نداء الوحدة: الأمة القومي وتحدي الاعتراف بالتجديد … تقرير: خالد البلوله ازيرق

 


 

 

مساء الجمعة الماضية احتفل الامام الصادق المهدي بعيد ميلاده الرابع والسبعون، واحتفت به معظم الصحف السياسية وزينت به صفحاتها، ولكن من دون الصور التي ألتقطت ونشرت، كثيرون توقفوا عند تلك الصورة التي جذبت انتباه المتابعين والتي جمعت الامام بإبن عمه السيد مبارك الفاضل المهدي، وكانت الصورة موضع تعليق لكل من شاهدها ومضت مظان كثيرين في تفسير تداعياتها ومخرجاتها السياسية، ولم تمضي بضع ايام علي نشر تلك الصورة حتى فآجأ الامام الصادق المهدي الساحة السياسية بنداء لأعضاء حزبه المنشقين والمختلفين بالعودة للحزب وفتح صفحة جديدة من الوفاق الحزبي بعد حالة من التمنع التنظيمي معلن بإشتراط العودة للمنشقين بتقديم اعتذارات وبطريقة فردية وليست حزبية لعدم اعتراف حزب الأمه القومي بها.

ويجئ نداء الامام مع حراك انتخابي كبير تشهده الساحة السياسية والاحزاب التي بدأت تتحس قواعدها لقياس تيرمومتر فعاليتها في الشارع السياسي، حراك افرز حالة من الحيوية وسط الاحزاب المنشقة التي بدأت قياداتها المختلفه تخطو ناحية الوحده الحزبية بعد مسيرة انشقاق اختلفت وتباينت مبرراتها سابقاً، فكثير من الحديث الذي يدور خلف الكواليس يشير الي ان هناك حراك لملمة الاحزاب لأطرافها خاصة تلك التي انضمت الي مسيرة السلطة أو خارجها نتيجة خلافات سياسية لتباين في وجهات النظر واختلاف التقديرات السياسية التي قادت لانشقاقها. ويبدو ان نداء السيد الصادق المهدي للمنشقين منه بالعودة للحزب يمثل ترجمة حقيقية لحوار خفي دار بعيداً عن أعين المراقبين بين فصائل الحزب المنشقة بمختلف مكوناتها السياسية المنضوية تحت لواء الحكومة أو تلك التي تقف في صف المعارضة، ليأتي النداء الذي ربما يمثل بداية مرحلة العودة للوفاق داخل حزب الأمه القومي بعد مسيرة من الانشقاقات وصلت لتكوين سته احزاب "حزب الأمه القوي برئاسة الصادق المهدي، وحزب الامه بقيادة مبارك الفاضل، وحزب الامه الفيدرالي برئاسة احمد بابكر نهار، وحزب الامه الوطني برئاسة عبد الله مسار، وحزب الامه الاصلاح والتنمية الزهاوي ابراهيم مالك، وحزب الامه القيادة الجماعية برئاسة الصادق الهادي المهدي".

ويصف مراقبون نداء الوحده الذي اطلقه السيد الصادق المهدي بانه يمثل خطوة مهمة في وقت مهم، ويؤكد سعي الحزب لترميم جبهته الداخلية في هذا الظرف التاريخي حتى يستطيع ان يمضي نحو المهام الوطنية الكبري والتي يقف الاستحقاق الديمقراطي وحق تقرير المصير علي رأسها، كما يسعي الحزب من ذلك الي ان يستمد قوته ويعيد بناءه الداخلي والتنظيمي لمواجهة تلك التحديات، مدللين علي ذلك بالفترة القصيرة التي كلفت فيها اللجان برفع تقاريرها والتي حددت بثلاثة ايام فقط كمؤشرا على الرغبة الأكيدة في إيجاد الحل النهائي لمشاكل الحزب. ويأمل قياديون في احزاب الامه ان تحقق قيادة الحزب رغبة وتتطلعات جماهير حزب الأمه التي تنشد وحدة الحزب، ودعوا اصحاب النداء  ان يكونوا صادقين ومخلصين في تحقيق الوحدة التي تمكن الحزب من الاضطلاع بمسئولياته الوطنية وكخطوة جادة نحو بناء الحزب علي أسس قوية مبنية على المؤسسية والشفافية التي تقي الحزب مستقبلاً ما تعرضه له من انشقاقات في السنوات الماضية. ولكن الدكتور صلاح الدومة استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية قال لـ"الصحافة" ان النداء الذي وجهه السيد الصادق اقتضته ظروف الانتخابات كما ان احزاب الأمه بحاجة ايضا للوحدة والتوحد داخل الحزب، واضاف ان النداء يبدو أنه جاء بعد مفاوضات وحديث تمهيدي خلف الستار وهناك بوادر وأمل كبير بنجاح التوحد لذا اطلق النداء، وقال الدومة ان فرصة النداء كبيره في النجاح لأن هذه الاحزاب بدون سند من هيئة الانصار التي يراسها السيد الصادق المهدي من الصعب ان تفوز في دوائر حزب الامه وبدون سند من الحزب الكبير، ولكنه اشار الي ان بعض هذه الاحزاب يمكن ان يفوز في بعض الدوائر دون مساندة هيئة الانصار مثل حزب الامه الفيدرالي، وتوقع الدومه ان يرفض الفيدرالي العودة للحزب الكبير لكنه قطع بان الاحزاب الاخري ستعود الي حظيرته".

