العمالة الصينية
27 June, 2009
ذكرت انباء الخرطوم ان هناك اتجاها قويا لإنهاء ظاهرة العمالة الأجنبية بالسودان. المقصود بالعمالة الاجنبية هو استخدام عمال مهرة في مختلف المهن و الصناعات و الخدمات في السودان خاصة من دول شرق اسيا و من بعض الدول العربية تأتي في مقدمتها العمالة المصرية. من المعروف ان هناك اعدادا كبيرة من الاجانب الذين يعملون في السودان من غرب افريقيا و من اثيوبيا و اريتريا و اخيرا من كينيا و أوغندا و زائير و لكن لا تسترعي الانتباه مثل العمالة الآسيوية و المصرية ، للاختلاف في التخصص و المهارة و التوظيف و لعوامل تاريخية و جيوبولتيكيه. لكن الدراسات في العالم تشير الي ان الاتجاه الغالب هو عولمة العمالة و استقطاب العمالة الاجنبية بكثافة في مختلف انحاء العالم. اشارت دراسة اعدتها شركة ( كي بي ام جي الدولية) و تم عرضها عبر شبكة النبأ المعلوماتية الي ان العمالة الصينية ستغزو العالم بكثافة و في وقت وجيز. اعلنت شركات عاملة في الهند ، استراليا ، اليابان ، بريطانيا ، اسبانيا ، الولايات المتحدة الامريكية عن خطط لزيادة موظفيها من الصينيين. سيحدث ذلك ، حسب الدراسة تغيرا جوهريا في نمط استقطاب العمالة الاجنبية التقليدية وفقا للتغير في الاقتصاد العالمي و تحسن وسائل الاتصال و انخفاض تكاليف السفر. اوضحت الدراسة ان الحاجة ما زالت ماسة للعمالة المهارة الاجنبية رغم التباطؤ الاقتصادي . خلصت الدراسة عبر استطلاع قامت به حول رغبات التوظيف المستقبلية ( الطلب علي العمالة ) لمجموعة من الشركات في احدي عشر مجالا اقتصاديا ، ان 82% من الشركات اتفقت علي ان سهولة حركة العمالة تتيح لها فرصة الوصول الي اعداد كبيرة من العمالة المؤهلة في موطنها و تفتح لها مجالا واسعا للاختيار. ذكر 73% من الذين شملتهم الدراسة انهم قد حصلوا علي نوعية افضل من العمالة ، كما اكدت 69% من الشركات ان استقدام العمالة من الدول الاخري قد رفع من مستوي تفهم الاسواق العالمية بشكل افضل ، فيما اشارت 76% من الشركات الي ان العمالة الاجنبية تساعد علي تكوين مفهوم عالمي واسع و يزيد ذلك من القدرة التنافسية للشركات. اظهرت الدراسة ان دولا مثل اسبانيا ، بريطانيا و الولايات المتحدة لا تحفل كثيرا لمصادر عمالتها ، كما أكدت ان السنوات الثلاث القادمة ستشهد تغيرا جذريا في سوق القوي العاملة العالمية. توقعت الدراسة زيادة العمالة الصينية علي حساب البريطانية و الأوربية و الامريكية في كل من استراليا و الهند و اليابان . يعني كل ذلك ان العمالة الصينية ستتسيد العالم في المستقبل وفقا للتوجه الدولي للشركات في سياساتها الخاصة بالعمالة.
بالنسبة للصين نفسها فهي تستخدم عمالة اجنبية من سنغافورة و هونغ كونغ و اوضحت الدراسة ان 19% ن الشركات العاملة في الصين تستجلب العمالة الاجنبية من المصدرين المذكورين. بينما تجلب 21% من الشركات العاملة في سنغافورة عمالتها من الصين مما يعني ان العمالة تتحرك في اتجاهين. هذا جيد بالنسبة لدول العالم المتقدمة و النشطة اقتصاديا و للشركات التي تبحث عن تحسين وضعها التنافسي و تقليل تكاليف الانتاج ، لكن بالنسبة لنا فالوضع مختلف جدا. من اهم الجوانب للاقتصاد السوداني هو ضرورة تعظيم القيم المضافة من الاستثمار الاجنبي سواء ان كان صينيا او عربيا او افريقيا او امريكيا. من هنا لابد لنا من ان نعمل للاستفادة من جميع مزايا الاستثمار الاجنبي من رؤوس اموال او تكنولوجيا او تشغيل العمالة السودانية و تدريبها و رفع قدراتها . من هنا فان وجود استثمارات صينية ضخمة و مهمة و بعمالة صينية تعمل في كل شيء من المهن المعقدة عالية المهارة الي نظافة الارض ورش الاشجار و دق المسامير، بهذا الشكل سيكون مردود الاستثمار الاجنبي من حيث القيمة المضافة الخاصة باستخدام العمالة الوطنية و رفع قدراتها سيكون قليل الجدوي و سيسلب واحدة من اهم مزايا الاستثمار الأجنبي.
لا يمكننا ان نضع جميع بيض استثماراتنا الاجنبية في السلتين العربية و الصينية. لابد من تنويع الاستثمار الاجنبي في السودان و وضعه كما هو عليه حسب المعايير الدولية و البحث عن مصالحنا الوطنية كاملة غير منقوصة. لا تغيب علينا اهمية الاستثمارات الصينية و الدور الصيني في المشروعات التنموية الكبري في السودان و لكن لكل شيء ثمن و يجب ان لا يتعدي الثمن تكلفة السوق او ان لا ينحرف عن تلك التكلفة بشكل خطير يضر بالمصالح الاستراتيجية و منها مصالح القطاع الخاص الوطني و مصالح العمالة الوطنية. من المهم هنا دراسة انماط سلوك العمالة الصينية التي تعمل بلا كلل او ملل بالليل و النهار و من الممكن الاستفادة من تلك المزايا و توطينها وسط العمال السودانيين. من المعروف ان سلوك العمالة الصينية المبالغ في انضباطه و الذي يستمر في العمل بلا راحة ادي الي مشاكل في كثير من دول العالم وصل حد العنف و اضرام النار في المشاغل الصينية في دول اوربية اضافة للتظاهر و غيره من ردود الافعال الناتجة عن اعتقاد بان العمالة الصينية يمكن ان تكون مدمرة لقوي العمل الوطنية. المقصود ان يراعي في العمالة التقاليد و القيم الوطنية مع ملاحظة ان العمالة الصينية لن تعاني من أي مشاكل اجتماعية في السودان و ذلك لطبيعة الانسان السوداني المنفتح علي الاجانب مما يبشر بتوطنها في السودان بكل ما يمكن ان يترتب علي ذلك من آثار اقتصادية و اجتماعية.
hassan mn bashir