بإحتمالات مفتوحه: المسيرية .. يعيدون ابيي للواجهة

 


 

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

"حديثنا الأخير سيكون مع الرئيس" نص حمل آخر تصعيد قيادات المسيرية للهجتهم ضد قانون استفتاء ابيي المجاز الاسبوع الماضي من قبل الهيئة التشريعية القومية، والذي وجد اعتراضاً من قيادات المسيرية ودفع نوابهم في البرلمان للانسحاب من جلسة مناقشة القانون الذي بدأ التباين فيه أكثر وضوحاً بين نواب المؤتمر الوطني من خلال مداولاتهم للقانون بين مؤيد له كلياً ومتحفظ علي المواد التي حددت أهلية المقترعين علي الاستفتاء في المنطقة، بعد ان حمل نواب المسيرية المؤتمر الوطنى المسئولية وطالبوه بتحمل النتائج، فيما لوح بعضهم بالحرب واخرين قالوا انهم سيتجهون للوسائل السلمية لمقاومة القانون.

مشهد نواب المسيرية بالبرلمان أثناء وبعد اجازة قانون استفتاء ابيي يعيد للمتفحص في وجوههم تلك المشاهد التي ارتسمت علي محياهم عند استقبال السيد رئيس الجمهورية للوفد القادم من محكمة لاهالي بعد قرار التحكيم بالمؤتمر الوطني، فحالة عدم الرضا من النتيجة تحسها في وجوههم قبل ان تسأل عنها، وحالة السخط علي الممسكين بالملف إن أخفيت في بعض الاحيان ولكنها في احيان وأمكان اخري يجهر بها، وما بين اجازة قانون استفتاء ابيي واستقبال وفد لاهالي تتكرر المشاهد السخط وعدم الرضا التي تنعكس جميعها في محور التصعيد بالمنطقة الذي يتأثر بتلك التعابير سخطاً أو رضا علي القاطنين هناك سريعي الاستجابة لتلك ردات الفعل التي تصدرها قياداتهم في المركز.

وإن كان المسيرية قد رفضوا سابقاً قرار تحكيم لاهالي حول أبيي الذي أعلنوه مراراً، بعد أن أعلن المؤتمر الوطني والرئيس البشير إلتزامه به مسبقاً وتأكيده علي ذات الإلتزام بعد صدور القرار ، ووصفوه بانه سلب اراضي مراعيهم التي يقطنونها، فيما وصفوا الآن رفضهم  لقانون الاستفتاء بانه جعلهم مواطنين درجة ثانية في اراضيهم بعد ان نص القانون في أهلية الناخب للاستفتاء علي أعضاء مجتمع دينكا نقوك، والسودانيون الأخرون المقيمون في منطقة أبيي حسب معايير الاقامة التي تحددها مفوضية استفتاء أبيي التي ستنشأءها رئاسة الجمهورية. الاستاذ عبد الرسول النور القيادي، وصف لـ"الصحافة" القانون بقوله "هذا برميل بارود اهداه الشريكين لأهل المنطقة لينفجر في الطرفين، مشيرا الي ان القانون سيشعل النار في المنطقة، وقال ان المسيرية لستدرجوا علي مراحل لبلع هذا الطعم  أولاً بخلق مسارات تفاوض منفصله للمنطقة في المفاوضات، وثانياً الدفع به لتحكيم بلاهالي حول المنطقة، وثالثاً بدفعهم لقبول قانون الاستفتاء، ورابعاً ستكون المفوضية التي سيرجح قراراتها رئيسها، واضاف النور "ان المسيرية سيسعون بالاساليب الديمقراطية وغيرها بأن لا ينفذ القانون علي الارض بعد أن ميز أهل السودان علي اساس العرق والعنصر بين سكان عاشوا بمساواة وهذا مخالف لدستور بوالتالي نرفض القانون جملة وتفصيلا وندعو البرلمان لإعادة مناقشته ونناشد الرئيس أن لايوقع عليه، لأنه لا يمكن ان ينزل علي الارض إلا بالقوة" وقال النور إن من أخطاء القانون انه اعفي دينكا نقوك من شروط الاقامة بالتالي يحق لكل دينك نقوك أن يصوتوا أينما كانوا في المنطقة أو خارجها، وان السودانيين الآخرين الذين يقصد بهم المسيرية  لابد ان تنطبق عليهم شروط الاقامة بحسب قانون الانتخابات".

