الغرفة التجارية الصناعية مؤسسة قومية وليست مؤسسة أفراد خاصة … بقلم: شوقي إبراهيم عثمان
19 August, 2009
غرفة الطباعة – وحفرة مؤسسة الأهرام المصرية
مدير مكتب الوزير يغلق التلفونات في وجهي
shawgio@hotmail.com
كاتب هذه المقالة هو أول من حث الدولة السودانية بدءا من 2002م أن تعطي صناعة الورق والطباعة حقهما – هذه فعلتها في مقالاتي المتعددة والمتفرقة!! ولكن فكرة صناعة الورق في السودان هي قديمة، فمنذ بداية الستينيات تم وضع دراسات وتصورات لهذه الصناعة، ولأن القطاع الخاص السوداني كان من الضعف بحيث لا يستطيع أن يدخل هذا المضمار – لم يحدث شيء ذو بال في هذا المجال!! بينما الحكومات المتعاقبة عسكرية أو مدنية كانت بالهزال بحيث لا تقوى على فعل شيء جاد في هذا المضمار!! فقط عام 2008م، تم التوقيع على عقد مع شركة مصرية وتركية بشراكة الدولة السودانية برأس مال قدره 500 مليون دولار لصناعة الورق!! وفي نفس هذا العام تم خصخصة المطابع الحكومية، ما عدا السيادية مثل طباعة العملة الخ، وجلس وزير الدولة لشئون الصناعة المهندس علي أحمد عثمان جلسة عمل مع أصحاب المطابع فك فيها قطاع الطباعة من عقاله، وعالج مشاكله مثل الرسوم والضرائب العالية التي كانت تجبي من هذا القطاع مثل الجمارك، والقيمة المضافة الخ. وتحسين قطاع الطباعة يتوالى بخطوات بطيئة ولكن بأسلوب لا يخلو من المخاطر الخارجية والتدخلات الإقليمية!!
بهذه المقدمة يمكن الاستنتاج أن قطاع صناعة الورق والطباعة في السودان ستأخذ طفرة وعنفوان في السنوات القادمة!! لذا يلاحظ أن العديد من المنتجين الذين يعملون في هذا القطاع شمروا عن ساعديهم، ليس لتطوير هذين المجالين بل لاحتكارهما بأسلوب أناني..وبشكل لا يتفق مع الدستور!!
عندما أطلق نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه صفارة الانطلاق للمنتجين في صناعة الطباعة، وتسليم الدولة هذه الصناعة للقطاع الخاص، كان في ذهن نائب الرئيس أن يتنافس أصحاب المطابع وأصحاب المهن التي تدور حول هذه المطابع لتجويد عملهم عبر المنافسة الشريفة!! وفي الحق ماذا يعني تحرير الاقتصاد؟؟ سوى المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص؟؟!! ولكن يبدو أن للسودانيين فنون وفنون، ليس في تحرير الاقتصاد، بل في تكبيل الاقتصاد..!! فأصحاب العمل والأعمال عملوا لأنفسهم "دكاكين" سموها غرفا، وأغلقوا على أنفسهم في كل غرفة بابها بالمفتاح..وصنعوا لأنفسهم صنائع في مفاصل الدولة يلعبون لهم دور كلاب الحراسة..watchdogs للمحافظة على المكاسب!! ومن الجانب الآخر دخل المستثمرون الخليجيون على الخط وأخذوا يلعبون بالجميع!!
تأتي في قائمة هذه الغرف المغلقة غرفة الطباعة التي كان يترأسها الأستاذ خليفة أبو زيد، والآن يترأسها الأستاذ عبد الله الطيب. وقبل الدخول في تفاصيل هذه الغرف أو هذه الغرفة بالذات نذكر الجميع أن القائمين على الغرف الصناعية والتجارية في السودان لا يفهمون طبيعة الدور الذي عادة تقوم به الغرف في الدول الصناعية. ففي أحسن الافتراضات، يعتقد هؤلاء الخرطوميين أن كل ما يدور في غرفتهم هو شأن خاص بهم!! أما في الحد الأقصى فيعتقدون إنها فرصة لهم –دون غيرهم- لاحتضان المستثمر الأجنبي..وعقد صفقات الشراكة معه، وتنفير المنافسين المحليين، وطرد المستجدين الذين يرغبون في الدخول في هذا القطاع..أي قطاع!! بأسلوب بسيط جدا: إذا طلبت شيئا منهم (معلومات ودراسات في الغالب) بالتلفون وفهموا المطلوب سيتهربون..ويغلقون الخط في وجهك!! أو لن يردوا على مكالمتك بعد أن يعرفوا نمرتك!! وبالطبع لن يعطوك معلومة واحدة عن حجم القطاع ومفرداته ونواقصه الخ..!! هذه الحالة يعبر عنها الكثيرون بعدم الشفافية، بينما أسميها أنا بتناقض المصالح، بينما السذج يسمونها أن "الكيزان" كوشوا على كل شيء!!
هذه الحالة لا يعاني منها المستثمرون المحتملون فحسب، بل أيضا يعاني منها الصحفيون..في أثناء أداء دورهم الصحفي الاعتيادي!! معظم الصحفيين لا يدركون أن هذه الممانعة هي قضية "شخصانية" وربما يتوهم البعض منهم إنها سياسات الدولة – فيحقد على الدولة!! بينما هي لا شك قضية شخصانية..ويجب معالجتها مباشرة وبموضوعية وبمواجهة هؤلاء الأشخاص الذين يسيئون استخدام مواقعهم لمنافع شخصية وفئوية!! بينما في الدول الصناعية تعطى المعلومات لمن يرغب وبشكل مكثف – لا حواجز ولا توجد غرف مغلقة!! فهي إذن تكافؤ الفرص – وأحد أهم تكافؤ الفرص توفر المعلومات للجميع!! في السودان قضية تكافؤ الفرص لا يجهلها السودانيون كعناوين، ولكن في التطبيق العملي تحدث الإلتواءات، والأساليب الخبيثة بأسلوب المعايير المزدوجة، وزحلقة المنافسين أو "تتقيلهم"..الخ ويعتقد الكثير من الضحايا المحبطين إنه أسلوب دولة، وسياسة دولة..وبعضهم يعتقد على الرئيس عمر البشير أن يلاحق هؤلاء الخ، وهذا مستحيل، ببساطة هي تناقض مصالح، وإذا لم يثبت الشخص في انتزاع حقه الدستوري والقانوني، سيترك الساحة مفتوحة لهؤلاء "المكوشين" غير الموهوبين بالكامل!!
وأفضل شيء يمكن عمله هو إعادة النظر في أسلوب عمل هذه الغرف التجارية والصناعية، ووضع القوانين واللوائح التي تنظمها بحيث لا يتناقض أسلوب عملها مع الدستور، مثل حرية انسياب المعلومات وعدم حجبها، وتكافؤ الفرص للحصول عليها لمن يرغب الخ فمثلا إحصائية عامة عن القطاع، ومثالنا هنا عن قطاع الطباعة، كم توجد من المطابع، وما هي موديلاتها، وما حجم المطلوب طباعيا في السنة، وما مقدار العجز الخ هي معلومات يجب أن تتاح للجميع، ومن يحجبها يعاقب قانونيا. وينطبق القول على بقية المجالات الأخرى، للغرف الأخرى. أما تفاصيل شراكة لبعض أعضاء الغرفة مع شريك أجنبي في إطارها القانوني فهي ليست بالضرورة أن يكشف تفاصيلها إلا بمقدار ما يرغب صاحب الشأن نفسه!!
