كفى احراجا (سيادة الرئيس)! … بقلم: د. زاهد زيد
29 March, 2010
قرأت كغيري من الناس ما قاله (الرئيس) البشير في شرق النيل معقل الصوفية في سياق ما قيل انه حملته الانتخابية ولم أفاجأ ولم( أندهش) كما تفاجأ و( أندهش) الكثيرون ذلك أنني أيقنت ومن مدة طويلة أن الرئيس فقد البوصلة التي تحدد مساره كما فقد ارتباطه بالناس حسيا ومعنويا فأصبح في وادٍ والناس في وادٍ آخر أما ما يدعوا للدهشة عند الكثيرين فهو قدرته على هضم التناقض الذي يعيش فيه وقدرته على التعايش مع الأوهام التي يقولها ويبني عليها حججه! ولتبيان ذلك وحتى لا نتعجب أكثر دعونا نناقش أقواله في ذاك المحفل:
اشتمل خطاب (الرئيس) على ثلاث نقاط أساسية وهي مسألة تأجيل الانتخابات ومجانية التعليم ومتفرقات انتخابية من قُبِيل كسب عواطف الناس وطبعا أصواتهم الانتخابية وهذه النقطة الأخيرة لن تكون موضع نقاشنا لأنها هرطقة تسببها حمى الانتخابات وليس على المحموم من حرج .
أما كلام (الرئيس) عن تأجيل الانتخابات وأنهم لن يؤجلوها ولو انقلبت الدنيا كلام يناقض أقواله بحرية مفوضية الانتخابات فهلا ترك (الرئيس) لها القرار لتحدد ما تراه ؟ أليس هذا تدخلا بل قرارا أتخذه المؤتمر الوطني ودهاقنه قبل أن تصدر المفوضية قرارها ؟ ولم لا تؤجل الانتخابات؟ اذا كان (الرئيس) يدعي أن الأحزاب خائفة من قيامالانتخابات في موعدها فهو وحزبه أشد خوفا من تأجيلها .هذا الاصرار على قيام الانتخابات في موعدها يدل دلالة واضحة على خوفه هو من فساد طبخة التزويروفوحان رائحتها إذا لم تؤكل في حينها؟
اذا كنتَ أيها (الرئيس) واثقا من الفوز ونزاهة الانتخابات فما الذي يرعبك من مجرد التأجيل؟
أما النقطة الثانية فهي محاولة (الرئيس) البائسة لتجميل التشويه الذي أصاب التعليم على يدي نظامه الذي حوله إلي اقطاعية خاصة لسدنة نظامه ممن لا يعلمون من التعليم غير ملء جيوبهم لاغير . وتربط هذه النقطة بما ذهب اليه (سيادته) من انه لم تكن هناك مجانية ولايحزنون ويريدنا نحن الذين تعلمنا في مدارس وجامعات الحكومة أن نصدق انه درس وتعلم من قدح (المونة) , وأقول أنني من الابتدائية حتى نلت الماجستير لم ينفق على أبي رحمه الله ربع ما انفقته أنا على ابني الذي لم يكمل مرحلة الأساس. بل يعلم كل من درس في جامعة الخرطوم وجامعة الجزيرة وجوبا عندما كانت( جامعات حكومية بحق) أنهم لم يدفعوا مليما واحدا من جيوب أهلهم بل ولاحتى أولئك الزملاء الذين درسوا في البعثات الخارجية في مصر والمغرب وسوريا وغيرها لم يدرسوا على نفقتهم ؟ وهل درس أخوه الطبيب (عبدالله) في مصر بالمال الذي كان يرسله له (سيادته) من قدح المونة ؟؟
ولعل (سيادته) في غمرة حماسته وفورته نسي أن كلامه عن فقر أسرته واضطراره لحمل قدح المونة يبين بجلاء الطريقة التي أثرت بها أسرته الآن . فلو كان صادقا وأمينا لماذا يبين لنا وبنفس حماسه كيف وصلوا لما وصلوا له من قصور؟ وكافوري ليست بعيدة عن كوبر , وكيف امتلكوا الشركات والمصانع ؟ وركبوا السيارات المعدلة على حسب الطلب ؟ وكيف يتمكنون من السفر للمصايف كل صيف ؟ ولا مانع من الحج السنوي تكفيرا عن الذنوب واستعداد الخوض جولة العام الجديد في ملء الجيوب وجني مال السائب ؟ ولِمَ لا يكون سائبا ومن يفترض فيه الحارس لايزال يعيش في (غيبوبة قدح المونة) .
في كل مرة أسمع فيها (سيادته) أصل إلى نتيجة واحدة وهي أن هذا البلد عظيم يحكمه أقزام . أقزام في أحلامهم التي لا تتعدى أنفسهم و لم تدخل قلوبهم الصدئه الآية الكريمة"ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" وأقزام في تفكيرهم الذي لا يتعدى تفكير الصبية الصغار وصدق من قال:
إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
حاشية :
كنا ونحن طلاب ننعى على النميري لغته وخطاباته ولكن ما كنا ندري انه سيأتي علينا زامان أغبر تتدنى لغة الخطابة بمثل ما نسمع من خطابات (سيادته) !!! والله النميري أرحم فهو مع عثراته وأخطائه لم ينزل لمستوى لغة" الأحذية " و " قديد الإضنين "
طلب ونصيحة :
لم يطلب أحد من (سيادته) أن يكون سعد زغلول أو المحجوب أو بليغا أوصناجة السودان فذلك أبعد من المستحيل ولبن الطير اسهل منه , فقط نطلب منه ألا يحرجنا مع أنفسنا بأننا سمحنا لمثله أن يكون رئيسا لهذا البلد الطيب وألا يحرجنا مع العالم , يا مَنْ تتحلقون حول(سيادته) لِمْ لا تنصحونه بالسكوت إن كان لا يستطيع ان يتكلم الا بلغة " الأحذية " و " قديد الإضنين " .
Zahd Zaid [zahdzaid@yahoo.com]