ويستند المسيرية في رفضهم لقانون استفتاء أبيي كذلك علي وعد قطعته الحكومة بمشاركتهم في استفتاء المنطقة بعد قرار هيئة التحكيم الدولية بلاهالي، كما انهم اعتبروا تضمينهم في نص الأهلية للاستفتاء "بالسودانيين الآخرين" بأنه تصنيف لهم بأنهم مواطنين درجة ثانية، وأبدوا بعض الحجج الدستورية التي تمنع التمييز علي اساس عرقي او عنصرى، مشيرين الي ان برتكول ابيي محور القضية القانوني قسم موارد البترول في المنطقة بنسبة "2%" للمسيرية، و"2%" للدينكا، وانه لم ينص علي اعطاء نسبة 2% للدينكا وتلك للسودانيين الآخرين كما ورد في قانون استفتاء أبيي. ويشير مراقبون الي انه علي غير ما كان سابقاً فإن التصعيد الحالي حول قانون استفتاء أبيي يقوده حكماء المسيرية وسياسييها في المؤتمر الوطني والذين اتضح موقفهم من خلال مداولاتهم حول القانون داخل البرلمان والتي قادها السفير الدرديري محمد احمد والفريق مهدي بابو نمر، ما يجعل من عملية التصعيد ربما تاخذ مناحي كثيره، بعد أن بدأت بعض الإتهامات تكال ناحية المؤتمر الوطني الذي يرون انه ضحي بقضيتهم في مشروع اتفاق سياسي مع الحركة الشعبية ليست لهم فيه مصلحة. ولكن الاستاذ رينق دينق أكول، أمين عام حكومة أبيي قال لـ"الصحافة" ان ما يثار يتم بشكل غير مسئول، لان الاتفاق تم بين الطرفين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بالتالي مستوي القبائل "المسيرية والدينكا" ينبغي ان لايرد اطلاقاً لأن التفاوض بين حزبين، وقال ان الخلاف حول ابيي كان حول تبعيتها الي اي من العشائر وليس مستويات أخري لذا القانون أخذ بأنها لدينكا نقوك وأعطاهم حق التصويت، وكذلك قرار التحكيم في لاهالي نص علي تبعيتها لدينكا نقوك وحددت بالاحداثيات، بالتالي من الطبيعي لتحديد تبعيتها للشمال او الجنوب يقررها دينكا نقوك لأنها حينما تبعت لكردفان عام "1905م" دينكا نقوك هم الذين قرروا ذلك وليس المسيرية، واتهم رينق السياسيين وصفهم بانهم تمرسوا علي الفتن ويتكسبون بإسم المنطقة من استدامة الصراع فيها، وقال ما عينيا رعاة المسيرية ومصلحتهم في ان لاتحدث مشاكل تهدد مصالحهم أو يضرروا، ولكنه حذر من ان يستدرج السياسيين، البسطاء المسيرية لتحقيق مكاسبهم الذاتية واضاف "هناك سياسيين اعترفوا هذه الاشياء ويمكن بإيعاز من آخرين ان يقودوا القضية للاشتعال، وقال هؤلاء لايخدمون مصالح المسيرية، وقال ان القضية ضخمت من مشكلة عشائر مترابطه ومتداخله منذ القدم، وانها خلقت من عدم لمعارك سياسية في نفوس السياسيين".

وقد بدأ المسيرية حملة التصدي للقانون من خلال الاجهزة الاعلامية بإعلان رفضهم للقانون، كما عقدوا ندوة حول القانون أول أمس بمنطقة الحاج يوسف توعدوا فيها بمواصلة رفض القانون، فيما هدد بعضهم بإعاقة ترسيم الحدود وعمليات الاستفتاء، ولكن النشاط السلمي الذي ابتدره قادة المسيرية بالخرطوم كيف ستنعكس آثاره علي منطقة ابيي هناك، يبدو أنه في أول محاولة لإحتواء تأثير ذلك التصعيد من قيادات المسيرية  وتداعياته علي الأوضاع هناك فقد دعا المجلس التشريعي لإدارية أبيي لعقد جلسة طارئة للخروج برؤية لتجاوز التداعيات التي خلفها إجازة القانون، فيما عقد اجتماع بين أبناء المسيرية والدينكا توصل الي منع النواب من التعليق علي القانون أو إتخاذ مواقف قبل مناقشته داخل برلمان ابيي، فعلي ضوء تلك التداعيات كيف يبدو موقف المسيرية من رفضهم لقانون استفتاء ابيي بعد إجازته وماهي التداعيات المحتملة علي تحركاتهم. اللواء الدكتور محمد الأمين العباس استاذ العلوم الاستراتيجية، قال لـ"الصحافة" ان حكماء المسيرية بدأوا يتحركون في اتجاه التصعيد وهذه الحركة تختاج من الحكومة لإقناع وحوار وحوافز تجنب البلاد الكوارث، داعيا حكماء المسيرية والحكومة بان يجدوا حلقة نقاش برحابة صدر للخروج من هذه الأزمة، أضاف الأمين بان "المسيرية ظلموا كثيراً ببرتكول أبيي وقرار محكمة لاهالي الذي سيدخل البلاد في أزمة، وان عدم مشاركتهم في الاستفتاء فيه ظلم لهم رغم ان الحكومة أعلنت مشاركتهم سابقاً في الاستفتاء، وقال اذا دخل المسيرية في صراع مع الدولة ستتعقد المشكلة وستفتح باب من جهنم وساعتها سنري ما حدث بدارفور بانه كان صراع بسيط، لأنهم يتمتعون بحماسة قبلية وكبرياء وقيادات كثر في القوات المسلحة والاجهزة الأمنية، قد يقود لتصعيد المشكلة مع الحكومة ومع القبائل المجاورة، مشيرا الي ان الحل يكمن في جلوس الحكومة إليهم والتحاور معهم للخروج من هذا النفق".

 

 

آراء