السيد /غريشن يرد على رسالة صديقه المنشورة في سودانايل ، ويواصل سرد إنطباعاته عن السودان
8 April, 2010
أخي الكريم ، قد قرأت رسالتك الموجهة إلى في موقع سودانايل ، وما أفجعني أنها لم تصلني بعد ، ويبدو أننا نُسرق من حيث لا ندري ، فنحن الذين أبتكرنا التكنولوجيا في بلادنا ثم نعجز عن حماية بريدنا من هؤلاء المتطفلين الدراويش ، أما كيف تسربت رسالتي لذلك الأكاديمي السوداني الذي يحمل شهاداة الدكتوراة ... والله ثلاثاً لا أعلم كيف ، فقد ترجمها وهو يستخدم أسلوب سلاطين باشا ، وهذا الرجل درسناه أيضاً في التاريخ الأمريكي ، هذه الرسالة حاولت إرسالها إليك عن طريق صندوق سفارتنا في الخرطوم ، لكنني علمت أنها سوف تتأخر ، حاولت الإتصال عليك لكن لم يكن في جوالي رصيد ، فالشبكة في السودان لا تزيد عن خطين فقط ، وعندما شحنت الجوال بالرصيد اللازم تعثرت شبكة الكهرباء ، فلم أتمكن من شحن جوالي بالكهرباء إلا بعد مرور ثلاثة أيام ، وبعد أن شحنته بالكهرباء وجدت أن رصيد جوالي قد سُرق لأن تاريخ صلاحية البطاقة كان يومين فقط ، فهناك فرق يوم بين شحن الرصيد وتغذية بطارية الجوال بالكهرباء ، وقد نصحني أحد السودانيين الكرماء بإرسال الرسالة عن طريق بريد الجمهورية السودانية ، بالفعل هذا الشعب شهم لأبعد الحدود ، تطوع هذا السوداني بإرسال رسالتي من المال الفائض من حملة " سيد الناس " الإنتخابية ، وقد أقسم هذا السوداني أمامي ثلاثة مرات بأنه لن يفتح المغلف ، والرابعة كانت الطلاق ، لكنه مع ذلك يبدو أنه تسلل باصابعه إلى الرسالة ، حيث تطوع بنشرها في المواقع الإلكترونية ، ويبدو أنه زور عنواني البريدي ، فقد وصلته رسالتك قبل أن تصلني ، ومهما حدث سوف أبلغ الرئيس أوباما بهذه التطورات وأنصحه بعدم إستخدام الرسائل البريدية ، بالمناسبة لقد عرفت من رسالتك أن مشروع " مروي " الذي أنشأه أصدقائنا الإنجليز أصبح في خبر كان ، ومن واجبي أن أطلعك أن هذا المشروع تم تغيير إسمه إلى سندس ، وقد رأيت يافتة عريضة تدلك عليه وأنت تتجه جنوب الخرطوم ، لكنني عندما حاولت رؤيته من قرب لم أرى إلا ثلاثة من أشجار الزينة يسمونها في السودان " البان " ، وقد رأيت كلباً يركض في فناء المشروع ، فشكرت الحكومة السودانية على إهتمامها بأمر الحيوانات المسكينة ، وقد طالبت الحكومة السودانية بإيقاف الحملة الإعلامية على الكلاب التي وصفوها " بالشرسة " ، وقد أستجابت الحكومة لطلبي ، هؤلاء الناس حساسين لأبعد الحدود ، وقد ورثوا من العرب الكرم الحاتمي ، ربما تذكر حاتم الطائي ، قد درسنا تاريخه في المستوى الأول كما تذكر ، لا أعرف كيف يسمي العرب هذا الشخص بالكريم وهو الذي يذبح حصانه ويطعمه لبعض المتوحشين ، هناك بون شاسع بيننا وبين هؤلاء الناس .
أتمنى ان لا تقع رسالتي هذه للمرة الثانية في يد ذلك اللص ، لكن لي ملاحظة عن كل من صديقنا البشير وغريمه الصادق المهدي ، وهي تعدد الزوجات ، هذه الثقافة لا تشبهنا على الإطلاق ، حتى أصدقاؤنا الجنوبيين يجارونهم في ذلك ، تتخيل يُمكن أن يتزوج أحدهم بعشرين إمراة !!!
بعد أن أعود لبلادي سالماً ونجاحي في مقصدي ، سوف أعد لك مفاجأة سوف تسعدك ، الخبرة التي تعلمتها في السودان تجعلني أضمن للحزب الديمقراطي الفوز في كل مقاعد مجلس الشيوخ والنواب ، ولا أعلم كيف كنا نصارع إخوتنا الجمهوريين طوال كل هذه السنوات في صناديق الإقتراع ، رفض صديقنا " سيد الناس " تزويدي بالوصفة السحرية التي سوف تمكنه من الفوز ، لأنه لا يأمن الناس في هذه الأيام ، لكنه وعدني بعد الفوز بأنه سوف يفضي لي بالسر الدفين ، فعقلية أصدقاؤنا السودانيين جبارة ، فصناعة الرئيس تبدأ من السجل الإنتخابي وليس من يوم الإقتراع ، مثل التلاعب بمكينة القمار في كازينوهات لاس فيغاس ، فمهما فعلت لن تستطيع سرقة الماكينة ، والكاسب هو صاحب الكازينو ، بالمناسبة أنا أكتب إليك وأنا أجلس في شرفة الفندق ، ولا أستطيع التطلع للسماء أو النظر للمراعي الخضراء في جزيرة توتي ، والسبب هو الملصقات الكبيرة " لسيد الناس " التي تزاحم عنان السماء ، سألته مرة لماذا هذه الدعاية المكلفة وأنت تعلم أنك فائز لا محالة ؟؟ فأجابني أن الله يحب أن يرى النعمة على عبده ، فهو إنسان ينتمي لقبيلة كبيرة لا تحب " الرخصة " ، فهناك مثل سوداني يقول : الغالي بغلاتو يذوقك حلاتو ... والرخيص برخصتو يذوقك مغصتو "
أنا أكتب إليك هذه الرسالة وأنا أستخدم ضوء الجوال الخافت ، ربما تسألني أين كهرباء سد مروي ؟؟ يا أخي لا تستغرب إذا همست في أذنك وقلت لك أن هذا السد يعمل بالكهرباء ، ربما لا تصدقني ولكن هذا هو الواقع ، فعندما أسمع في البيان الذي يذيعه التلفزيون في كل مساء أن وحدات سد مروي سوف تدخل الشبكة أهرع إلى سريري وأحمله للسطوح وأخلد في النوم العميق حتى تخرج هذه الوحدات اللعينة .
هذا بإختصار ما أعيشه الآن ، ولن أطيل عليك لأن بطارية الجوال أومضت بإشعار النفاذ ، لا تنسى أن تأخذ زوجتي وأولادي إلى المنتجع ، وأخبرهم بأنني بخير وصحة وجيدة ، ولو مضى يوم الأحد القادم بخير سوف أعيش لمئة سنة ، وسوف يحكم صديقنا " سيد الناس " السودان لربع قرن من الزمان ...إلى أن القاك .
س .غ
ترجمته سارة عيسي
sara issa [sara_issa_1@yahoo.com]