هذه النقطة يجب أن تعالجها كذا مؤسسة في الدولة بدءا من المجلس الوطني، والهيئة العامة للاستثمار، والوزارات المعنية التي توازي وتتعاون مع القطاع الخاص في نفس المجال. ولكن ولأن هذه الوزارات الاتحادية نفسها مبتلية بأنفلونزا "الخنازير" ومن أعراضها حجب المعلومات، فكيف إذن نتوقع أن يقوم أصحاب العمل بشيء مفيد إذا بعض شخوص مفاصل الدولة نفسها لا تؤمن به؟؟ فخذ الوزير المهندس على أحمد عثمان، اتصلت به تلفونيا في العام الماضي ومشكورا أعطاني بكل الأريحية من وقته لفهم المطلوب من معلومات، ثم أعطاني رقم تلفون مدير مكتبه ويسمى الأستاذ عادل إبراهيم ورقمه 0912984670 وعلى حسب قول الوزير، على أن أعطي مدير مكتبه الأيميل الخاص بي لكي يرسل لي المعلومات!! وعندما تحدثت مع "الأستاذ" المدير...وفهم المطلوب، وأرسلت له أيميلي الخاص برسالة خلوية أخذ يتهرب لا يرد على تلفوناتي بل أخذ يغلقه في وجهي!! ليس مرة واحدة فحسب، بل عشرات المرات وعلى مدى أيام وأسابيع متفرقة!! بالطبع سيحلف أنه لم يستلم رسالتي وسيحلف أن الخطوط سيئة..الخ أو أنه لا يتذكر أن ذلك قد حدث!! وغلق التلفون في الوجه عندي جريمة معنوية..!! وهل يعتقد الأستاذ عادل أنني أرغب في رؤيته أو أن أطيق رؤية وجهه مرة أخرى!! قطعا لا..فهو لا يستحق الموقع الذي يجلس فيه!! هل يعتقد الأستاذ المدير إني ساذج بحيث أفهم أنه مركز قوة، أو أن أسلوبه غير الكريم سياسة دولة!! فهو واهم. ولا أحتاج إلى تفسيره..أو تعليله أو اعتذاره. ولكن لو كنت خليجيا..لصار العكس، ولأصبحت تلفوناته ترن في إذني ليل نهار!!
ومن المضحك أن تسمع أو تضج في أذنك تلك الورش المزعجة عن المعلوماتية، بدءا من شركة كوش وحكومتها الإلكترونية وإنتهاءا بكمبيوترمان!! أين هذه المعلومات؟! وكيف تصير تنمية بدون معلومات؟! أم هي حصرا لفئة معينة؟؟ يبدو ذلك!! فما هو رد الوزير علي أحمد عثمان على تصرف مدير مكتبه؟؟ وكيف أصبح مدير مكتبه هو الوعاء الوحيد في كل شأن في الوزارة، بحيث لو ذهب يحمل الوزارة في جيبه..بينما بقية الموظفين يقتلهم الملل، وقراءة الصحف وعمل اللاشيء!! كيف نفسر ذلك؟؟ ولماذا يحمل الوزير مدير مكتبه كل شيء على ظهره، يكاد يقتله بالعمل المجهد ليل نهار، بينما بقية الموظفين لا يفهمون شيء عما يدور حولهم ولا يقتسمون جزءا من عمل الوزارة؟؟ القضية واضحة، ولا تحتاج إلى ذكاء شديد حتى نفهم أن الوزراء أنفسهم لهم أسرارهم الخاصة!! بالرغم من أن جزءا كبيرا من عمل الوزير السيادية هي في نطاق الوظيفة العامة إن لم نقل جلها. لا علينا لنأتي لغرفة قطاع الطباعة.
بعد تجربة العام الماضي مع مدير مكتب الوزير – اتصلت قبل عشرة أيام برئيس الغرفة الأستاذ عبد الله الطيب. أولا أستغرب الرجل الطيب أن يصدر هذا السلوك من مدير مكتب الوزير!! ولم يصدق!! طيب ما هو رقم مدير المكتب أعطاني إياه الوزير نفسه..وأخبرت المدير أن رقمه أعطاني إياه الوزير..وهذا دليل على أنني صادق!! فلم الاستغراب؟؟ ويبدو أنه أتصل وأستفسر من المدير عن الواقعة!! وبعد مرور عشرة أيام لم تصلني المعلومات المطلوبة، وقال لي الأستاذ عبد الله الطيب أن المعلومات عن قطاع المطابع هي بالغرفة. وبالرغم من مرور عشرة أيام لم يرسل لي شيئا من المعلومات على إيميلي رغم أنه وعد بإرسالها!! ففهمت أنه لن يرسلها.
قبل أن أسترسل في هذه الوقائع أحب أن أؤكد أن المعلومات المطلوبة هي مهمة لإكمال دراسة جدوى اقتصادية لإنشاء مطبعة في السودان أعدها بنفسي، ولكن هذه المعلومات المطلوبة، توفرها أو عدمها، ليس هو العامل الحاسم لكي تكون لي مطبعة في السودان. ولكن عدم إرسال هذه المعلومات من قبل مدير المكتب أو الغرفة هو من قبل "تطفيش" المنافسين التجاريين. حتى ولو كان على حساب تقدم السودان، حتى ولو على حساب النقص المريع في كتب المدارس على كل مستوياتها!!
وفي سياق تطور خصخصة الطباعة في السودان تأتي أهمية توفر الكتاب المدرسي في قمة الأولويات التنموية، ولكي يغلق أصحاب الغرفة الباب، أسسوا شركة باسم غرفتهم، وسموها: شركة إتحاد الغرف الصناعية. وهذا شيء لم يحدث في تاريخ العالم الصناعي برمته!! هذه الشركة تنضوي تحتها خمسون مطبعة خاصة!! وبهذه الطريقة، أي بتأسيس هذه الشركة باسم الغرفة، ألغوا المنافسة الحرة وشكلوا من أنفسهم ما يسمى في الاقتصاد ب Trust لاحتكار السوق وتطويعه بشروطهم وتحاشوا المنافسة ولسان حالهم: كفي الله المؤمنين شر القتال!! بينما المنافسة هي أصل التجويد والدافع للتطوير..!! هذا إذا لم يكن في القانون التجاري مادة تمنع الاحتكار، وبالطبع هي موجودة ولكن لا أحد يلتفت إليها..الغريب أن يقول الأستاذ عبد الله الطيب عندما تطبع شركتهم الكتب المدرسية فهو "رد الجميل" للحكومة!!
وقد ينبثق سؤال آخر، هل ينبغي أن يدير مالكو المطابع أنفسهم غرفة الطباعة –أو أية غرفة أخرى؟ لماذا لا يديرها موظفون –كما في ألمانيا- ذو كفاءة إدارية يحققون مصالح المالكين ويركزون على القضايا القومية العامة مثل توفير المعلومات، وتدريب العاملين في القطاع الخ؟؟ بدلا من أن يدير الغرفة شخص "مالك" يدفنها في حفرة..ويطوعها على مزاجه، بل ربما يبيعها كما سنفهم لاحقا كيف يفعلون في مصر!! أما النقطة الأخيرة في هذا الموضوع..يجب أن يفرق أصحاب الغرفة ما بين النقابة، وهي مؤسسة مطلبية تحقق مصلحة مالكي المطابع بشكل مباشر عبر المساومة مع مؤسسات الدولة المختلفة، وما بين الغرفة أو الغرف التجارية والصناعية التي لها نشاط أوسع وأشمل وبعد قومي، ولا تعبر عن المالكين بذهنية ضيقة – بحيث تصبح الغرفة هي الشركة والشركة هي الغرفة – على المثل القائل: زيتنا في بيتنا!!
