عرمان.. الكلام في الممنوع !

 


 

 

diaabilal@hotmail.com

 

 

كلما اقتربنا من صناديق الاقتراع  ارتفعت درجة التوتر في الساحة السياسية،واصبحت فكرة الهزيمة أو السقوط الانتخابي كابوساً يفسد أمزجة البعض،فتخرج الكلمات بلا حسابات جدوى،وتظهر المواقف عارية من الحكمة.

العبارة الدارجة التي تختصر كثيراً من المعاني (الرجال مواقف) تشرح باقتضاب ان معادن الرجال تجليها المواقف التي تمر بهم وما يترتب عليها من ردود افعال، يمكن اخذها لقياس نسبة هرمونات النبل والنقاء في مكوناتهم القيمية.

وفي محيطك المحدود يمكن ان تكتشف كثيراً من الصفات الايجابية والسلبية في الشخص الذي تتعامل معه عبر مواقف عابرة او عبارات سقطت منه دون وعى او ملامح دلالية استقرت على وجهه في مواقف محددة..فيخبرك بعض ذلك او كله مع أي شخص انت تتعامل؟!

تابعت في الزميلة (الانتباهة) مقالاً للباشمهندس الطيب مصطفى تحدث فيه عن ترشيح ياسر عرمان لرئاسة الجمهورية بصورة بها كثير من التجريح الشخصي والاسري، ورد عليه في الزميلة ( الحرة) الاستاذ عثمان شبونة بذات النفس العدائي.

ولا أريد هنا ان أصعد على منبر الوعظ لانصح الكاتبين (بترويق المنقة) أو ان احرضهما على دلقها على الارض.

لكن هذه مناسبة سيئة، للقول بأن على المتصارعين السياسيين ان يبعدوا الاسر والسير الخاصة عن ميدان الصراع السياسي.

 لقد وقع الباشمهندس الطيب مصطفى في المحرمات الاخلاقية التي تعتبر (تابو) المهنية، حينما حاول ان يرسل من الاشارات الصريحة  ما يسئ اساءة شخصية لعرمان لا كسياسي منافس ولكن كرب أسرة..وهذا سلاح محرم، فبالاضافة لطبيعته الارتدادية، سيفتح باب الجحيم على الجميع، حينما تصيب شظايا السياسة الاسر الآمنة في مخادعها ، وتصبح اوضاعها وأسرارها نهباً لصراع سياسي  مفتوح لا تحده قيم ولا تردعه محاذير.

على الطيب مصطفى ان ينتقد خطاب وسلوك عرمان السياسي ويقدم من الاسانيد والبراهين القاطعة ما يؤكد على عدم أهليته لمنصب الرئاسة.

وعلى عرمان ان يفعل ذات الشئ لينفي أهلية  الطيب لولاية الخرطوم.

ولكن يجب ألا تكون تلك المساعي مستندة الى الشائعات والوشايات والغمز واللمز،فهذا الباب  اذا فتح لن يكون هناك شخص بمنجاة من آثاره القذرة.

 في الديمقراطية الثالثة حينما حاولت بعض الجهات اللعب بتلك الاسلحة كانت من أكثر المتضررين منها، لانها ارتدت عليها بكثير من الكتابات ذات العبوات الناسفة.

لا يمكن ان تلقي بالطين على الآخرين ثم تنتظر- غير خائب العشم- ان تعود الى منزلك بذات نصاعة جلبابك الابيض.

درجة انفلات الخطاب السياسي قبل الانتخابات هو ما سيحدد مآلات الاوضاع في الواقع اليومي للممارسة الانتخابية.

ما حدث في كينيا انطلقت شرارته من بعض الكتابات الصحفية ، وما حدث في رواندا وجد مرجعيته في بعض الاحاديث الاذاعية.. وما حدث يوم الاثنين بعد رحيل جون قرنق وجد قوة دفعه من بعض التصريحات الطائشة والاشاعات الرائجة.

كلما كانت لغة الخطاب السياسي عدوانية وشرسة في الصحف والمنابر كلما كان ذلك ممهداً ومشرعناً لافعال مماثلة في السوء والعدوانية.

اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.

 

آراء