طلب طرد: انجمينا والعدل… نهاية علاقة بالتطبيع .. تقرير: خالد البلوله ازيرق

 


 

 

 khalid balola [dolib33@hotmail.com]

حراك سياسي بين الخرطوم وانجمينا شهدته الاسابيع الماضية بخطوات مكوكية بإتجاه تطبيع علاقات البلدين التي تشهد حالة من الشد والجذب منذ اندلاع الصراع المسلح في دارفور، يبدو ان مفاوضات التطبيع التي تشهدها البلدين في طريقها لترميم العلاقة التي وأدت منذ خمس سنوات، فيما تؤشر خطوات التقارب تلك في اتجاهها الآخر الي أنها في طريقها كذلك لقطع العلاقة الحميمية بين حركة العدل والمساواة وانجمينا، تلك العلاقة التي امتدت لأكثر من خمس سنوات قدمت من خلالها تشاد دعماً غير منقوص لحركة العدل والمساواة، فيما بادلت حركة العدل المساواة الدعم التشادي بدعم كذلك إبان هجوم قوات المعارضة التشادية علي العاصمة انجمينا الذي اشتركت في صده قوات من حركة العدل والمساواة الي جانب قوات الحكومة التشادية بقيادة الرئيس ادريس ديبي، ولكن يبدو أن تلك العلاقة الحميمية ستتعرض لإختبار كبير من خلال التقارب السوداني التشادي الذي يضع في أولوياته وضع حداً لنشاط المعارضة السودانية والتشادية في البلدين.

الحراك السياسي الذي قاده وزير الخارجية التشادي ومستشار الرئيس السوداني غازي صلاح الدين، يبدو انه ينطلق من ثقة كبيرة في تطبيع علاقات البلدين وانهاء قطيعة دامت لأكثر من خمس سنوات لعبت من خلالها المعارضة في البلدين دوراً كبيراً في تأزيمها، ويبدو أن طي ملف المعارضة في البلدين أتخذ مدخل لحل القضايا وتطبيع العلاقات بينهما، فقبيل ان ينهي الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس والوفد الأمني المرافق له زيارة الي أنجمينا استغرقت يومين رداً علي زيارة وزير الخارجية التشادي الذي زار الخرطوم الاسابيع الماضية، فإذا بدبلوماسي تشادي يصرح بان حكومته طلبت من زعيم حركة العدل والمساواة الدكتور خليل ابراهيم مغادرة تشاد دون أي تأخير، في إشارة وصفت انها جاءت رداً علي سلوك الحكومة السودانية الذي اتخذته بإبعاد المعارضة التشادية من الحدود لمسافة تبعد عن الـ"500" كيلو متراً. ولكن رئيس المجلس التشريعي للحركة الطاهر الفكي نفي تلقي حركته لهذا الطلب من السلطات التشادية وقلل من أي تأثير لأي اتفاق بين الحكومتين علي حركته مبيناً انه لاوجود لقوات الحركة علي الاراضي التشادية.

وكان اتفاق سوداني تشادي نص علي اجلاء قوات المعارضة في البلدين من الحدود المشتركة حتى يسهل السيطرة عليها ومراقبتها من القوات المشتركة بين البلدين المفترض إنشاءها لمراقبة الحدود بإبعاد المعارضة في البلدين الي بعد "500" كيلو متر داخل اراضي البلد المستضيف، وهو الأتفاق الذي نفذه الجانب السوداني الذي قام بإبعاد المعارضة التشادية الي منطقة الصياح شرق ولاية شمال دارفور، فيما تقول تشاد ان قوات حركة العدل والمساواة ليست علي اراضيها وتقر بوجود بعض من قياداتها، ويبدو ان مفاوضات انجمينا الأخيرة بين الوفدين قد قادت الي حث تشاد علي ابعاد قادت حركة العدل والمساواة من اراضيها، ودفعهم في الاتجاه الآخر للدخول في مفاوضات السلام المرتقبة في الرابع والعشرون من يناير الجاري التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة حسبما حددت الواسطة المشتركة التي تطلع بملف تحقيق السلام في دارفور.

