قراءة اولية في مذكرة ابناء النهود وغبيش الي رئاسة الجمهورية
29 December, 2009
د. عبدالسلام نور الدين
Email: A.S.Hamad@exeter.ac.uk
"نشر في صيف 2004"
نشر ابناء منطقة النهود وغبيش مذكرة بموقع سودانايل الالكتروني بتاريخ 8 يوليو2004م يتوجهون فيها لرئيس الجمهورية ونائبة ورئيس المجلس الوطني وامير امراء السودان بضم دار حمر بغرب كردفان الى اتفاقية المناطق المهمشة الموقعة في 26 مايو 2004م ولما كنت من مواطني المنطقة المعنية ولي فيها اهل ومنتاب قد عن لي ان انظر في تلك المذكرة بعين الاهتمام والجدية وامل من الذين صاغوا المذكرة او وافقوا ان تدرج اسماؤهم فيها دون ان يتوقفوا قليلا او كثيرا في تفاصيل محتوياتها ان يتقبلوا ما سابديه من ملاحظات بشيء من سعة الصدر سيما وانهم قد توجهوا لرئاسة الدولة بغية اصدار قرار بتقسيم اداري جديد لشمال كردفان الي ولايتين ثم اضافوا اقتراحا آخر ان يضم الجزء الغربي منها الي اتفاقية المناطق المهمشة .
ولما كان مثل ذيالك التوجه يمس كل مواطن في كردفان فعلى كاتبي المذكرة ان يتحلوا بقدر من الصبر لسماع الاصوات التي قد لا تعضد ما قد استقروا عليه.
1. اولى الملاحظات ان المذكرة الانفة الذكر والتي تضم واحد ومائة من الموقعين عليها تتحدث بالنيابة عن كل ابناء المنطقة الغربية في خطابها لرئاسة الدولة حول مطلب ان تظل النهود عاصمة لولاية جديدة بعد ضم جزء من الولاية القائمة لجنوب كردفان في اطار اتفاق المناطق المهمشة ، وهذه مصادرة ما كان ينبغى لها ان تأتى من بعض ابناء الاقليم في الاغتراب والمهاجر لحقوق كل مواطني الاقليم . لا يغيب على كل من القى النظر علىالمذكرة المعنية ان موقعيها من مغتربي غرب كردفان في بعض دول الخليج واوربا والولايات المتحدة واستراليا، وليس من كل المغتربين من ذلك الاقليم في كل تلك الدول. وهب ان المذكرة قد صيغت بالتشاور الكامل مع ابناء دار حمر في المهاجر المختلفة فتظل المذكرة ايضا تجاوزا لاراء وتصورات وحقوق غير المغتربين من سكان الاقليم وهم الاغلب والاكثر دراية بشعاب الدار واوضارها ومعاناتها وطرائق الخروج من ازماتها اكثر من مغتربيها .
ليتسنى لنا تسمية الاشياء باسمائها ولوضع الامور في نصابها فإن المذكرة المعنية في مراميها ومقترحاتها تعبر عن اسماء الموقعين عليها فحسب ولا تتجاوزهم الى غيرهم . قد تجاهلت المذكرة المعنية بحسن نية - او غفلة ، او استسهالا، او استخفافا واستهتارا ، او جهلا بطبائع الاشياء ومسارها - حق ابناء كل غرب كردفان في داخل السودان وخارجه ان يقرروا لانفسهم اولا دون المساس او الافتئات على حقوق الآخرين ثم ينقلون تفكيرهم المنظم الي التنفيذ وفق ملابسات الممكن الذي يحيط بهم ، واذا كان ثمة اسهام من المغتربين والمهاجرين في هذا المنحى وهو لاشك مرغوب ومطلوب ولا غنى عنه ان يعملوا العقل بعمق وجدية وان يتفاكروا مع ابناء الاقليم في الداخل عبر الملتقيات المشتركة والندوات والمؤتمرات وانشاء مراكز الدراسات المتخصصة واصدار النشرات والمجلات والمواقع الالكترونية اضافة الي تمويل صناديق الاستثمار بجذب مؤسسات العون المالى الاقليمية والدولية لدعم المنتج الصغير في الاقليم ، والذى يسهل على المغتربين والمهاجرين اكثر من غيرهم لتوفر الطاقات والاليات والخبرات ووسائط الاتصال لديهم اكثر من اخوانهم في الداخل .
