مشكلة السودان هى المؤتمر الوطنى .. كيف؟ ! … بقلم: تاج السر حسين
19 December, 2009
royalprince33@yahoo.com
صديق اعلامى من دوله شقيقه وصديقه سألنى قائلا:-
أريد منك أن تصدقنى وأن اعرف منك بكل وضوح ما هى مشكلة السودان الحقيقيه وانا أشعر بأنه بلد طيب غنى بالثروات وأهله مسالمون وفيه عدد كبير من المثقفين والمفكرين؟
فاجبته مبتسما بعباره واحده قلت فيها:-
مشكلة السودان هى (المؤتمر الوطنى) !!
ثم واصلت مستفيضا قائلا له:
يا أخى .. لا يوجد انسان عاقل فى هذه الدنيا يحب وطنه فيسعى أو يتمنى أن يرى ذلك الوطن تعمه الفوضى ويسوده عدم الأنضباط ويتحول الى (صومال) أو افغانستان أخرى ومن يسعون الى ذلك فعليهم وحدهم تقع المسوؤليه وسوف تحاسبهم الأجيال القادمه والتاريخ.
لهذا نقول أن التحول السلمى الديمقراطى فى السودان اصبح ضرورة ملحه تقتضيه ظروف المرحله ويقتضيه عجز (المؤتمر الوطنى) بجميع تحولاته ومسمياته السابقه من حل مشاكل السودان بل ساهم فى الحقيقه فى ازدياد تلك المشاكل وتفاقهما.
و(التغيير) .. اصبح حلم ونغمه وأنشودة ترددها كثير من الشعوب المغلوب على امرها بل ذلك التغيير شمل بلدانا متقدمه مثل (الأتحاد السوفيتى) السابق، وطال اقوى وأول دوله فى العالم وهى امريكا بكل ارثها القديم الذى ما كان من الممكن أن يسمح لأسود أن يصل لتلك المكانه التى وصل اليها (اوباما)
و(بلوبياتها) المعروفه وخطوطها الحمراء التى ما كان من الممكن ان يسمح بتجاوزها لأى مواطن يشك فى جذوره الدينيه وان يعتلى قمة ذلك الهرم المسمى (بالولايات المتحده الأمريكيه) مهما بلغ فكره ودرجة تعليمه.
وبدون عناد أو مكابره يجب ان تستغل دول العالم الثالث خاصة التى يطلق عليها (أسلاميه) مثل دولنا فرصة وصول رئيس امريكى من أصل اسود وجذور دينيه (هجين) لكى تحدث ذلك التغيير السلمى الذى فيه خير كبير للأنسانية كلها قبل ان تجد نفسها مضطرة له ذات يوم وتدفع من اجل ذلك ثمنا غاليا كالذى دفعته خلال فترة (بوش) الأبن.
فمن كان يظن انه سوف يأتى يوم قريب يجد فيه قادة أسرائيل أنفسهم وهم معرضون للأيقاف ولمواجهة المحاكم الجنائيه الدوليه حتى يضطروا للهرب كما فعلت (ليفنى)، ومن كان يظن انه سوف ياتى يوم تدعو فيه الدول الأوربيه لكى تصبح القدس عاصمه لدولتين احداهما فلسطينيه!
كل هذا حدث تبعا للتغيير الذى بدأ اولا فى امريكا وزلزل الأرض وجعل شابا اسودا تنحدر اصوله من افريقيا القاره المريضه يجلس على قمة اعظم دوله فى العالم.
ولذلك فأن السودان الذى يشبه امريكا فى كثير من الجوانب مع الفارق بالطبع اصبح هذا التغيير ضرورة يجب أن تحدث من القمه وحتى القاعده ، حيث لا يعقل أن تدار الدوله والأقتصاد والمال والثقافة الفنون والرياضه من خلال عقول متحجرة لا زالت تفكر بعقلية القرن السابع الميلادى ونحن فى القرن الحادى والعشرين وفى بلد متعدد الأفكار والثقافات والديانات!
ومن ناحية عملية فقد ظهرت ضرورة هذا التغيير فى القرار الذى صدر من باريس بنقل لقاء القمه الأفريقيه الفرنسيه القادمه من القاهرة لفرنسا حتى لا يشارك البشير فى تلك القمه كممثل للسودان وهو مطلوب للعداله الدوليه وبهذا تسبب فى احراج دوليتن على الأقل لهما مكانتهما فى المجتمع الدولى (فرنسا) وهى اكبر واقوى دوله أوربيه ومصر الدوله الكبيره فى الشرق الأوسط والمفترض ان ينعقد ذلك المؤتمر على ارضها، حيث لا يعقل ان تضحى مصر فى كل مرة بمصالحها من اجل ارضاء الرئيس البشير!
وهى كما أسلفنا دوله من أكبر دول المنطقه لها التزاماتها امام المجتمع الدولى مثلما لها همومها ومشاكلها فى عالم اصبح يعترف بلغة المصالح لا العواطف.
ولهذا كله ارى أن المؤتمر الوطنى بصقوره وحمائمه يمثل أكبر عقبه تقف امام حل مشاكل السودان طالما هم لا يفكرون بجدية فى ايجاد مخرج وبديل لرئيس غير مرغوب فيه فى كثير من دول العالم وما تبقى من دول تشعر بالحرج لزياراته أو ملاقاته كما حدث حينما فكر فى زياره لدولة صديقه مثل تركيا، وبدلا من ان يتشدد النظام مع الأتراك الذين لم يسمحوا له بزيارة بلدهم، تم اعفائهم من الفيزا لدخول السودان بدون معامله مماثله وهذا يغرى الكثير من الدول ان تحذو حذو تركيا اذا فكرت فى الأستفاده من السودان ومن خيراته طالما الضغط على رئيسه وقادته يثمر خيرا لا شرا!
والمؤتمر الوطنى عائق اساسى فى استقرار السودان ووحدته مهما تنصل عن ذلك وحاول ان يتهم الآخرين ويفرقهم ويجزئهم.
فجميع الأحزاب السودانيه بما فيها الطائفيه التى كادت ان توافق على دستور اسلامى عام 1969 من داخل البرلمان بعد حادثة معهد المعلمين العالى الشهيره ولم يبطل ذلك العمل الا قيام انقلاب النميرى فى مايو من نفس العام، الآن ارتضت بدولة لا (دينيه) أو دولة (المواطنه) سمها ما شئت ، ولم يشذ عن ذلك غير المؤتمر الوطنى بجميع اجنحته وبصقوره وحمائمه أو منبر سلامه (العادل) الذى يقوده (الطيب مصطفى) ويجد راحته فى الدعوى والتبشير بكلما يفرق ويشتت اهل السودان ويمزق وحدتهم وكأنه بعد أن ينجح فى ذلك ينتظر ان يفعل مثلما فعل (نيرون) بعد احتراق روما اذا وقف يتلهى!