بسبب ترشيحات الولاة: الوطني .. خلافات تهدده في الانتخابات .. تقرير: خالد البلوله ازيرق

 


 

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

"حينما تعكر المناخ الداخلي بالمؤتمر الوطني، ذهب نافع لبحث مشاكل العالم في كوبنهاجن" هكذا علق أحد الزملاء علي خلافات المؤتمر الوطني لإختيار مرشحيه لمنصب الولاة بعدد من الولايات مؤخراً، وعدم فعالية تدخلات قياداته في المركز لوضع حدٍ لحالة الانقسامات التي تضرب جسد الحزب بعدد من الولايات بسبب ترشيحات الولاة للانتخابات القادمة، التي بدأ التنافس عليها يغلب عليه البعد القبلي والجهوي، مما أدي لكثير من الافزارت التي تؤشر لخلافات مصلحية تتحكم فيها القبلية والجهوية بعيداً عن أي منهج فكري أو رابط سياسي.

فالصراع داخل المؤتمر الوطني للترشح لمنصب الوالي بالولايات تجاوزت حيثياته الحوار والاحتكام الي صناديق الاقتراع بمجالس الشوري، الي مطاردات بين عناصر التيارات المتصارعه وصل الي حد اطلاق الرصاص كما حدث بالقضارف ولم تنتهي بالاتهام باستغلال امكانيات الدولة والفصل من المناصب الدستورية بين التيارات المتنافسة كما يحدث الآن بجنوب دارفور. وإن كانت ولايات أخري قد أكملت ترشيحاتها دون ظهور مشاكل بينها، لكن اختيار مرشح واحد من الخمسة مرشيحين لكل ولاية ربما يؤدي عند الاختيار لخلافات مجدده بعدد من الولايات حيث يطمع ويسعي كل مرشح من الخمسه الي أن يكون مرشح الحزب لمنصب الوالي في الولاية المعنية، فكيف تبدو صورة الصراع والخلافات داخل المؤتمر الوطني مع قرب موعد فتح الترشيحات لمناصب الولاة والمجالس النيابية مطلع يناير المقبل. ولكن الدكتور حسن الساعوري استاذ العلوم السياسية بالجامعات قال لـ"الصحافة" ان ظاهرة الاختلاف هذه حسنة، لأن الطريقة التي ابتدعها المؤتمر الوطني لإختيار الولاة فيها تحول ايجابي كبير بأن تشارك الأجهزة الحزبية القاعدية في ترشيح الوالي وهذا مبدأ يجب ان يطور للاحسن، وقال ان يختلف الناس في الأجهزة القاعدية هذا متوقع ومنظور وهي حسنة وينبغي ان لا ننزعج من هذا الاختلاف، وقال اتوقع لإختيار المرشح في المكتب القيادي للحزب حتى يتفادي الاختلافات والمشاكل ان يعتمد علي معيار الخبرة السياسية والقدرة علي التعامل مع المجموعات المختلفة وان يكون لديه قابلية جماهيرية في ولايته يستطيع ان يكسب بها اصوات الناخبين الغير منتمين، وهو معيار يحدد لك المرشح الأقرب للفوز كما يبحث الحزب وليس الأقرب للقيادة، فغذا تم توضيح ذلك للقواعد سيتجنب الحزب الاختلافات والاحتجاجات أما اذا تدخل المزاج الشخصي في الاختيار سيقود للاحتلافات".