قد اضحى جليا لكل المهتمين بقضايا السودان ان العنصر الاساس في تدهور اقليم غرب كردفان والاقاليم الاخرى وذيالك الانحدار الي قاع التخبط والفوضى والمجاعات والحروب والتمزق يعود بالدرجة الاولى أن المعنيين بالامر وهم المواطنون يدفع بهم عادة الي دائرة التغييب والنفى تجاوزا او قسرا ويتولى نفر قليل وطن نفسه للتحدث بالنيابة عنهم ولاينقص عادة ذلك النفر القليل القدرة على تعليل وتبرير نصب انفسهم قادة ، ائمة ، ولاة امر او خير الامة التي اخرجت للناس لانقاذ العباد مما هم فيه يعمهون.
2. حسنا لنفترض حسن النية ان قد تجاوزت مذكرة الواحد والمائة من مغتربى غرب كردفان كل ابناء اقليم غرب كردفان في الداخل لتمتعهم بتلك الوجاهة التي يمتاز بها المغترب والمهاجر المحصن من الجوع والخوف في عيون وقلوب ابناء دار حمر الذين تتهددهم الصحراء من الشمال بعجاجها وهبوبها ورمالها ويحاصرهم الجفاف وتفتك بهم المجاعات الدورية فيتطلعون الى مغتربيهم في الخليج واورباء وامريكا واستراليا كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماءا ، فهل كان هؤلاء المغتربون على قدر التطلعات والتوقعات بردا وسلاما وماءا وطعاما وشفاءا على اهليهم الفقراء في دار حمر؟ فلننظر اذا ما اردنا اجابة تجدى ماذا تقول المذكرة التي تجرى لتصب فى تيار الاستهانة بالقبيلة العربية تيم " حمر " التى يقضى الامر اذا غابت ولا يسئل افرادها فى قضاء شئوؤنهم وهم شهود . تتوجه المذكرة الى رئاسة الدولة بتقسيم اقليم شمال كردفان الى ولايتين شرق وغرب للمبررات التالية: (( مطلبنا العادل باقامة ولاية مستقلة على كامل ارض منطقتي النهود وغبيش على امتدادها من حدود ولاية شمال كردفان شرقا حتى حدودنا مع ولايات دارفور غربا ضمن منظومة ولايات السودان القائمة
1- من ناحية موضوعية ، فإن المساحة التي تغطيها منطقتى النهود وغبش تتجاوز او تتساوى مع كثير من ولايات السودان القائمة .
2- من حيث حجم السكان وتوزيعهم النوعي على مدن وأرياف المنطقة وانشطتها الإقتصادية وعائداتها النقدية وحتي تركيبتنا الإثنية كسودان مصغر تلبي حاجة قيام ولاية.
3- من الناحية التاريخية ، فقد ظلت المنطقة تسهم بالكثير في محصلة الدخل والإعمار لشمال وجنوب كردفان ما قبل تطبيق الحكم الإتحادي وبعده. ولكن لم يتم إنصافنا بالشكل المناسب عبر مختلف الحقب .
4- ظلت تبعية المنطقة مرة للشمال واخرى للغرب الكردفاني كعامل في إعاقة حركة التنمية والخدمات المقدمة لإنسانها .وفي بالنا طريق الإنقاذ الغربي ومالاته. ونقص المياه عبر التاريخ والكهرباء والتعليم والصحة والجامعة وكلياتها وكثيرا من الخدمات لم نستطع لها وصولا بسبب تمدد الظل الإداري، وقد ان الأوان لتقصيره من خلال ولاية تستصحب كل ذلك. أنتهى)) .
