الجنوب والأحزاب: سلفا .. فتح نافذة حرية جديدة .. تقرير: خالد البلوله ازيرق
10 January, 2010
أخيراً وبعد حالة من التمنع الغير مباشر الذي ووجه بإنتقادات سياسية من مختلف الاحزاب الجنوبية والشمالية علي حد سواء لحالة النشاط الحزبي في الجنوب المقيد بالعمل الاستخباراتي للحركة الشعبية، دعا النائب الاول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب، سلفاكير ميارديت، لافساح المجال للاحزاب السياسية لممارسة نشاطها السياسي استعداداً للانتخابات القادمة، وطالب الأحزاب الجنوبية بوضع مصلحة الجنوب كأولوية علي المصالح الحزبية.
الدعوة وإن جاءت متأخرة شيئاً ما ولكنها تفتح كوة أمل للاحزاب السياسية خاصة الجنوبية منها المعارضة للحركة الشعبية في الجنوب لإبتدار نشاطها السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات، فيما يبدو التحدي الاكبر حول جدية الدعوة التي قدمها سلفاكير ميارديت بإفساح الجنوب أمام الاحزاب السياسية ومقدرة الحركة الشعبية علي تحمل تبعات ذلك النشاط الحر، وإن كان بعض المتابعين قد دفعوا بملاحظات حول دعوة سلفاكير وقالوا بأنه كان يجب ان تكون توجيهاً وليست دعوة لأجهزة تحت إمرته، فإن آخرين اشاروا الي ان تلك الدعوة ستكون تحصيل حاصل في ظل الظروف الأمنية التي يشهدها الجنوب من صراع قبلي يحصد مئات الأرواح شهريا مع صعوبات طبيعية تعوق حركة الاحزاب في الوصول للسكان الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية سيئة.
وكانت قضية فتح النشاط الحزبي امام الاحزاب السياسية في الجنوب قد اخذت حيزاً كبيراً ضمن ملفات الخلاف بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وصلت الي ان دفعت بالسيد رئيس الجمهورية للقول في خطابه أمام مؤتمر الشوري المؤتمر الوطني ان "الوطنى سيعامل الحركة بالمثل اذا لم تفتح الجنوب أمام نشاطه" بعد ان قال ان الحركة الشعبية تحكم الجنوب بإستخباراتها العسكرية، لتاخذ تلك القضية بعداً ىخر عندما دخلت الاحزاب الجنوبية المناوئة للحركة الشعبية في خط الصراع خاصة بعد تكوين حزب الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي برئاسة د.لام أكول، والتي قوبل عناصرها ونشاطها السياسي بتضييق من قبل الحركة الشعبية بعد أن إتهمة حزب لام أكول بأنه صنيعة المؤتمر الوطني لزعزعة الأمن والإستقرار في الجنوب ما دفعها لحظر نشاطه في الجنوب كلياً. وما كان يثيره قادة المؤتمر الوطني من ان الحركة الشعبيه تدير الجنوب عبر استخباراتها وتتحدث عن القوانين المقيده للحريات، تكرر كثيراً من قيادات حزبيه وسياسيه "شمالية وجنوبيه" وسبق أن قدمت تلك الاحزاب مناشدات عديدة للحركة الشعبية بفتح الجنوب امام العمل الحزبي دون احتكاره لقبضة الحركة الشعبية واستخباراتها العسكرية، حيث تتهم احزاب جنوبية الحركة الشعبية بقمع نشاطها والتضييق عليها، وكذلك بعض الشكاوى التى ترد من منسوبي المؤتمر الوطنى الذين قيل أنهم تعرضوا للاعتقال والتضييق بسبب نشاطهم السياسي وصلت الي مرحلة التعذيب والاغتيال كما في حادثة زينب برنجي. ويري مراقبون ان خطوة سلفاكير ناحية فتح المجال في الجنوب للنشاط الحزبي ضربة بداية لمرحلة جديدة من الحياة السياسية في الجنوب.