ثم صار حوار صغير ما بيني وبين الأستاذ عبد الله الطيب على التلفون، وأبديت له وجهة نظري أن "صناعة" الكتاب مطلب قومي لصنع التوازن الفكري المجتمعي في السودان المتعدد الثقافات، وكثيرا ما طلبت في مقالاتي أن السودان يجب أن يطبع كل كتب التراث الإسلامي طبعات شعبية رخيصة – حيث أن دول الخليج هي التي تمنع هذا المنحى!! ولمحت للأستاذ عبد الله في التلفون أن الطباعة سلعة إستراتيجية هامة!! وربما لا يدرك الأستاذ عبد الله أبعاد أهمية الطباعة إستراتيجيا. وسنثبت ذلك بكلماتنا التالية.
منذ الستينيات قرر الملك فيصل مصادرة الإعلام العربي والفضاء العربي الإسلامي – كردة فعل للتحريض الخارجي الثوري الناصري. وهذا ما كتبه بصريح العبارة في خطاباته مع جون كينيدي!! وبعد وفاة ناصر، وبدءا من عام 1972م تحرك الملك فيصل فعليا في تطبيق سياسة الهجوم ومصادرة الإعلام العربي فكانت الشركة السعودية للإعلان والبحوث والتسويق الخ وهي شركة قابضة ولدت العديد من الصحف والمجلات منها صحيفة الشرق الأوسط. ولكن الهجوم السعودي كان مبكرا في لبنان، فمنذ الخمسينيات أنتبه السعوديون لأهمية لبنان لكونها مركزا طباعيا وصحفيا فاخترقوها عبر المال والمصاهرة، – لذا أسس الملك فيصل بنك الأنترا في بيروت الذي أفلسه أو نهبه اللبنانيون عام 1961م!!
وفعلا سيطرت دول الخليج على كل الإعلام العربي!! ومن الأمثلة الفاضحة المؤسسة التي تسمى "مؤسسة الفكر العربي" وهي سعودية 100% بغطاء عربي – عضوية الأمانة فيها مليون دولار!! ولي مقالة شاملة في هذا الموضوع، سأضعها تحت تصرف صحيفة الأحداث. وإن لم تنشرها الأحداث سأضعها في سودانيزأونلاين!! ما الجديد ونحن في عام 2009م؟؟ ما هو الجديد في جعبة دول الخليج؟
الجديد هو تزوير التراث الإسلامي!! فهنالك إندفاعة محمومة في دول الخليج لإعادة كتابة التاريخ الإسلامي على مزاجهم وما يخدم مصالحهم الإستراتيجية!! سيبدءون بإعادة كتابة كتب التراث بعد تنقيحها وتنتيفها تحت عنوانين: المزور والموضوع من المرويات!! ثم يطبعونها باسمها الأصلي!! بينما الكتب الأصلية برسم أصحابها التاريخيين ستسحب من السوق!! لذا السيطرة على المطابع في الدول العربية أحد الإستراتيجيات المبطنة...لدول الخليج كما فعلت السعودية في الخمسينيات في لبنان، والسبعينيات في مصر!! ولكن بحيل أخرى ذكية!! ما عليك إلا متابعة قناة الشارقة وهي التي بشرتنا بإعادة كتابة التاريخ الإسلامي وضيفهم الدائم: البرازنجي!! وهنالك مؤشرات عديدة تدعم ما نقول بصدد هذه الحملة.
ولكي تفهم كيف يخترق الخليجيون الدول العربية، لنقل ابتداء عبر مؤسسات فاسدة مخترقة أصلا: صحيفة الأهرام المصرية!! فهذه الصحيفة ومركزها الإستراتيجي كانا الهدف الأول لإسقاطهما وهما معقل هيكل!! وفعلا علي يد إبراهيم نافع، "المش نافع"، الذي هوايته جمع الريالات، سقطت الأهرام..ولإسقاطها تماما، سمحت السعودية لصحيفة الأهرام أن تطبع نسخة لها في مدينة الرياض وبالقمر الاصطناعي!! وسلم إبراهيم نافع "الأهرام السعودي" لأبن أخيه!! فإضافة لثرائه الفاحش وقصوره العديدة، لم يكتفي إبراهيم نافع بما يجمعه من دول الخليج من ريالات، بل وصلت التهم إليه بحيث وضع ديوان المحاسبة المصري يده على صحيفة الأهرام وأتهم نافع بإساءة استخدام أموال المؤسسة العريقة وكانت فضيحة مجلجلة!! ولا أدرى ماذا تم في هذه التهمة المالية – هذه الحملة ضد نافع وفضائحه قادها الصحفي مصطفى بكري وصحيفته المصري!! ولكن الأنكى على النفس..أن يكون إبراهيم نافع نقيب إتحاد الصحفيين العرب!! هذا المنصب من ضمن الحسبة الخليجية لتحنيط الصحفيين العرب وإفسادهم!! من الجانب الآخر، فعندما تسمع ماذا يقول أسامة سرايا مدير مركز الدراسات بصحيفة الأهرام في القنوات الفضائية يمتلكك شعور بالتقيؤ!! وهو ربيب اللي مش نافع!!
ولكن بالذهاب قليلا لأعلى..ستجد مرسي عطا الله –رئيس مجلس الإدارة بصحيفة الأهرام- يتربع قمة الهرم، وشقيقه وأسمه سمير عطا الله هو الصحفي رقم واحد في صحيفة الشرق الأوسط وهو الذي يعيد كتابة "التاريخ السعودي" على طريقة خطرفات الروائي كارل ماي النمساوي في القرن التاسع عشر..عندما يجزم سمير عطا الله بأن اليهودي برسي ذكريا كوكس، وسنت جون فيليبي وغيرهما مثل لورنس العرب الخ كانوا من عشاق الصحراء –أي سواح- والله فقط على حد زعمه!! أي ليس ضباط مخابرات لمكتب وزارة الحربية البريطانية – وهم صناع العروش الخليجية!!
مرسي عطا الله...نصب شركا للأستاذ عبد الله الطيب..ولا نشك أستاذنا السوداني طيب...وهو.. أو أنه أسم على مسمى!! فقد عقدت غرفة الطباعة المصرية في مساء 18 فبراير 2008 اجتماعا بمقر مؤسسة الأهرام بدعوة من الأستاذ مرسي عطا الله رئيس مجلس الإدارة. وترأس الاجتماع رئيس غرفة صناعة الطباعة المصرية وأسمه أحمد عاطف وهي جزء من اتحاد الصناعات المصرية، وحضر هذا الاجتماع الأستاذ عبد الله الطيب، بعد أن ركز المصري –وهنا بيت القصيد- علي ضرورة الاهتمام بالتعاون بين البلدين "نظرا لتطابق المشاكل في كلا البلدين" واقترح رئيس غرفة الطباعة المصرية إنشاء اتحاد عربي للطباعة. وقد قام المهندس محمد تيمور مدير عام مؤسسة الأهرام ونائب رئيس الغرفة في نهاية الاجتماع بتكريم رئيس غرفة الطباعة السوداني بإهدائه ميدالية تقدير. ولا تعرف لماذا ميدالية!!؟؟ فهل سأل الأستاذ عبد الله الطيب نفسه لماذا يهدونه ميدالية؟؟
إنشاء إتحاد عربي للطباعة!؟؟ لا شكرا!! أما لماذا إتحاد عربي للطباعة كما ترغب صحيفة الأهرام بالنيابة عن أصحابها الخليجيين، ستجد الأسباب تضحك الثكلى!! تعلل رئيس الغرفة المصري بالتالي: طالب بضرورة مشاركة غرف صناعة الطباعة في كل جهود ومجالات حماية المستهلك حيث أن هناك في مصر حوالي 10 آلاف مطبعة عشوائية تعمل بدون ترخيص وهناك العديد من حالات الغش التجاري والصناعي خاصة يثبت من خلالها أن عمليات الغش تتم من خلال المعلومات المطبوعة في شكل علبة أو بيان ملصق يحتوي علي بيانات السلع والتي تكون في هذه الحالة غير صحيحة ويتبين أن بعض المطابع العشوائية وراء ذلك وطالب بان يكون هناك عقاب رادع لكل من يثبت مشاركته في جريمة الغش وذلك من خلال إعداد قائمة سوداء بأسماء المطابع العشوائية والتي ترتكب مخالفات غش كما أكد ضرورة إنشاء لجنة للقيم بالاتحاد لمحاسبة الأعضاء الخارجين عن القانون.