3. وهكذا تقدم لنا المذكرة مبررات جغرافية واثنية وسكانية وتاريخية لاستقلال غرب كردفان كعامل جوهري لتنمية القوى البشرية والموارد الطبيعية في الولاية المقترحة الجديدة وكان يمكن الاكتفاء بهذا القدر من مبررات فصل الاقليم وإعداد المائدة المستديرة للتحاور حول ايهما اجدى واكثر نفعا لغرب كردفان ، أن تبقى فى اطار ولاية شمال كردفان أم فصلها واستقلالها ؟ . ولكن فجأة وخروجا على النص تنقض المذكرة على نفسها وعلى سياقها وعلى المبررات الجغرافية والاثنية والسكانية والتاريخية التي اوردتها لتبرير تقسيم شمال كردفان وانفصال واستقلال غرب كردفان فتنادى بضم الولاية المستقلة الجديدة الي جنوب كردفان لتكون جزءا من بروتوكول الثروة لتنعم بعائدات البترول (( ونحن نستشرف غد السلام الزاهر حري بنا ان نستصحب التاريخ ونقف على حقيقة الواقع الماثل ليجدنا الغد اكثر استعدادا للتعامل معه . وهنا نود ان نذكر قيادة الدولة والمجتمع بما اسهمت به منطقتنا في البنيات الاساسية عند تاسيس ولاية غرب كردفان وما وفرته من مقومات مادية وبشرية لتقف الولاية المذكورة على ارجلها ، وفى ظل مالات السلام القادم فان مطلبنا بضرورة تعويض منطقتنا مما كان قائما على الارض وما ستجنيه الولاية الجديدة بعد انضمامها لجنوب كردفان في بروتوكول الثروة من خلال عائدات البترول له ما يبرره من العادلة والشعور بالرضى))
ليس واضحا تماما في هذه المذكرة المعنية كيف يتفق للولاية المقترحة ان تكون مستقلة وان تكون في ذات الوقت جزءا من ولاية جنوب كردفان ، ويبدو ان المذكرة قد اغفلت بعض الاسئلة الهامة على سبيل المثال لا الحصر : ماذا يحدث اذا لم يوافق سكان الجزء الشرقي من غرب كردفان اعني ابو شاريحة ، البحير ، المشابك، الخماسات ، الخوي ، الدودية ، السعاتات ، الفينقر ، قليصة ، ايك ، وكل قرى ابو قلب ، قرى ام جقرو ، ومدينة ابو زبد ، وطيبة ، ابو جفالة ، ام سريحة ، البشارية ، ام دفيس ، ان يفصلوا عن اقليم شمال كردفان لاسباب تتعلق بالمراعي والمياة والزراعة والحياة الاجتماعية والعشرة وقوة وحكم العادة ؟ .
ماذا اذا طالب الشق الاخر من كردفان التي طالبت المذكرة بالانفصال والاستقلال عنه بوحدة شمال وغرب كردفان لتتكامل التنمية المادية والبشرية في كل اقليم كردفان شرقا وغربا ، هل تضطر الولاية الجديدة ان تشهر السلاح من اجل الاستقلال والانفصال ، ماهي الخيارات امامها انئذ ؟ ماذا لو تفجر البترول فجاءة في ود متقل او الزرنخ بعد يوم واحد من قبول ولاية غرب كردفان الجديدة في إطار اتفاقية السلام ، هل تبقى ام تعود حليمة ادراجها؟ والي اين تعود مستقلة ام الى احضان شمال كردفان التى سيكون شعارها يومئذ الوحدة او الموت .
يبدوا ان الذين نبتت المذكرة المعنية من رؤسهم كما تنبت شجرة الزقوم من اصلها وطلعها لم يتمهلوا هنيهة لينظروا في الصياغة المنطقية المضطربة التي وسمت المذكرة قبل ان يدفعوا بها للنشر ، ولم يفكروا او يتفاكروا فى مسألة جد هامة ذلك ان شأن تنمية اقليم كردفان شمالا وجنوبا لن يتحقق ضربة لازب ببرتوكولات المناطق المهمشة في اتفاقية السلام الموقعة وان كانت الاتفاقية من الضرورة بمكان لبدء الخطوة الاولي في مارثون الالف ميل واكثر من كل ذلك فان زحف الصحراء والجفاف والنقص المريع في نصيب الفرد من المياة والخدمات الاساس في شمال كردفان ودار حمر على وجه خاص يفرض على كل سكان دارفور وكردفان شمالا وجنوبا وفي مقدمتهم المتعلمين ان يفكروا سويا وان يعملوا سويا للخروج من مأزق المجاعات والحروب والتفرقة الاقليمية والدينية والعرقية عبر مؤسسات التفكير والتنفيذ المدنية .
