المشهد القادم في السودان بعد إنفصال الجنوب
20 December, 2009
هناك فرصة لأن يكون السودان دولة واحدة ، التحول الديمقراطي السلس ، التقاسم العادل للسلطة والثروة ، رد المظالم ، تقاسم منصب الرئاسة بين الجميع وغيرها من الأشياء التي سببت الخلاف ، عندها سوف يركض كل السودانيين نحو الوحدة ، السودان الموحد هو دولة لها سجل حسن في حقوق الإنسان ، ويحظى مواطنها بقدر وافر من الحريات ، هو دولة جزء من المجتمع الدولي ويعترف بثوابته ، وكل شيء يعارض ما ذُكر هو التشرذم ، في عام 2011 سوف يفارق وطننا إسم السودان ، الإسم الجديد هو شمال السودان لأهل الشمال ، وجنوب السودان لأهل الجنوب ، أنه مثال حسن لشبه الجزيرة الكورية ، هو دولتان تتقاسمان نفس الإسم مع إضافة الإتجاه الجغرافي ، وبذلك يخسر السودان إسمه الذي حافظ عليه طوال الحقب التاريخية ، وسوف يكون شمال السودان هو محطة العروبة والإسلام ، بينما يُحكم الجنوب بنظام علماني ، دولة الشمال سوف تُحكم بالشريعة الإسلامية ، فحزب المؤتمر الوطني يملك المشروع الحضاري ،و حزب الأمة سوف يدرس تطبيق الصحوة الإسلامية ، وربما يعلن السيد/محمد عثمان الميرغني جمهوريته الإسلامية ، فقد سقطت حجة أصحاب الأديان الأخرى ، ومن لا يريد الشريعة الإسلامية فأرض الجنوب واسعة ، الطبقة الحاكمة سوف تكون خليطاً من رجال القبائل والطرق الصوفية والحركات السلفية المرتبطة بدول الخليج ، وربما يذوب الإحتقان السياسي إذا تخلص أهل الشمال من دارفور ، هذا الإقليم لن يعطيهم خيراً ، ويكفي أنه زج بالرئيس البشير في المحكمة الدولية ، شمال السودان سوف يحظى بعلاقات متميزة مع مصر ودول الخليج على وجه الخصوص ، وربما تُشاع فيه نوع من الديمقراطية التي ترضي زعماء الأحزاب ولكنها لن ترضي عامة الشعب ، إقتصاد دولة شمال السودان سوف يكون مبنياً على فرض الضرائب والأتاوات ، و تسيطر عليه الشركات الأجنبية ، لا أعتقد أن شمال السودان سوف يتورط في نزاع مع دولة جنوب السودان ، فالحركة الشعبية أيضاً تتمتع بدعم من دول الجوار ، كما أن لها الحق في عقد إتفاقيات دفاع مشترك مع أي دولة طالما أقتضت الضرورة ذلك ، لكن شمال السودان يواجه خطر من نوع آخر ، فهو يخشى من الجنوبيين الذين نزحوا للشمال إثناء الحرب ، هنا نعود للتجربة الهندية ، الهند للهندوس وباكستان للمسلمين ، لكن لا زال عدد الهنود المسلمين أكثر من سكان باكستان ، ولكنهم بلا حقوق تساويهم بالمواطن الهندوسي ، يمكن للجنوبيين أن يعيشوا في دولة شمال السودان ، لكن عليهم أن يعرفوا هذه المرة أنهم مواطنينمن الدرجة الثانية ، سوف يكونون بلا حقوق ، وربما يُطلب منهم الخروج من البلاد أو التعامل معهم كنازحين وفدوا للسودان من دولة الجنوب ، ولا أدري ما هو موقع كردفان والنيل الأورق وشرق السودان من الإعراب ، فسيناريو الإنفصال لا زال مقتصراً على الجنوب ولم يدرس المراقبين تداعي الأحداث في تلك المناطق ، فكرتنا عن الإنفصال لا تتعدى عملية خروج الجنوبيين من الشمال ، حيث يجد بعضنا راحته في تطبيق المشروع الحضاري الذي يؤمن به ، فيعتقد أن الخير سوف يهبط على المنطقة التي تغرز فيها قدماه ، فبما أنه ليس من حدوث الإنفصال بدٌ فكل المؤشرات تقود إليه ، فدعونا نعد الخطط وندرس نتائج التاثير ، فهل نحن مع السودان الشمالية ؟؟ أم السودان الجنوبية ؟؟ ومن الذي سوف ينال حق الشهرة ويمتلك شعار صقر الجديان الذي رحل بسبب الجفاف إلى جنوب السودان ؟؟
سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]