لست عضوا بالمؤتمر الوطني ولكني سأصوت له في الانتخابات! … بقلم: د. محمد وقيع الله
14 February, 2010
mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]
لست عضوا بالمؤتمر الوطني ولكني سأصوت له في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة إن شاء الله. وذلك لأنه الحزب الوحيد الذي حرص ويحرص على إجراء الانتخابات، وإتمامها في موعدها، بلا تأخير، التزاما بما وعدت به الحكومة في مواثيق نيفاشا، وتعهدت بتنفيذه في حينه المحدد، بلا تعجيل أو تأجيل.
هذا في حين أبدت معظم، إن لم أقل جميع الأحزاب السودانية، وشبه السودانية، الأخرى، ارتباكا، وترددا، وإحجاما، ومحاولات مستميتة للتهرب، والإجفال، من الاستحقاق الانتخابي الواجب المستحق.
وهذه الأحزاب هي التي كانت ما تزال إلى حين قريب، تنعق، وتنوح، وتعلي عقائرها بطلب استرداد المستحق الانتخابي الديمقراطي المنشود.
ولكن ما أن آن أوان هذا الاستحقاق الانتخابي الديمقراطي، الحق، المستحق، حتى ارتعشت هذه الهياكل الحزبية الخائرة، واقشعرت، واضطربت، وأدبرت، مفتعلة شتى العلل، وملفقة شتى المعاذير، لتبرير التسلل من يوم الوزن الانتخابي الديمقراطي الوشيك.
وبدا أكثر من غريب لافت أن زعيم الحزب الذي يفترض أن يكون أكبر الأحزاب السودانية، وأكثرها ترحيبا بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها، هو أكثرها فَرَقَاً، وتهرباً، وتفلتاً منها، ولَوَاذاً بعوالم الأماني وملاذات الخيال.
طفق هذا الزعيم الطائفي منذ شهور يقلب أنماطا متباينة من الحيل الزائفة، يرجو بتمحلها تأجيل الانتخابات، إلى أجل غير محدد، وذلك من مثل مزاعمه باستحالة إجراء التعداد السكاني، واستحالة عودة اللاجئين السودانيين من دول الجوار، واستحالة توطيد الأمن في إقليم دار فور .. وهلم جرا شديدا من مثل هذه التعلات المنتحلات، والمعاذير التي لا تعذر من أُنذر منذ زمان كاف، بقيام الانتخابات، ولم يتخذ لأمرها شيئا من أُهبة الجد.
ورغم تمادي هذا الزعيم الطائفي في ترديد ما لبث يقوله من زيف، إلا أن الإنقاذ الماجدة أقدمت بجسارتها على تنفيذ التعداد السكاني، وإكماله بصورة علمية، مثالية، شفافة، مشرفة، شهد العالم أجمع بدقتها ومصداقيتها.
ومضت دولة الإنقاذ الواثقة قدما، فأنشأت المفوضية القومية للانتخابات، وهي مفوضية نزيهة، قوامها أشخاص قوميون، خبراء، أمناء، لا تحوم حول حماهم أدنى شبهات.
وتمت بنجاح فائق مهمة تقسيم الدوائر الانتخابية, كما تمت بنجاح (أفوق) مهمة تسجيل الأصوات الانتخابية، وتصفيتها، وتنقيتها، عبر الطعون والانتقادات.
ثم فتح باب الترشيح، فبانت به معالم جديدة، من معالم الجد، والتوجه الذي لا تراجع عنه.
وهنالك فقط تيقظ المتهربون من استحقاقات الانتخابات وانتبهوا، وحزموا أمرهم، بعد أن تأكد لهم تماما ألا مهرب منها ولا ملاذ، فجاؤوا يتلكأؤون ليشاركوا فيها وهم يسخطون.
وتجاوزت الإنقاذ بتلك الخطوة الكبرى مرحلة أخرى، من مراحل التردد، والتشكك، والتشكيك، وحملت الجميع على محمل الجد الواجب، والمشاركة المفروضة في الحراك الانتخابي القادم، مهما تكن نتائجه، سلبا أو إيجابا.
وتخطت الإنقاذ مرحلة الشغب، والتهريج، والضجيج، والتشويش، الحزبي، الذي كانت من أواخر فصوله المسئمة مسرحية تجمع أحزاب الشقاق، وأرباب النفاق، وشذاذ الآفاق، في حلف جوبا، الذي باد الآن، وغاب عن الآماق.
وبعزمها الوطيد الراسخ، واستعداداتها الأمنية العظمى، واجهت دولة الإنقاذ محاولات تحرش وإجفال أخرى، وردتها على أدبارها، وتلكم هي المحاولات الصبيانية التي تمثلت في تظاهرات باقان، وتابعه عرمان، على شفا جرف هارٍِ قرب البرلمان، حيث بان لهما، ولكل من له عينان، ولكل شيوعي جبان، أن الجيش والشعب في الميدان.
وهكذا تمكنت دولة الإنقاذ، بقيادة حزبها الرائد المؤتمر الوطني، من تهيئة البلاد والعباد للانتخابات، وأكدت التزامها وعزمها الوطيد، على ضبط وكبت ورفت عناصر الفوضى والشغب، وإلزام أعداء الديمقراطية، من الحزبيين المهرجين، بورود هذا المورد الذي لابد أن يردوه.
هذا الحزب الحريص الحرص كله على إتباع النهج الانتخابي، بحسبانه النهج الأصح الأمثل، لتقرير الأوزان الانتخابية، لمختلف الفرقاء، الحزبيين، السودانيين، هو الحزب الجدير بأن أمنحه صوتي في الانتخابات القادمة، لأنه برهن جديا على أنه الحزب الوحيد الحريص على استقرار الوطن، وإتباع الطريقة السلمية لنقل السلطة، هذا بينما اتجهت الأحزاب الأخرى، السودانية وشبه السودانية، وما تزال تتجه إلى التآمر والتخابر مع القوى الأجنبية بغرض تمكينها من حكم البلاد.
وهذه الأحزاب المرتبطة بالأجنبي لو كان لها أدنى ثقة في المواطن السوداني، الأبي، الشريف، لما صخبت، ولجَّت، وتجأجت، وتلجلجت، حتى اضطرت إلى قبول النزال.
ولو كان لهذه الأحزاب المرتبطة بالخارج أدنى رغبة في خدمة المواطن السوداني، وتحقيق مطالبه، لما اتجهت أصلا إلى اتخاذ صفة العميل، ورهن مصالح الوطن للأجنبي الدخيل، الذي باتت تطلب عونه ونصرته، في مقابل ما تبذله له من ثروات الوطن ومقدراته إن جاءت للحكم.
وقد برهنت الأحداث طوال عقدين من الزمان أن الحزب السوداني الوحيد الذي لم يلجأ إلى الخارج أبدا، ونال كل سنده من الداخل وحسب، إنما هو حزب المؤتمر الوطني، فهو اسم على مسمى حقيقي صميم، إذن، ولهذا السبب - من ضمن أسباب أخرى - فإنه يستحق أن أمنحه صوتي يوم الانتخاب.