رجال الفكر في الإنقاذ وإسهامهم في حل المعضل الدار فوري … بقلم: محمد وقيع الله

 


 

 

 

حيا الله الأخ الأستاذ خالد موسى دفع الله مثال الدبلوماسي الوطني المهموم بقضايا الوطن غير المسكون بالمسائل المالية الشخصية ومسائل الرفاهية الأسرية التي تستولي على قلوب الدبلوماسيين الذين يتخذون وظائفهم أدوات لكسب الجاه والرزق ومعارج للتعالي على الشعب وتحقير همومه.

وما أكثر أفراد هذا الصنف البغيض من الدبلوماسيين في السودان على الخصوص وفي العالم العربي على العموم.

الدبلوماسي الرسالي:

عندما جاء خالد إلى واشنطون لم يأت مبعوثا للدفاع عن قضايا البلاد السياسية، فتلك مهمة غيره من الدبلوماسيين.

إنما جاء ليعمل قنصلا عاما للسفارة السودانية وهي مهمة إدارية ظل يسهر في مكتبه لأداء فروضها المتشعبة ومتطلباتها الكثيرة، ويدأب مع ذلك في حركة لا تهدأ ولا تخمد لمتابعة ما يدور في واشنطون من مباحثات واتصالات ومؤامرات ومؤتمرات تستهدف البلاد، فكان جيد الاطلاع على ما تنشره وسائط الإعلام الأمريكي، ملما بما يدور في ردهات الكونجرس و(دهاليزه) وامتداداته، مشاركا وأحيانا مقحما نفسه ولكن على الطريقة الديمقراطية وبالأسلوب المهذب في الندوات المغرضة التي تعدها هذه (اللوبيات) في الجامعات ومراكز البحوث عن جنوب السودان وغربه.

وشارك في كل عمل فكري إعلامي نظمته الجالية السودانية بفرجينيا، وفتح بتوجيه السفير الدكتور الخضر هارون أبواب السفارة السودانية للكل، حتى لأمثالي ممن لا يأبه بالسفارات ولا تأبه به، فتلقيت منه دعوة ذات مرة وذهبت إلى دار السفارة وتعرفت عليه وعرفت أنه يعرفني من كتبي، إذ أنه ناقشني أول لقاء لي به في موضوع أثرته في أحدها فأدركت لأول وهلة أنه مثقف قبل أن يكون سياسيا أو موظفا دبلوماسيا.

وهذا ما قلته لأفراد الجالية السودانية في لقاء لاحق عندما التقوا بأطيافهم السياسية المختلفة بدار السفارة فقلت لهم إن من حظنا أن الإنقاذ قد بعثت إلينا بمثقف لا بدبلوماسي.

تثقيف السياسيين الأميين:

وقد كان من حظ الإنقاذ أنها بعثت بمثقف دبلوماسي إلى واشنطون، ليعرف ما يدور فيها، ولا يكتفي بالسياحة في المغاني والتجول في المطاعم والمتاجر، مثقف يجيد الإنجليزية ويحب الاطلاع بها، ولذا ما صدر كتاب أو بحث أو مقال عن السودان ومشاكله من هناك أو من بريطانيا إلا واطلع عليه وأطلع عليه (غير الأميين) من المسؤولين السياسيين السودانيين وأوصى بما يستفاد منه وما ينبغي أن يتخذ حياله.

ولعل القراء الذين اطلعوا على مقاله الذي نشرته له (سودانايل) قبل أيام بخصوص زيارة سمسار السياسة المتجول الدجال الصهيوني المدعو جيري فاولر رئيس ما سمى زورا بتحالف إنقاذ دارفور  للخرطوم، قد اندهشوا لكثافة معرفته بأعمال هذا اللوبي وإدراكه العميق المسؤول لحجم قدراته الضاربة وخطر ممارساته شديدة التأثير على صناع قرار السياسة الخارجية الأمريكية تجاه السودان.

ومقاله هذا يجدر أن يكون مرجعا لممارسات هذا اللوبي شديد الضراوة والضرر ويا حبذا أن يعيد خالد فيه النظر ليوسعه ويوثقه بالمراجع اللازمة ليكون أكثر فائدة ونفعا للمهتمين بهذا الشأن الملتبس الذي علاه كثير من الغبش والغبار.

