انقلاب للبيع !! … بقلم: عبدالباقى الظافر
7 April, 2010
تراســـيم..
alzafir@hotmail.com
ظلّ الإمام الخميني قاصراً في صلاته طوال فترة منفاه الباريسي.. موقناً بالعودة الظافرة إلى إيران.. بينما الشاه رضا بهلوي.. كان يظن أنّ ملكه لن يبلى.. ولمّا قالت الجماهير كلمتها.. ولم يجد الشاه غير الهرب جواً.. بعد مفاوضات عسيرة أمّنت له ملجأ آمناً.. الشاه بين طيّات السحاب.. رأى الجموع الهادرة تخرّج للشوارع وتهتف ضده.. فسأل السلطان المخلوع أحد مرافقيه "هل كل هؤلاء الناس ضدي؟.
جعفر نميري ترك الخرطوم قبل نحو ربع قرن.. في طريقه إلى واشنطن مستشفياً.. ودعه على سلم الطائرة نائبه الأول عمر محمد الطيب.. وقائده العام الجنرال سوار الدهب.. لم يهتم الرئيس القائد لبوادر الثورة التي بدأت.. بمظاهرة هنا وهناك.. نميري المغرور.. صرّح للملأ وبعامية مفصحة "ما في واحد بيقدر يشيلني".. اندلعت الانتفاضة.. واجبرت الجماهير المشير سوار الدهب أن يعلن انحياز الجيش إلى الشعب.. وصل نميري إلى قاهرة المعز.. ليدرك حكمه المهدد في الخرطوم.. وقبل أن تلامس قدماه أرض المطار.. كان رجال المراسم المصرية يطوون البساط الأحمر.. كناية عن نهاية عهد ساد ثم باد.
ربما لم يقرأ المشير البشير هذه المشاهد جيداً.. وهو يخاطب حشداً جماهيرياً أمس الأول ويقول " لو ما قامت انتخابات برضو قاعدين فيها.. مافى زول بيقلع مننا.. وما في زول بيحركنا منها" من الممكن فهم هذه العبارات المتحدية من خلال الحملة الانتخابية.. وفي سياق حرب أعصاب تستهدف الخصوم لتنال من معنوياتهم.. ليرفعوا الراية البيضاء يوم النزال الانتخابي.. إلا أنّ هذه المفردات المستفزة لا يجب أن تأتي من الرجل الأول.. الذي ربما يختاره الناس رئيساً لكل الشعب.
دعوني أنقلكم إلى فقرة أخرى.. جاء من بين ثنايا حديث الرئيس شيء يحتاج إلى تفسير.. إذ قال الرئيس البشير"قبل عشرين سنة كان في ناس قاعدين.. وقلعناها منهم".. برر الرئيس حالة القلع هذه بأنّ البلاد كانت مهددة.. وهنا تبدو معالم الطامة الكبرى واضحة.. لأنّ السودان الأم مهدد أكثر من أي وقت مضى.. الوطن سيبتر ثلثه في فاتحة العام المقبل.. في دارفور ما بين كل اتفاق سلام وسلام .. هنالك حركة تمرد تولد.. وسقف مطالب الثوار يعلو ما بين يوم وآخر.. وتقرير المصير ليس بمستبعد. عندما تكون الدولة مهددة.. ليس العلاج في انقلاب إقصائي.. بل في وحدة جامعة.. الوحدة هي التي تهزم المهددات يا سيادة الرئيس. هذه الحكومة مطالبة بأن تحذف بأسرع ما تيسّر مصطلح الانقاذ من قاموسها الأدبي.. أما التصريح بحكاية الانقلاب تلك فيجب أن تعتبر جريمة تستوجب الكفّارة.