الطلب التشادي لرئيس حركة العدل والمساواة الدكتور خليل ابراهيم بغادرة الاراضي التشادية والذي تناقلته صحف الخرطوم أمس ونسب لأحد الدبلوماسيين التشاديين، أثار كثير من الجدل حول طبيعته وطريقة تنفيذه علي ضوء العلاقة الممتدة بين انجمينا وحركة العدل والمساواة، ومن ناحية اخري تأثيره علي تلك العلاقة والمفاوضات المرتقبة بين الحكومة والعدل والمساواة بالدوحة. ولكن الاستاذ احمد حسين الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة وصف لـ"الصحافة" أمس قرار طرد خليل من تشاد بانه دعاية رخيصة من قبل الحكومة السودانية، تريد من خلالها الخرطوم التي تعيش في ازمة داخلية ان ترفع به من معنوياتها، واضاف نحن نحترم الاتفاق بين السودان وتشاد، لكن علي الحكومة طرد المليشيات التشادية التي تتواجد في السودان بدلا من السعي لإنتصارات زائفة، وقال ان دكتور خليل ابراهيم  ليس موجود بتشاد حتى يتم ابلاغه بالطرد كما ذكر الان مشيراً الي انه موجود داخل السودان، واضاف "تربطنا علاقة جيدة بتشاد والدول  العربية والاقليمية واننا حركة شرعية ولنا قضية بالتالي نزور تشاد من وقت لآخر" ونفي حسين ان يكون لحركة العدل والمساواة وجود عسكري في الاراضي التشادية باي صورة حتى يبلغوا بالطرد منها، وقال ان موقفهم من المفاوضات سيحدد بعد لقاءهم الوسيط المشترك جبريل باسولي اليوم في المناطق التي تسيطر عليها حركة العدل والمساوة في دارفور واضاف "نحن مع السلام الشامل ولكن نأمل من الحكومة ان تصل لإتفاق سلام شامل لكل السودان".

وإستبعد مراقبون ان يقدم الرئيس التشادي ادريس ديبي علي طرد زعيم حركة العدل والمساة بهذه الطريقه علي ضوء العلائق الجيدة التي تربط بين الرجلين، ويشيرون الي ان الاعلام ربما قصدت به الحكومة التشادية اختبار جدية الحكومة السودانية في مسألة التطبيع بين البلدين وأن عملية مغادر خليل للاراضي التشادية التي بحسب متابعين انه لايتواجد فيها كثيراً تأتي في اطار تبادل حسن النوايا بين البلدين بعد أن اقدمت الحكومة السودانية علي اجلاء المعارضة التشادية بعيدا عن الحدود في العمق السوداني. ولكن الدكتور ادم محمد احمد عميد كلية الدراسات الاستراتيجية بجامعة الازهري قال لـ"الصحافة" أنه لا يعتقد ان التشاديين سيضحون بخليل ابراهيم بهذه البساطه لأن هناك مصالح متداخله بين الطرفين وكذلك بينهم مصالح اجتماعية، واضاف ان طرد خليل من الاراضي التشادية ان صدق سيكون مقابل طرد المعارضة التشادية من الاراضي السودانية نهائياً وليس ابعادها الي داخل الحدود حسبما هو متفق عليه، وقال ان هناك مصالح أمنية مشتركة بين الحكومة التشادية وحركة العدل والمساواة تتمثل في اعتقاد الطرفين ان الحكومة السودانية تشكل مهدد أمني لكليهما، فتشاد تعتبر ان الهدف الاستراتيجي للخرطوم هو ازالت الحكومة التشادية وهذا يجعل الحكومة التشادية تكون شبة حلف استراتيجي بينهما وحركة العدل والمساواة، ولكنه عاد وقال "افتكر هناك جدية أكبر هذه المرة لتطبيع العلاقات بين البلدين، ولكن مقابل لطرد خليل من تشاد لا يكون بأقل من طرد المعارضة التشادية من الاراضي السودانية".

فيما ينظر مراقبون الي قضية اقدام تشاد علي ابعاد خليل ابراهيم وقادة حركته من تشاد الي حالة الجدية التامة التي تشهدها مفاوضات التطبيع بين البلدين لتسوية العلاقات المختلف عليها سابقاً، خاصة بعد تولي الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس ملف دارفور وبالتالي ملف العلاقات التشادية الذي يعتبر مفتاح الحل لتسوية السلمية في دارفور، بعيداً عن المناورات السياسية التي كانت تتسم بها علاقات البلدين والتي اتسمت في اغلب فتراتها السابقه علي اللعب بحبال المعارضة هنا وهناك والتي كانت تستخدمها البلدين لتصيفة الحسابات بينهما في كثير من القضايا والخلافات.

 

آراء