هذه هي الأسباب لإنشاء إتحاد عربي للطباعة!! ولكنها الأسباب الظاهرية..!! أما الباطنية فهي للسيطرة على طبيعة الكتب الثقافية، خاصة الدينية...نذكر القراء أننا قلنا سابقا أن دول الخليج هي على قدم وساق في إعادة كتابة كتب التاريخ الإسلامي بعد تنتيفها وتزويرها كما يرغبون!! فهذا الجهد "التاريخي" المدمر من قبل دول الخليج قد لا يثمر لو خرجت مطابع دولة عربية ما عن الخط المرسوم..!! لذا يجب إدخالهم أولا بيت الطاعة!! هكذا خدعوا الأستاذ عبد الله الطيب وربما سيعتبرونه أول المؤسسين!! ولا أستبعد تخمينا أن يصدع المصريون أو وعدوا "غرفتنا الطيبة" بماكينات وتسهيلات -هكذا هي الثرثرة في البزنز-..أي تسهيلات شخصية من النوع البنكي من دول الخليج، وبشكل عابر في ثرثرة عابرة..أي اصطياد الخلايجة، بينما لا يدري أستاذنا الطيب أن الخلايجة قد يصطادونه.!!
قضية تزوير كتب التراث الإسلامي أيضا تساهم فيها المؤسسات اليهودية الأمريكية. فخذ مثلا هذا الخبر نقلا عن صحيفة القدس اللندنية، بتاريخ 14 أغسطس 2009، وهو خبر صغير في الصفحة الأولى. وقد يمر به القارئ البسيط مرور الكرام: أعلنت مكتبة الإسكندرية أنها تلقت منحة قدرها مليون دولار من مؤسسة كارنيجي بنيويورك لصالح مشروع نشر كتب التراث الإسلامي بعدة لغات إضافة إلى إتاحتها على الانترنيت. وقالت المكتبة أمس الخميس في بيان أن فكرة المشروع تقوم على اختيار كتب من التراث الإسلامي وإعادة نشرها باللغة العربية ثم ترجمتها إلى الانجليزية والفرنسية ونشرها "وإطلاقها على الانترنيت لكي تكون في متناول الجميع من العرب والأجانب". وأضاف البيان أنه سيتم اختيار كتب معاصرة بهدف الإسهام "في زيادة وعي الشباب العربي بتراثه من ناحية وتعريف العالم الغربي بتراثنا الإسلامي من ناحية أخرى كما يفيد أيضا المسلمين المقيمين في الغرب وربطهم بتراثهم". وقال البيان إن الاتفاقية وقعها إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة وفارتان جريجوريان رئيس مؤسسة كارنيجي وهي مؤسسة خيرية أنشأها آندرو كارنيجي 1911 وتهدف إلى دعم نشر المعرفة والتفاهم المتبادل عن طريق العمل على بناء السلام العالمي وتقدم التعليم والمعرفة. أ.هـ.
من المضحك أن الخبر يصف منظمة كارنيجي بالمنظمة الخيرية!! فهي أولا منظمة يهودية صهيونية عنت في بداية تأسيسها 1911م قبل الحرب العالمية الأولى لتهجير اليهود لفلسطين!! مثلها مثل منظمة ال IRC وهذه تأسست 1933م قبل الحرب العالمية الثانية. وبعد أن أستتب الأمر دوليا لليهود أضفوا على مؤسساتهم طابع دولي تحت عباءة الأمم المتحدة، ومع ذلك، الذين يديرونها اليوم يديرونها لنفس الأهداف ولصالح الصهيونية الدولية. فمؤسسة كارنيجي أيضا تدعمها المخابرات المركزية الأمريكية ما بعد الحرب العالمية الثانية post-war strategies وهي لتدشين عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية بالثقافة الأمريكية، والتبشير بالإمبراطورية الأمريكية الجديدة. ومن نتائج مؤسسة كارنيجي بالتعاون مع المخابرات الأمريكية سلسلة كتب "ريدر دايجست"..للعصف بعقول العالم الثالث، ولها يد في قصة مصطفى وعلي أمين، وكذلك حتى عبد الله جلاب كان مغرما بها وكان يروج في الستينيات في أوساط الشباب السوداني وقتها: كيف تعيش سعيد!. أما اليوم ففارسها المغوار: عمرو الحمزاوي!!
أما ال IRC فقد أرتكزت في شرق السودان (همشكريب)، وفي الجنوب وعبثت في السودان كما شاء لها. وكما قلنا، هي منظمة يهودية صهيونية، والحروف تعني: لجنة الإنقاذ الدولية The International Rescue Committee. هذه اللجنة أو المنظمة تم تأسيسها عام 1933 باقتراح من العالم اليهودي الفيزيائي ألبرت آينشتاين تحت زعم إنقاذ اليهود من هتلر، والإنقاذ هنا، يعني بالطبع مساعدتهم للهجرة لفلسطين. وأيضا قصد من هذه اللجنة على حسب اقتراح آينشتاين مساعدة أعداء هتلر. وتقول هذه اللجنة عن نفسها اليوم، بأنها أحد أكبر المنظمات الخاصة، اللاربحية، التي تساعد اللاجئين، والأشخاص الذين نزعوا من مناطقهم بسبب الخوف من التصفية الجسدية أو الملاحقة في مناطق العنف المسلح. وعند حدوث نزاع، تتدخل المنظمة فورا بالمساعدة الطبية..الخ، وعندما تستتب الأزمة، تزعم بأنها تعمل برامج للاجئين في المهجر لمساعدتهم على التأقلم، والتعليم، واكتساب مهارات..الخ، وهؤلاء الذين لا يستطيعون الرجوع لبلدهم الأصلي مرة أخرى ومؤهلين للدخول للولايات المتحدة، تساعدهم على الإقامة الدائمة. وفروعها الإقليمية في كافة الولايات تساعد هؤلاء الأطفال على إعادة توطينهم..في أمريكا..الخ.