ومهما يك من امر فان المذكرة المعنية تواجه حواجز وطريقا مسدودا في النهاية رغم كل محاولات الذكاء التي تثير بحق الرثاء التي بذلتها في نسج احاجيج ومبررات لفصل غرب كردفان عن شمالها وضمها لمناطق اتفاقية السلام. اما الحواجز فيوجزها ببلاغة هجائية بارعة ، ضيق افق كتاب المذكرة المعنية الذين يتصورون ( ان بالنجاضة وحدها) يمكن التصدى لتحديات التنمية وزحف رمال الصحراء الكبرى والجفاف والمجاعات الدورية والظمأ الذى اضحى من نسيج الروح والعقل والثقافة في ذلك الجزء الحبيب من السودان . من العجز الذى شاب خيال كتاب المذكرة المعنية ان قد بدا لهم ان مجرد القول بان دار حمر ظلت ترفد بعائداتها المالية شمال وجنوب كردفان ردحا طويلا من الزمان كافيا لاقناع كل الاطراف المعنية بان يتقبلوا فكرة ضم غرب كردفان لاتفاقية السلام . وبدلا ان يعنى كتاب المذكرة باقناع القارىء قبل رئاسة الجمهورية باعداد جداول واحصائيات ومعلومات موثقة عن سكان غرب كردفان وناتجهم القومي والفائض الإقتصادي وتوزيعه في مقابل الخدمات التي قدمت لهم منذ الاستقلال او على الاقل منذ نشأة الحكم الاتحادى وحتي الان ، بدلا عن ذلك جنحوا الى القاء الكلام على عواهنه الذى يفوح منه زبد التزيد والابتزاز مثل (( وهنا نود ان نذكر قيادة الدولة والمجتمع بما اسهمت به منطقتنا .... الي اخر النص الانف ذكرة )) وبدلا من ان يتوجه كتاب المذكرة يخطابهم الي المواطنين في جنوب كردفان باعتبارهم أهل البيت الذى يعنيهم أمر القبول أو الرفض في المقام الأول ، قفزوا على كل ذلك ايضا وافترضوا ان ذلك تحصيل حاصل ولا ينبغى ان يعار التفاتا او اهتماما تماما كالتوجه الي مواطني دار حمر انفسهم . اذا كان المواطنون في شمال كردفان غربا وشرقا والمواطنون في جنوب كردفان سيما المسيرية الحمر والزرق، والحوازمة، وهوارا- جلابة، والمسبعات والبجه ، وابو جنوق، والكمدا ، ومواطني الجبال الغربية والوسطى والشرقية يستبعدون فكرا وتنفيذا من حق ابداء الرأى في تقرير موقعهم ووجودهم الاثني والثقافي والديني والاداري والسياسي ، فكيف خطر لهؤلاء الناس من كتاب المذكرة المعنية ان يستبعدوا الطرف الاخر في اتفاقية السلام وهي الحركة والجيش الشعبي الذي لا يمكن ان يتم اي تغيير او تعديل في نصوص اتفاقية السلام دون موافقته؟.
يبدو ان كتاب المذكرة المعنية ليسو في عير السودان او نفيره وقد استحقوا بجدارة ان يطلق عليهم حسانية النهود وغبيش حيث ضارعوا اولئك الذين استقبلوا على ظهور حميرهم الناهقة التي تتقدم بهم الى الخلف المك نمر الهارب الى بلاد الحبشة خوفا من انتقام التركى محمد الدفتردار بدلا من مؤازرته بالصمت والكتمان ولم يكن امام المك نمر حينها آلا ان يضرب كفا بكف متعجبا من هذا الحساني الذى لا يدرى انه لا يدري - قائلا: " الناس في شنو والحسانية في شنو ".