كثيرون يرجعون ما يجري بالولايات الي أنه صراع نفوذ داخل المؤتمر الوطني بدا يتمظهر بشكل اوضح في الولايات، بدأت ملامحه تطل إبان التصعيد للمؤتمر العام للمؤتمر الوطني بالمحليات والأقاليم، وإكتملت لوحته بإختيار ممثلي الولايات لترشح لمنصب الوالي. وإن كان الحديث يظهر أحيانا ويختفي أحياناً أكثر حول خلافات داخل المؤتمر الوطني علي مستوي قيادته العليا والذي تكذبه قيادات الحزب بإستمرار، تدعمه كذلك تفاعلاتها مع الأحداث التي دائماً ما يرتبط الحديث عن خلافاته بها، ونجاح قياداته ولو وقتياً في إدارة كثير من الملفات خاصة علي مستوي القضايا الوطنية، تبدد تلك النجاحات بشكل غير مباشر الظنون التي تهمس بها مجالس المدينة وقواها السياسية حول انقسامات تعصف بالحزب الحاكم، وأن خلافاً يسري في جسده نتيجة اختلاف التقديرات السياسية احياناً، وأحياناً أخري لتقاطع مصالح تيارات مختلفه داخله،  فيما تبدو الصورة مغايرة تماماً لتلك الرؤية عند النظر لها بزاوية أخري، فقبل اسبوعين قال الاستاذ ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية في ندوة "الوضع السياسي الراهن" بدار الحركة الشعبية "كدنا  ان نتوصل لإتفاق حول كافة القوانين الخلافية مع الاستاذ علي عثمان محمد طه نائب الرئيس، لكن هناك جهات داخل المؤتمر الوطني عرقلت الاتفاق وعليها ان تتحمل مسئولية ما فعلته بنفسها" فعرمان الذي رمز بحديثه الي رفض المؤتمر الوطني تعديل القوانين المختلف عليها بين الشريكين، إلا أن لحديثه بُعد آخر يؤشر الي حالة خلاف يشهدها المؤتمر الوطني علي مستوي صناعة القرار فيه حسبما اشار عرمان خاصة وأنه لم يتم نفي أو تصحيح لما أورده عرمان من حديث.

ورغم ما يكذبه الشكل الظاهري لحالة التناغم في الأداء السياسي للمؤتمر الوطني لأحاديث الانقسام التي تروج بين العامه، إلا ان الأشهر القليلة الماضية التي سبقت وأعقبت انعقاد المؤتمر العام الثالث للمؤتمر الوطني أطلت معها بكثير من الخلافات ان لم تبدو ظاهرة علي مستوي قيادة الحزب ولكنها كانت أكثر وضوحاً في مستوياته الوسيطة والدنيا خاصة فيما عرف بصراع الولايات الذي لم يبدأ بأحداث المناقل وخروج القيادي عبد الباقي علي رئيس التشريعي بولاية الجزيره وتكوينه لحزب الحرية والتنمية، ولم ينتهي بخروج قلوال دينق والي أعالي النيل بعدج إقصاءه من المنصب والذي بدأت خطواته تقترب من الحركة الشعبية جنوباً. وقد وصلت للمركز بسبب تلك الخلافات أرتالاً من الوفود للمركز العام بالخرطوم إحتجاجاً وإمتعاضاً من البعض في الحزب بمناطقهم، حتى شكل مظهر الوفود القادمه للخرطوم ظاهرة أثارت إنتباه كثير من المراقبيين. ولكن الدكتور الطيب زين العابدين استاذ العلوم السياسية عذي ما يجري بالمؤتمر الوطني في الولايات في حديثه لـ"الصحافة" بقوله "ان المؤتمر الوطني كان يعتمد علي قاعدة منظمة هي الحركة الاسلامية ولكنه فتح المجال لعضوية اخري، هذا الانفتاح أتي بأشكال من الناس ليس لهم رؤية فكرية أو سياسية موحدة واغلب الذين انضموا له بعد استلامه للسلطة واغلبهم سياسيين عاطلين وطامحين، وتزامن ذلك مع اضعاف القوي السياسية الأخري ونمو القبلية والاقليمية وبدأت قيادته تبحث عن قاعدة اقليمية او جهوية تتقوي بها حتى داخل الحزب، ومع عودة تعددية بدأت تظهر في الحزب "الململم" وأصبح كيان الحزب غير منضبط وملتزم كما كانلذا بدأت تظهر الشللية والانحيازات العرقية والجهوية، واشار زين العابدين الي ان قيادة الحزب كذلك تريد ان تستمر بالطريقة القديمة "اعطاء التعليمات للولايات وعليها التنفيذ فقط" واضاف ان بعض الناس في الولايات بدأوا يتمردوا علي التعليمات التي تاتي من أعلي لأنها ليست في مصلحتهم هولاء المتمردون لهم قواعد شعبية وسياسية، فرغم التعددية قيادة الحزب مصرة علي ان تختار أناس ليس لطفاءتهم وانما الذين يسمعون كلام القيادة، وهذا بالضرورة يقود شللية ونزاعات واختلافات، وبالتالي في الانتخابات القادمة فإن الوطني سيكون حاله ليس بأحسن من حال الحزب الاتحادي الديمقراطي في آخر انتخابات وذلك بتعدد المرشحين في الدائرة الواحدة وهذا من المهددات الكبيرة اليت ستواجه المؤتمر الوطني في الانتخابات القادمة، وتوقع زين العابدين ان ان لم تستمع قيادة الحزب لصوت الولايات سترجع معظم القيادات الي احزابها التي قدمت منها للمؤتمر الوطني كما حدث لأبناء الجنوب فيه، وبعضهم سيرشح نفسه مستقلاً اذا عملت القيادة بالموازنات القبلية".