هذه المنظمة هي التي سرقت أطفالنا السودانيين الجنوبيين ورحلتهم للولايات المتحدة أو ما يسمى lost boys of Sudan ورئيس هذه المنظمة يسمى جورج رووب George Rupp وهو يهودي وعميد كلية الديانات بجامعة هارفارد، ورئيس جامعة كولومبيا بنيويورك لتسعة سنوات سابقا، وحل محل الرئيس اليهودي السابق رينولد ليفي في صيف 2002. والشخص الذي يمسك بملف أطفالنا السودانيين مسكا مباشرا في هذه المنظمة هو اليهودي شارون كينيدي وتلفونه، 619- 641-7518 وفاكسه 619-641-7520 خاصة أنه يمسك بمشروع أو بصندوق مالي باسم أطفالنا، تديره منظمة لجنة الإنقاذ هذه ال IRC، ويسمى هذا الصندوق المالي The Lost Boys Education Fund وبواسطته يتم جمع أموال المتبرعين بزعم دعم أطفالنا لمواصلة تعليمهم. وهنا، يضربون كل العصافير بحجر واحد، يجيدون التسول باسم أطفالنا، وتشويه صورة السودان، والسؤال هل كل أطفالنا سيتعلمون؟ يقولون أن هذا الصندوق مفتوح لكل أطفالنا المخطوفين البالغ عددهم 4000!! فماذا فعل سفير السودان السابق في واشنطون لهؤلاء الأطفال؟؟!! لا شيء.
ما لمؤسسة كارنيجي والثقافة الإسلامية والتراث الإسلامي والكتب الإسلامية؟؟!! ما العلاقة؟؟ لماذا تتبرع هذه المنظمة بمليون دولار للكتب والمصادر الإسلامية؟؟ ولكي تفهم السر، فعليك بالتحديق في الغزل العربي الخليجي ودولة إسرائيل – دولة الكيان الصهيوني!! والتحالف الخليجي الصهيوني لتحطيم إيران والعراق!! وكما أعترف الشيخ القرضاوي بعظمة لسانه في هجومه العنيف في سبتمبر 2008م على الشيعة والتشيع: (وليس لدى (جمهور) السنة أي حصانة ثقافية ضد هذا الغزو. فنحن علماء السنة لم نسلحهم (أي الجمهور) بأي ثقافة واقية، لأننا نهرب عادة من الكلام في هذه القضايا، مع وعينا بها، خوفاً من إثارة الفتنة، وسعياً إلي وحدة الأمة). إذن السر في هذا التعاون العربي الصهيوني، وتدخل المؤسسات الغربية والصهيونية لدعم التراث الإسلامي..هو لملئ الفراغ الثقافي السني لمحاربة الشيعة والتشيع..ولكن كما هو معروف منذ أربعة عشرة قرنا أن مصادر التراث السني تثير الجمهور (يسمونها الفتنة) على حكامهم، لذا هي لا تعطى للعامة –لاحظ لفظ القرضاوي- فيجب عليهم إذن تنتيفها وتحويرها وتزييفها أولا!! تحت مسمى إعادة قراءة التاريخ الإسلامي – وهذه القراءة قائمة على قدم وساق وبخطوات محمومة، ولكن ما يشل أيديهم...هو أن هذه القراءة الجديدة قد تكون غير مجدية لو لم تسيطر دول الخليج على كل المطابع العربية كافة – أي إنشاء إتحاد جديد يسمى: إتحاد الطابعين العرب!! وهكذا سعت مؤسسة الأهرام الفاسدة لصيد غرفة الطباعة السودانية – فماذا سيفعل الأستاذ عبد الله الطيب؟؟
ونجزم أولا أن غرفة الطباعة برئاسة الأستاذ عبد الله الطيب لم تسقط بعد، فهو وغرفته على حافة الحفرة!! ببساطة لأن هذا الإتحاد المقترح من المصري أحمد عاطف لم يؤسس بعد، وقطعا تعمل له مؤسسة الأهرام الآن بصمت ومن الخلف، وربما هنالك اتصالات محمومة من جانب أحمد عاطف في هذا الاتجاه ومن قبل صحيفة الأهرام مع بقية غرف الدول العربية - نيابة عن دول الخليج. ولأن الأهرام يحتاج إلى تثنية في خطوته الابتدائية..فكانت غرفة السودان الطيبة هي أول الغيث!! لذا دغدغ المصريون الأستاذ الطيب بميدالية!! لذا أتوجه إلى كل أعضاء الغرفة السودانية للطباعة أن يرفضوا هذا الإتحاد المقترح من قبل صحيفة الأهرام لأنه سيكون معوقا لتطورها أولا..وسيكون سيفا مسلطا مستقبلا فيما يطبعون ولا يطبعون، وثانيا، قوة الطباعة تتمثل فيما تطبع المطابع بحرية كما كانت وما زالت بيروت. وقوة المطابع وما تطبع هي قوة للسودان!! لذا العبث بهذا القطاع الإستراتيجي أو شراء بعض أعضاء الغرفة لصالح استراتيجيات إقليمية خليجية هو مرفوض قطعا!! يجب أن تتدخل رئاسة الجمهورية – وننبه رئاسة الجمهورية بقوة لهذه الخدعة الخليجية التي تقودها مؤسسة متعفنة مثل مؤسسة الأهرام!!
ولأن السودان تلفه الحريات الآن، بقوة الدستور والقانون، لم يستطع مرسي عطا الله صاحب الدعوة ورئيس مجلس إدارة الأهرام القيام بدعوته للغرفة السودانية تحت مسميات ثقافية..!! بل تحت شعارات أخرى، وركز على ضرورة مشاركة غرف صناعة الطباعة العربية في كل جهود والمجالات "لحماية المستهلك"، وفي تقديره الزائف، يقول: هناك في مصر حوالي 10 آلاف مطبعة عشوائية تعمل بدون ترخيص وهناك العديد من حالات الغش التجاري والصناعي خاصة يثبت من خلالها أن عمليات الغش تتم من خلال المعلومات المطبوعة في شكل علبة أو بيان ملصق يحتوي علي بيانات السلع والتي تكون في هذه الحالة غير صحيحة ويتبين أن بعض المطابع العشوائية وراء ذلك!! وبالطبع هي نكتة سمجة أن يدعي أن هنالك 10 ألف مطبعة في مصر..وبلا شك أنه رقم جزافي، وحتى لو أحسنا الظن به فهو يعد ماكينات التصوير الضوئي على أنها مطابع!! ثم الغش التجاري ما علاقته بالمطابع؟؟ يكفي أية مطبعة حقيقية أن تأخذ صورة من البطاقة الشخصية للزبون الطابع وعينة من مادته المطبوعة!! وأن تكتب المطبعة رقمها الخاص على اللاصق كخيط للرقابة- فمثلا تعطي مطبعة التمدن رقم 1200، والمطبعة العالمية 1300 الخ يجب وضع هذا الرقم في كل مطبوعاتهم الصناعية!! أما كون صاحب هذه المادة المطبوعة يستعملها في غش الأدوية، أو الأطعمة الخ، فهذه مسئولية أجهزة إدارية أخرى مثل الرقابة الدوائية، أو الغذائية، والمواصفات القياسية، الجمارك الخ..أما كيف نسيطر على 10 ألف ماسحة أو طابعة صغيرة منزلية أو مكتبية..فهذا وهم!! بل منها الملايين!! إذ لا تخفي هذه النكتة خفة دم الأستاذ أحمد عاطف وذكاء المصريين في تلفيق الأسباب الواهية لقيام إتحاد عربي للطباعة!!
