قوانين بدرية من مشرحة البرلمان إلى الشارع السوداني

 


 

سارة عيسى
21 December, 2009

 

      قرأت راياً عن الديمقراطية للدكتور محمد الصديق أبو ضفيرة ، في كتابه المعجزة الحسابية للرقم (13 ) يقول الدكتور أبو ضفيرة أن راي الغالبية ربما لا يقود للصواب ، وإلا كان رأي فرعون صحيحاً لأنه كان يمثل رأي  الأغلبية في مصر ،  فقوم موسى كانوا ضعفاء وأقلية ، فهناك جانب من إتفاقية نيفاشا لم يستوعبه الناس ، لكن الدكتور منصور خالد أستوعبه ، هي إتفاقية مبنية على التراضي وتبادل الصفقات ، أما آلية الأغلبية الميكانيكية لإجازة القوانين فهي أمر مستحدث ، وهذه الأغلبية الميكانيكية ظلت تحكم السودان طوال العشرين عاماً الماضية ، فعلى سبيل المثال دستور لتوالي الذي كتبه الدكتور الترابي في شهر ، هذا الدستور نال موافقة سكوتية من الشعب السوداني ، موافقة منقطعة النظير ، ومن لا يقول لا فهو يقصد نعم ، بل حتى الرئيس البشير نفسه فاز في كل الإنتخابات السابقة بنسبة الإجماع السكوتي ، فهو يختار منافسيه بنفسه ، فقد أنهت إتفاقية نيفاشا هذا الترتيب وأستطاعت أن تطوق ميكانيكية الإجماع السوداني ، الحركة الشعبية تملك حق الفيتو في الجنوب ، فقوانين بدرية السابقة والجديدة لم تجد حيزها في الجنوب ، والدليل على ذلك وجود مصانع البيرة في جوبا عاصمة الجنوب ، قوانين بدرية مقصود بها الشمال بعد إنفصال الجنوب ، لذلك لن تتضرر الحركة الشعبية منها سواء طُبقت أو لم تُطبق ، وجهاز الأمن الوطني لم يمد يده للعبث بالحركة الشعبية ، فهو جهاز يختار خصومه بعناية ، والشريحة المستهدفة سوف تكون الأحزاب غير الحركة الشعبية والطلاب والصحف ، وسوف يكون من أهدافه ملاحقة العناصر النشطة من شعب دارفور ، وهو بديل محتمل للجيش السوداني ، كما أنه سوف يتولى حماية النظام من خطر السقوط ، قانون الأمن الوطني الحالي لم يتطرق لعمل الجهاز خارج السودان ، أو كيف سيتصدى للهجمات التي يتعرض لها السودان من قبل أطراف خارجية ، فكل مهامه أنحصرت في الداخل ، وهناك خطأ آخر وقعنا فيه سهواً ، حتى ولو تم تعديل قانون الأمن الوطني والمخابرات كما تشتهي القوى التي رفضته ، سيظل الحال كما هو عليه ، فحزب المؤتمر الوطني يسيطر على الشرطة والقضاء ، فكل الأوعية التي تملأ فراغ هذا القانون هي  من صناعة حزب المؤتمر الوطني ، لذلك لن يلتزم هذا الحزب  بما جاء في نصوص القانون ، فالأزمة هي مع نظام كامل وليست مع مؤسسات من  هنا وهناك ، فالمثل يقول : أن الشيطان دائماً يكمن في التفاصيل ، فقانون السودان الحالي يحرم جريمة الشروع في الزنا ، لكنه لا يقتص للمغتصبات الحرائر في دارفور ،و قانون السودان الحالي بالتأكيد يحرم السرقة ، لكن لم يقطع آيادي السارقين الذين نهبوا القرى والمواشي في دارفور ، قانون السودان الحالي غرّم لبنى أحمد حسين مائتي دولار لأنه حسب زعمه أرتدت زياً يخدش الحياء ، لكنه في نفس الوقت أقام حد الجلد على بنات الجنوب على نفس التهمة ولم يأبه لعامل السن أو إختلاف الدين ، فخلافنا مع الإنقاذ في كل شيء ولا يمكن إختصار القضية في بضعة قوانين من الممكن أن يفسرها حزب المؤتمر الوطني كما يريد ، المهم ، لا تستطيع الحركة الشعبية تصعيد قضية القوانين مع حزب المؤتمر الوطني إذا نالت ما تريده  في الجنوب ، أحد الظرفاء سألني : هل صوّت غازي سليمان لصالح كتلته في البرلمان أم أختصر الطريق وصوّت لقانون بدرية ؟؟ هذا السؤال سوف يجيب عليه الأستاذ/أحمد إبراهيم الطاهر ، وفي كلتا الحالتين فإن غازي سليمان هو كما يقول الأستاذ/شوقي بدري هو  أحد المحن السودانية .

sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]

 

آراء