كذلك كتاب مذكرة الغفلة يتجاهلون او يجهلون ان الذين يتوجهون اليهم بالخطاب - رئيس الجمهورية ونائبة ورئيس المجلس الوطني – قد تكفلوا قبل اكثر من عقد من الزمان بتمزيق كل العرى وتدمير كل جسور الثقة التي بناها الكردفانيون شمالا وجنوبا منذ اندلاع الثورة المهدية 1881م فماذا يهمهم من حسن عمارة تلك الغراء بعد ان تضافروا على هدمها.
هل خطر لكتاب مذكرة الغفلة ان مأساة دارفور التي انتقلت بكل تفاصيلها المرعبة الي كل وسائل الاعلام الاقليمية والعالمية قد صاغت دولة الانقاذ مقدماتها الصغرى والكبرى في كردفان جاعلة من ابنائها معملا بشريا لتجاربها اذ قامت بتعبئة سكان كردفان دينيا وعرقيا ولغويا وتراثا شعبيا لخوض حرب ابادة ضد بعضهم البعض العرب في مواجهة النوبة – المسلمون في مواجهة المسلمين وغير المسلمين تحت شعار حرب الخوارج واصدرت في ذلك فتوى ذات طابع اقليمي ، ولما تكشف لخبراء ودهاقنة الدمار في دولة الانقاذ وكان على رأسهم ايامئذ الدكتور حسن الترابي ان آلية خلط العرقية بالدين بنزاعات ملكية الارض والماء والمرعي والموارد قد أتت اؤكلها في كردفان التي تفرقت من جراء ذلك قبائل واقاليم قددا وآلت للسقوط بتمويل من عائدات مواطني غرب كردفان التى تتحدث عنها المذكرة المعنية ، نقلت دولة الانقاذ آليات اجهازها الي دارفور التي تفرقت بدورها ايد سبأ وكأن لم يكن بين الحجون الي الصفاء انيس ولم يسمر بمكة سامر ، يقول نص الفتوى القاتلة :
((بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى بقتال الخوارج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
اصدر مؤتمر العلماء وائمة المساجد ومشايخ الطرق الصوفية بولاية كردفان ، المنعقد بقاعةاللجنة الشعبية بالأبيض بتاريخ الاثنين 24 شوال 1413هـ الموافق 27 نيسان ( ابريل )1992م، الفتوى التالية ، بوجوب الجهاد في الحرب الدائرة بجنوب ولاية كردفان وجنوب السودان :
أولا:
إن المتمردين في جنوب كردفان او في جنوب السودان بدأوا تمردهم على الدولة ، واعلنوا الحرب على المسلمين ، وشرعوا فيها فعلا ووجهوا همهم الاكبر بقتل المسلمين وتخريب المساجد ، وحرق المصاحف وتلويثها بالقاذورات وانتهاك أعراض المسلمين مدفوعين بتحريض من أعداء الاسلام والمسلمين من الصهاينة والصليبيين والاستكباريين الذين يمدونهم بالمؤن والسلاح ، وعليه يكون المتمرد المسلم منهم في السابق مرتدا عن الاسلام وغير المسلم منهم كافر يقف في وجه الدعوة الاسلامية وكلاهما اوجب الاسلام حرية قتاله بالادلة التالية :
(1) قال تعالى: " يا أيها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينة فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " ( المائدة : الاية 54)
(2) " ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردونكم عن دينكم إن استطاعو ومن يرتد منكم عن دينه فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخر واوئك هم اصحاب النار هم فيها خالدون" (البقرة : الاية 217)
ومن الادلة على مشروعية قتالهم قوله تعالي:
(3) " يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جنهم وبئس المصير" ( التحريم : الاية 9)
والدليل على قتال الخوارج قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(4) " من اتاكم وامركم جميعا واراد ان يفرق جماعتكم فأقتلوه " رواه مسلم عن الصحابي الجليل عرفجة بن شريح .
(5) وقدوتنا في قتال المرتدين فعل الخليفة الاول سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وارتداد بعض الاعراب قال قولته المشهورة :
" والله لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة " وقال ايضا " والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلي الله عليه وسلم لقاتلتهم حتي يردوه " ومن الاثر قتال سيدنا علي بن ابي طالب الخوارج بعد نهاية حرب صفين.
