الدجاجة والبطة وأمواج البحر … بقلم: د . أحمد خير -واشنطن
25 March, 2010
يحكى أن كانت هناك دجاجة وبطة إختلفتا على قطعة من الجبن ، إحتد وطيس خلافهما ولم يكن هناك حلاً إلا بتدخل طرف ثالث . مر بجانبهما ثعلب وبدون مقدمات أقحم نفسه فى القضية موضحاً أن لديه الحل المناسب الذى سيرضى كل منهما ! جاء بميزان ووضع قطعة الجبن على كفة فمالت الكفة فأخذ ثلث القطعة ووضعها على الكفة الأخرى وهو يعلم مافعله فقال : كى تتساوى الكفة بالأخرى لابد وأن ننقص هذه وبدلا من وضع ما أخذه من الجبن على الكفة الغير راجحة وضع القطعة فى فمه وأكلها ! إستمر فى حيلته تلك إلى أن أكل آخر قطعة من الجبن وسط ذهول الدجاجة والبطة !
قصة الدجاجة والبطة والثعلب وقطعة الجبن هذه طبقت على أرض الواقع فى خلاف إستمر ثلاثون عاماً بين الهند وبنجلاديش على جزيرة " نيوموور " فى خليج البنجاب ، حيث كانت تدعى كل من الهند وبنجلاديش ملكيتها للجزيرة ، إلى أن قضى الله أمرا كان مفعولا . لقد إرتفع منسوب البحر وغمر الجزيرة بكاملها ، فأصبحت فى خبر كان ! وكما تقول الأنباء أن مالم تتمكن كل من الهند وبنجلاديش من تحقيقه خلال أعوام طويلة من المفاوضات قد تم تحقيقة بواسطة أمواج البحر وذلك بفضل الإحتباس الحرارى !
قصة الدجاجة والبطة والهند وبنجلاديش أراها ماثلة أمامى فى الإنتخابات السودانية التى تدور حمى المنافسة بين أطرافها فى وقتنا الراهن حيث الجميع سيصل إلى خط النهاية فى أبريل القادم . فكل مرشح يغنى ويأتى بنفيس الدرر محاولاً تقديمه لهذا الشعب الذى ذاق الأمرين خلال عقدين ونيف من عمر الإنقاذ! المؤتمر الوطنى والمؤتمر الشعبى وكل المؤامرات " آسف " أعنى المؤتمرات الأخرى أو الأحزاب الأخرى تعمل جاهدة لإقناع الناخب بماتقدمه من برامج ! وكما هو معروف أن كل البرامج تقوم على وعود يؤكد كل حزب من خلالها لهذا الشعب بأنه وحده دون غيره القادر على تقويم الإقتصاد وإيجاد الوظائف وتقسيم الثرة وتوفير الخدمات من صحة وتعليم ورعاية إجتماعية ...الخ ! أى أن على يد ذلك الحزب ستتحقق دولة الرفاهية!
لم يخرج علينا أحد من المرشحين ليقول لنا علانية أن حزبه إذا حاز على الأغلبية سيكون الحكومة منفرداً ويلعن سلسفيل أجداد كل أهل السودان من أقصاه إلى أدناه! لم يقل أحدهم الحقيقة التى تقول بأن كل من وصل إل سدة الحكم ، عسكريا كان أم مدنيا لم يحقق شيئا غير وعود فى وعود فى وعود! والدليل على ما أقول بأن الجميع يحاول خداع هذ الشعب المغلوب على أمره ، أن إحدى القنوات الفضائية تقوم فى كل يوم بتقديم أحد المرشحين للرئآىسة فى السودان فى حلقة " ضيف المنتصف " وتطرح سؤالاً محددأً: إذا فزتم بالرئاسة ، هل ستسلمون البشير " الرئيس سابقا " إلى المحكمة الجنائية ؟ لم يقل واحد منهم بأنه سيسلمه! البعض أجاب مباشرة بأن البشير مواطن سودانى ولايمكن أن تقوم الدولة بتسليم مواطنيها لجهة خارجية " بالرغم من أن المذيع قد أوضح بأن ليبيا قد فعلت.. وغيرها أيضا" وقال البعض " لكل حدث حديث !" وأخذ البعض الآخر يتهته ولم يتمكن من تحديد رأيه ! بينما قال أحدهم: يا أخى أنا ما الإنتربول !
النفاق ومايفقع المرارة أنه كانت هناك أصواتاً قبل فترة قليلة تطالب البشير بتسليم نفسه للمحكمة ! أين ذهبت تلك الأصوات ؟! أنا لا أطالب بتسليم الرئيس أو المواطن البشير ولا أى مواطن آخر لأية جهة خارجية ، ولكن أما من أحد من المرشحين سبق له أن طالب البشير بتسليم نفسه لمحكمة الجنايات فى لاهاى ؟! أم أن خطاب الإنتخابات يختلف عن الخطابات الأخرى ، حتى وإن كان المخاطب فى كل الأحوال هو الشعب السودانى؟!
أخاف أن يستمر الخداع والنفاق بين المترشحين للرئآسة فيقوم أحد المغامرين بإنقلاب عسكرى ! إذا كان البحر قد أخذ على عاتقه حل قضية جزيرة نيوموور المتنازع عليها بين الهند وبنجلاديش فهل يتمكن نهر النيل من القيام بنفس الدور فيريح الجميع ؟! آه ، علينا أن ننتظر حتى موسم الخريف !
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]