إعداد الجيل القادم من الحائزين علي جائزة نوبل(2) … بقلم: د.عثمان إبراهيم عثمان

 


 

 

"نصيحتي أن تفعل ما يثير اهتمامك، أو  ما يمتعك (رغم أنني غير متأكد من تعريف المتعة)، وأن تفعله بأقصي ما تملك من قدرات. إذا ما أثار اهتمامك،كيفما تراءى لك مبتذلاً على السطح، مع ذلك واصل اكتشافه، نظراً لان شيئاً غير متوقع دائماً يبرز، تماماً كما لم تتوقعه البتة. بهذه الوصفة، أياً كان قصورك، فمن المؤكد أنك ستفعله أحسن من أي فرد آخر. إذا اخترت شيئاً جديراً بأن تفعله، فلا تدعه أبداً، وحاول  ألا تخذل أحداً"

         السير هارولد كروتو – الحائز علي جائزة نوبل في الكيمياء عام 1996م

 

 بهذه الوصفة السهلة، الممتنعة، اختتم البروفسير سير هارولد كروتو– الحائز علي جائزة نوبل في الكيمياء عام 1996م – سيرته الذاتية (Autobiography) التي كتبها في وقت تسلمه للجائزة، والتي نشرت لاحقاً في سلسلة كتاب الجائزين على جائزة نوبل. وهو هنا يصف لنا بكل الصدق، والأمانة، كيف حصل على الجائزة الأعظم في علم الكيمياء، وكما شهدت عليها أنا، إبان إعدادي لرسالتي الماجستير، والدكتوراة، تحت إشرافه، في بواكير عقد الثمانينيات من القرن المنصرم.  ولكن قبل أن استرسل في هذه السيرة الشيقة، والملهمة (Inspiring)، دعني أرضي بعضاً من حب استطلاعك، الذي ضننت عليك به في الحلقة السابقة، والمتعلق بعلاقة عنوان هذه المقالات، والتنافسية المستدامة، وسر اهتمامي، أنا شخصياً، بهذه المزاوجة السحرية بينهما، ضمن فعاليات منتدى التنافسية الدولي الرابع الذي عقد بالرياض في خواتيم يناير الماضي.

