ملعون أبوكي كورة إرهابية !!!
7 December, 2009
(1)
الأخ (كالي) - أطلقت عليه هذا الإسم بيني وبين نفسي- تشبيها له بمصارع المصارعة الحرة الهندي كالي، هو طويل القامة أنا بالنسبة له قزم، بحثت في الأنساب فوجدت أن جده الأكبر الحاج وحيش كان فارع الطول.
كالي على الرغم من أنه مهندس الكترونيات دقيقة وتقانة تستوجب التروي والدقة وتعدد الألوان والأصوات والأشكال والفرضيات والاحتمالات؛ إلا أن القميص والبنطلون والبجامة ولون الغرفة وكل ما يتعلق به أزق في أزرق.
عند وجوده في صالة المنزل لا أستطيع أن أتجرأ وأفتح قناة تلفزيونية عدا القنوات الرياضية ومباريات كرة القدم بالذات، سواء كانت في السودان أو أوروبا، خشية أن يترك البيت ويتجه للمقاهي الشعبية.
ما يفقع مرارتي وجد له في الآونة الأخيرة، منافس من أقاربنا يدعى (كيلوه) بتشديد الياء، من كال يكيل كيلا، وهو اسم على مسمى، في سيارته الحمراء اللون كما سترته، لا أحد يقدم على الجلوس في المقعد الأمامي درءا ل(العفص والتعفيص).
في مباريات كرة القدم، خاصة مباريات الهلال والمريخ، يقتحم علينا الصالة كيلوه مجاورا لكالي، يغتصب كرسي يتكئ، رافعا رجله اليمنى على حافة الكرسي، يأخذ نصف مدخل غرفتي، كنت أستأذنه كلما هممت بالدخول أو الخروج.
اللقاء بين الهلال والمريخ، دار الحوار بين كالي وكيلوه من جهة وصور اللاعبين على الشاشة البلورية من جهة أخرى، في هذه الحالة رفع الصوت والصياح مباح، لا ناس البيت ولا الجيران يستطيع توسلهم أن يجد أذنا صاغية، والأيادي ذات دفع ذاتي تسابق الأقمار الاصطناعية.
بين لحظة وأخرى تمر نوبات كما عطسات أنفلونزا الخنازير، يتأبط كل منهما كرسيه منتصبا شاتما جازما:
+ يا بني آدم أنت... الحارس متقدم والمرمى والشبكة قدامك باقي ليك شنو عشان تشوت وتجيب قوون... رفعت ضغطنا الله يصيبك
- يا أخوي زولكم أعمى أنتوا بتسجلوا لاعبين منتهيي الصلاحية
+ العمى عمى كباسة... ما إنتوا جايبنهم بالمليارات وطلعوا مغلب
- يا هوي، دي شوتة تشوتها في ذمتك
+ لا أصلو كان بتفل سفته من خشمو... البعيد
- الكورة دي كان أعمى كان جابها قوون
+ يا حليلكم.. بتحلموا ساكت
- دا حكم شنو الأجهر دا... ما شايف الفاول القدامو دا ؟
+ طيب قبل دقائق ما كنت بتضحك في سرك حين صرف عننا الحكم دا ذاتو ضربة جزاء صحيحة مية المية
- يعني الكورة دي كورة حكام؟
+ وهمباته كمان
- ملعوبة يعني
+ أيوة
- أقول ليك حاجة، إنت ما فاهم
+ وأنت رأسك ما فيه التكتحة
- الكتاحة التكتح وجهك، وتاني ما جاي بيتكم دا
ملعون أبوكي كورة إرهابية
(2)
في استاد المريخ بأمدرمان المباراة بين مصر والجزائر لتصفيات كأس العالم وأمم أفريقيا، منذ إنطلاقة صافرة الحكم الأولى وحتى الآن آثارها لم تنتهي وإن أنتهى وقتها الرسمي بهدف (عنتر يحى) الوحيد.
السودان أخذ نصيبه سلبا بالكوم وزيادة من برامج قنوات الفراعيين والنيل ودريم وغيرها، هذه "الميديا" جندت الفنانين والفنانات، الممثلين والممثلات، عدا المثارين من عامة الشعب، وطفح الكيل:
- يا أخوانا، أصلا مافيش مطار للطيران في السودان... آل مطار آل!
- دورات مياه إستاد المريخ إختفت فين ماأعرفش!
- الأمن السوداني (كسح) ويا روح ما بعدك روح
- الأسلحة البيضاء إتعدمت في أسواق السودان
- ناس كثيرة أتجرحوا، بهدلونا وحدفوا علينا الطوب والسكاكين والسيوف
- أنا متعور وغيري متعور... عربة الأمن، هربوا... مش عارف مين حينغذنا
- الأعلام المرفوعة هللت بوصولنا مطار الخرطوم وعند العودة ما شفناش حاجة
الإساءات كانت بالصوت والصورة على الهواء مباشرة، أما الإعتذار فكان كتابة، نعم كتابة، كتابة, كتابة.
ملعون أبوكي كورة إرهابية
(3)
زميلي نزار صحفي مهزار، صاحب مقالب كارثية أحيانا، يضحك الأبوه ميت، ولمن تسخن العكة وتتلظى بنارها، يطلع منها زي الشعرة من العجين،
تقاطرت وفود إعلامية من دول شتى لحضور المؤتمر الصحفي الذي دعت له مؤسسة إسلامية اقتصادية، تجمعنا في صالة المؤتمرات الكبرى في مقر المؤسسة.
قدمني نزار لصحفي جزائري قائلا: زميلنا زيدان صحفي، ولم يتابع حيث تقدم لمصافحة أحد أصدقائه.
جلسنا ثلاثتنا يتوسطنا الأخ الجزائري، نزار يتابع التعريف بشخصي، زيدان أخونا من شمال وادي النيل، عنده أرتكاريا من السلاح الأبيض؟!.
أنتصب الأخ الجزائري كأنما لسعه تيار كهربائي، موجها حديثه لي، أنتم أختلقتم السلاح الأبيض، أنتم الذين بدأتم بالإرهاب في المباراة الأولى قبل مباراة إستاد المريخ بأمدرمان، أندهشت، لم أتبين ما قاله بعد ذلك لأنني أصلا ليس لي ناقة ولا جمل في سؤ الفهم هذا، تابعت أخي الجزائري وهو يجمع أوراقه مبتعدا، ويتخذ مقعدا قصيا.
لم تفلح جودية نزار أن ترده إلى مقعده بجواري مرة ثانية، وفقدت صديق جديد زرت بلده أكثر من مرة وأحببتها.
ملعون أبوكي كورة إرهابية.
(حمد إبراهيم محمد دفع الله)
14 ذو الحجة 1430هـ
Hamad_ibrahim2003@yahoo.com