الشهيد بحر الدين ..الأمن والحانوتي
16 February, 2010
الحانوتي هو مهنة ذات دخل محترم في كل من أمريكا وأوروبا ، فهو يتكفل بدفن الميت وشراء لوازمه من تابوت وورود ، كما يقوم بدفع أجرة القسيس وسيارة الإسعاف من المشرحة إلى المقبرة ، كان مجرد ذكر كلمة الحانوتي يجعل جلدك يقشعر ويتملكك الخوف ، حتى جاء مصارع إسمه الأندر تيكر فقلب الأوضاع رأساً على عقب ، كان الجمهور يصفق له وهو يحمل التابوت على كتفه ، يبدو أن هذه المهنة سوف تكون من الحرف السودانية ، فبعد إعتقال الشهيد بحر الدين وتعذيبه حتى الموت هرعت قوات الأمن السودانية إلى المستشفى والمقبرة ، يطاردونك حتى وأنت في رحلتك الأخيرة للدار الآخرة ، طلبت قوات الأمن السودانية من أسرة الشهيد عدم دفن فقيدها في مقابر أحمد شرفي ، هذه المقبرة للفراعنة العظماء ، وعلى الموتى من أهل دارفور أن يبحثوا لهم عن مقبرة صغيرة تضم ما تبقى من رفاتهم ، لم يتم تكوين لجنة تحقيق والرد كان التجاهل ، وأمن الإنقاذ نقل معركته إلى أهل الشهيد ، ولم أحسب أنني سوف أعيش لزمن أرى فيه شرطتنا تطارد أهل الجنائز وتراقب عن كثب بيوت العزاء ، هذه نقلة نوعية و غير مسبوقة ، ومندور المهدي يهدد كل من واسى أسرة الشهيد ويعتبر ذلك إستغلالاً سيئاً للحدث ، هو يريد من أهل الميت أن يقولوا أن إبنهم مات بسبب الكلاب المتوحشة التي أستوردها أحد رجال الإنقاذ الذي جمع بين دراسة البيطرة وفنون التعذيب ، يريدهم أن يقولوا أن إبنهم لم يمت بسبب كلب أمن بشري تجري فيه دماء العنصرية والكراهية ، هذه هي الإنقاذ التي وصفها المرشح البشير بأنها لم تتغير أو تتبدل ، أنها إنقاذ فرفور وحمد الريح وقيقم ، إنها تحتاج للحانوتي ليقوم بدفن ما تبقى من مشروعها الحضاري ، سأل الجرو خاله جساس وهو يهم بقتله : دع إبنتك تطلب مني الإبقاء على حياتك ، فرد عليه جساس : لن أعيش حياةً بمنة من إبنتي ، هذا الأمر سبقتهم إليه قريش في غزوة أحد ، كانت هند بنت عتبة تنشد وتقول :
إن تقبلوا نعانق
ونفرش النمارق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
لكن هيهات أن تعيد الجهوية الملك حتى ولو قدمنا أمامنا النساء ،يقولون أنهم يعملون ليوم الحساب ، وأنهم لم يكذبوا علينا في حياتهم ، فنحن في عهد الحشاشين ، المرشح البشير بعد غزو حركة العدل والمساواة لأمدرمان قال أمام الحشود : نحن بعد اليوم لا بنعرف طالب ولا موظف إلا معتقل ..نحن ندفع لهم مصاريف الدراسة ويجو يقولو نحن عدل ومساواة " ، ربما نلاحظ في هذا الخطاب أن المرشح البشير قدم الطالب على الموظف ، بعضنا ظن أنها هوجة غضب وسوف تزول ، لأن عملية الغزو جرحت المرشح البشير في كبريائه ، فهو مشير في الجيش ويضع الأنواط العسكرية في كتفيه وصدره ، لكنه فشل في الدفاع عن أمدرمان ، تماماً كما حدث في الفاشر في عام 2003 فالمرشح البشير لن ينسى ثأراته بهذه السهولة ، فالطالب محمد بحر الدين هو من الذين توعدهم بالموت ، هذه سياسة نظام قائمة ضد أهل دارفور وليست حادث عرضي ، ولن يكون الأول أو الأخير ، أطلب من كل الذين اصابهم المرشح البشير باذى بأن يرفعوا قضايا تعويض ضده في الدول الغربية ، دعوا هذا الطاغية يدفع ثمن جرائمه واثامه قبل يوم الحساب ... لقد ورد في الإنجيل أن من عاش بالسيف مات به .
سارة عيسي