فالخلافات التي عصف بالحزب في الولايات لم تنكرها قيادة الحزب العليا بل إعتبرتها في اكثر من مناسبة بأنها ظاهرة طبيعية وصحية نتيجة لتباين الكبير الذي يزخر به المؤتمر الوطني من خلال عضويته الممتده في مختلف مناطق السودان، وأنها نتيجة لتدافع الطبيعي للإسهام والمشاركة في العملية السياسية في أعالي مراتبها بالدولة، إلا أن بعض المراقبين يرجعونها الي ظاهرة بروز ونمو التوجهات والتكتلات القبلية التي ضربت جسد الدولة السودانية في الأوانة الأخيرة كإفراز طبيعي للسياسة التي إنتهجها المؤتمر الوطني في الإستقطاب السياسي، كما انها تمثل في شكل من مظاهرها صراعات المصالح والقوي التي إرتبطت بها بعض المجموعات المتنفذة بهذه الولايات ما زاد من حدة تلك الخلافات خاصة من قبل الناقمين علي تلك المجموعات. وكان الدكتور كمال عبيد قد وصف تلك الصراعات قبيل المؤتمر العام الثالث للحزاب في مؤتمر الصحفي "بأنها صراعات طبيعية نتيجة لتنافس في إطار الحزب وممارسته لديمقراطية، وعزاها لتباين الكبير في عضوية المؤتمر الوطني التي يزخر بها". فيما ينوه قادة المؤتمر الوطني الي ضرورة التفريق بين الانقسامات والانشقاقات وبين الخلافات الناتجه عن تباين الآراء وان الاخيرة هي التي تضرب جسد الحزب ويصفونها بأنها غير مزعجة في ظل حزب يضم عناصر متنوعة بها المتشددون والانتهازيون ومنفتوحون مما يؤدي لنشوء حساسيات بينهم لأسباب متعددة.

فإن غدى الحديث عن إختلافات في قيادة المؤتمر الوطني العليا بأنها مجرد تكهنات لم تصدق مظان من راودتهم، ولكن احتدام الخلافات بين قيادات المؤتمر الوطني في الولايات، شكلت علامة ظاهرة في درجة الخلاف والصراع بين تلك القيادات، إنتقلت في حدتها من مجرد تنافس علي القيادة الي مرحلة صراع بين القيادات. فتنافس علي الترشح لمنصب الوالي بالقضارف انتهي الي صراع مسلح واطلاق أعيرة نارية بين المتنافسين، فيما قاد بجنوب دارفور الي اتهامات بإستغلال امكانيات الدولة ضد المنافسين، واسفر في جنوب كردفان عن تهديدات لإختيار الوالي الحالي، وفي أعالي النيل إنتهي بمغادر الوالي قلوال دينق صفوف المؤتمر الوطني.  ويبدو ان الصراع الحالي علي الترشح لمنصب الوالي هو امتداد طبيعي لصراع الترشح للمؤتمر العام للحزب والذي شهد تطورات أكثر درامية ففي مؤتمر مدينة المناقل تطورت أحداثه الي صراع بالكراسي بين الاعضاء المشاركين، كما عكس ما جري بالنيل الابيض رسم ذات سيناريو الخلاف بين قيادات الوطني في الولايات بين تيارات مناوئة لبعضها البعض، وهو ذات الخلاف الذي انتقلت عدواه شمالاً الي محلية المتمة والذي ادي ايضاً لإشتباك مناصري تيارين على خلفية تنافس بينهما علي رئاسة المؤتمر الوطني بالمحلية. ولم يسلم الجنوب من تلك الخلافات فقد عصفت بالمؤتمر الوطني بالجنوب إثر تجدد الخلافات والاستقالات التي تقدم بها بعض رؤساء الوطني بالولايات الجنوبية وتلويح البعض الاخر بتقديمها، فقد اشارت أخبار صحافيه سابقه الي ان رئيس المؤتمر الوطني بواراب ابور شول تقدم باستقالة نهائية من الحزب، ويرجع مراقبون صراعات المؤتمر الوطني بالجنوب الي التدافع حول المناصب المخصصه للمؤتمر الوطني بحكومة الجنوب.

 

آراء