أما اللذين يعاملون الخوارج والمتمردين من المسلمين والذين يشككون في مشروعية الجهاد فهم المنافقون وخارجون عن دين الاسلام ومرتدون عنه فلهم عذاب النار خالدين فيها ابدا. ومن الايات التي تدل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى: " إن المنافقين في الدرك الاسفل من النا " ( النساء : الاية 145 ) وقوله تعالى :" بشر المنافقين بان لهم عذابا اليما . الذين يتخذون الكافرين اولياء من دون المؤمنين ليبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا " ( النساء ك الاية 138 ، 139)
عنهم :
1) الشيخ موسى عبد المجيد.
2) الشيخ مشاور جمعة سهل.
3) الشيخ محمد صالح عبدالباقي.
4) الشيخ قرشي محمد الكور.
5) الشيخ الناير احمد الطيب.
6) الشيخ اسماعيل عبدالسيد عبدالله
من المسئوول عن المذابح والدمار الذى قصف وعصف وعسف بجنوب كردفان في 27 ابريل 1992م والذى صدرت – فتوى بقتال الخوارج كدمغة لتوثيقه وتعميده دينيا؟ الذى لامراء فيه – ان ليس للمواطنين في المزروب او الإبيض او امروابه او دار حمر والجوامعة او البديرية - يد او رجل فى ذلك اعني ، القصد والفكر والقرار والتنفيذ – وان كان بعضهم قد أستخدم فى تلك الحرب اللعينة – كما تستخدم المعدات والمؤن والطرق والجسور والوسائط والوسائل الحربية ، ومع ذلك – فإن نص الفتوى والموقعين عليها يقول شيئا آخر - انها مسئوولية سكان وعلماء الدين في شمال كردفان وهذا التعارض الحدى ينبىء عن تدبير ماكر - ان العقل المدبر لحرب الإبادة فى جبال النوبة لم يك يهمه في شيء امر العرب اوالنوبة في كردفان شمالا وجنوبا ولكن الذى كان يهمه بالدرجة الاولى ان يقتل القتيل وان يخرج في النهاية كالشعرة من العجين ظافرا ، وعلى الشيخ موسى عبد المجيد ، و الشيخ مشاور جمعة سهل ، الشيخ محمد صالح عبدالباقي، الشيخ قرشي محمد الكور ، الشيخ الناير احمد الطيب، الشيخ اسماعيل عبدالسيد عبدالله، ان يكونوا كبش فداء ومجرمى حرب اذا دارت الدوائر واقتضت الضرورة وانتصبت المحاكم وخطوطهم شاهدة عليهم ولا مفر امامهم . يبدو ان العقل الذى دبر مأساة جبال النوبة في 1992م كان يفكر بعقلية ان يتفرق دم شعب النوبة في قبائل شمال كردفان لكل ذلك حرص ان تكون الفتوى الدينية كردفانية اقليمية وآلية وعقل الحرب مركزية.
إذا خطر لكتاب المذكرة المعنية إن الذين كابدوا ويلات الحرب في جنوب كردفان سنين عددا وذاقوا مرارة الذل والهوان على يد اخوانهم من شمال كردفان سيفتحون ابوابهم واحضانهم لابناء غرب كردفان لمجرد رغبة الاخيرين ان يقتسموا معهم عائدات البترول التي ما تزال سرابا ، وعقابيل الحرب لاتزال مستمره ، فينبغى عليهم ان ينظروا مليا في تاريخ ووقائع الطبائع البشرية ، ولست في حاجة ان اذكرهم بما يعرفون - ان حرب العقال التى طال بها الامد والتي دارت بين الكبابيش وحمر لاتزال عالقة في سراديب ذاكرة الطرفين حتي الان .
اوليس من الاجدى ان يتوجه ابناء شمال كردفان لاعادة بناء جسور الثقة مع اخوانهم في الشق الاخر من جنوب كردفان وان يبذلوا اقصى الجهود لوضع اتفاقية السلام المبرمة في 26 مايو محل التنفيذ بدلا من هذا الذكاء الذى يثير الرثاء للالتفاف عليها وتمزيق الاقليم بدعاوى الاستقلال مرة والضم تارة اخرى .
د. عبدالسلام نور الدين
المملكة المتحدة – اكستر
Email:A.S.Hamad@exeter.ac.uk .