 في إحدى رسائله الإلكترونية، أبلغني السير كروتو بأنه قد قبل دعوة الهيئة العامة للاستثمار السعودية للاشتراك في منتدى التنافسية الدولي ليتحدث حول: إعداد الجيل القادم من الحائزين على جائزة نوبل، باعتباره مكوناً أساسياً لأي تنافسية مستدامة، والتي تتحقق بالتكامل، والتنسيق، والربط بين العلوم، والمجتمع، والاستدامة. ومن ثم دعاني، لحضور هذه التظاهرة الهامة، ضمن الضيوف المسموح لحاملي جائزة نوبل دعوتهم. مكنتنا هذه المكرمة "النوبلية" من التسجيل للمنتدى مجاناً (Complimentary) في حين كان يستوجب ذلك أن أدفع ألف وخمسمائة دولار أمريكي نقداً، وعداً. ليس ذلك فحسب، فقد تم استضافتي، معه،  بفندق فور سيزون (Four Seasons) ذي الخمس نجوم – سكن، وإعاشة بالكامل – (Full board) ، دون أن أدفع مليماً واحداً؛ وتقدر التكلفة الكلية لذلك بحوالي ألفين وخمسمائة دولار أمريكي. كما تفضلت جامعة الملك عبد العزيز – حيث أعمل أستاذاً مشاركاً - بدفع تكاليف تذاكر السفر بالطيران: جدة – الرياض – جدة على الدرجة الأولى (486 دولار أمريكي). أسوق ذلك، لأقارنه بما حدث لي عندما دعاني سير كروتو نفسه عام 1997م، لقضاء فترة ثلاثة أشهر بمعمله، كزميل باحث، بجامعة سسكس ببريطانيا؛ في فرصة عظيمة، ونادرة، قل ما تتحقق لأحد بأن يعمل باحثاً بمعمل أحد حملة جائزة نوبل، وبما في ذلك أيضاً من شرف عظيم لجامعة الخرطوم بمساهمة أحد منسوبيها في آخر الاكتشافات العلمية حداثة  (Cutting Edge Research)؛ ودون أن أدفع قرشاً واحداً، للسكن، والإعاشة، وكل ما كان على توفيره هو تذاكر السفر: الخرطوم – لندن – الخرطوم. دبجت مشروع البحث المتفق عليه مع سير كروتو، والذي كان من المأمول أن  يستولد معملاً لأبحاث التقنية النانومترية (Nanotechnology) بجامعة الخرطوم - ربما كان سيكون أول المعامل من نوعه على نطاق أفريقيا والشرق الأوسط - وحملته شخصياً إلي المسؤول عن البحث العلمي بجامعة الخرطوم :البروفسير الزبير بشير طه، نائب مدير الجامعة، آنئذ،  في معية خطاب، موصياً فيه بشدة من قبل البروفسير عبد الملك محمد عبد الرحمن، عميد كلية العلوم، وكنت نائباً له، وقتئذ؛ أوضحت فيه الفوائد التي تجنيها الجامعة من لدن هذا التعاون، وطلبت في خواتيمه تمويل الجامعة لتكاليف تذاكر السفر إلي لندن والعودة. ردني السيد نائب المدير، آنئذ، خائباً على عقبي، بابلاغي بأن الجامعة قد أوقفت تمويل تذاكر الطيران للمؤتمرات، والأبحاث بالخارج. لم يسمح لي وضعي الاقتصادي وقتها بدفع تكاليف التذاكر على نفقتي الخاصة، فضاعت علي وعلى الجامعة فرصة لا تعوض أبداً. ليس ذلك فحسب بل أن سكرتارية سير كروتو قد طالبتني بدفع مبلغ 748 جنيه استرليني، وهي عبارة عن تكاليف السكن، والاعاشة، لمدة اسبوعين، ريثما وجدوا شخصاً يسد المكان المخصص لي منذ عدة شهور؛ فقام السير كروتو بدفعها لاحقاً من جيبه الخاص، بعد أن أبلغته بأنني لا أملك من خشاش الأرض شيئاً. لقد تخلت الجامعة في عهود الظلام تلك، عن أهم، وأعظم واجباتها المتمثلة في التواصل مع مؤسسات البحث العلمي العالمية؛ في حين أننا كنا نعلم بأنها كانت تمول تذاكر الطيران إلى الأراضي المقدسة كل عام بغرض أداء فريضة الحج لمنسوبيها من الأساتذة، والموظفين، والعمال البررة؛ وهي كما نعلم فريضة لا يتوجب على المسلم القيام بها إلا بعد توافر شرط الاستطاعة المتمثل في الحيازة الشخصية للتكلفة المالية الكافية لأدائها. في تقديري أن رفض السيد نائب مدير الجامعة، آنئذ، إجابة طلبي، الذي يندرج تحت أولى أولويات الجامعة، يستند على التضيق على كل من ليس على هواهم سياسياً، بالحيلولة دون أن يرتقوا أي مراتب أكاديمية عليا، وفي نفس الوقت إفساح مجال الترقي للعصبة المتنفذة، بالحق، أو الباطل، كما شهدنا في ترقيات بعض أعضاء هيئة التدريس بإدارة مطلوبات الجامعة.