ونأمل أن تكون اهتمامات الدبلوماسي المفكر خالد قدوة صالحة لغيره من الدبلوماسيين الخاملين (المضبلنين) تستنهضهم لملاحقة الكتابات الأجنبية الصادرة حديثا عن السودان.

ونأمل أن توجه رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية الدبلوماسيين السودانيين لكي يهتموا بالشأن البحثي الفكري، فهو أمر شدَّ ما يفيد صناع القرار في السودان أولئك الغارقين في المحلية ولا يكاد أكثرهم يتبينون ما يدور في خارج البلاد ولا يتصورون وضع بلادنا في سياق القوة النسبية الدولية.

رجال الفكر في الإنقاذ هم حلَّالو العقد:

 فهذه غفلة يبددها أمثال هذا الدبلوماسي المقتدر ومعه إخوته وأساتذته من عظماء رجال الفكر في الإنقاذ، وهؤلاء هم الذين تمكنوا من حل أكثر العقد، فتمكنوا من حل معضل جنوب السودان ولو مؤقتا بإنفاذ اتفاق نيفاشا، وتمكنوا أمس من إنجاز اتفاق الدوحة الإطاري لحل المعضل الدارفوي نهائيا بإذن الله.

ولم يكن عجبا أن يتصدى لمعالجة هذا المعضل الدارفوري المُعيي إلا من تفتحت بصائرهم بالتأمل في المعطيات وملاحقة الأسباب والمسببات بالتحليل النافذ إلى الجذور، ولم يكن عجبا أن يتصدى لحل هذا المعضل الخطير هذا الشخص الزاهد في حطام الدنيا أخونا الصالح المصلح أمين حسن عمر فهو بحق أمين هذه الأمة نشهد له بذلك ولا نزكيه على الله ولا نزكي على الله سودانيا على الإطلاق.

ولم يكن عجبا أن يدير هذا الملف على رغم مشاغله الكثيرة أخونا الزاهد المصطبر المرابط غازي صلاح الدين، فهو الآخر أحد كبار مثقفي الحركة الإسلامية السودانية وأحد أبرز منظريها وأحد الذَادة الأباة المؤتمنين على حماها ومصالحها، وقد كان هو الجدير فعلا أن يصرح أمس لوسائط الإعلام أن السودان لن يدير حوارا مع واشنطون إلا وفق المصالح السودانية من دون تفريط فيها للأعداء المتآمرين الذين جربوا حتى أعياهم التجريب واستخدموا كل وسائل الضغط على بلادنا ولم تركع لهم الإنقاذ وفضحتهم في المنابر الدولية حتى انكشف عُوارهم فتسارعوا للتراجع عن الغي واستخدام أبشع أدوات التخريب والإرهاب والحصار ضد هذه البلاد.

ذخيرة وقدوة صالحة:

هذه الثلة الكريمة من النخبة السودانية الإنقاذية المفكرة هي بلا شك ذخيرة عظمى للبلاد وكم نرجو مخلصين أن تبقى قدوة طيبة صالحة تُحتذى وتنشأ على مثالها أجيال شبابية جديدة من السياسيين السودانيين الإسلاميين الوطنيين الإنقاذيين المتعمقين في قضايا الفكر والتأمل والبحث والعلم.

فبلادنا وهي تقطع هذه المشاوير المتطاولة في مضمار النهضة والرقي لا تحتمل أن يقودها سياسيون مغامرون (سبهلليون) متخبطون صلتهم منقطعة أو شبه منقطعة بمجالات الفكر والتصور والبحث، وإلا تردت في المهاوي والمعاطب وأحاط بها خصومها كما كادوا أن يفعلوا خلال السنوات السبع الماضية التي اشتعل فيه حريق دار فور الذي أذهل الجميع وأعياهم أمره حتى تصدى لإطفاء أُواره وإنقاذ البلاد من خسائره وتخليصها من عقابيله - بعون الله تعالى - أعيان مفكري الحركة الإسلامية ممن ذكرنا وممن لم نذكر من الإخوان المخلصين الأتقياء الأخفياء الذين عسى الله تعالى أن يذكرهم في ملأ خير منا.

mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]

 

آراء