الشهيد محمد طه ..حكاية وحكايات ؟ بقلم: عبدالباقى الظافر
عبدالباقى الظافر
19 April, 2009
19 April, 2009
تراسيم
في إحدى ساحات المحاكم التي كثيرا ما كان يتردد عليها الأستاذ محمد طه محمد احمد (متهما) في قضايا النشر الصحفي كانت هنالك عين رسمية ترقبه بعين الرضاء والاستحسان .. بعد كثير من التردد اقترب الصول من الصحافي وهمس في أذنه " عارف يا أستاذ أنا من المعجبين بيك لأنك بتقول للأعور أعور في عينه " نظر ( ود جنقال ) إلى المعجب مليا ورد عليه بحكمة مليئة بالسخرية " وأنا ذاتى أعور " بالطبع لم يكن محمد طه اعورا ولكن به حول لم يكن بحاجة إلا لعملية تصحيح بصر يسيرة ولكن نفس محمد طه لم تكن تهتم لمثل هذه الصغائر . كان محمد طه منذ نعومة أظفاره صاحب مدرسة متميزة .. تنقل الصبي مابين القرير موطن الأسرة وحلفا مكان عمل والده .. أقرانه كانت تشدهم ملاه الصبا ..ومحمد الصغير مولع بالقراءة يلتهم الكتب .. يجالس الكبار ويلاحقهم بالأسئلة الصعبة . في جامعة الخرطوم اختار محمد طه الأديب دراسة القانون وتجاوز الآداب ..ما بين اليمين واليسار اختار الاتجاه الاسلامى.. فكان نجم صحيفة أخر لحظة الحائطية ..نشط في أركان النقاش وكان صانع العاب وهداف ماهر .. يقارع بالحجة ويستعين بالأدب ويستلهم من السيرة .. عندما ينتهي الليل يلتحف الأرض ويتغطى ببقايا ثوب ( دمورية ) به شيء من بقايا الدعاية الانتخابية .. يوم الجمعة يقطع ود جنقال شارع النيل ليسبح في (بحر ازرق ) . بعيد التخرج وجد محمد طه نفسه مستشارا في ديوان النائب العام ..ضيق الوظيفة الحكومية ما كان ليسع الشاب الثائر .. ترك الديوان أو تركه الديوان ولكنه ذهب إلى شارع الجماهير .. كل زاده قلمه الموهوب ولسانه الطويل ..في الراية كان صفحة ..في صحافة الديمقراطية كان رأيا .. وبعد الإنقاذ حينما اقبل (الأخوان ) على الغنائم .. وأصبح منهم الأمراء والوزراء ..جلس محمد طه بعيدا في ضاحية كوبر . عاد محمد إلى أهله يا سادة.. تزوج إحدى قريباته ..صدق الذات ومصالحة الثوار كانت بعض من ذريته ..رماح وروعة أبطال مسلسل صحراوي .. الخميني والرنتيسى بعض من الإسلام الثائر.. وبعد ان هدأ الثائر قليلا جاءت الوفاق وهى الصبية التي لم ينجبها محمد طه من ظهره . الوفاق كانت محطة مهمة في حياة محمد طه ..بناها قشة قشة ..سقفها من العرش البلدي ..مكاتبها من دلالة امدرمان .. كتابها أصحاب مواهب تبحث عن نوافذ .. محمد طه مثل العابد يغلق بابه ..يظل يكتب ويكتب ويصيح في الناس إنما يأكل الذئب من الأغنام الغاصية .. عاتبه صديق لأن يشقى ليبنى صحيفة ناجحة رد المثابر " لم تعد المنابر تحملني " وكان يردد دائما الهم لا تعطني حملا خفيفا ولكن أمنحنى ظهرا قويا . كانت الخرطوم تمطر على غير عادتها ..توقفت كعادتي مساءا على الوفاق .. محمد طه أرسل صحيفته إلى المطبعة أصيلا .. أفرط محمد طه احتفاءا بضيف ..اهتمام محمد طه بالرجل جعلني أحدق في الغريب مليا ..أخيرا أدركت ان ضيف محمد طه هو الأستاذ الكبير أحمد عثمان مكي نجم الإسلاميين المقيم بأمريكا ..وان محمد وأحمد .. بكل تاريخهما الحركي كانا بحوجة إلى دابة تنقلهما إلى ديار حسن مكي ..أخذتهم بسيارتي الحكومية إلى منزل الدكتور حسن مكي بجامعة إفريقيا العالمية ..أحسست ان وجودي سيفقد الجلسة بعض متعتها انسحبت كارها .. ومازال ذهني مشغولا ماذا دارفى تلك الأمسية بين أولاد المكي و ودجنقال . ذات نهار زاره رجل أعمال شغل الناس حينا من الدهر .. وحمل اليه باعتباره احد رؤساء التحرير هدية فاخرة عبارة عن جهاز هاتف خلوي .. ووقتها كان الموبايل هدية تسر الناظرين .. ردها محمد طه ببعض غلظة واقبل عليها آخرون ..وكأن محمد طه كان ينظر إلى ما وراء الهدية . محمد طه حكاية غريبة ومثيرة ..كان ثريا ولكنه يعيش بين الفقراء ..صحافيا يبحث عن المعلومة ولا يحمل هاتفا جولا .. ليس له بين الساسة صديق دائم ..قلم محمد كل يوم في شأن .. رغم ذلك كان محمد طه نبيلا ووفيا وشجاعا . لم تنتهي رواية محمد طه بإصدار حكم الإعدام على قتلته .. هؤلاء( البؤساء) ذبحوه وقطعوه ولكنهم قطعا لم يعرفونه جيدا .. ولكن ثمة سؤال يؤرقني من اصدر فتوى تغييب محمد طه ؟. .. قائمة أعداء محمد طه طويلة فيا من ترى كتب سيناريو الرحيل المر ؟