الإنقاذ ثورة الجياع المتأسلمون

 


 

د. زاهد زيد
14 March, 2010

 

 

     ليس غريبا ان تجد المنتفعين واصحاب المصلحة الخاصة في كل حزب او جماعة , فقد فُطر الناس على حب الدنيا يقول المولي عزّ وجل 

" زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ."  صدق الله العظيم

     في الغالب يكون عدد هؤلاء قليلا في داخل حزبهم اوجماعتهم ولا يظهرون ما في انفسهم علنا, ولكن ان تجد حزبا او جماعة وصلت للسلطة جل اعضائها من اصحاب المصلحة الخاصة وان يتواطأواـ من كبار قادتهم الي صغارهم ـ علي مبدأ نهب المال العام وسرقة قوت الشعب في عملية منظمة ومتفق عليها وكأنها قانون بينهم فذلك ما لا تجده الا نادرا .

    النماذج من هذا النوع الأخير من الجماعات الناهبة للسلطة و الثروة قليلة فقد نجد ذاك في ماركس وزوجته في الفلبين التي كانت تملك في خزانتها آلآف من الاحذية والفساتين الغالية الاثمان من افخم بيوت الأزياء مثل كرستيان ديور . وشاه ايران الذي كان يعتبر نفسه امبراطورا مقدسا وهو لا يسأل عن ما يفعل لا هو ولا من يعمل لصالحه .وبوكاسا البائس الذي نصّب نفسه امبراطورا ايضا في دولة الجياع وكلف عرشه الذي لم يجلس عليه طويلا نصف ميزانية البلد وانفق النصف الثاني في الاحتفال بتنصيبه ، انتهي امر الأولين بالبحث في ارجاء الدنيا الواسعة لقبر يواري سوآتهما ولم يجدا إلا عطف ابن خالتنا السادات ليقبلهما , اما الأخير فقد انتهى به المطاف "جرسونا" في احد مطاعم اوروبا .

    وقد نجد امثلة أخرى لأناس ضعاف النفوس ممن نشأوا في بيئة فقيرة معدمة قد يجدون انفسهم في موقع الحاكم او الوازرة  او الحراسة لمنشأة ما، فتأبي نفوسهم الضعيفة الا النزوع للتملك والغني الغيرمشروع ولايجدون في أنفسهم حرجا ولا رادعا من ضمير ولا بقية من دين تقيم شح انفسهم.

    معظم منتسبي الإنقاذ ومسئوليها اليوم كانوا أعضاء في الجماعة الإسلامية التي كان زعيمها د.الترابي وقد عمدت هذه الجماعةـ منذ بداية انشائها لتجنيد أعضائها ـ على التركيزعلى موضوع الدين ونصرته وماهو معروف من مبادئهم التي اصبحت فيما بعد شعارات فقط . وقد كان تركيزهم في تجنيد اعضائهم على فئات النابهين من الطلاب الفقراء ـ على وجه الخصوص ـ من ابناء المزارعين والعمال وصغارالموظفين وابناء القرى ذوي الآصول الصوفية وذلك لأسباب ثلاثة اولها النشأة الدينية لهذه الفئة تتيح لهم السيطرة الفكرية عليهم وذلك باستغلال عاطفتهم الدينية وارثهم الصوفي القابل للانقياد للمرشد والإمام والاخلاص له اخلاصا أعمي, وثانيها الحالة الاقتصادية والاجتماعية المتدنية لهذه الفئة تتيح لهم مداعبة آمالهم العريضة في دولة إسلامية توفر لهم ما عجز آبآؤهم عن توفيره لهم ,و ثالثها صغر سن هؤلاء الطلاب وعدم نضجهم يتيح للقيادة حرية التوجيه لهم والسيطرة عليهم دون كبير عناء.

      لقد تمكن قادة هذه الجماعة من غسل عقول المنتسبين لهم وأدخلوا في نفوسهم ان الاستيلاء على الدولة يعني تسخير كل مواردها لخدمة الجماعة اولا ولا حرمة لمال عام لأنه مال الله الذي أورثهم له في ارضه  . كما لا حرمة لمعارض لأنه من يعارضهم انما يعارض شرع الله ومن ليس منهم فهو خارج عن الملة دمه وماله حلال وعرضه إن امكن, سمي ذلك ما شئت قتل المعارضين وسجنهم جهاد , واستباحة اموالهم غنيمة واستباحة اعراضهم سبى , وبالاجمال هم لا يرون في الآخرين الا كفارا يستحقون القتل حدا وما داموا هم القيمون على الدولة فالمال هو مال الجماعة فلا حرمة فيه ولا حق لأحد فيه .

لقد فتحت الجماعة لاعضائها المتعطشين للجاه والغنى خزائن الدولة ومكنت لهم احتكار كل شيئ من الوظائف والبنوك والشركات حتى المستشفيات الخاصة والجامعات والى الدكاكين في الاسواق , واعفتهم من كافة ما تفرضه من ضرائب وزكاة استخدمت لضرب المنافسين لهم .

    إن الإنقاذ ثورة لكنها ثورة جياع المتأسلمين ممن يعتقدون بالباطل ان الأرض وما عليها ملك لهم أورثها الله لهم ولا يحق لأحد ان ينازعهم فيها ويتقافذون فرحا وهم يتلون بفهم خاطئ قوله تعالى " وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ "                                          

    يتذكرون من تلك الآيتة الكريمة "وراثة الأرض" وينسون أنها لا تكون الا لعباد الله الصالحين ، أما الفاسدون الظالمون الآكلون اموال الناس بالباطل فلا يحق لهم غير القصاص عبرة لغيرهم وهو آت وان تأخر قليلا "اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ"

 ان خطورة الفكر المتأسلم الذي يحكمنا انه لا يعترف بأي حقوق للاخرين وانهم ما كانوا ليتنازلوا للاخرين إلا  مرغمين وفي نهاية المطاف لا يكون تنازلهم إلا تكتيكا فقط ومرحليا اما على الستوى الاستراتيجي فلا يوجد الآخر اصلا لتكون له حقوق يعطونها له.

 Zahd Zaid [zahdzaid@yahoo.com]

 

آراء