وبدأ الاهتمام بالنشاط السياسي في الجنوب يحظي بإهتمام أكبر للقوي السياسيه بعد سيطرة الحركة الشعبية على مقاليد الأمور هناك، والتى بدت بحسب مراقبين في تصفية حساباتها مع أحزاب ومليشيات ترى انهم يشكلون خطراً عليها، ما جعل هذه القوي بعد سيطرة الشعبية على الجنوب تشكو من التضييق في ممارسة النشاط السياسي. خاصة بعض الاحزاب الجنوبية التى ارتبطت في كثير من نشاطها بالمليشات العسكريه، أو المليشات عسكرية نفسها والتي تحولت الى احزاب سياسيه، والتي كانت تشكل هاجس لحكومة الجنوب وتتهمها بأنها تنفذ أجندة المؤتمر الوطنى في الجنوب المتمثلة في زعزعت الأمن والإستقرار فيه لإظهار ضعف حكومة الجنوب وكذلك الحركة الشعبية التى تسيطر عليها، لذا يتعامل معها الجيش الشعبي على أساس أنها بؤر لإحداث التوتر في الجنوب.
ويعذي مراقبون الاتهامات التى تثار في وجه الحركة الشعبية بتضييق النشاط الحزبي في الجنوب الى أنها تدابير وقائية لحماية نفسها والجنوب من اختراقات محتمله عبر بعض الفئات المحلية، كما ان محاربتها للمليشات العسكرية في الجنوب قبل ان توفق اوضاع كثير منها دفعتها لإرتكاب عدد من التجاوزات بحق النشاط السياسي في الفضاء الجنوبي من قبل المناوئين لها، فيما يري آخرون في تلك الاتهامات أنها لا تخلو من المكايدات السياسيه التى كثيراً ما تمارسها القوي السياسيه مع بعضها مستشهدين بأحزاب جنوبية مناوئة للشعبيه تمارس نشاطها بالجنوب دون حجر من حكومته ويصفون تقييد النشاط السياسي الحزبي في الجنوب بأنه محدود وتعد حوادثه معزولة وغالباً ما تأتى بحجة عدم إعطائهاً إذناً من السلطات. ويبرر محللون اسباب التضييق على النشاط السياسي بالجنوب من قبل الحركة الشعبيه على القوي الغير مواليه لها، بأن مرده الى خشيتها ان تكون تلك الأحزاب أزرع وواجهات لأعداءها لإحداث توترات أمنيه وهز عرشها الذي تجلس عليه من قبل خصومها، فكثيراً ما أرجعت الحركة الشعبية التوترات الأمنية والصراعات في الجنوب الى أيادي خفيه تعمل على تأزيم الأوضاع هناك. فيما يشير البعض الى أن الحركة الشعبيه استغلت وضعية انفرادها بحكم الجنوب بموجب اتفاقية السلام في إقصاء الأحزاب الأخري، وأن سيطرتها علي الحكم هناك جعلتها لا تعترف بأى حزب سياسي غيرها في الجنوب، ويري متابعين أن الشعبية بعد ان بسطت سيطرتها على مسارات الأوضاع في الجنوب، تركت مساحة محدودة للآخرين الذين ينافسونها لتحرك فيها كغطاء لتبدو من خلاله انها تبسط الحريات امام المناوئين والنشاط الحزبي المعارض لها. ولكن اصابع الاتهام تشير إلى الشعبية بإنها تعيق العمل الحزبي بالجنوب لدواعي شتى، فيما يذهب قادتها الى تأكيد أنها تؤمن بالتعددية وإحترام الآخر وينفون كل الاتهامات التي تثار ضدها يتهمها معارضوها بانها تضيق النشاط الحزبي لقمع الآخرين وعدم الاعتراف بهم وخوفاً علي مصالحها الخاصة وليست مصالح الجنوب. وفيما يصف البعض حركة الاحزاب السياسية في الجنوب بالضعيفة حيث لايوجد حزب يمارس نشاطه السياسي بشكل فعلي سوي الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، وبعض الاحزاب الجنوبية ذات المنطلقات القبلية والعشائرية والتي تعاني من ضيق ذات اليد وخلافات داخلية بين قياداتها عصفت بنشاطها كثيراً.
khalid balola [dolib33@hotmail.com]