 لقد تطرقت لحادثة تخلي الجامعة عن أهم أهدافها، والاهتمام بأمور لا تمت لرسالتها بصلة، في المحاضرة التي وقفت عليها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وبحضور الدكتور مبارك المجذوب، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، آنئذ، ليخاطبها البروفسير أسامة عوض الكريم – كبير مستشاري العلوم والتكنولوجيا، بوزارة الخارجية الأمريكية، وعضو هيئة التدريس السابق بجامعة الخرطوم – في إطار استجداء الوزارة للحكومة الأمريكية، كي تنشأ معملاً للتقنية النانومترية بالسودان. فذكرت بأنني قبل أكثر من عشر سنوات، قد نشرت ورقة علمية عن هذه التقنية الحديثة، في إحدى الدوريات العلمية العالمية المرموقة، وبالتحديد مجلة رسائل الفيزياء الكيميائية (Chemical Physics Letters)، وبجهود مالية شخصية، إبان إعارتي بالجماهيرية الليبية؛ وبعد أن عدت إلي السودان، واصلت تلك الجهود، فكانت جامعة الخرطوم على وشك إرساء دعائم ذلك المعمل، قبل أكثر من عقد من الزمان، لو لم تعمها سياسة التمكين، التي أضرت بالبلاد في شتى المجالات. رد الوزير، آنذاك، بأن إمكانات البلاد الآن تسمح بتمويل حضور المؤتمرات، والبحوث الخارجية، بالاضافة إلي أداء فريضة الحج. لك أن تتخيل، عزيزي القارئ، إصرار أهل المشروع الحضاري على الفساد، والإفساد، وغير عابئين بأثرهما السلبي، على أقل تقدير، على التعاون العلمي مع العالم المتحضر، والذي أصبح يفضل التعاون مع الأفراد، وليس مع الحكومة، نظراً لسجلها الغارق في مستنقع الفساد الآسن. المدلول الآخر للحادثة، هو أن أي تقدم، ورفعة للبلاد يجب أن يأتيا على هواهم، وفي الوقت الذي يحددونه هم، وبواسطة من يرضون عنه سياسياً؛ وإلا فلتذهب البلاد، بأهلها، إلي الجحيم.

أسمح لي، عزيزي القارئ، أن أنتشلك من أحداث التخذيل، والخذلان هذه، إلي رحاب الإمتاع العلمي، عبر التفكير الحر (Free-thinking)، الذي عبر عنه سير كروتو في خواتيم سيرته الذاتية "النوبلية"، - إفتتاحية هذا الجزء من المقالات - والتي سوف استعرضها بشيء من التفصيل، علها تلقي حجراً في بركة البحوث في العلوم الأساسية الراكدة في بلادنا.

   سير كروتو هو كيميائي بريطاني، حاز مع ريتشارد اسمولي، وروبرت كيرل الأصغر، على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1996م، لاكتشافهم المشترك لمركبات الكربون المعروفة باسم الفلورين .(Fullerene) كرمته الملكة باعطائه لقب فارس (Knight) المملكة البريطانية، في فاتحة عامه "النوبلي"(Laureate Year) .

  ولد هارولد وولتر كروتوشناير في ويسبيش بمقاطعة كيمبريدجشير عام 1939م، لأبوين ألمانيين، هربا من برلين إلى بريطانيا، نظراً لان والده كان يهودياً. إنتقلت عائلته بعد مولده بقليل إلي مقاطعة لانكشير، حيث التحق هارولد "الطفل بالاسم المضحك" بمدرسة بولتون. في عام 1955م اختصرت العائلة اسمها إلى كروتو. لقد ساعد هارولد والده في مصنع لعب البالون، كما أحب، واقتنى، كطفل جهاز "مكانو" (Meccano Set) – هاتان المحطتان كانتا بمثابة الأرض الخصبة لعالم يتبرعم (Budding Scientist). كما كان شغوفاً بالعلوم، وخاصة دروس الكيمياء، والفنون. التحق بجامعة شيفيلد عام 1958م، استجابة لرغبة، ومقترح مدرسه في مادة الكيمياء. لعب هارولد لفريق الجامعة للتنس، ليصير في نهاية مشواره الجامعي رئيساً لمجلس الألعاب الرياضية. شغل كروتو كذلك منصب محرر الفنون بمجلة "سهام" الطلابية، فقام بإعداد أغلفتها، وملصقاتها، كما صمم أغلفة كتب عديدة حازت على جوائز. تزوج عام 1963م من مارغريت هنتر، ولهما ولدان: استيف، وديفيد. نعمت أنا وأسرتي باستضافة هذه الأسرة الكريمة لنا لمدة ثلاثة أيام خلال زيارتنا لبريطانيا في صيف عام 1995م.

