمة الحوار لشيخه تعلموا منهم كل هذه المثل والقيم عملياً وممارسة واحداث وحكايات وليس نظريات تتلى أو كتابات تقرأ فى الكتب لو تمثلها قارئها فانه بمرور الزمن يكبر ويصير من الكبار عندما يرى قومه هذه المكارم مجسدة فيه تمشى على قدمين. ان التاريخ والأحداث والأيام قد علمينا أن بيوت الكبراء لا تنجب الا كباراً فى الغالب الأعم لأن الأنسان نتاج بيئته التى ينشأ فيها وأن بيوت الوضعاء لا تنتج الا وضيعاً فى الغالب الأعم مع وجود الأستثناء النادر لمن وطن نفسه وعقد العزم وصبر على الأرتقاء بنفسه وأكسابها المثل العليا للمجتمع الذى يعيش فيه حتى ولو كان من أسرة وضيعة ولكن كما قلنا فى الغالب الأعم فان الوضعاء لا ينجبون الا وضعاء وحثالة المجتمع وشرار القوم ولذلك كانت حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام أن حذر الشباب باياكم وخضراء الدمن وعندما سئل وما خضراء الدمن قال المرأة الحسناء فى المنبت السوء لأن الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق. ومثل هذه ذات المنبت السوء لا تنجب أبناء الا وتمثل فيهم كل السوءات وشرور الأنسان المجمر لغيره ولنفسه. وقد دلت التجارب أيضاً وحدثنا التاريخ أن الوضعاء أو أبناء الوضعاء اذا أتناحت لهم الصدف وحكموا المجتمع الذى نشأوا فيه سواءً أكان ذلك بقوتهم وسلاحهم وعصبتهم أو تسلقهم للسلطة على كتف شيخ أو أمير أو ملك أو سيد أعطاهم ثقته ومكنهم من رقاب الناس، فهؤلاء لا يمارسون هذه السلطة التى أتتهم من حيث لا يعلمون أو يحتسبون لأنهم ليسوا أهلاً لها ولا يملكون مقومات صاحب السلطة الرشيد يمارس فيها الرأفة أو الرحمة بالشعوب التى تسلطوا عليها بل لقد عاثوا فى شعوبهم عسفاً وتقتيلاً وجوراً وطغياناً وفساداً لأنهم لا يملكون فى دواخلهم مكارم الأخلاق أو لم يتربوا عليها فجاءت نفوسهم غير سوية وحاقدة على مجتمعاتها بالشعور الداخلى بالدونية ولذلك ينفذون الأستعلاء بالقوة والسلطة التى يمتلكون وهم فى دواخلهم أجبن نت نعامة. وأول ما يمارسون من احقاد نفوسهم المريضة لإنهم يمارسونها بتعسف شديد ضد كبراء القوم وعليته فيقومون بأضطهادهم وسجنهم وتشريدهم ومصادرة ممتلكاتهم ومحاولة تشويه سمعتهم بألصاق التهم الكاذبة الجزافية عليهم فى محاولة لبذر بذور الشك والكراهية فيهم عند من يحبونهم ويجلونهم ومن يلتفون حولهم ومن يؤمنون بصفات مكارم الأخلاق فيهم. يحيكوا لهم المؤامرت الأخلاقية حتى تسقط وتتشوه صورتهم أمام مجتمعاتهم وقد صارت وسائل الفبركة الحيثة عوامل قوية لبذر بذور الشك فى هؤلاء القادة والزعماء عند شعوبهم. وتجارب التاريخ قد دلت أن من الوضعاء الحجاج بن يوسف الثقفى وزياد بن ابيه مولود الزنا والفاحشة اللذان أساما المسلمين وعترة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوء العذاب وعلى رأسهم سيد الشهداء الحسين بن على بن أبى طالب وضربوا الكعبة بالمنجنيق وهدوها فوق رأس سيدنا عبد الله بن الزبير بن أسماء بنت أبى بكر الصديق ( ذات النطاقين ). والتاريخ أيضاً يضرب لنا المثل على ما نقول فيما فعله مصدق حاكم العراق فى الملك فيصل ابن عترة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما فعله صدام حسين فى كبار شعب العراق وما فعله فى الشيعة وما فعله أيضاً فى عترة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وأبناء الوضعاء الذين أستولوا على السلطة بليل أو بالقوة فى عالمنا العربى والأسلامى كثر وقد أساموا شعوبهم سوء العذاب ، يقتلون ابناءهم ويستحيون نساءهم وقد كانوا أكثر قسوة على كبار وكبراء القوم وقدوة الشعوب