وبدا نداء الوحده الذي اطلقه السيد الصادق المهدي مفاجئاً للكثيرين من واقع حديثه المتكرر عن عدم اعترافهم بتلك الاحزاب التي وصفها بأنها "فقاقيع" في آخر حديث له مع "الصحافه"، ليعود السيد الصادق ويوجه نداء الى المنشقين عن حزبه للعودة الى صفوف الحزب دون حرج لفتح صفحة جديدة من الوفاق الحزبي، مؤكدا عدم الغاء عضوية أحد منهم، وقرر تكوين ثلاث لجان للنظر في التجاوزات التي صاحبت المؤتمر العام السابع للحزب وتسكين مستأنفي عضويتهم والكوادر التي جمدت نشاطها خلال الفترة الماضية، وقال بأن المرحلة الحالية تستوجب ضم الصفوف، وأضاف «أوجه نداءً بأنه مهما حدث من تطورات فإن حزب الأمة لم يلغ عضوية أحد»، وأضاف «للكافة استئناف عضويتهم في الحزب دون حرج ما داموا يعترفون بالشرعية التاريخية والنضالية والفكرية للكيان الأم». وقد اعلن الدكتور احمد بابكر نهار رئيس حزب الأمه الفيدرالي لـ"الصحافه" ترحيبهم بنداء الوحده الذي وصفه بانه خطوة متقدمه للامام في سبيل وحدة الحزب، وقال ان المكتب القيادي للحزب سيجتمع قريباً لإبداء التقييم الحقيقي لنداء الوحده ومن ثم الرد عليه".

كما رحب حزب الأمة الاصلاح والتجديد برئاسة مبارك الفاضل بالخطوة واعتبرها ايجابية ووعد بتداولها بصورة ايجابية، وقال القيادي بالحزب عبد الجليل الباشا، ان نداء المهدي خطوة ايجابية في اتجاه وحدة الحزب التي أكد أنها هدف استراتيجي لهم، وقال نحن نرحب بهذه الخطوة من حيث المبدأ» وأضاف «سنقوم بالتداول حولها بصورة ايجابية وسنتعاطى مع الأحداث بمرونة عاليية. ولكن الدكتور الأمين عبد القادر وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم والقيادي بحزب الامه القيادة الجماعية قال لـ"الصحافة" ان الخروج من حزب الامه كان لدواعي ورؤي اصلاحية قام بها بعض شباب الحزب، واشترط لعودة حزبه للحوار حول موضوع الوحدة مخاطبة السيد الصادق المهدي للحزب رسمياً وان يعترف بالحزب وقياداته وليس السخرية منهم، وقال ان نداء الوحده الذي اطلقه الصادق المهدي يأتي بعد ان فشل مشروعه السياسية عبر ملتقي جوبا وكذلك مشروعه لأسقاط النظام، واشار الأمين ان النداء في هذه المرحلة له هدف مبطن ربما يكون استقطاب بعض شباب الاحزاب في حكومة الوحدة الوطنية الذين يعتقدون انهم شاركوا في السلطة من أجل المال والسلطه وبالتالي مع انتهاء عمر حكومة الوحدة الوطنية حسب اعتقادهم ان بعضهم سيهرول لحزب الامه القومي بحثاً عن ذاتهم، وقال هدفنا ان تطلق نداءات صادقة لتوحيد الحزب عبر مبادرات تدرس في ورش يشارك فيها الجميع ولا تأتي من طرف واحد لأننا خرجنا من الحزب بمسببات لابد ان تنظر، وقال الامين ان النداء جاء في اطار الحملة الانتخابية للحزب وايضا لعوامل اخري تتمثل في الفشل في اسقاط الحكومة وفشله في تكوين حكومة قومية، واضاف "وكذلك بعد انسحاب الحركة الشعبية من تجمع جوبا واتفاقها مع شريكها المؤتمر الوطني وفشل الصادق في تنفيذ مشروعه السياسي عبر تحالف جوبا راي ان يطبق المثل "انا وابن عمي علي الغريب" واضاف قائلا "نحن سعداء به نتوقعه ان يكون صادقاً" وقال اذا كان الصادق جاد في نداءه عليه ان يخاطب الحزب رسميا به، وان يعترف بهذه الاحزاب وكذلك بقياداتها، أما اذا اعتبرها نكرات وانها اكلت الفطيس، قال نعتبر النداء مكابرة سياسية لا تأتي بخير او جديد، وقال انهم متمسكون بشراكتهم مع المؤتمر الوطني وقال "اذا اتفقنا مع حزب الامه سنقوده للمؤتمر الوطني، واذا إلتقينا مع المؤتمر الوطني سنقوده لحزب الأمه".

وعلي الضفة الآخري يقف التيار العام ومناصريهم وهي المجموعة الاحتجاجية التي ترفض مخرجات المؤتمر العام السابع والتي لم تنشق من الحزب ولكنها جمدت عضويتها فعلياً وتنشط سياسياً ضد مؤسسات الحزب المنتخبة في المؤتمر العام، وتشترط حل اجهزة الحزب المنتخبة في المؤتمر السابع وعقد مؤتمر استثنائي عام للحزب لإختيار اجهزته بعد تجاوزات دستورية رأوا انها صاحبت اجراءات المؤتمر العام السابع، وسبق للسيد الصادق المهدي بان وصفها بانها "خلافات فرديه لا تؤثر على الحزب" ليعلن بالامس تكوينه للجنة للنظر في الشبهة الدستورية علي اساس النص الدستوري الذي عقد المؤتمر العام في ظله، كما اعلن تكوين لجنة لتسكين الكوادر التي جمدت نشاطها في الحزب مؤخراً.

 

 

 

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

 

آراء