 بالرغم من الأنشطة اللاصفية الكثيرة التي كان يمارسها كروتو إبان فترة المرحلة الجامعية، إلا أنه وجد وقتاً كافياً للدراسة، مما مكنه من احراز بكالريوس الشرف من الدرجة الأولى عام 1961م، ومن ثم درجة الدكتوراة عام 1964م. تضمنت بحوثه لما بعد الدكتوراة الأطياف الإلكترونية عالية الاستبانة للشقائق الحرة. أما بحوثه غير المنشورة في مركبات شبه أوكسيد الكربون (Carbon Suboxide)، في ذلك الوقت، قد استهلت اهتمامه العام  بتحضير، وبنية المركبات الخطية  لسلاسل ذرات الكربون، ودراسة سلوكها الديناميكي. بعد إنفاذه لبحوث ما بعد الدكتوراة في كندا، والولايات المتحدة الأمريكية، انضم لأعضاء هيئة التدريس بجامعة سسكس عام 1967م، فصار أستاذاً (Full Professor) عام 1985م، وأستاذاً باحثاً بالجمعية الملكية في الفترة: 1991 – 2001م. استمر في عمله البحثي بالمركبات غير المستقرة، وبتعاون مع زميله ديفيد وولتون – خبير المركبات عديدة الروابط غير المشبعة (Polyynes)- فبدأ دراسة مفصلة لسلاسل الكربون، قادت مباشرة لبرنامج علم فلك راديوي (Radioastronomy)، والذي كشف النقاب عن نتائج غير متوقعة بوجود هذه المركبات في الحيز بين-النجمي (Interstellar Space)، والغاز المنبعث من النجوم الكربونية. تتميز النجوم الكربونية بارتفاع درجة الحرارة والضغط ، كظروفين ملائمين لتكون مركبات الكربون غير المستقرة، والتي ما تلبث أن تنتقل إلي الحيز بين-النجمي حيث درجة الحرارة والضغط المنخفضين، فتتحقق الظروف المناسبة لاستقرارها. لقد ساهمت أنا شخصياً في هذا البرنامج بتصنيع مركبات جديدة ذات روابط عديدة، وغير مشبعة، بالمعمل في عام 1984م، فأثبت علم الفلك الراديوي، لاحقاً، وجودها في الحيز بين-النجمي.

اهتم سير كروتو، لدرجة الهوس، بفكرة محاكاة ظروف درجة الحرارة والضغط العاليين في النجوم الكربونية، بغرض إنتاج مركبات سلاسل الكربون غير المشبعة، وغير المستقرة، ما تلبث أن تستقر إذا ما هيأ لها الظروف الملائمة. وهو كما ترى، عزيزي القارئ، مشروع لبحث في العلوم الأساسية، يهدف في الأساس للإمتاع العلمي، مع الإصرار على مواصلة سبر أغوار نتائجه المتوقعة، وغير المتوقعة، على حد سواء. هكذا تتم الاختراقات العلمية العظيمة، وليس بالاهتمام بالأبحاث التطبيقية، كما يعتقد البعض في الوسط الأكاديمي.