ومن الدوافع لقيام هذا الاتحاد يجزم هذا الدعي أن مشاكل مصر هي عينها مشاكل السودان!! فشر!! فالفساد في مصر بلغ شأوا لا مثيل له في دولة عربية أو أجنبية والشعب المصري على حافة الانفجار، وأول مؤسسة فاسدة هي مؤسسة الأهرام – بشهادة أهل مصر الإعلاميين وديوان المحاسبة المصري!! وأسباب هذا الفساد يرجع لدول الخليج التي تلعب بكل المؤسسات المصرية بخفية!! وكيف سيضرب أحمد عاطف على الفساد بيد من حديد؟ طالب بان يكون هناك عقاب رادع لكل من يثبت مشاركته في جريمة الغش وذلك من خلال إعداد قائمة سوداء بأسماء المطابع العشوائية والتي ترتكب مخالفات غش، كما أكد ضرورة إنشاء لجنة للقيم بالاتحاد (المقترح) لمحاسبة الأعضاء الخارجين عن القانون!! لا يخفي أن هذا الدعي يخلط الأمور عن عمد، فمثلا لا يمكن لصاحب مطبعة محترمة قيمتها أكثر من مليون دولار، يضع نفسه في موضع غش كأن يعمد إلى طبع بطاقات لعلب أدوية مغشوشة، أو حتى كتب الخ ولكن الأصح أن "الغشاشين" في الغالب يمتلكون ماكينات مسح ضوئي ديجيتال قوية خاصة بهم، مثل ماكينات ال Xerox، قيمتها بضعة ألف دولار أي ما بين خمسة وعشرة ألف دولار. فهل يعني قيام إتحاد عربي للطباعة سيوقف الفساد المستشري في مصر أم سيزيده؟؟ نحن نجزم أنه سيزيده، فمؤسسة الأهرام نفسها ليست وحدها غارقة في الفساد، بل الفساد المالي وصل حتى عنق عمرو موسى الذي تجرأ مراسل قناة الجزيرة المصري حسين عبد الغني وسأله سؤالا مباشرا: يقولون أنك صرت تقبل الهدايا من شيوخ وأمراء الخليج؟؟
ما هي العبرة من هذه المقالة؟؟ هذه المقالة تشرح بالضبط كيف تقوم أو تنشأ بعض المنظمات العربية الإقليمية، والدوافع من قيامها، والأصابع التي تحركها، والأسباب الواهية المعلنة والخفايا المبطنة، والفساد وبيع الذمم، والدمار الذي يأتي منها ومن تبعاتها!! فمثلا إذا انزلقت غرفة الطباعة السودانية في هذا الإتحاد المقترح، وتأتي لنا مستقبلا برزمانة مشبوهة في خطوة مبيتة ولاحقة ماذا يطبع وماذا لا يطبع من الكتب، فأي حرية إذن يتغنى بها السودانيون مستقبلا؟!؟ وإذا فهمنا أن كتب التراث الإسلامي أصلا لا تطبع، بدفع خليجي، وبإستراتجية خليجية مبطنة قديمة، فكيف يصبح الأمر بعد أن شمروا لتزوير كتب التراث الإسلامي تحت شعار إعادة كتابة التاريخ؟؟ يجب أن ينتبه أصحاب المطابع، والشعب السوداني، أن المطبوع هو جزء لا يتجزأ من مقومات الحرية..!! وإلا لماذا يسيطر اليهود على دور النشر والصحف دوليا؟؟ لقد تعلمت دول الخليج هذه التكتيك اليهودي في تطبيق قوانين القوة – وأهمها السيطرة على المطبوع المقروء والمرئي مثل الفضائيات. بل الغريب أن صحف دول الخليج تكتب، وتقول، وترسل فضائياتها بعنف ما شاء لها، أكبر بكثير من إعلام بقية الدول العربية – ويعزى سر هذا التناقض إلى أن الطابور الخامس الخليجي في بقية الدول العربية يقف بالمرصاد – فهم ملوك أكثر من الملوك!! أمثال المتأسلمين، هذا إضافة إلى أن معظم رؤساء التحرير في الدول العربية تم شرائهم بكل الحيل، المباشرة وغير المباشرة، بتعبير آخر: تم قطع ألسنتهم بالأموال والعطايا والهبات!!
ولكن العبرة المعتبرة والشمولية من كتابة هذه المقالة هي: هل الذي فعله الأستاذ عبد الله الطيب بجلوسه في مؤسسة الأهرام يمثل خط الدولة السودانية؟؟ ودعك من أمنيات الشعب السوداني في نضاله من أجل الحرية والحريات!! بالطبع لا رئيس الجمهورية، ولا نائبه علي عثمان محمد طه عندما قررا خصخصة المطابع يحلمان، أو يرغبان أن تسقط المطابع السودانية في حفرة تحفرها مؤسسة الأهرام بدفع خفي خليجي. ومن السهل على الكثير من المعارضين السذج الترويج بالإشاعة أن ما يتم من طبخات خفية فاسدة هي بعلم أو بدعم من رئاسة الجمهورية!! هذا غير صحيح. في الواقع السوداني تلعب الكثير من الجيوب الفاسدة والملتوية بذكاء، بل تطلق هذه الجيوب إشارات كاذبة أن ما تفعله هو سياسة الدولة العليا!! هذه الجيوب لديها أيادي في مفاصل الدولة وتعمل كشبكة متكاتفة قد تجمعها المصالح المادية أو الأيديولوجية..وتضرب بعرض الحائط بتوجهات الدولة الكلية أو العليا!! وفي كلا الحالتين دول الخليج هي المسئولة عما يتم في السودان من فساد، والهدف: السيطرة على القرار الوطني السوداني. هذه الحقيقة..واضحة مثل الشمس..وآخرها هو قيام أكاديمية سعودية في السودان. فكيف وافقت رئاسة الجمهورية على هذه الأكاديمية السعودية الأجنبية؟؟ أو بتعبير آخر لماذا يتقدم الخط السلفي في السودان باطراد واضح، ولماذا يتقوى النفوذ الخليجي في السودان تدريجيا؟ عليك تخيل هذا السيناريو: بضعة "بروفيسورات" في أي مجال علمي ما، أصحاب ألقاب ضخمة، تشابكت مصالحهم المادية، ونكرر المادية مع مؤسسات دول الخليج، يطنطنون في إذن رئيس الجمهورية أن هذه الأكاديمية مثلا مهمة في تطوير كذا وكذا..الخ. ولا أشك أن رئيس الجمهورية يحترم "الألقاب"..سيوافق!! ففي الغالب يتهيب الناس لقب "بروفيسور" – فالناس عبيد للعادة!! ولكن اللقب مهما كبر، فهو حكم قيمة value judgement قد لا يعبر عن واقع حال الشخص، أي قد لا يخطر في بال الإنسان حسن النية أن بعض هؤلاء البروفيسورات فاسدون – ولا يستحقون حتى اللقب الذي يحملونه!! فعندما يعلم المرء أن السعودية صرفت مبلغ مليار ومئتي مليون دولار في لبنان لتزوير الانتخابات اللبنانية لإسقاط المعارضة اللبنانية!! وتعد عشرة مليارات أخرى، نعم عشرة مليارات، للانتخابات العراقية القادمة..فماذا يمكننا تخيل ما يحدث في السودان من إفساد؟ المضحك هؤلاء السودانيين يمكن شراءهم ببضعة عشرات ألوف من الدولارات..مبالغ لا تصل رقم المليون أبدا!!
