بعض الإعلام المصري والفتنة … بقلم: د. تيسير محي الدين عثمان

 


 

 

tayseer marawe [tmarawe@gmail.com]

كرة القدم لعبة فيها الرابح والخاسر وتنتهي المباريات الكروية في الميدان وأرض الملعب وتسجل النتائج ويفرح الفائز ويحزن المهزوم في حدود المعقول ويجب أن تسود ما يعرف بالروح الرياضية... لكن يبدو أن أخوتنا في مصر بشروا شعبهم وجمهورهم الرياضي بالفوز والانتصار وضمان التأهل وبخطوة العبور من الخرطوم والتي كانوا هم الذين رشحوها لاستضافة هذه المباراة الفاصلة وكانت النتيجة أن تأهل المنتخب الجزائري وانتصر في هذه المباراة الفاصلة ووصل لنهائيات كاس العالم أو المونديال بجنوب أفريقيا.

ويبدو أن صدمة الهزيمة والخروج من هذه المنافسة كانت كبيرة علي أخوتنا المصريين... فخرجت علينا قناة نايل سبورت ممثلة في برنامج (دائرة الضوء) بشر مستطير وبإساءات بالغة في حق السودان والسودانيين وبتزييف للأحداث والوقائع والمبررات والتي أدت لهزيمتهم وخروجهم من المنافسة ولم يتحسب مقدم هذا البرنامج أو القائمين علي أمر هذه القناة وهذا البرنامج لما قد يتركه مثل هذا البرنامج ومقدمه في نفوس السودانيين من آثار سالبة بالرغم من محاولته البائسة للاعتذار لما بدر منه في الحلقة الأولي من بعد المباراة في الخرطوم وخاصة بعد أن اتصل به السيد الراقي والمهذب والمجتهد جمال الوالي رئيس نادي المريخ السوداني في الحلقة الثانية واستنكر ما ورد في برنامجه من بعض الإساءات والمعلومات غير الصحيحة وكذلك حاول مقدم هذا البرنامج أن يجمل وجهه للإعلامي الأستاذ كمال حامد عندما اتصل به مستنكرا ومصححاً لبعض ما ورد في حلقته الأولي وظهر ذلك المدعو إبراهيم حجازي مربوكا وطلب منه كمال حامد أن يستضيفه في برنامج علي قناة سودانية وعلي الهواء ونتمنى أن لا يفعل ذلك لأن هذا الرجل واصل في تهريجه والإساءة للسودان بعد ذلك.

أستضاف هذا البرنامج جملة من المصدومين نفسياً والمتأثرين بالهزيمة الجزائرية ومن الذين يستطيعون تشكيل وخلق الدراما والتمثيل وصنع الأكاذيب وتنمية وتضخيم الأحداث والخيال ومنهم شخص محامي مصري تمت استضافته كشاهد علي الأحداث بالسودان ( بزعمهم) والذي أورد أن أعداد الجزائريون الذين وصلوا الخرطوم بلغ 70 الف جزائري وأن حوالي 40 أو 50 الف منهم كانوا يلبسون بجامات وشباشب ويحملون أسلحة بيضاء ( مطاوي و سواطير وسيوف) ويبدو أنهم من المساجين كما قال وأنهم كانوا يحملون جوازات سفر صادرة بنفس تاريخ دخولهم للسودان ويشكك هذا المحامي الكذاب في مقدرة الأجهزة الأمنية السودانية علي التفتيش وخبرتها!!!! تخيلوا! وفي تناقض يشير إلي أن السودانيون هم الذين حموهم من اعتداءات جزائرية ومن جمهور الجزائر وفدوهم بالدم ويشكر السلطات السودانية علي حسن الضيافة والتنظيم والحماية...ما هذه الربكة وهذا التناقض؟ علماً بأن تقرير السلطات السودانية يفيد بأن الجزائريون بلغ عددهم أكثر من 9 الف مشجع والمصريون أكثر من 3 الف مشجع.

 ومن اللافت والمضحك والذي فيه استخفاف بعقل المشاهد في هذا البرنامج تم استعراض لقطة لمجموعة من الشباب الجزائريون يحملون سكاكين ومطاوي ويلوحون للأعلى ويبدو أنها من أحد المدن الجزائرية بعد مباراة القاهرة وما رافقها من أحداث وتم عرض هذه اللقطة وكتب تحتها اسم امدرمان والشئ الفاضح في هذه الدبلجة أن الخلفية لا علاقة لها بمنظر في السودان والسماء ظهرت ملبدة بغيوم ممطرة وسمائنا صافية هذه الأيام ولكنها لقطة في غير موضعها وفيها إمعان للإساءة للسودان وتقليل من قدراتنا الأمنية والشرطية.

 بل يذهب هذا البرنامج بعيداً في استضافته لشباب صغار وصبيان كشهود للأحداث في السودان ومنهم احد الفنانين المصريين الشباب و ابن المدرب حسن شحاتة الذي يحبه الجمهور الرياضي السوداني كثيراً ويستغل مقدم هذا البرنامج المسمي حجازي انفعال هولاء الصبيان وتأثرهم النفسي بالهزيمة للامعان في دعم خياله وتوجهه لصياغة مبررات هزيمتهم الكروية في السودان والغريب أنهم يقولون السودانيون وقفوا معنا وشجعونا واستقبلونا وهتفوا لنا ولمصر ,  وكذلك يستضيف أناس يقولون أنهم من العائدين من الخرطوم ومعظمهم من الذين لايحسنون ترتيب الكلام والحديث والقول وتظهر كثير من المتناقضات فتارة يشكرون شعب وجمهور السودان وتارة يظهرونا بمظهر البلد الذي لم يحسن استقبالهم ومعاملتهم.. ويمعن في تحميل السودان إخفاقهم وفشلهم في تحقيق حلمهم المونديالي.