   لم تتوفر الأجهزة التي تمكن سير كروتو من إنفاذ فكرته، بالمملكة المتحدة، فانتقل إلى معمل ريتشارد اسمولي في جامعة رايس بالولايات المتحدة الأمريكية، بتحريض من روبرت كيرل الذي أدرك فجأة أن اسمولي يمتلك جهاز تبخير حزمة ليزر عنقودية (Laser Vaporization Cluster Beam) بارع، يمكن أن يحاكي كيمياء الكربون، في الغاز حول النجوم الكربونية. لقد نفذت التجربة التي اقترحها في بداية سبتمبر 1985م – كنا نعتقد نحن طلابه حينها بأنه غير مهتم بنا، وأنه يجري وراء السراب - فأنتجت ليس فقط سلاسل الكربون المتوقعة، ولن أيضاً مركباً أجوف، وكروي، غير متوقع البتة، يحوي 60 ذرة كربون مترابطة ببعض، كما في نمط كرة القدم الحديثة التي تضم 12 خماسي، 20 سداسي، متشابهة تماماً. استهوته تلك النتيجة المذهلة، فأهمل المركبات التي كان يبحث عنها، واتجه بكلياته نحوهذا الطارق الغريب، فأطلق عليه اسم بكمنسترفلورين (Buckminsterfullerene)، عرفاناً للمعماري الأمريكي بكمنسترفولر (Buckminster Fuller)، مصمم مباني القبة الجيوديسية، لما كان لأفكاره من أثر بالغ في الوصول للبنية المحتملة لهذا المركب. لابد أن أذكر في هذا المقام، أننا حضرنا بمعية سير كروتو فعاليات المؤتمر العالمي للمطيافية الجزيئية عالية الاستبانة بريكيوني (إيطاليا) في سبتمبر 1985م، وكان عائداً لتوه من أمريكا بعد أن أجري التجربة، ونشر نتائجها؛ فطلب أن يسمح له منظمو المؤتمر بخمس دقائق ليطلع المؤتمرين على اختراقاته الجبارة؛ فبعد لأي أعطي ثلاث دقائق فقط، وسط تذمر واضح من الجمهور، باعتبار أن الموضوع لا يدخل ضمن اختصاصات المؤتمر. الأمر الآخر المهم هو أن التقنيات التي استخدمت في هذه التجربة – المطيافية الكتلية (Mass Spectroscopy)، لا تمكن بأي حال من الأحوال من التحديد القاطع لبنية هذه المركب، ولذا كانت البنية المقترحة له، ونشرت بمجلة الطبيعة (Nature) في الورقة التي نالت، نسبياً، أكبر قدر من الاستشهاد؛ هي مجرد بنية تخمينية (speculative)، ولذا كان سير كروتو مهموماً بقضيتين: الأولى، ماذا لو أثبت العلماء خطأ هذه البنية؟  فذكر بأنه في أحيان كثيرة يصحو من منامه مذعوراً بسبب هذا الهاجس، وأنه صار يفكر في الانتحار حال حدوثه؛ أما القضية الأخرى فهي أنه كان يعمل، ليل نهار، للإثبات القاطع لهذه البنية بنفسه، وقبل أن يسبقه إليه أحد، وذلك بواسطة مطيافية الرنين المغناطيسي النووي (NMR Spectroscopy)، التي تعطي خطاً واحداً نظراً للتماثل الكامل لكل ذرات الكربون بالمركب. ولكن الوصول لهذا الهدف دونه خرط القتاد؛ إذ يستوجب ذلك تحضير كمية نقية، ومعقولة من المركب، وهو أمر لم يعد ميسوراً في ذلك الوقت. ولكن بعد حوالي سبع سنوات استطاع سير كروتو إثبات البنية المقترحة، وذلك بحصوله على طيف الرنين المغناطيسي النووي ذي الخط الواحد، لينام غرير العين هانيها؛ وليدعم لقبه"كروتو الخط الواحد"(One Line Kroto)، الذي أطلق عليه عندما تمكن من التعرف على مركب جديد من خلال خط واحد في طيف الموجات الدقيقة له. انطلقت إثر ذلك الدراسات العديدة في الفلورينات، وانفتح الباب واسعاً أمام التقنية النانومترية باستخداماتها المتعددة في العلوم، والطب، والهندسة، والزراعة، غيرها من مجالات البحث العلمي الأخرى؛ مما أهله لنيل الجائزة الأسمى في الوسط العلمي.

  أختم هذا الجزء بالمغزى من التعرض بالتفصيل للسيرة الذاتية للسير كروتو بالآتي:

1-كل التجارب العلمية تعطي نتائج "موجبة"، ولذا ليس من الحكمة التخلي عن سبر أغوار أي تجربة لمجرد أنها لم تعط النتائج المتوقعة.

2-الأبحاث في العلوم الأساسية، والمبنية على التفكير الحر، دون الوضع في الاعتبار لأي استخدامات عملية لنتائجها، هي التي تقود إلى الاختراقات العظيمة في التقدم العلمي والتكنولوجي؛ فتحدث نهضة صناعية ذات قيمة عالية؛ الأمر الذي يفضي إلي تنافسية مستدامة.   

                                   وإلى اللقاء في الحلقة القادمة؛؛؛؛؛

 

                              *عميد كلية العلوم بجامعة الخرطوم السابق

osman30 i [osman30i@hotmail.com]

 

آراء