وليس بالضرورة أننا نعني أن هنالك رشوة وعمالة مباشرة رغم أنها موجودة، ولكن هنالك ألعاب خليجية أخرى مثل التوظيف، والتسهيلات وقروض البنوك الأجنبية الخليجية في الخرطوم، وتسهيل الاستثمارات..الخ. فمثلا موظف كبير في وزارة الخارجية قبض عليه متلبسا بالتجسس لصالح دولة الإمارات العربية..كان لا يقبض أموالا فحسب، بل حتى سيارته كانت تعبأ "بالبنزين" على حساب دولة الإمارات، فماذا فعلوا به في الوزارة؟ لم يفصل ولم يحاكم، ومكث في وظيفته حتى نزوله للمعاش!! وتعليقا على الخبر الأخير، هل يجب أن يطلب الرئيس عمر البشير فايل هذا الموظف ويبت فيه بنفسه؟؟ أم يترك هذا الموضوع للمسارات القانونية والإدارية الإجرائية أن تأخذ مجراها؟؟ نحن مع ألا يتدخل الرئيس، وألا تنقص هيبة الدولة لموضوع موظف صغير تافه وحقير، كذلك قد يعتبر تدخل الرئيس تعدي على تسلسل المؤسسات – كما كان يفعل النميري، ولكن هذه "الحادثة" تشير إلى جيوب الفساد وجيوب الإسناد التي تدعم بعضها البعض والتي تدور حول "المصايد" المالية الخليجية التي قد تصنع العمالة مباشرة، أو عبر التوظيف، أو عبر الاستثمارات..!!
بهذه الخلفية الأخيرة رغبنا أن نختم المقالة عن غرفة الطباعة السودانية التي ما أن تم خصخصتها حتى تحرك ذيل دول الخليج – ونعني به مؤسسة الأهرام – حتى أن شهيتها تحركت نحو صفحة سودانيزأونلاين. فمؤسسة الأهرام، ذيل دول الخليج، لا يسرها صحيفة أو صفحة حرة..في العالم العربي، خاصة ما يتعلق بالشأن السوداني!! فصحيفة مثل سودانيزأونلاين تضع مقالات بحرية مطلقة هذا يزعج دول الخليج!! فلا بد أن يتحرك سماسرة مؤسسة الأهرام لإفساد السيد أبي بكر!! ولا أشك أبدا إنهم من قدم الدعوة له للجلوس والحوار على طاولتهم - وكيف سيفسدونه؟؟ سيملئون رأسه بوعود شيوخ الخليج – مثلا تمويل طباعة صحيفته!! وما أن تدخل هذه التعابير عقل شخص ما حتى يصاب بأنفلونزا الخليج..!! وبدلا من أن يصطادهم المستثمر، سيصطادونه!! نحن ننصحه لطباعة صحيفته أن يحول نسبة منها إلى ملكية عامة – مثلا بنسبة 49%، بينما 51% له كمستثمر خاص ويحتفظ بحق أخذ القرارات!!
عموما، فقد تسقط الغرفة السودانية في حفرة مؤسسة الأهرام، أو قد لا تسقط وهذا يعتمد على وعي أعضاء الغرفة مجتمعين، ولكنها لو سقطت – سيعتبر سقوطها سقوط للسودان بكامله، والمسئول الأول والأخير عن هذا السقوط سيصبح في عنق الأستاذ عبد الله الطيب، فالقضية برمتها لا تخرج عما وصفناه في هذه المقالة، أي أبعادها الإقليمية والإستراتيجية، فإما أن يكون الأستاذ عبد الله الطيب جاهلا بها، أو أنه لا يرغب، أو أنه يعلم ولكنه قد لا ينور بقية أعضاء الغرفة فيقودهم للسقوط في الحفرة. مهما تكن الخيارات..فعلينا أن ننتظر وتراقب.
وبهذه "الكيفية اللاحقة" بعد أتمام خصخصة غرفة الطباعة، تمت بقية الخصخصات المختلفة في السودان في السابق، فما أن تتم خصخصة في موقع ما حتى يلعب الخليج بذيله مباشرة أو عبر عملائه ويتكون فورا جيب من موظفي الدولة يعشق تروسه في القطاع الذي تتم خصخصته. وبهذه الكيفية نمت جيوب داخل الدولة تتصارع فيما بينها – رئاسة الجمهورية لا تستطيع السيطرة عليها. وربما تكون خصخصة الدولة للطباعة وتسليمها للغرفة آخر الخصخصات، وهي فرصة نادرة لكي ندرس مسارها..ونضعها تحت المجهر!! خاصة أن غرفة الطباعة أهم الغرف قاطبة..فالصراع الإقليمي والدولي يتركز حول الكلمة المطبوعة والصورة..الإعلامية!! فليس صدفة أن يقتطع الكونجرس الأمريكي قبل ثلاثة سنوات عشرين مليار دولارا لما يسمى حرب الأفكار!! وبما أن السودان يستثمر مع مصر وتركيا خمسمائة مليون دولار في صناعة الورق، وعليه يجب أن ينهض قطاع الطباعة السوداني نهضة قوية..ارتعبت دول الخليج (وعند هذه النقطة نهمس في إذن الدكتور كامل إبراهيم حسن..تابع الموضوع!) فحركت هذه الدول مرسي عطا الله (شقيق سمير عطا الله بصحيفة الشرق الأوسط) والأول رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، لصالح دول الخليج!! ويمكن تخيل الموضوع هكذا: في نادي الجزيرة على النيل..وسمير عطا الله مفشوخ الأوداج يقهقه مع بعض شيوخ الخليج ويهتز كرشه الكبير على طاولة عشاء دسمة وفاخرة، يستدرجه أحد شيوخ الخليج عندما يشكو له أنهم في الأمارات يعانون من الغش التجاري ويعزي السبب للمطابع!! ويتصعد نقاش "القعدة" إلى عمل إتحاد عربي للطباعة، وينتهون في جلستهم لفكرة عمل هذا الإتحاد العربي (ملحوظة: إبراهيم نافع لكي يصطاد الشيوخ أو يصطادوه، فليس لديه مانع، أسست مؤسسة الأهرام بنفقة من أموالها الخاصة ديربي للأحصنة على غرار ديربي آل مكتوم). لابد أن المصريين لدحرجة الكرة في صالح هذا الإتحاد المقترح فكروا أولا في السودانيين الطيبين – لأن فيهم بساطة وبراءة وشغف لا ينتهي نحو التمويل!! مما لا شك فيه أن غرفة طباعة مثل الغرفة السورية أو الأردنية أو اللبنانية "ستشخر" للمصريين عند عرض هذه الفكرة عليهم!! على ضفاف النيل، هكذا تدور القضايا وتطبخ المسائل المصيرية الإقليمية..!! ومن يتصور غير ذلك فهو ساذج.
فإذا ضمن المصريون الغرفة السودانية كطرف ثاني مؤسس للفكرة، يمكنهم سحب طرف (دولة بوليسية ثالثة) ربما تونس أو اليمن، بعدها عندما تجلس دولة خليجية رابعة في الإتحاد المقترح..ستنجذب بقية الدول مثلما ينجذب المسمار للمغناطيس (عادة سينقسم الطابعون حول أنفسهم – وسيهرول الفريق الانتهازي الطامعون للتمويل) – وهكذا يصبح الإتحاد حالة تسليم لواقع ترسمه دول الخليج بدون تفكير حقيقي من المشاركين. ولعل القارئ يسأل على من يقع اللوم: على المسمار أم على المغناطيس؟؟ الجواب أتركه للقراء، ولكن، مع الأسف، جلسة رئيس غرفة الطباعة السودانية الساذجة في مؤسسة الأهرام لا تبشر بخير..فهي حفرة أعدت للسودان بإحكام..فالسودان الذي سيحول أعشاب السافنا إلى ورق للطباعة - وما أكثرها، سيتحول لا محالة إلى مركز لصناعة الكتاب، ويكفي دول الخليج صداع بيروت كمركز للطباعة، فهو رغم فقره...مثل العنقاء، حتى "إنهم" حرضوا إسرائيل لضرب هذا المركز (في الحارة الجنوبية التي تسمى حريك بها لا يقل عن خمسين مطبعة ودار نشر)، وضربت الحارة في حرب يوليو 2006م على الخصوص بقصد تحطيم مطابعها بالكامل، وهو بالفعل ما قصدته إسرائيل..بتكثيفها الضرب الجوي على حارة حريك!!
