افريقيا : الانتقال من المساعدات الي التنمية … بقلم: د. حسن بشير محمد نور – الخرطوم

 


 

د. حسن بشير
10 August, 2009

 

 

خصصت قمة العشرين في اجتماعها الذي عقد في ايطاليا في شهر يونيو الماضي مبلغ 20 بليون دولار للتنمية الزراعية المستدامة. هذا بالضبط ما أكدت عليه وزيرة الخارجية الامريكية السيدة هيلاري كلينتون خلال جولتها في بعض الدول الافريقية. اشارت كلينتون الي التزام الولايات المتحدة بتعزيز الزراعة المستدامة في الدول الفقيرة بهدف مساعدتها للانتقال من مرحلة استجداء المسعدات الي تنمية مواردها و الخروج من دائرة الفقر التي تعيشها معظم دول القارة . من الجوانب الجيدة في تلك الزيارة ايضا دعوة الوزيرة الامريكية لزيادة المساعدات الخاصة بالتنمية الزراعية . شكلت تعهدات كلينتون ضمانة بوصول مبلغ العشرين مليار دولار للدول الفقيرة. لكن ذلك ليس كافيا و انما يحتاج الي المساعدة في ان يتحول ذلك المبلغ بالفعل للتنمية الزراعية المستدامة التي تهدف الي القضاء علي الفقر و الجوع و تحديث القطاع الزراعي في افريقيا و نقل المجتمعات الريفية الفقيرة من مجتمعات بدائية و قروية الي مجتمعات زراعية حديثة.

  يتطلب تحقيق الاهداف المحددة في التنمية الزراعية تحقيق العديد من المعايير الخاصة بنوعية الزراعة و التقانة الزراعية و التكنولوجيا المستخدمة و ضرورة المحافظة علي الموارد البيئية و صيانتها. معلوم ان الفقر جر الكثير من الويلات وراءه في افريقيا و من ضمنها تدمير الموارد البيئية و الاضرار بالتربة و اتساع رقعة الصحاري و تفشي التلوث البيئي. يمكن للقارة الافريقية ان تضمن انتاج عدد وافر من المحاصيل الغذائية عالية الجودة، مرتفعة القيمة الغذائية و صحية. و هذا من ضمن الاشياء التي يبحث عنها العالم لتحقيق الامن الغذاء و وقف زحف الامراض الغريبة الناتجة عن التلوث. لكن افريقيا تحتاج الي الكثير من الاشياء الداعمة للتنمية الزراعية المستدامة و منها رفع جودة التعليم و كفاءة المؤسسات التعليمية و التوسع في التعليم الفني ، باختصار افريقيا في حاجة ماسة لتنمية الموارد البشرية و رفع قدرات انسانها ليواكب متطلبات العصر.

لا بد ان يحدث كل ذلك بالتزامن مع اصلاح النظم السياسية في دول القارة و انجاز مهام التحول الديمقراطي و إشاعة الحريات لتوسيع دائرة المشاركة في صنع القرار و في الانتاج و ان تصل المنتجات لغالبية السكان و ان يتم القضاء بشكل مؤسسي علي الفقر و الجوع. من المعلوم ايضا ان معظم الدول الافريقية تعاني من الفساد المالي و الاداري و انعدام الشفافية و المحاسبية في المال العام ، كما تعاني من المحاباة و اشكال التمويل غير السوقي و ضعف الانتاجية الناشئ عن انعدام معايير التنافسية. و بدون القضاء علي تلك الظواهر لا يمكن لمليارات الدول الغنية ان تفعل شيئا مفيدا للدول الافريقية. لا يعتبر السودان مستبعدا من دائرة الاهتمام الامريكي رغم كل ما يقال و يثار هنا و هناك ، ذلك لاعتبارات إستراتيجية و جيوبولتيكية  بالتالي ما عليه الا ان يعمل بكل جد و عزيمة و اصرار لحل مشاكله العالقة و سد الذرائع علي جماعات الضغط في الدول الغربية حتي يلتقي في منتصف الطريق مع المحاولات الساعية لتوفيق اوضاعه علي المستوي الدولي. السودان مهم لجميع انواع الاستثمار آلاتية الي افريقيا كما ان اهميته محورية في التنمية الزراعية و بالتالي عليه السعي لاخذ نصيبه بالكامل من كيكة العشرين المخصصة للتنمية الزراعية المستدمة ، و في ذلك الخير لجميع الاطراف و لجميع اهل السودان و قطاعاته الاقتصادية في مجملها.

 

hassan mn bashir [mnhassanb@yahoo.com]

 

آراء