وتستمر افتراءات ذلك البرنامج ومحاولته لزرع الفتنة بين الشعوب حينما أتصل أحد المصريين والذي أشار أن لمصر اتفاقيات مع السودان ومنها ما يسهل إجراءات دخول المصريين وان الجزائر ليست لها مثل هذه الاتفاقيات مع السودان فكيف سمح لمثل هذه الأعداد من الجزائريون بالدخول وقال انه يضع علامة استفهام ؟ نقول لهذا المتصل أن اتفاق السودان مع مصر لم يتضمن منع الشعوب الأخرى والشقيقة والعربية من الدخول للسودان وأن هذا الاتفاق لم يفرض الوصايا علي السلطات السودانية في توجيهها لمنح تأشيرات الدخول للسودان لغير المصريين!! ومن الناحية الأخرى أن الموضوع كرة قدم والسودان دولة محايدة في هذا الأمر وليس من المعقول أن تضع دولة مضيفة قيود علي مشجعين كرة قدم ولو وضع السودان مثل هذه القيود ورفض استقبال هذه الجماهير الجزائرية لكان هذا موضوع حديث آخر ولحسبت علي السلطات السودانية سياسياً وفي التزامها بالحيادية وفي جدارتها بتنظيم مثل هذه المناسبات.... و السؤال لماذا لم تعمل مصر علي جلب أعداد كبيرة من الجماهير وحتى بمئات الآلاف ولماذا حرصت الجزائر علي جلب أكبر قدر من الجمهور لدعم فريقهم وكان ممكن لمصر أن تفعل ذلك بدلاً من لوم السودان علي دخول الجزائريين لها ولكن يبدوا أن المصريين لم يتخيلوا وصدموا من وصول الجزائريين بهذه الأعداد للسودان الدولة البعيدة منهم مسافة وهذه الجماهير القادمة قامت بتشجيع و دعم فريقها ومكنته من الانتصار والتأهل.

 إن جلب هذا العدد من الجماهير ونقلهم للسودان من قبل السلطات الجزائرية كان هو السر والداعم الأكبر لانتصار الجزائر علي مصر ويجب أن يتضمن تقرير البعثة الإدارية المصرية هذه النقطة فيه ,  ويوضح في أنها من أسباب انتصار الجزائر عليهم وأن يتحسبوا لذلك مستقبلاً بدلاً من تحميل السودان المسكين نتيجة الهزيمة والصدمة وعدم تحقيق أمنية الوصول لجنوب أفريقيا ....

كنت أتمني من القائمين علي أمر مثل هذه البرامج ومقدميه أن يديروا معركتهم مع الجزائر القديم منها والجديد بعيداً عن السودان وأهله ولكن قدرنا أننا نظمنا هذه المباراة بأرضنا وأجتهد السودان في تقديم أحسن ما يمكن والتزم الحياد ولم يقصر تجاه أحد ولم يكون جزء من معركة وخصام وتحارب قائمة بالأصل وحاول قدر المستطاع الخروج بالمباراة لبر الأمان ونجح في ذلك ولذا يجب أن لا يتحمل السودان تبعات الإخفاق لأي طرف وخاصة النواحي الفنية البحتة .

علي المصريون تقبل النتيجة لأن الرياضة نصر وهزيمة وبرغم أن الصدمة كانت كبيرة ولأنهم ضمنوا وقطفوا الثمار قبل النضوج وهيئوا شعبهم لذلك ولكن نقول البركة والتوفيق في القادم وعليهم أن يفهموا أن كثير من أهل السودان تعاطف معهم وشجعهم وساندهم وأن مثل ما يقدم من هذه البرامج من قبل إبراهيم حجازي ومن هم مثله ستؤثر سلباً في المتعاطفين والمحبين لمصر الشقيقة وأن مثل هذه البرامج القبيحة تهز دور مصر ومواقفها التاريخية والتي يشهد لها كل العالم بذلك ونحن في السودان خاصة , حيث تظل مصر ذات خصوصية في نفوس كل أهل السودان وعلي المسئولين المصريين أن يتداركوا وينتبهوا لمثل هذه البرامج الإعلامية الانفعالية والعاطفية والتي تهدم ما يبنيه الساسة وما يقيمه ويؤسسه الشعبين في البلدين ولأن للإعلام دور مؤثر وكبير.

 ونقول لمنتخب مصر ولمدربه صاحب الإنجازات الباهرة المعلم حسن شحاتة لا عليكم وحظاً سعيداً في مقبل المنافسات وأنت تقود منتخب كبير وسيظل كبير ولكن عليكم بالتدارك والتحليل والدراسة المنطقية لأسباب الهزيمة والخروج وسوف ننتظركم في نهائيات أفريقيا بأنجولا مطلع العام الجديد والقادم أحلي إنشاء الله.

 

 

آراء