وعموما، من يعتقد في الحرية – حرية الكلمة مثلا- ويسقط من تصوره أهمية حرية الطباعة فتصوره للحرية ناقص!! لذا وبسياق هذه الفقرات أخذ مدير مكتب وزير الدولة لشؤون الصناعة علي أحمد عثمان يغلق موبايله في وجهي!! فماذا تراه يبرر هذا المدير فعلته؟ هل سيدعي أن الموضوع هو الحرص على قطاع الطباعة وإنه يطبق مقررات "مؤتمر الأهرام القاهري" – حماية للمستهلكين من الغشاشين؟؟ أم القضية هي منافسة تجارية – وقضايا ثانية حامياني قولها كما يقول دكتور البوني!! ألا يستحي هذا المدير وكل طوب الأرض في السودان يشتكي من ندرة الكتاب المدرسي، ويباع على أرصفة الشوارع بأضعاف مضاعفة، ألا يدري بضعف حال المطابع السودانية التي تشبه الركام..الخ وبالرغم من ذلك يحجب هذا المدير المعلومات عن شخص مقيم في ألمانيا – التي تعتبر أم الطباعة – هل يحق له حجب المعلومات العامة؟؟ نعم..ألمانيا، فهل المقيمون في ألمانيا مرعبون لهذه الدرجة لأمثال هذا المدير؟؟
الطريف: عندما يشترون مكن طباعة يتسحلبون لألمانيا، وعندما يشترون ورق فمن ألمانيا، وعندما تتعطل ماكيناتهم فمن ألمانيا يستجلبون الفنيين لكي يصلحونها..وكله "غميتي"...ونحن القاعدين في ألمانيا يمنعون عنا المعلومات العامة!! بل تعاركنا مع الألمان من أجل السودان – من أجل نفس هؤلاء أمثال هذا المدير!! أليست هذه نكتة!! وبالرغم من ذلك يقوم الأخ المحترم وزير الدولة للإعلام كمال عبيد بعمل مؤتمرات ومؤتمرات للإعلاميين في الخارج لكي يدافعوا عن السودان!! وهذا الشيء فعلناه دون هذه المؤتمرات، فمثلي كتب مقالة بل مقالات، ففي 2004م كتبت مقالة نشرها الأستاذ المخضرم إدريس حسن في الرأي العام، كيلت للسياسيين الألمان الصاع صاعين، وبدأت مقالتي هكذا بلفظة "النفاق الألماني" – وبالتأكيد قرأها أو ترجمها القسم الصحفي بالسفارة للسفير الألماني!! لأنهم ناقشوا في برلمانهم الاتحادي أن السودان دولة مصطنعة. الغريب أول من لفظ هذه الألفاظ نفسها قبل الألمان الدكتور علي عبد الله إبراهيم، الذي زار السودان في يناير 2004 م ولقد ألقى محاضرة وربما محاضرات في الخرطوم وقد ألقى إحداها في صالة منتدى صحيفة الصحافة وقتها، ولقد غرد على عبد الله إبراهيم في هذه المحاضرة بالولايات المتحدة الأمريكية مما أثار انتباهي ودهشتي، ولكنه أيضا ذكر أن السودان دولة مصطنعة. بينما كرر الألمان هذه المقولة في 2 يونيو 2004م في جلسة برلمانية صاخبة!! والعلاقة الترابطية واضحة!! اليوم يكررها باقان أموم!!
فإذا كنا بعقلية مدير مكتب الوزير، الذي حول الوزارة إلى دكانة خاصة ويحجب المعلومات لمصالحه الخاصة، لتملقنا الألمان للمزيد من المكاسب..على حساب الوطن!! فكيف يطلب الدكتور كمال عبيد من الإعلاميين في الخارج أو كيف يمكننا الدفاع عن مؤسسة دولة فيها أمثال هؤلاء المديرين؟؟ هل تفسر ظاهرة هذا "المدير" بهذه الأحزاب الصغيرة التي ترغب في "التكويش" على كل شيء قبل رحيلها؟؟ ربما. ولماذا يصبح "المدير" بير سر الوزير؟؟ بينما يحرم بقية الموظفين في الوزارة من إدارة العمل العام؟؟ هذه أسئلة نوجهها لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء؟؟ ولكنني لست بالسذاجة كأن أعتقد أن ما فعله هذا المدير هو سياسة الدولة العليا، أو هي سياسة رئاسة الجمهورية..أو حتى كأن أفسرها بسذاجة المعارضة أن "الكيزان" كوشوا على كل شيء!! فهذا المدير بالنسبة لي شخص ساقط!! فماذا يعني موظف دولة يغلق موبايله في وجهك لكي يحجب عنك المعلومات العامة سوى أنه شخص ساقط؟؟ الغريب أعطاني رقم موبايل المدير الوزير نفسه المهندس علي أحمد عثمان!!
أما السيد عبد الله الطيب، فربما بسذاجة تخيل أن المعلومات العامة التي تتعلق بقطاع الطباعة تخصهم أي تخص شركة الغرفة التي أسسوها حديثا، التي أسسوها على عجل، وربما إنه لا يفهم أن "الغرفة التجارية والصناعية" في كل بلاد العالم هي مؤسسة قومية حتى ولو كان أصحابها أو أعضاؤها أصحاب عمل – مصانع أو مطابع..الخ وقد يجوز لنقابتهم الخاصة فقط عمل شركة وأن تحتكر معلوماتها "الخاصة" ولكن لا يحق للغرفة القومية احتكار المعلومات العامة أو أن تؤسس شركة "خاصة"، بسبب بسيط – تناقض المصالح: conflict of interest. عموما، فنحن نعذره لهذه السذاجة الطيبة – طيبة السودانيين، ولكننا لا نعذر موظف دولة مثل هذا المدير المذنب الذي أول واجباته أن يمد كل المواطنين بكل المعلومات العامة في القطاع الذي يعمل فيه – وحجب المعلومات جريمة يعاقب عليها القانون!! ولا أدري إذا كانت هنالك حقا فقرة في قانون العقوبات وعقوبات الخدمة المدنية والإدارية تدين موظف الدولة الذي يحجب المعلومات عن الجمهور – ولعلمي حق الحصول على المعلومات نقطة أنتزعها الصحفيون بطلوع الروح..ألا يلقي الدكتور إسماعيل الحاج موسى في برنامجه القيم الضوء على هذه المسألة المهمة حتى يتعظ المستهترين بالقانون!! فمتى يصبح السودان دولة مؤسسات حقيقية؟؟ هل المعركة انتهت...قطعا لا. قضية المطابع ستصبح قضيتي الخاصة..بل يجب أن تصبح قضية عامة..
شوقي إبراهيم عثمان
كاتب ومحلل سياسي
shawgio@hotmail.com
ملحوظة: هذه دعوة لكل الصحف السودانية (مطبوعة أو إلكترونية) أن تنقل هذه المقالة وتنشرها من صحيفة سودانيزأونلاين وصحيفة سودان نايل – أو من أية صحيفة سودانية أخرى، الحدق، النيلين..الخ، ولولا جهلي بعناوينهم الالكترونية لأرسلتها لهم بنفسي. وأدعوهم بلطف إرسال عناوينهم الالكترونية على عنواني فالمعركة طويلة.