كراهيةً من عند أنفسهم وحقداً لأن أنفسهم مريضة وغير سوية اذ أن وجودهم فى أسفل السلم الأجتماعى لمجتمعاتهم وشعوبهم جعلهم يحقدون على كل ما هو أعلى منهم مرتبة وشأناً وشأواً فعذبوهم وصادروا أملاكهم من غير ذنب جنوه وأساءوا لهم كما قلنا فى كل أجهزة الأعلام المسموعة والمرئية وفى المجالس الأجتماعية وهم يظنون بفعلهم هذا أنهم يعلون من أقدارهم فى حين أن مثل هذه الأعمال والأفعال والأقوال التى تخرج منهم لا تزيدهم الا كراهية لدى شعوبهم وتعلى من قدر المساء اليهم خاصة اذا وصلت هذه الأساءة لمن لهم مكانة ومعتقد فى نفوس الناس أو كانوا من عترة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. ومقابل لهذا المثال هنالك أمثلة كبار القوم وكبراء القوم الذين تسنموا السلطة علىشعوبهم ودائماص ما يكون هذا التسنم للسلطة برضى هذه الشعوب سواءاً كان ذلك على مستوى الأسرة أو العشيرة أو القبيلة أو الدولة. هؤلاء قد دلت التجارب أنهم قد ساسوا أقوامهم بكل مكارم الأخلاق والحكم الرشيد والعدل ولم يظلموا أحداً أو قد تعدوا على حقوق أحد من بنى أقوامهم مهما قل أو علا شأن ذلك الفرد. وقد كان هؤلاء كبار النفوس لم يحقدوا أو يحاولوا التشفىعندما تعود لهم السلطة المغتصبة من هؤلاء الوضعاء ، بل لقد كانوا أرأف وأحلم بأعدائهم قبل أصدقائهم وأتباعهم وما ذلك الا لعلو همتهم أو ما جبلوا عليه من مكارم الأخلاق تربية صارت جزءاً لا يتجزأ من سلوكهم وشخصياتهم لأن الفرس الطيب لا يلد الا طيباً والآرض الجدب لا تنجب ولا تعطى الا نكداً وهى ارض الوضعاء والآباء الوضعاء الذين لم يربوا ابناءهم على مكارم الأخلاق ودفعوا بهم للوجود بكل هذه الأنفس المريضة والمليئة بمركبات النقص التى تفرز فيح سموم الأفاعى حقداً على علية القوم وكبراء وكرماء القوم. واذا نظرت فى عالمنا العربى والأسلامى تجد أن أرحم أنواع الحكم على شعوبها هى حكومات البيوتات وعلية القوم من ملوك وأمراء وشيوخ ، فى حين أن أكثر الحكومات تعسفاً على شعوبها هى التى حكمها وضعاء القوم بالقوة وليس بالأختيار وهذا أكثر وضوحاص وظهوراً فيما عرفنا من نظم وحكومات الجمهوريات العربية والأسلامية. وأى أحصائية تجدها تقول لك أن أكثر القتل والسجن والعسف والأضطهاد والضنك والشقاء هو ملازم لحكومات الوضعاء الذين لم تقدموا شعوبهم لخصال كامنة فيهم ولكن أخذوا شعوبهم عنوة بقوة السلاح وأستعملوا هذه القوة لنفث أحقادهم ونفوسهم المريضة وهم يدعون أنهم من الفقراء والمساكين فى حين ان هؤلاء ايضاً أكثر شقاءاً وعذاباً من سياساتهم وأدارتهم لهم. أردنا بهذا المقال أن تعى الشعوب العربية والأفريقية والسلامية جيداً ولا تركن لكل من يعتلى السلطة بقوة السلاح مهما أدعى ورفع من شعارات براقة من أجل الضعفاء والفقراء والمساكين فه شعارات تحوى داخلها السم الزعاف أو ما يعرف بدس السم فى الدسم وأن قيادة وادارة شئون العباد ليست كتباً أو نظريات تقرأ وانما هى تربية من الجد للأب ومن الأب للأبن وكم من متعلم وعالم وفيلسوف حكموا شعوبهم وأوردوهم موارد الهلاك وساموهم سوء العذاب وما ذلك الا لسوء المنبت وقد قيل تعليم الأطفال كالنقش على الحجر. ولعل كثيرين يحفظون كثيراص من الحكايات عن نظار القبائل ووجودهم على السلطة وادارتهم لشئون أقوامهم . حدث فى مجتمعنا السودانى ما حدث و ما مشكلة دارفور عنا ببعيدة ما زلنا نصطلى بنارها والتى افتقدت كبار قوم شعب دارفور من شيوخ ونظار وشرتاى. ان كل هذه الأمثلة لتوضح لنا السلوك القيادى للكبراء والوضعاء عندما يتولون زمام ادارة شئون شعوبهم وهى الفرق بين الرحمة والعذاب.