تولى العام يا دناياي … بقلم: د. عزت ميرغني طه
1 January, 2010
izat@izathut.com
بينما سأل (الجابري) رحمه الله و استغرب...
تولى العام يا دناياي ... لم تعطف و لم تسأل
و ما زودتنا حتى القليل... لعامنا المقبل.......
نظل نسال نحن و العام الهجري السابق انصرم و بعد أيام ينصرم الميلادي أيضا و هذه الجمعة هي أول "جمعة" في العام... فماذا قدمنا في عامنا المنصرم، كم كسبنا و كم خسرنا....سمعت يوم الجمعة الماضية خطبة ممتازة من خطيب بارع (الشيخ أحمد) في مسجد المقرن وددت اشراكك معي في معانيها فهي بحق مناسبة عظيمة لا بد و أن نقف فيها لنحاسب أنفسنا كما يفعل التاجر على رأس كل عام؛ فانه يجرد دفاتره و يراجع سجلاته ليعرف كم ربح و فيم خسر و ما هي أسباب الخسائر ليتفاداها مستقبلا و يزيد من الربح.
هذا في أمر الدنيا من ربح دنيوي قد ينتفع به و قد لا ينفع و ان نفع فقد لا يدوم النفع كثيرا و اذا دام مدة من الزمن فالتاجر نفسه قد لا يدوم (قل متاع الدنيا قليل)...اذا لا بد من وقفة؛ ان لم تكن كل يوم فلتكن كل أسبوع أو كل شهر أو على أكثر تقدير كل عام؛ يحاسب الانسان نفسه ماذا فعل؟
فالوقت هو الحياة التي تمضي كل يوم.. ويقولون فيه أحيانا "من ذهب" أو من احدى الجواهر النفيثة و التي هي مادية و لكن الصحيح ان الوقت هو حياتك فاذا أضعته فقد أضعت حياتك فأنظر لهؤلاء الذين يقولون "دعنا نقتل وقتنا" فهم عندما يقتلون أوقاتهم فهم يقتلون أنفسهم و هم لا يشعرون... فتذهب الأوقات و الأعمار عبثا بلا انتاج و أحيانا تضيع في بطالة أو في أعراض الناس... مع قلة انتاج و اتكالية حسبنا أن نستورد قوتنا و السلاح الذي ندافع به عن أنفسنا من غيرنا.
الوقت له قيمة عظيمة في الاسلام, و لهذا اقسم الله تعالى به في كتاه العزيزفأقسم بالفجر، و الضحى و العصر و بالليل و بالنهار. فلم هذا القسم كله... قطعا يريد سبحانه و تعالى أن يلفت نظرنا الى شئ مهم حتى نتفكر أجزاء الوقت؛ فجره و ضحاه و عصره و ليله. كما قسم سبحانه و تعالى الفرائض و الواجبات على الأوقات حتى نشعر بكل جزء من أجزاء الوقت. اذا انكشف نقاب الليل الأسود عن وجه الصباح الأبيض قام مؤذن يؤذن الله أكبر حي على الصلاة و حي على الفلاح و تستمر الصلاه كل مرة في جزء من الوقت.
فالوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك لأنه يعمل في عمرك (ان الليل و النهار يعملان فيك فأعمل فيهما) فهما يبليان كل جديد و يقربان كل بعيد و يقطعان كل طويل. ففي كل صباح تبتعد عن الميلاد خطوة و نحو القبر خطوة لذا حذرونا من التسويف فلا تقل سوف أتوب و سوف أعمل فلربما لا يتسع الوقت لذلك ونحن ننظر حولنا كل يوم يموت الشباب بالذبحة و الحوادث.
فعلى المسلم السليم أن يقف ليحاسب نفسه على هذا العام الذي سوف ينصرم بعد أيام ففي أيامه الثلاثمائة و نيف و خلال أنفاسه و نبضاته التى لا تحصى خلال هذا العام سوف تسأل عنها.
اننا في هذه الوقفة و في ختام العام يجب أن نتدارك ما فاتنا، و علينا تقدير قيمة الوقت و قيمة العمر الذي أنعم الله به علينا اذ سوف يسألوننا عنه كما قيل في الحديث؛ (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال؛ عن عمرخ فيما أفناه، و عن شبابه فيما أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه و عن علمه ماذا عمل به)...
أربعة أسئلة اثنان منهما يخصان الوقت فسؤال عن العمر عامة، و آخر عن مرحلة الشباب، مرحلة الطاقة و الحيوية و العزيمة. و لذلك وعظ النبي (ص) فقال اغتنم خمسا قبل خمس؛ شبابك قبل هرمك، و صحتك قبل سقمك، و غناك قبل فقرك و فراغك قبل شغلك و حياتك قبل موتك). فلنغتنم هذه الفرص و نستقبل عامنا الجديد بعزم صادق و نية خالصة لله تعالى عسى أن يجعل يومنا خيرا من أمسنا و غدنا خيرا من يومنا. توبوا الى الله انه الغفور الرحيم و أدعوه يستجب لكم.
كان الناس في الأزمنة الماضية يعرفون قيمة الوقت و كانوا يسيرون على نظام حياة مستقرة؛ ينامون مبكرين و يصحون مبكرين لا تغريهم مغريات كثيرة للسهر ينامون على اثرها ليصحوا متأخرين فيفقدون نعمة البكور و التى دعى فيها نبينا (ص) "اللهم بارك لأمتي في بكورها" . فحري بنا أن نحاول أن نعود الى نظم الحياة اليومية للمسلم الحق و أن نستغل أوقاتنا فيما يرضي الله تعالى. و لنا أيضا أن نعمل عمل اليوم و الليلة و الذي قيل فيه كل شئ فهناك ما يقال عند النوم و عند الصحيان و عند أكله و شربه و عندما يخرج من بيته و عندما يعود و عندما يسكن اليها...فلتحفظ تلك الأدعية المأثورة و ليجعل لكم في كل خطوة سلامة.